إلاَّ يَكُنْ نَصْلاً فَغِمْدُ نُصُولِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إلاَّ يَكُنْ نَصْلاً فَغِمْدُ نُصُولِ | غَالَتْهُ أحْداثُ الزّمَانِ بِغُولِ |
أوْ لا يَكُنْ بِأبي شُبُولٍ ضَيغَمٍ | تَدْمى أظافره فأم شبول |
تلك الغمامة كان بارق خالها | لو أنْسَتِ الأيام غير مُخيل |
كُنّا نُؤمّلُ أنْ نُجَلّي صَوْبَهَا | عَنْ أخضَرٍ غَضّ الجَنَى مَطلُولِ |
لَوْلا طِلابُ النّصْلِ يُورِقُ عُودُهُ | بات النّساء سدى بغير بعول |
ولربما بكيَ الفقيد لنفسه | أوْ للمَطَامِعِ فِيهِ وَالتّأمِيلِ |
أتُرَى بِمَا نغتَرُّ مِنْ أيّامِنَا | وَنُطِيلُ مِنْ أمَلٍ لَهُنّ طَوِيلِ |
أَبوردها المطروق أو بنعيمها | ـمَمْذُوقِ، أمْ ميعَادِها المَمْطُولِ |
نَرْجُو البَقَاءَ، كَأنّنَا لمْ نَخْتَبِرْ | عادات هذا العالم المجبول |
لَوْ أنّ غَيرَ يَدِ الزّمَانِ تُرِيعُني | وَتَفُلّ حَدّ مَعَاشِرِي وَقَبيلي |
للويت من دون المذلة جانبي | وجررت عن دار الهوان ذيولي |
لكن سلطان الليالي غالب | عزمي وقطاع عليَّ سبيلي |
قدرت فذل لها العزيز مهابة | لَيسَ الذّلِيلُ لِقَادِرِ بِذَلِيلِ |
وهو الزَّمانُ يبيحُ كلَّ ممنع | ويغضّ من طمحات كلّ جليلِ |
من بين مجروح بحد نيوبه | يدمى وبين مبضّع مأكولُ |
أعدَى جَذيمَة َ بالرّدَى وَعَدا عَلى | رِدْفيْ جذيمة مالكٍ وعقيلِ |
واستنزلَ الأذواءَ عن نجواتهم | فغدوا ذوي ضَرَع وطول خمولِ |
وحدا بآل المنذرين فودعوا | بالحيرة البيضاء كل مَقيلِ |
وسطا على أبناء قيصر سطوة | أمماً فأجلت عن دم مطلول |
وَأعَادَ إيوَانَ المَدائِنِ مَحْرَماً | عُريان من بُرد العلى المسدول |
واستل منه مالكية ودونهم | عَدَدُ الدّرَارِي مِنْ قَناً وَخُيُولِ |
وَهَوَى بِتيجَانِ الجَبَابِرَة ِ الأُلى | عن كل مطرور الغرار صقيل |
بلَّتْ مفارقهم دماً ولطالما | عَرَفُوا بِمِسْكٍ فَوْقَهُنّ بَلِيلِ |
أو بعد ما رفعوا القباب وخولوا | في ظلّ ممتنع المقام ظليل |
مِنْ كُلّ أغْلَبَ كانَ يَحسَبُ عهدَه | في العزّ والعليا غَير مُحيلِ |
وَيَظُنّ أنْ لَوْ طَاوَلَتْهُ مَنِيّة ٌ | لأَبى إباءَ المصعب المعقول |
أو لو طغى غرب الفرات لرده | مُتَقَطّعاً، وَأقَامَ مَدَّ النّيلِ |
نزل القضاء به فعاد كأنهُ | لَمْ يَغنَ أمْسِ بِطَارِقٍ وَنَزِيلِ |
صَبْراً جَمِيلاً يَا عَليّ، فرُبّمَا | صبر الفتى والصبر غير جميل |
لَوْ كُنتُ أعلَمُ أنّ وَجْداً نَافِعٌ | لقدحت فيك بزفرة وغليل |
وجعلتُ تصعيب المصاب معظماً | من شأنه بدلاً من التسهيل |
لَكِنّهَا الأقدارُ يَمضِي حُكْمُهَا | أبَداً عَلى الأُصْعُوبِ وَالأُذْلُولِ |
ولربما ابتسم الفتى وفؤاده | شرق الجنان برنة وعويل |
ولربما احتمل اللبيب مموها | عَضَّ الزّمَانِ بِبِشْرِهِ المَبْذُولِ |
وَغَطَي عَلى تِلْكَ الجِرَاحِ، كأنّه | مَا آبَ مِنْهُ بغارِبٍ مَخْزُولِ |