لم نؤت ليلتنا الغرّاء من قِصَرِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لم نؤت ليلتنا الغرّاء من قِصَرِ | لولا وصالُ ذوات الدلّ والخفر |
السافراتُ شموساً كلما انتقبتْ | تبرّجتْ مشبهاتُ الأنجم الزُّهرِ |
من كل حوراء لم تُخذلْ لواحظها | في الفتك مذ نصرتها فتكة النظر |
أوْ كلّ لمياءَ لو جادتْ بريقِ فمٍ | نَقَعَتْ حَرّ غليلي منه في الخَصَر |
محسودة ُ الحسن لا تنفكّ في شَغَفٍ | منها بصبحٍ صقيل الليل في الشعر |
لا تأمننّ الردى من سيف مقلتها | فإنَّه عرضٌ في جوهر الحَوَرِ |
إني امرؤ لا أرى خلعَ العذار على | من لا يقومُ عليه في الهوى عُذري |
فما فُتنتُ بردفٍ غيرِ مُرْتَدَفٍ | ولا جننتُ بخصرٍ غير مختصرِ |
وشربة ٍ من دم العنقود لو عُدمتْ | لم تُلْفِ عيشاً له صفوٌ بلا كدَر |
إذا أدير سناها في الدجى غمستْ | دُهْمَ الحنادس في التحجيل والغررِ |
تزداد ضِعْفاً قواها بَلَغَتْ | بها الليالي حدودَ الضَّعف والكبر |
لا يسمعُ الأنفُ من نجْوَى تأرّجها | إلاَّ دعاويَ بين الطيب والزهر |
إذا النديمُ حَساها خلَت جريتها | نجماً تصوّبَ حتى غار في قمرِ |
تصافح الراحَ من كاساتها شُعَلٌ | ترمي مخافة لمسِ الماء بالشررِ |
تعلو كراسيَّ أيدينا عرائسها | تُجْلَى عليهنّ بين الناي والوتر |
حتى تَمَزَّقَ سترُ الليلِ عن فَلَقٍ | تقلَّص العرمضِ الطامي على النهر |
والصبحُ يرفعُ كفاً من لاقطة ً | ما للدراري على الآفاق من دُرَرِ |
عيشٌ خلعتُ على عمري تنعّمه | ليتَ الليالي لم تخلعه عن عمري |
وَلّى وما كنتُ أدري ما حقيقتُه | كأنَّما كان ظلَّ طائر الحَذِر |
بالله يا سَمُراتِ الحيِّ هل هَجَعَتْ | في ظلِّ أغصانك الغزْلانُ عن سهري |
وهل يراجع وكراً فيك مغتربٌ | عزّتْ جناحيه أشراكٌ من القدر |
ففيك قلبي ولو أسطيع من ولَهٍ | طارتْ إليكَ بجسمي لمحة ُ البصر |
قولي لمنزلة ِ الشوق التي نقلتْ | عنها الليالي إلى دار النوى أثري |
نِلْتُ المُنَى بابنِ عبادٍ فَقَيّدَنِي | عن البدورِ التي لي فيك بالبدر |
حَطّتْ إليه حُداة ُ العيسِ أرْحُلنَا | فالعزم صِفْرٌ بمثواه من السفر |
كان ابتدائي إليه عاطلاً فغدا | منه بحليِ الأماني حالي الخبرِ |
ممَلَّكٌ قصرُ أعمارِ العُداة به | وقعُ السيوف على الهامات والقصر |
عدلُ السياسة لا يرضى له سيراً | إلا بما أنزل الرحمن في السور |
يُسْدِي بِيُمْناهُ من معروفه مِنناً | تكسو الصنائع صنعانية الحبرِ |
لو أضحت الأرضُ يوماً كفَّ سائلهُ | لم تفتقرْ بعد جواه إلى مطر |
يأوي إلى عزة ٍ قعساءَ مُرغِمة ٍ | أنْفَ الزمانِ على ما فيه من أشَر |
لا يُفْلتُ الجريُ من أيدي عزائمه | أو يجعل الهامَ أجفان الظبا البُتُر |
جارٍ له شأوُ آباءٍ غطارفة ٍ | أسْدٍ على الخيل أقمار على السُّرر |
لا تَسْتَلِينُ المنايَا عَجْمَ عودِهِمُ | والنبعُ ليس بمنسوبٍ إلى الخور |
يقطّبُ الموتُ خوفاً من لقائهم | ويضحكُ الثغرُ منهم عن سنا ثُغَر |
يا مرويَ الرمح والأرماح ظامئة ٌ | من الأسود الضواري بالدم الهدر |
لولا تعشّقكَ الهيجاء ما ركبتْ | بك العزيمة ُ فيها صهوة الخطر |
إذا التظتْ شعل الأرماح وانغمست | من الدروع على الأرواح في غدرِ |
وفي اصطبارك فيها والردى جزع | ما دلّ أنَّك عنها غيرُ مُصْطَبر |
ومأزقٍ مَزَّقَتْ بيضُ السيوفِ به | ما لا يُرقّعهُ الآسون بالإبر |
من جَحْفَلٍ ضَمِنَ الفتحُ المبينُ له | ذُلَّ الأعادي بعزِّ النصر والظفر |
تحدو عَذَابَك فيه للوغَى عَذَبٌ | تهفو كأيدي الثكالى طشنَ من حرر |
جاءت صُدور العوالي فيه حاقدة ً | يفتر منها دخان النقع عن شرر |
فكمْ قلوبٍ لها جاشَتْ مراجِلُها | لمّا تساقط جمرُ الطعنِ في النُّقر |
كأنَّما كلّ أرضٍ من نجيعهمُ | رخو الأسنَّة منها ميِّت الشعر |
وخائضٍ في عُبابِ الموتِ منصلتٍ | مقارعِ الأسد بين البيضِ والسمرِ |
خَلَقْتَ بالضربِ منه في القذالِ فما | أنْطَقْتَ فيه لسان الصارم الذكر |
يا معلياً بعلاهُ كل منْخَفِضٍ | ومغنياً بنداه كلّ مفتقر |
هل كان جودكَ في الأموال مقتفياً | آثار بأسكَ في أسد الوغى الهُصُر |
نادى نداكَ بني الآمالِ فازدحموا | بالواخداتِ على الرّوْحاتِ والبُكَر |
كما دعا الروضُ إذ فاحتْ نواسمهُ | روّادَهُ بنسيم النور في السحر |
يهدي لك البحرُ مما فيه مُعْظَمَهُ | والبحرُ لا شك فيه معدن الدّرر |
إنَّا لنخجل في الانشاد بين يدي | ربِّ القوافي التي حُلّينَ بالفقر |
مَنْ ملّك اللهُ حُسنَ القول مقولهُ | فلو رآه ابنُ حُجْرٍ عادَ كالحجر |