الحمدُ للهِ الذي صيرا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
الحمدُ للهِ الذي صيرا | وجودَنا لفعله مظهرا |
لوْ أننا نعلمُ أرواحنا | بالوجهِ في الصبحِ إذا أسفرا |
كما علمنا بالجسومِ التي | عينها الليلُ إذا أدبرا |
كنَّا بهِ نعلم أعياننا | لكنْ جهلناها لأمرٍ طرا |
من ظلمة ِ الطبع وأخلاطِه | فاعتمَ الليلُ وما أقمرا |
حينَ رَمَتْ بالرجمِ أرواحَ مَنْ | يسترقِ السمعَ كما أخبرا |
انظر إلى الأرضِ وخيراتها | وما بها الرحمن قد أظهرا |
لا بدَّ أنْ يصبح عمرانُها | كمثلِ ما أصبحَ وادي القرى |
عروشُها خاوية ٌ حينَ لمْ | يغيرِ الناسُ بها المنكرا |
عمَّ بلاءُ الله سكَّانَها | فأهلكَ المقبلَ والمُدبرا |
بذا أتانا النصُّ من عنده | في محكم الذكر كذا سطرا |
فقال فيه واتّقوا فتنة | وتممَ القولَ بهِ منظرا |
سبحان مَنْ أخبرنا أنه | كان على الأخذ بنا أقدرا |
هذا الذي جئتَ بهِ واضحٌ | في سورة ِ الأنفالِ قدْ حررا |
وبعد ذا ترجع أفكارها | إلى أمامٍ ما لهُ منْ ورا |
لا فعلَ في العالمِ إلا لهُ | فإنَّ ما سميتَه مُنكرا |
فحكمُه ذلكَ لا عينهُ | فلتعتبرْ قولي حتى ترى |
به وإن شئت بأعياننا | لتشهدَ الأسماءَ والمحضرا |
يبدو إليكَ الأمرُ من فصهِ | كما بدا لمنْ به أخبرا |
مثلَ رسولِ اللهِ في وقتهِ | والوارثِ المختار بين الورى |
فالحمد لله الذي قد وقى | من شرِّ ما يمكن أن يُحذرا |
لولا كتابٌ سابقٌ فيكمُ | نتبذتمُ لفعلكمْ بالعرا |
لما رأى عسكرها شمّرا | إلا لكي تعصمَكم كالعُرى |
لأنها أعصم ما يُتقى | لمَّا بدا الرحمنُ قدْ قدرا |
تعوذوا منهُ بهِ أسوة ً | بسيدٍ يعلمُ ما قررا |
من يعرفِ الحقَّ وأسرارَه | يكن لما أذكره منكِرا |
العمى لا تدركُ أبصارنا | إلا ظلاماً وهي شيءٌ يرى |
وليسَ يدري بالذي قلتهُ | إلا الذي في غيبه أحضرا |
فالغيبُ لا يدركهُ غائبٌ | |
أوضحتُ أمراً ليس يدري بهِ | إلا الذي في شأنه قد جرى |
أو سيِّد خص بأسراره | مثل إمام نفسُه قد درى |
يسري بهِ قدماً إلى ذاتهِ | لا يعرف الخلفَ ولا القَهقَرى |
ما هو كالخنس في سيرها | بل هو كالبدرِ الذي أزهرا |
أظهرَ عينَ الشمسِ في ذاتِهِ | وهوَ على ما هو لمن أبصرَا |