حُبُّ العُلى شُغلُ قَلبٍ ما لَهُ شُغُلُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
حُبُّ العُلى شُغلُ قَلبٍ ما لَهُ شُغُلُ | وآفة الصب فيه اللوم والعذل |
قالَتْ ضَنِيتَ، فقلتُ الشّوْقُ يَجمعُنا | وَيَعرُقُ الوَجْدُ ما لا تَعرُقُ العِلَلُ |
وإن تحون جسمي ما علمت به | فالرمح ينآد طوراً ثم يعتدل |
كَيفَ التّخَلّصُ من عَينٍ لهَا عَلَقٌ | بالظاعنين ومن قلب به خبل |
ومن لوجديَ أن يقتادني طمع | إلى الحَبِيبِ، وَأنْ يَعتَاقَني طَلَلُ |
لا تَبعَدَنّ مَطايَانَا التي حَمَلَتْ | تلكَ الظّعَائِنَ مُرْخَاة ً لهَا الجُدُلُ |
سير الدموع على آثارها عنق | وَسَيرُهَا الوَخْدُ وَالتّبغيلُ وَالرَّمَلُ |
دُونَ القِبَابِ عَفافٌ في جَلابِبِهَا | والصون يحفظ ما لا تحفظ الكِلَلُ |
فَلا الحُدُوجُ يُرَى وَجهُ المُقِيمِ بهَا | ولا تحس بصوت الظاعن الإبلُ |
وفي البراقع غزلان مرببة | يرميننا بعيون نبلها الكحلُ |
إذا الحِسانُ حَمَلْنَ الحَلْيَ أسلحَة ً | فَإنّمَا حَلْيُهَا الأجْيَادُ وَالمُقَلُ |
ألاَ وِصَالٌ سِوَى طَيْفٍ يُؤرِّقُني | ولا رسائل إلا البيض والأَسلُ |
وعادة الشوق عنددي غير غافلة | قَلْبٌ مَرُوعٌ وَدَمْعٌ وَاكِفٌ هَطِلُ |
وَلِلأسِنّة ِ فِيهِمْ أعْيُنٌ نُجُلُ | وَلا عِنَاقٌ، وَلا ضَمٌّ، وَلا قُبَلُ |
لا ناصر غير دمعي أن هُمُ ظلموا | وَالدّمعُ عَوْنٌ لمَنْ ضَاقَتْ بهِ الحيَلُ |
وَالعَذْلُ أثقَلُ مَحمُولٍ على أُذُنٍ | وَهوَ الخَفيفُ على العُذّالِ إن عذَلُوا |
من لي ببارق وعد خلفه مطر | وَكَيْفَ لي بِعِتَابٍ بَعدَهُ خَجَلُ |
النفس أدنى عدوٍّ أنت حاذره | وَالقَلْبُ أعْظَمُ مَا يُبْلَى بهِ الرّجُلُ |
والحب ما خلصت منها لذاذته | لا ما تكدره الأوجاع والعلل |
قد عود النوم عيني أن تفارقه | وهون السير عندي الأينق الذللُ |
فَمَا تَشَبَّثُ بي دارٌ، وَلا بَلَدٌ | أنا الحسام وما تحظى به الخلل |
اللّيلُ أحمَلُ ظَهْرٍ أنْتَ رَاكِبُهُ | إن الصباح لطرف والدجا جمل |
ولَّى الشباب وهذا الشيب يطرده | يفدي الطّرِيدة َ ذاكَ الطّارِدُ العَجِلُ |
ما نازل الشيب في راسي بمرتحل | عَنّي، وَأعْلَمُ أنّي عَنْهُ مُرْتَحِلُ |
مَنْ لمْ يَعِظهُ بَياضُ الشّعرِ أدْرَكَهُ | في غِرّة ٍ حَتْفُهُ المَقدُورُ وَالأجَلُ |
من أخطأَته سهام الموت قيده | طول السنين فلا لهو ولا جذل |
وَضَاقَ مِنْ نَفْسِهِ ما كانَ مُتّسِعاً | حَتّى الرّجاءُ، وَحتّى العَزْمُ وَالأملُ |
مَا عِفّتي في الهَوَى يَوْماً بمَانِعَتي | أن لا تعف بكفّي القنا الذبل |
وَلِلرّجَالِ أحَادِيثٌ، فأحسَنُهَا | ما نمق الجود لا ما نمق البخل |
ولا اقتحامي على الغارات يعصمني | مِنَ المَنُونِ، وَلا رَيثٌ، وَلا عَجَلُ |
وَميتَتي في النّوَى وَالقُرْبِ وَاحِدَة ٌ | إذا تَكَافَأتِ الغَايَاتُ وَالسُّبُلُ |
يَستَشعِرُ الطِّرْفُ زَهْواً يَوْمَ أرْكَبُه | كَأنّهُ بِنُجُومِ اللّيْلِ مُنتَعِلُ |
وَالخَيْلُ عَالِمَة ٌ مَا فَوْقَ أظْهُرِهَا | من الرجال جبان كان أو بطل |
أغر أدهم صبغ الليل صبغته | تَضَلُّ في خَلْقِهِ الألحَاظُ وَالمُقَلُ |
مُنَاقِلٌ في عِنَانِ الرّيحِ جرْيَتُهُ | كأنه قبس أو بارق عمل |
قصير ما بين أولاه وآخره | كأنما العنق معقود بها الكفل |
إذا الرّبيعُ كَسَا البَيداءَ بُرْدَتَهُ | ضاقت ركابي وهاد الأرض والقلل |
وَالوَارِداتُ مِيَاهَ القَاعِ سَانِحَة ٌ | عَلى جَوَانِبِهَا الحَوْذانُ وَالنَّفَلُ |
وَكَالثّغُورِ أقَاحِيهَا، إذا غَرَبَتْ | شمس النهار والقت صبغها الأصل |
ورد ومرعى إذا شاءَت مشافرها | مستجمعان ولا كَدٌّ ولا عمل |
وَغَافِلِينَ عَنِ العَلْيَاءِ قَائِدُهُمْ | في كل غيّ فتيّ العقل مكتهل |
شَنّوا الخِضَابَ حِذاراً أنْ يُطالبَهُمْ | بحلمه الشيب أو يقصيهم الغزل |
عَارِينَ إلاّ مِنَ الفَحْشَاءِ يَستُرُهمْ | ثوب الخمول وتنبو عنهم الحلل |
قَوْمٌ بأسمَاعِهِمْ عَنْ مَنطِقي صَممٌ | وَفي لَوَاحظِهمْ عن مَنظرِي قَبَلُ |
يبددون إذا أقبلت لحظهم | شُرْبَ المُرَوَّعِ لا عَلٌّ، وَلا نَهَلُ |
يُبدُونَ وُدّي وَيَحْمُوني ثَرَاءَهُمُ | لوْ كانَ حَقّاً تَساوَتْ بَينَنا الدّوَلُ |
كفى حسوديَ كبتا أنه رجل | أغرى به الهم مذ أغرى بي الجذل |
مَا بَالُ شِعْرِي ملُوماً لا يُجَانِبُهُ | عن كل ما يقتضيه القول والعمل |
لا حاجَة ٌ بي إلى مَالٍ يُعَبّدُني | لَهُ الرّجَاءُ، وَيُضْنيني بهِ الشَّغَلُ |
حسبي غنى نفسي الباقي وكل غنى | من المغانم والأموال ينتقل |
تغير الناس في سمع وفي نظر | وَاستُحسنَ الغدرُ حتى استُقبحَ الخِلَلُ |
فَمَا طِلابُكَ إنْسَاناً تُصَاحِبُهُ | كل الأنام كما لا تشتهى همل |
يَستَبشرُونَ، إذا صَحّتْ جُسُومُهمُ | وبالعقول إذا فتشتها علل |
مَا هَيّجَتْني العِدا، إلاّ وَكنتُ لهَا | سماء كل جواد أرضه القلل |
يَمشِي الحُسَامُ بكَفّي في رُؤوسهِمُ | وَيَخرُقُ الرّمحُ ما تَعيا بهِ الفُتُلُ |
قومي هم الناس لا جيل سواسية | الجود عندهم عار إذا سئلوا |
أبي الوصي وأمي خير والدة | بِنْتُ الرّسُولِ الذي ما بَعدَه رُسُلُ |
وأين قوم كقومي إن سألتهم | سوابق الخيل في يوم الوغى نزلوا |
كالصخر إن حلموا والنار إن غضبوا | والأسد إن ركبوا والوبل إن بذلوا |
الطاعنين من الجبار مقتله | وَالضّارِبينَ، وَذَيلُ النّقعِ مُنسَدِلُ |
والراكبين المطايا والجياد معاً | لا الشكُل تحسبها يوماً ولا العقل |
تغضي عيون الأعادي عن رماحهم | وللأَسنة فيهم يمضي به الأجل |
وَاللَّهُ أكْرَمُ مَوْلًى أنْتَ آمِلُهُ | يوما وأعظم من يعطى ومن يسل |
عَفوٌ، وَحِلمٌ، وَنَعماءٌ، وَمَقدِرَة ٌ | ومستجيب ومعطاء ومحتمل |
وَكَيفَ نأمُلُ أنْ تَبقَى الحَياة ُ لَنا | وَغَيرُ رَاجِعَة ٍ أيّامُنَا الأُوَلُ |