قلبي بذكركَ مسرورٌ ومحزونُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قلبي بذكركَ مسرورٌ ومحزونُ | لمَّا تملكهُ لمحٌ وتلوينُ |
فلوْ رقتْ في سماءِ الكشفِ همتهُ | لما تملكهُ وجدٌ وتكوينُ |
لكنه حادَ عن قصدِ السبيلِ فلمْ | يظفَرْ به فهو بين الخلْقِ مِسكين |
حتى دعته من الأشواق داعية ٌ | همتْ لها نحوَ قلبي سحبهُ الجونُ |
وأبرقتْ في نواحي الجوِّ بارقة ٌ | أضحى بها وهو مغبوطٌ ومفتون |
والسحبُ سارية ٌ والريح ذارية | والبرقُ مختطفٌ والماءُ مسنونُ |
وأخرجتُ كلَّ ما تحويهِ من حبسٍ | أرضُ الجسومِ وفاح الهندُ والصين |
فما ترى فوق أرضِ الجسمِ مرقبة | إلا وفيها من النُّوّارِ تزيين |
وكلما لاح في الأجسام من بدعٍ | وفي السرائر معلومٌ وموزونُ |
والقلبُ يلتذُّ في تقليبِ مشهدهِ | بكلِّ وجهٍ من التزيينِ ضنينُ |
والجسمُ فلكٌ ببحرِ الجودِ يزعجهُ | ريحٌ من الغربِ بالأسرارِ مشحونُ |
وراكبُ الفلكِ ما دامتْ تسيرهُ | ريحُ الشريعة محفوظٌ وممنون |
ألقى الرئيسُ إلى التوحيدِ مقدمهُ | وفيهِ للملإ العلوي تأمينُ |
فلو تراه وريحُ الشوقِ تزعجُه | يجري وما فيه تحريكٌ وتسكينُ |
إن العناصر في الإنسانِ مُودَعة | نارٌ ونورٌ وطينٌ فيه مَسْنونُ |
فأودعِ الوصلَ ما بيني على كثبٍ | وبينَ ربي مفروضٌ ومسنونُ |
فالسرُّ باللهِ منْ خلقي ومنْ خلقي | إذا تحققتَ موصولٌ وممنونُ |
يقولُ إني قلبُ الحقِّ فاعتبروا | فإنّ قلبَ كتابِ اللهِ ياسينُ |
من بعدِ ما قد أتى من قبل نفحته | عليّ من دهره في نشأتي حين |
لا يعرفُ الملكُ المعصومُ ما سببي | ولا اللعين الذي ينكيه تنيّن |
لما تسترت عن صَلصال مملكتي | أخفانِ عن علمه في عينه الطين |
فكانَ بحجبهُ عني وعنْ صفتي | غيمُ العمى وأنا في الغيب مخزونُ |
فعندما قمتُ فيهِ صارَ مفتخراً | يمشي الهوينا وفي أعطافه لِينُ |
لما سرى القلبُ للأعلى وجاز على | عدْنٍ وغازلنه حُوْرٌ بها عِينُ |
غضِّ الجفونَ ولم يثنِ العنان لها | لما مضى عن هواه القرضُ والدَّينُ |
فعندما قامَ فوقَ العرشِ بايعهُ | اللوحُ والقلمُ والعلاَّمُ والنُّونُ |
فلو تراه وقد أخفى حقيقتَه | له فويقَ استواءٍ الحقّ تمكينُ |
فإن تجلى على كونٍ بحكمته | لهُ علا ظهرَ ذاكَ الكونِ تعيينُ |
فلا يزالُ لمرحِ الملقياتِ بهِ | يقولُ للكائناتِ في الورى كونوا |
فكلُّ قلبٍ سها عن سرِّ حكمته | في كلِّ كونٍ فذاكَ القلبُ مغبونُ |
فاعلمْ بأنكَ لا تدري الإلهَ إذا | مالمْ يكنْ فيكَ يرموكَ وصفينُ |
فاعرف إلهك من قبل الممات فإن | تمت فأنت على التقليد مسجونُ |
وإن تجليت في شرقي مشهده | علماً تنزه فيكَ العالُ والدونُ |
ولاح في كلِّ ما يخفى ويظهره | منَ التكاليفِ تقبيحٌ وتحسينُ |
فافهم فديتُكَ سرَّ الله فيك ولا | تظهرْه فهو عن الأغيار مكنونُ |
وغر عليه وصُنه ما حييتَ به | فالسرُّ ميتٌ بقلبِ الحرِّ مدفونُ |