أبكاهُ شيبُ الرأسِ لما ابتسمْ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أبكاهُ شيبُ الرأسِ لما ابتسمْ | وعادَهُ في السقم طيفٌ ألَمَ |
من غادة ٍ في وصل هجرانها | يَقْنَعُ منها بوصالِ الحُلُم |
صوّرَ منها شوقهُ صورة ً | في فكرة ٍ ساهرة ٍ لم تنم |
قالقلبُ يُذكي جذوة ً تلتظي | والعينُ تُدري عبرة ً تنسجم |
غيداءُ تاجُ الحسنِ من غيرها | يُضحِي لديها وهو نَعْلُ القدم |
أثمرَ بالرّمان من قَدّها | غُصْنٌ ومن أطرَافها بالعَنَم |
لمياءُ تبدي الدرّ من أشنبٍ | يحرق بالأنوار جُنحَ الظُّلم |
يُبرِدُ حرّ الشّوق ترشافُهُ | عنكَ بمعسولِ الثنايا شَبم |
كأنما برقٌ ومسكٌ به | إليه يدعوك بشَيمٍ وشمّ |
والصبحُ في مشرقه هازمٌ | والليلُ في مغربه منهزم |
أرى اختلافَ الناس دانوا به | في صِيدِ عُرْبٍ منهم أو عجم |
وابنُ عليّ حسنٌ سيّدٌ | بلا خلافٍ في جميع الأمم |
مُملَّكٌ في كفّه صارم | عزّ به دين الهدى واعتصم |
مُبَدِّدُ المعروف من كفّه | وللعلى شملٌ به منتظم |
منفّذُ الأمرِ كريمٌ إذا | قالَ: نعم فابْشِرْ بنيلِ النّعم |
ومُرهفٍ الحدّ إذا سَلّهُ | سال إلى ضرب الطلى واضطرام |
يخطفُ رأسَ الذِّمْرِ قطفاً به | كَحذفِ حرف اللين جزماً بلم |
يصرّفُ الرمحَ على طوله | كأنما صُرّفَ منه قلم |
لئن همى من راحتيه الحيا | فالبدرُ منه يحتبي بالديم |
يُهْدِى به مَنْ ضَلّ في ليله | توقُّدَ النارِ برأسِ العلم |
تُقبِّلُ الآمالُ منه يدا | فهي لأفواه الورى مُستلم |
منتصرٌ بالله في حربه | لله من أعدائه منتقم |
في رَبْعِهِ الرحبِ سماءُ العلى | طالعٌ فيها نجومُ الهمم |
كم ضربة ٍ أوسعها سيفهُ | فهو لسانٌ ناطقٌ وهي فم |
تعدو سراحينُ الوغى حوله | مجلِّحاتٍ بأسودِ الأجم |
يا من وجدنا الجودَ من بذله | ملءَ الأماني، وعدمنا العدم |
بقيتَ في الملك لِصونِ العلى | ونضرة ِ الدين، ورَعي الذمم |