يا قلب ما أطول هذا الغرامْ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا قلب ما أطول هذا الغرامْ | يوم نوى الحي ويوم المقامْ |
في القرب ليَّان ديون الهوى | وفي نوى الدار رجيع السَّقام |
مقيمة عندك أشجانهم | وَلا يُلاقُونَكَ إلاّ لمَامْ |
لم ينقعوا الظمآن من غلة | ولم يبالوا طرب المستهام |
مَتَى تُفِيقُ اليَوْمَ مِنْ لَوْعَة ٍ | وأنت نشوان بغير المدام |
صَبَابَة ٌ، وَالحَيُّ قَدْ قَوّضُوا | عن جانب الغور عماد الخيام |
سَقَى المَغَاني بِجُنُوبِ النّقَا | ماءُ المآقي ثم ماء الغمام |
وزائر زار على نايه | بَعْدَ الأسَى عَادَ بَعِيدَ الغَرَامْ |
أمَنْزِلٌ عِنْدَ عَقِيقِ الحِمَى | وَمَضْجعٌ عِندي بأعلَى الشّآمْ؟ |
زِيَارَة ٌ زَوّرَهَا خَاطِرِي | ما أقنع النفس بزور المنام |
خدائعٌ أُغضي على علمها | لعلها تنقع هذا الأوام |
يا قاتل الله الغواني لقد | سقينني الطرقُ بُعيد الجمام |
أعرضنَ عني حين ولَّى الصبا | وَاختَلَجَ الهَمُّ بَقَايَا العُرَامْ |
وَشَاعَتِ البَيْضَاءُ في مَفرِقي | شعشعة الصبح وراء الظلام |
سِيّانِ عِنْدِي أبَدَتْ شيبَة ٌ | في الفوج أو طبّق عضبٌ حسام |
ألقى بذلّ الشيب من بعدها | من كنت ألقاه بدلّ الغلام |
تُرَى جَمِيمُ الشّيْبِ لمّا ذَوَى | يُرَاجِعُ العِظلِمَ بَعدَ الثَّغَامْ |
كم جدنَ بالأجياد لي والطلى | فاليوم يبخلنَ برد السلام |
وكنت إن أقبلتُ اسمعنني | قعاقع الحلى وراء القِرام |
أيّامَ أغْدُو وَالصِّبَا مِقْوَدِي | أسلس للقائد طوع الزمام |
في فِتْيَة ٍ تَحْسَبُهُمْ لُثّمُوا | على العرانين بدور التمام |
تخال أثوابهم في القنا | مِنْ شَطَطِ الخَلْقِ وَمطّ القَوَامْ |
إذا دعوا والورد مستوبل | دفوا إلى الطعن دفيف النعام |
وظاهروا النقع على زغفهم | وَرَجْلُوا بالدّمِ سُودَ الجِمَامْ |
وصاحب في الحي جثامة | معانق الخفض بطيء القيام |
لَبّاسَة ٍ للعَارِ لا يَأنَفُ الـ | ل ولا يألم حرّ اللِّطام |
قد عاقد العجز على أنه | يَهُونُ في الضّيمِ بطُولِ المَلامْ |
لا يعقد المئزر في حادث | ولا يرى النصر ولو بالكلام |
نابٍ إذا جربته في العدا | وهو على عنقيَ ماضٍ هذام |
إذا رأى وطفاء عُلوية | أيقظني شائمَ برقٍ ونام |
من معشر شبوا على إحنتي | وَأُوجِرُوا بُغضِيَ عندَ الفِطامْ |
أقارب إن وجدوا غمرة | راشوا إلى قلبيَ مرط السهام |
وَيَعْرُقُوني بِالأذَى كُلّمَا | لانَ لَهُمْ مَسّيَ عَرْقَ العِظَامْ |
جِوَارُهُمْ مِثْلُ نَسِيمِ الصَّبَا | وغيبهم مثل أجيج الضرام |
سماؤهم تشمس بي كلما | أظْلَمَ جَوٌّ، وَبجُودي تُغَامْ |
سَيَذكُرُوني إنْ نَبَا جَانِبٌ | من العدا وانحلّ عقد الزمام |
وَأصْحَرَتْ أعْرَاضُهُمْ لِلأذَى | تُصرد فيهنَّ نبال المرام |
مَنْ لَهُمُ مِثْلي، إذا استُزْلِقَتْ | أقدامهم يوم ذليل المقام |
مَنْ لَهُمُ مِثْلي، إذا أصْبَحُوا | بعارض يهضب بيضا ولام |
وَشَلّتِ الأرْمَاحُ مِنْ أرْضِهِمْ | طَرْدَ الغَوَاني بَعدَ طَرْدِ السّوَامْ |
وَالخَيلُ تُستَلدَغُ شَوْكَ القَنَا | في يوم لا ظل بغير القتام |
كأنها سيل مضيق له | دون الثنايا زجل وازدحام |
لأُطْعِمَنّ اللّيْلَ عِيدِيّة ً | ضابعة تكسو البرى باللغام |
مِثْلَ نَعَامِ الدّوّ هَاهَا بِهِ | مع الدجا بارق حي ركام |
آلَيْتُ لا أحْفِلُ في نَصّهَا | إن مرج الغرض ورث الخطام |
فَوْقَ ذُرَاهَا كَصُدُورِ القَنَا | مخلصة من كل عاب وذام |
عَلّي أُلاقي بَعْدَ إطْرَادِهِ | حظيَ أو أبلغ بعض المرام |
يا دَهْرُ كَمْ تَحدُو بِذِي نُقْبَة ٍ | معترق الني أجب السنام |
بصفحتيه جُلَبٌ قرّفتْ | من الليالي وكلوم دوام |
قد أُغبط الميسُ على عقره | مَع نَقَبِ المَنْسِمِ عَاماً، فَعَامْ |
في كُلّ يَوْمٍ نَاشِدٌ هِمّة ً | أضلها العاجز في ذا الأنام |
يَعَضُّ كَفّيْهِ عَلى حَظّهِ | ويسألُ الدهر حظوظ اللئام |
يَجُرُّ طِمْرَيْ عَدِمٍ فِيهِمَا | مُعَذَّلٌ يَفْعَلُ فِعْلَ الكِرَامْ |
لا ضائع في الدهر من ذلة | وَلا خَذَولُ الرِّجلِ يَوْمَ الزّحَامْ |
لو أنصف الدهر لأوفى به | عَلى رِقَابٍ مِنْ رِجَالٍ وَهَامْ |
وما انتفاع المرء يمسي له | جَدٌّ وَرَاءٌ، وَطِلابٌ أمَامْ |
وَكَانَ رَاعي كُلّ تَرْعِيّة ٍ | في النّاسِ، أوْ كانَ إمامَ الإمَامْ |