أرَى النّفسَ لَجّتْ في رَجاءٍ مُكذِّبِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أرَى النّفسَ لَجّتْ في رَجاءٍ مُكذِّبِ | وقد جرّبتْ لوْ تقتدي بالمجربِ |
وكائنْ رأيتُ مِنْ ملوكٍ وسوقة ٍ | وَصاحَبْتُ مِن وَفدٍ كرامٍ ومَوكِبِ |
وسانَيْتُ مِن ذي بَهْجَة ٍ ورَقَيْتُهُ | عليهِ السّموطُ عابسٍ متغضّبِ |
وفارَقْتُهُ والوُدُّ بَيني وبَينَهُ | بحسنِ الثناءِ منْ وراءِ المغيّبِ |
وَأبّنْتُ مِنْ فَقْدِ ابنِ عَمٍّ وخُلَّة ٍ | وفارَقتُ من عَمٍّ كريمٍ ومن أبِ |
فبانُوا ولمْ يحدثْ عليَّ سبيلهُمْ | سوَى أمَلي فيما أمامي ومرغبي |
فَأيَّ أوَانٍ لا تَجِئْني مَنِيَّتي | بقَصْدٍ مِنَ المَعْرُوفِ لا أتَعَجَّبِ |
فلستُ بركنٍ منْ أَبانٍ وصاحة ٍ | وَلا الخالداتِ مِنْ سُوَاجٍ وغُرَّبِ |
قضيتُ لباناتٍ وسليتُ حاجة ً | ونفسُ الفتى رهنٌ بقمرة ِ مؤربِ |
وفيتانِ صدقٍ قد غَدوتُ عليهمُ | بِلا دَخِنٍ وَلا رَجيعٍ مُجَنَّبِ |
بمجتزفٍ جونٍ كأَنَّ خفاءَهُ | قَرَا حَبَشِيٍّ في السَّرَوْمَطِ مُحْقَبِ |
إذا أرْسَلَتْ كَفُّ الوَليدِ كِعامَهُ | يمجُّ سلافاً منْ رحيقٍ معطّبِ |
فمَهْما نَغِضْ مِنْهُ فإنَّ ضَمَانَهُ | على طَيّبِ الأرْدانِ غَيرِ مُسَبَّبِ |
جميلِ الأَسى فِيما أتى الدهرُ دونَهُ | كريمِ الثَّنا حُلْوِ الشّمائلِ مُعجِبِ |
تَرَاهُ رَخيَّ البَالِ إنْ تَلْقَ تَلْقَهُ | كريماً وما يذهبْ بهِ الدهرُ يذهبِ |
يشبِّي ثناءً منْ كريمٍ وقولهُ | ألا انعمْ على حسنِ التحية ِ واشربِ |
لدنْ أنْ دعا ديكُ الصباحِ بسحرة ٍ | إلى قَدْرِ وِرْدِ الخامِسِ المُتَأوِّبِ |
من المُسْبِلينَ الرَّيْطَ لَذٍّ كأنَّمَا | تشرَّبَ ضاحي جلدِه لونَ مذهبِ |
وعانٍ فككتُ الكبلَ عنه، وسدفة ٍ | سريتُ، وأصحابي هديتُ بكوكبِ |
سريتُ بهمْ حتّى تغيَّبَ نجمهمْ | وقال النَّعُوسُ : نَوَّرَ الصُّبحُ فاذهبِ |
فلَمْ أُسْدِ ما أرْعَى وتَبْلٍ رَدَدْتُهُ | وأنجَحْتُ بَعدَ اللّهِ من خيرِ مَطْلَبِ |
وَدَعوَة ِ مَرْهُوبٍ أجَبتُ ، وطَعْنَة ٍ | رفعتُ بها أصواتَ نوحٍ مسلَّبِ |
وغيثٍ بدكاكٍ يزنُ وهادهُ | نباتٌ كوشي العبقريِّ المخلَّبِ |
أَربَّتْ عليهِ كلُّ وطفاءَ جونة ٍ | هَتُوفٍ متى يُنزِفْ لها الوَبلُ تسكُبِ |
بذي بَهْجَة ٍ كَنَّ المَقانِبُ صَوْبَهُ | |
جلاهُ طلوعُ الشمسِ لمّا هبطتهُ | وأشرَفتُ من قُضفانِهِ فوْقَ مَرْقَبِ |
وصُحْمٍ صِيامٍ بَينَ صَمْدٍ ورَجْلة ٍ | وبيضٍ تؤامٍ بينَ ميثٍ ومذنبِ |
بسرتُ نداهُ لم تسرّبْ وحوشهُ | بغربٍ كجذعِ الهاجريِّ المشذَّبِ |
بمطردٍ جلسٍ علتهُ طريقة ٌ | لسَمْكِ عِظامٍ عُرِّضَتْ لمْ تُنَصَّبِ |
إذا ما نأى منّي براحٌ نفضتُهُ | وإنْ يدنُ مني الغيبُ ألجمْ فأركبِ |
رفيع اللبانِ مطمئنّاً عذارهُ | على خدِّ منحوضِ الغرارينِ صلَّبِ |
فلمّا تغشَّى كلَّ ثغرٍ ظلامُهُ | وألْقَتْ يَداً في كافِرٍ مُسْيَ مَغرِبِ |
تجافيتُ عنهُ واتقاني عنانُهُ | بشدٍّ منَ التّقريبِ عَجْلانَ مُلهَبِ |
رضاكَ فإنْ تضربْ إذا مارَ عطفهُ | يَزِدْكَ وإنْ تَقْنَعْ بذلكَ يَدْأبِ |
هَوِيَّ غُدافٍ هَيَّجَتْهُ جَنُوبُهُ | حثيثٍ إلى أذراءِ طلحٍ وتنضبُ |
فأصبحَ يذريني إذا ما احتثثتهُ | بأزواج معلولٍ منَ الدّلوٍ معشبِ |
وَيَوْمٍ هَوَادي أمْرِهِ لِشَمَالِهِ | يهتكُ أخطالَ الطرافِ المطنّبِ |
يُنيخُ المَخاضَ البُرْكَ والشَّمسُ حيَّة ٌ | إذا ذكيتْ نيرانُها لمْ تلهبِ |
ذعرتُ قلاصَ الثلجِ تحتَ ظلالهِ | بمَثْنَى الأيادي والمنيحِ المُعَقَّبِ |
وناجِيَة ٍ أنْعَلْتُها وابْتَذَلْتُها | إذا ما اسْجَهَرَّ الآلُ في كلّ سَبسَبِ |
فَكَلَّفْتُها وَهْماً فآبَتْ رَكِيَّة ً | طليحاً كألْواحِ الغَبيطِ المُذَأأبِ |
متى ما أشأ أسْمَعْ عِراراً بِقَفْرَة ٍ | تجيبُ زماراً كاليَراعِ المثقّبِ |
وخصْمٍ قيامٍ بالعَراءِ كأنَّهُمْ | قرومٌ غيارى كُلَّ أزْهرَ مُصعبِ |
علا المسكَ والدّيباج فوقَ نحورهمْ | فَراشُ المَسيحِ كالجُمانِ المُثَقَّبِ |
نَشِينُ صِحَاحَ البِيدِ كُلَّ عَشِيَّة ٍ | بعوجِ السّراء عندَ بابٍ محجبِ |
شَهِدتُ فلَمْ تَنْجَحْ كَواذِبُ قوْلهم | لَدَيَّ ولمْ أحفِلْ ثَنا كلِّ مِشْغَبِ |
أصدرتهمْ شتّى كأنَّ قسيهُمْ | قرون صوارٍ ساقطٍ متلغّبِ |
فإن يُسهِلوا فالسَّهلُ حظّي وَطُرْقتي | وإنْ يحزنوا أركبْ بهم كلَّ مركَبِ |