نجَّاكَ يا ابن الحاجِبِ الحاجبُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
نجَّاكَ يا ابن الحاجِبِ الحاجبُ | وأين ينجو منّيَ الهاربُ؟ |
أبعدَ إحرازِك أيمانَنَا | هاربتنا واعتذر الحاجب؟ |
يا عجباً إذ ذاك من حالة ٍ | دافِعُنا فيها هو الجاذب |
حقّاً لقد أولَيتَنَا جَفوة ً | يُمحل منها البلد العاشب |
انظر بعين العدل تبصر بها | أنك عن منهاجِه ناكبُ |
لَهْفي وقد جاءَتْكَ جفَّالة ٌ | كُلٌّ مغذٌّ ساغبٌ لاغب |
من كلِّ شَحْذانِ الْحشا فَهِمُ | |
فكّاه كالعصريْن من دهره | هذا على أنك ذو شيمة ٍ |
ذي مِعْدة ٍ ثعلُبها لاحِس | وتارة ً أرنبها ضاغب |
تعلوه حمّى شرهٍ نافضٍ | لكن حمّى هضمه صالب |
كأنما الفرُّوج في كفَّهِ | فريسة ٌ ضرغامُها دارب |
وإن غدا الشَّبّوط قرناً لهم | هِيبَتْ لقومٍ شرَّة ٌ فاحْتبُوا |
أقسمتُ لو أنك لاقيتهم | نابك من أضراسهم نائب |
فالشعر حُرٌّ ـ إن نَجَوْا ـ سائبُ | بالثار في أمثالها طالب |
لا تحسَبنِّي عنك في غَفْلة ٍ | إلا وفيه راتعٌ جادبُ |
سيصنعُ اللَّهُ لنا في غدٍ | إن كان اكدى يومُنا الخائب |
كُرّوا على الشيخ بتطفيلة ٍ | عن عزمة ٍ كوكبُها ثاقب |
وإن زواه منكم جانبٌ | فلا يَفُتْكُمُ ذلك الجانبُ |
جُوسُوا عليه الأرضَ واستَخْبروا | حتى يروح الخبرُ العازب |
كأنَّ من عُولجَ من سِحرها | لا وهب المَنْجَى لها الواهب |
لا تُفْلِتَنْ منكمُ شَبَابيطُهُ | لا أفلت الطافى ولا الراسب |
جدّوا فقد جدّ بكم لاعباً | وقد يجدّ الرجل اللاعب |
وليكن الكرُّ على غرّة ٍ | والصيد في مأمنه سارب |
يا واقباً بالأمس في بيتهِ | أفْلَحَ هذا الغائب الآئبُ |
فاعتزم القومُ على غارة ٍ | ساند فيها الراجلَ الراكب |
يهدى أبو عثمان كردوسها | هَداك ذاك الطاعنُ الضاربُ |
يُرْقِلُ والرَّايَة ُ في كفِّه | جاوَبها خِشْفٌ لها نازبُ |
والقومُ لاقَوْكَ فاعدِدْ لهم | ما يرتضي الآكلُ والشارب |
يسِّرْ فراريجَك مقرونة ً | بها شَبابيطُكَ ياكاتبُ |
يا حبذا المُنهزمُ التائبُ | تلك التي منظرُها شاحبُ |
واذكر بقلبٍ غير مستوهلٍ | يعروه من ذكرى القِرَى ناخب |
أنَّك من جيران قُطْربُّلٍ | وعندك اللّقْحَة والحالب |
فاسقِ حليب الكرم شُرَّابَه | |
أحضِرْهُمُ البكْرَ التي ما اصطلت | ناراً فكلٌّ خاطب راغب |
إلا التي الشمسُ لها ناسِبُ | في الكأس إلا الذهبُ الذائبُ |
أو أمُّها الكبرى التى لم يَزلْ | لليل من طلعتها جانب |
حقَقها بالشمس أن ربيت | في حِجْرها والشبُه الغالب |
أعجب بتلك البكر محجوبة ً | مكروبة ً يُجلَى بها الكارب |
مغلوبة ً في الدنّ مسلوبة ً | يُنْصَرْ عليه إلبُكَ الآلب |
بينا تُرًى في الزقّ مسحوبة ً | إذ حَكَمَتْ أن يُسْحَب الساحب |
تَقتصُّ من واترها صرْعة ً | ليس لها باكٍ ولا نادبُ |
إلاَّ حَمَامُ الأيَك في أيكِهِ | أو عازفٌ للشَّرب أو قاصبُ |
ذات نسيم مسكهُ فائح | وذات لونٍ ورسُه خاضب |
هاتيك هاتيك على مثلها | حامَ ولابَ الحائمُ اللائبُ |
ما غرَّهم منا ونحن الأُولى | فلا يَعِبْ فقدَهما عائب |
ولا تنمْ عن نرجس مؤنس | يضحكُ عنه الزَّمَنُ القاطبُ |
ريحانُ روحٍ مُنْهِبٌ عطرَه | والروحُ إذ ذاك هو الناهب |
لم يلفح الصيفُ له صفحة ً | ولا سقاه عوده الشاسب |
وزَخْرِفِ البيتَ كما زُخرفتْ | روضة ُ حَزْنٍ جادها هاضبُ |
ليس له من غيره شائبُ | لكلِّ ما سرَهُمُ جالبُ |
مُحسنة ً ليست بخطَّاءة | طائرُها الهادل لا الناعب |
بيضاءَ خَوْداً رِدْفُها ناهدٌ | غيداءَ رُوداً ثديُها كاعبُ |
مملوكة ً بالسيف مغصوبة ً | لها دلالٌ مالِكٌ غاصبُ |
تَستوهِبُ الجيد إذا أَتلعتْ | من ظبية ٍ أَفْزَعها طالبُ |
كأنها والبيت مستضحكٌ | والعودٌ في قبضتها صاخب |
أدْمانة ٌ تَنْزِبُ في روضة ٍ | *** خشفٌ لها نازب |
أصبُبْ عليهم تُحَفاً جمّة ً | |
يُحْمَى بهنَّ الموعدُ الكاذبُ | ما نقل الملاّحُ والقاربُ |
وتبْ من الذنب الذي جئته | فقد يُقالُ المذنبُ التائبُ |
كيما يقولوا حين ترضيهُم: | يا حبذا المنهزم الثائب |
أعتِبْ بيومٍ صالحٍ فيهم | ليس على أمثاله عاتبُ |
ولا يكن يوماً إذا ما انقضى | صِيحَ به: لا رَجَعَ الذاهبُ |
عجلْ لهم ذاك ولا تهْجَهم | ولا يثب منك بهم واثب |
فليس من يأدِبُ إخوانَهُ | مؤَدِّباً للقومِ بل آدبُ |
ولا يكنْ فيما يُعانَى لهم | فلا تُصِبْنا ريحُك الحاصب |
حاشاك أن يلقاك مستمطرٌ | منصورة ٍ ليس لها قالبُ |