صفا ليَ من وردِ الشبيبة ما صفا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
صفا ليَ من وردِ الشبيبة ما صفا | وجادَ زماني بالأماني فانصفا |
وشنّفتُ أذني بالهوى حُسنُ منطقٍ | بنجواه غازلتُ الغزال المشنّفا |
لياليَ كانتْ بالسرورِ منيرة ٍ | وكان قناعي حالكاً لا مفوّفا |
وشربي من نسلِ الغمام سلالة ً | تعودُ من العنقود في الدنّ قرقفا |
معتّقة ً حمراءَ ينساغ صِرفها | إذا الماء فيها بالمزاج تصرّفا |
كماءِ عقيقٍ في الزّجاجِ مُنَظّمٍ | عليه من الإزباد دّراً مجوفا |
توقّدَ في كفِّ المنادم نورها | ولكنه بالشرب في فمه انطفا |
تطوفُ بها ممشوقة ُ القدّ زرفنتْ | من المسك في الكافور صُدغاً مُعطفا |
إذا أعرضتْ في الدلّ ذلّ أخو الهوى | وصاغَ لها لفظَ الخضوع المُلطّفا |
هنالك خفّتْ بي إلى اللهو صبوة ٌ | وثقّلتِ الكاساتُ كفّي بما كفى |
كأنِّيَ لم أقنصْ نَوَارا من المها | ولم أجنِ عذبَ الرشفِ من مُرّة الجفا |
ذكرتُ الحمى والساكنيه ودونه | خِضَمّ عليه تنبري الرّيحُ حرجفا |
ولما أقلوا يوم بينهمُ على | هلال السُّرى للشمس خدراً مسجفا |
وألْقَتْ حُلاها من يديها وعَطّلَت | من الحلي فيد جيدَ رئم تشوّفا |
سقى الأقحوان الطلُّ .... عفّة | وعضّتْ من الحُزْنِ البنانَ المُطَرّفا |
ولما جرى الدرّ الرطيبُ بخدها | وسال إلى الدر النظيم توقّفا |
وأين تراهُ ذاهبا عن جنى فمٍ | كأنَّ رضابَ الكأس منــــ ترشّفا |
أما وشبابٍ بالمشيب أعتبرتُهُ | فأشرقتُ عيني بالدموع تأسفا |
لقد سرتُ في سهب المديح هداية ً | ومثلي فيه لا يسيرُ تعسفا |
ولو كنتُ من دُرّ الدّراري نظمته | لكانَ عليّ منه أعلى وأشرفا |
همامٌ من الأملاك هزّ لواءَه | وأوضحَ حوليه الجيادَ وأوجفا |
شجى ً ذكره للروم كالموت إن جرى | أخافَ، وإن أوفى على النفس أتلفا |
ذَبوبٌ عن الإسلام مَدّ لجيشِهِ | جناجاً عليه بالأسِنَّة ِ رفرفا |
يردّ عن الضرب الحديد مثلَّماً | ويثني عن الطعن الوشيجَ مقصَّفا |
إذا ظَلَلّتْهُ الطيرُ كانت أجورها | جسوماً ثَنى عن طَعنها الزُّرْقَ رُعّفَا |
نسورٌ وعقبانٌ إذا هي أقبلتْ | محلقة ً سَدّتْ من الجوِّ نَفْنَفَا |
وتحسبها في نقعهِ رقمَ بُرقعٍ | يجولُ على وجهٍ من الشمس مُسدفا |
حمى ما حمى من بيضة ِ الدّين سيفهُ | وأشفق في ذات الإله وعنّفا |
ومن عَدَمٍ أغنى ، ومن حيرة ٍ هدَى | ومن ظمإٍ أروى ، ومن مرض شفى |
كريمُ السجايا لوذعيّ زمانه | تَهَذّبَ من أخلاقه وتظرّفا |
إذا عنَّ رأيٌ كالسُّها في ضيائه | ولم يكف أذكى رأيه الشمس فاكتفى |
سما في العلا قدرا فأدرك ما سما | إليه، وأصمى سَهْمُهُ ما تهدفا |
سكوبُ حيا الكفين لا ناضبُ النّدى | ولا مخلفٌ وعداً إذا الغيث أخلفا |
تريه خفيّات الأمور بصيرة ٌ | كأن حجابَ الغيب عنها تكشّفا |
بذكْرِ ابن يحيَى عَطّرَ الدهرَ مَدْحُنَا | وخَلّدَ فيه ذكرنا وتشرّفا |
جوادُ بنانِ البذل منه غمائمٌ | تصوبُ على أيدي بني الدهر وُكفّا |
عليم بسرّ الحرب من قبل جهرها | وقرع الصفا بين الفريقين بالصفا |
يقارع منهم حاسرا كل مُعْلَمٍ | أفاضَ عليه الفارسيَّ المضعفا |
عصاهُ لتأدِيب العُصاة ِ إذا بَغَوْا | غِرارُ حسامٍ يقرعُ الهامَ مرهفا |
على أنّه راسي الأناة مخدَّعٌ | إذا زاغَ حلم عن ذوي الحزم أو هفا |
بنو الحرب أنتم أرضعتكم ثديّها | فمفترق الأقدام فيكم تألّفا |
لكم قُلُبٌ بالذابلات وبالظبا | أخاديد في ............ |
إذا ما بدا طعنُ الكماة وضربهم | كنقطٍ وشكلٍ منه أعجمت أحرفا |
فدع عنك ما حظته ........ | ........................ |
لك الخيلُ تسري الليلَ من كل سلهبٍ | ترى بطنه من شدة الركض مُخْطَفا |
إذا وطئت شمَّ الجبال نَسَفْنَها | بنصرك للتوقيع في الجيش حُرِّفا |
إذا وطئت شمَّ الجبال نسفتها | وغادرْنها قاعاً لعينيك صفصفا |
فيه ملكَ العصر الذي ظلّ عدله | على الدين والدنيا صفا منه ما صفا |
نداك بطبعٍ للعفاة ارتجلتهُ | وغيرك رَوّى في نداه تَكَلُّفَا |
وكم من فقير بائس قد وصلته | فأضحى غنياً يسحب الذيل مترفا |
لمدحك أضحت كلّ فكرة ِ شاعرٍ | مصنفة ً منه غريباً مصنفا |
وإنَّ كنتُ عن حَفْلِ العُلى غائباً فلي | ثناءٌ كعرفِ المسك بالفضل عرّفا |