راحَ القطينُ بهَجْرٍ بَعدَما ابتَكَرُوا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
راحَ القطينُ بهَجْرٍ بَعدَما ابتَكَرُوا | فَما تُواصِلُهُ سلمَى ومَا تذَرُ |
مَنْأى الفَرُورِ فَما يأتي المُريدَ ومَا | يَسلُو الصدودَ إذا ما كانَ يقتدرُ |
كأنَّ أظْعانَهُمْ في الصُّبْحِ غادِيَة ً | طَلحُ السَّلائلِ وَسطَ الرَّوْضِ أوْ عُشَرُ |
أو باردُ الصَّيفِ مسجورٌ، مزارعُهُ | سُودُ الذوائِبِ مما متعتْ هَجرُ |
جَعلٌ قصارٌ وعيدانٌ ينوءُ بِهِ | منَ الكوافِرِ مكمومٌ ومهتصرُ |
يَشربَنَ رفْهاً عِراكاً غيرَ صادِرَة ٍ | فكُلُّها كارِعٌ في الماء مُغْتَمِرُ |
بينَ الصفَّا وخليجِ العَينِ ساكنة ٌ | غُلْبٌ سواجدُ لم يدخُلْ بها الحَصَرُ |
وَفي الحُدوجِ عَرُوبٌ غَيرُ فاحِشَة ٍ | رَيّا الرَّوادِفِ يَعشَى دُونَها البَصَرُ |
كأنَّ فاها إذا ما الليلُ ألْبَسهَا | سَيابَة ٌ ما بِها عَيْبٌ ولا أثَرُ |
قالتْ غداة َ انتَجَيْنا عندَ جارَتها: | أنتَ الذي كنتَ، لوْلا الشّيبُ وَالكِبرُ |
فقلت: ليسَ بَياضُ الرَّأسِ من كِبرٍ | لوْ تَعلمينَ، وعندَ العالِمِ الخَبرُ |
لوْ كانَ غيري، سليمى ، اليومَ غيرهُ | وقعُ الحوادِثِ، إلى الصارمُ الذَّكرُ |
ما يمنعُ الليلُ مِنّي ما هَممْتُ بِهِ | وَلا أحارُ إذا ما اعتادَني السَّفَرُ |
إنَي أُقاسي خُطوباً ما يَقُومُ لَهَا | إلاَّ الكِرامُ على أمْثالِها الصُّبُرُ |
مِن فَقدِ مولى ً تَصُورُ الحيَّ جَفنَتُهُ | أوْ رُزْء مالٍ، ورُزْءُ المالِ يُجْتَبَرُ |
والنِّيبُ، إنْ تَعْرُ مِنّي رمَّة ً خَلَقاً | بَعْدَ المَمَاتِ، فإنّي كنت أثَّئِرُ |
وَلا أضِنُّ بمَعروفِ السَّنَامِ إذا | كانَ القُتارُ كَما يُستروَحُ القُطُرُ |
ولا أقولُ إذا ما أزْمَة ٌ أزَمَتْ | يا وَيْحَ نفسيَ ممّا أحدَثَ القدَرُ |
وَلا أضِلُّ بأصْحابٍ هَدَيْتُهُمُ | إذا المُعَبَّدُ في الظّلْماء يَنتَشِرُ |
وأُرْبِحُ التَّجْرَ إن عَزَّتْ فِضالُهُمُ | حتى يعودَ، سليمى ، حولهُ نفرُ |
غَرْبُ المَصَبَّة ِ مَحْمُودٌ مَصَارِعُهُ | لاهي النهارِ لسيرِ الليلِ محتقرُ |
يروي قوامحَ قبلَ الليلِ صادقة ً | أشبَاهَ جِنٍّ عَلَيها الرَّيْطُ والأُزُرُ |
إنْ يُتْلِفوا يُخلِفوا في كلِّ مَنْقَصًة ٍ | ما أتلفوا، لابتغاء الحمدِ، أوْ عَقَرُوا |
نُعطي حُقوقاً على الأحسابِ ضامِنة ً | حَتّى يُنَوِّرَ في قُرْيانِهِ الزَّهَرُ |
وأقطَعُ الخَرْقَ قد بادَتْ مَعَالِمُهُ | فمَا يُحسُّ بهِ عينٌ ولا أثَرُ |
بِجَسْرَة ٍ تَنْجُلُ الظُّرَّانَ ناجِيَة َ | إذا توقَّدَ في الدَّيمومة ِ الظُّرَرُ |
كأنّهَا بَعْدَما أفْنَيْتُ جُبْلتها | خَنْساءُ مَسْبُوعَة ٌ قَد فاتَها بَقَرُ |
تَنْجُو نَجَاءَ ظَلِيمِ الجَوِّ أفْزَعَهُ | ريحُ الشَّمَالِ وشَفّانٌ لها دِرَرُ |
باتَت إلى دَفِّ أرْطاة ٍ تحفِّرهُ | في نَفْسها من حَبيبٍ فاقِدٍ ذكرُ |
إذا اطمَأنَّتْ قليلاً بَعدَما حَفَرَتْ | لا تطمئنُّ إلى أرطاتِها الحفَرُ |
تبني بيوتاً على قَفْرٍ يهدِّمُها | جَعْدُ الثّرَى مُصْعَبٌ في دَفّه زَوَرُ |
لَيْلَتَها كُلَّها حتى إذا حَسَرَتْ | عَنها النّجومُ، وكادَ الصُّبحُ يَنسَفِرُ |
غَدَتْ على عَجَلٍ، والنّفسُ خائفَة ٌ | وآيَة ٌ مِنْ غُدُوٍّ الخائِفِ البُكَرُ |
لاقَتْ أخَا قَنَصٍ يَسْعَى بأكْلُبِهِ | شَئْنَ البَنانِ لدَيْهِ أكلُبٌ جُسُرُ |
وَلَّتْ فَأدْرَكَها أُولَى سَوَابِقِها | فأقْبَلَتْ ما بِها رَوْعٌ وَلا بَهَرُ |
فقاتَلَتْ في ظِلالِ الرَّوْعِ واعتكَرَتْ | إنَّ المُحاميَ بَعدَ الرَّوْعِ يَعْتَكِرُ |