أحظَى المُلُوكِ مِنَ الأيّامِ وَالدّوَلِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أحظَى المُلُوكِ مِنَ الأيّامِ وَالدّوَلِ | من لا ينام غير البيض والأسل |
وَأشرَفُ النّاسِ مَشْغُولٌ بِهِمّتِهِ | مُدَفَّعٌ بَينَ أطرَافِ القَنَا الذُّبُلِ |
تطغى على قصب الأبطال نخوته | وقائم السيف مندوب إلى القلل |
ما زلت أبحت أمري عن عواقبه | حتى رأيت حلول العز في الحل |
وَفي التغَرّبِ إلاّ عَنْكَ مَغْنَمَة ٌ | وَمَنبِتُ الرّزْقِ بَينَ الكُورِ وَالجَمَلِ |
لَوْلا الكِرَامُ أصَابَ النّاسَ كُلَّهُمُ | داء البعاد عن الأوطان والحُلل |
نَرْجُو، وَبَعضُ رَجَاءِ النّاسِ مَتعَبة ٌ | قد ضاع دمعك ياباكٍ على الطلل |
كم اغتربت عن الدنيا وما فطنت | بي المَهَامِهُ حَتّى جَازَني أمَلي |
في فِتيَة ٍ رَكبُوا أعرَاصَهُمْ وَرَمَوْا | بالذّلّ خَلْفَ ظُهُورِ الخَيلِ وَالإبلِ |
وَالمَاءُ إنْ صَفِرَتْ مِنْهُ مَزَادُهُمُ | شربته من بطون الأينق البزل |
إيهٍ لَقَدْ أسَرَ الدّنْيَا بنَجدَتِهِ | أبو الفوارس والإقدام للبطل |
صان الظبى واستلد الرأي وانكشفت | لَهُ العَوَاقِبُ بَينَ الهَمْ وَالجَذَلِ |
ماضٍ عَلى الهَوْلِ طَلاّعٌ بِغُرّتِهِ | على الحوادث مقدام على الأجل |
هُنّئْتَ، يا مَلِكَ الأمْلاكِ، منزِلَة ً | رَدّتْ عَلَيكَ بَهاءَ الأعصُرِ الأُوَلِ |
دَعَاكَ رَبُّ المَعَالي زَيْنَ مِلّتِهِ | وملَّة أنت فيها أعظم الملل |
صَدَمتَ بَغدادَ، وَالأيّامُ غافِلَة ٌ | كالسيل يأنف أن يأتي على مهل |
بِكُلّ أبْلَجَ مَعرُوفٍ بطَلعَتِهِ | إذا تناكر ليل الحادث الجلل |
يا قائد الخيل إن كان السنان فماً | فإن رمحك مشتاق إلى القبل |
وكَم مَدَدتَ على الأقرَانِ مِن رَهَجٍ | في لَيلَة ٍ تَغدُرُ الألحَاظُ بالمُقَلِ |
ومستغرين ما زالت قلوبهم | تبدد الرأي بين الريث والعجل |
حتى أخذت عليهم حتف أنفسهم | ما أظلَموا ببُرُوقِ العارِضِ الهَطِلِ |
رَأوْا مَقَامَكَ، فازْوَرّتْ عُيُونُهُمُ | ما كل لحظ إلى الآماق من قَبَل |
لله زهرة ملك قام حاسدها | وَليسَ يَعلَمُ أنّ الشمسَ في الحَمَلِ |
لا تأسفن من الدنيا على سلف | فاخر الشهد فينا أعذب العسل |
ولا تبال بفعل إن هممت به | ولو رمى بك بين العذر والعذل |
لا تمشين إلى أمر تعاب به | فقلّما تفطن الأيام بالزلل |
لله أي فتى أمست لبانته | رَذِيّة ً بَينَ أيدي العِيسِ وَالسُّبُلِ |
لا يَنْشُدُ الحُبُّ رَأياً كَانَ أصْلَحَهُ | إذا الفَتَى طَرَدَ الآرَاءَ بالغَزَلِ |
رَآكَ أشرَفَ مَمْدُوحٍ لمُمتَدِحٍ | وَخَيرُ مَنْ شَرَعَتْ فيهِ يَدُ الأمَلِ |
نحَا لنَحوِكَ لا يَلوِي عَلى أحَدٍ | أن المقيم عن النزاع في شغل |
وَلَيسَ يأتَلِفُ الإحسَانُ في مَلِكٍ | حتّى يُؤلِّفَ بَينَ القَوْلِ وَالعَمَلِ |
فَمَا أمَلُّ مَدِيحاً أنْتَ سَامِعُهُ | وَعاشِقُ العِزّ لا يُؤتَى مِنَ المَلَلِ |
ما عذر مثلي في نقص وقولته | إني الرضيُّ وجدي خاتم الرسل |
هذا أبي والذي أرجو النجاح به | أدعوه منك طليق الهم والجذل |
لولاك ما انفسحت في العيش همته | ولا أقر عيون الخيل والخول |
حَطَطتَهُ مِنْ ذُرَى صَمّاءَ شَاهقَة ٍ | مِنَ الزّمَانِ عَلَيها غَيرُ مُحتَفِلِ |
تلعاء عالية الأرداف تحسبها | رِشَاءَ عَادِيّة ٍ مُستَحَصَدِ الطُّوَلِ |
تَلقَى ذَوَائِبَهَا في الجَوّ ذاهِبَة ً | يلفها البرق بالأطواد والقلل |
وأنت طوقته بالمن جامعة | قامَتْ عَلَيهِ مَقامَ الحَليِ وَالحُلَلِ |
أوسعته فرأى الآمال واسعة | وَكُلُّ ساكِنِ ضِيقٍ وَاسِعُ الأمَلِ |
جذبت من لهوات الموت مهجته | وكان يطرف في الدنيا على وجل |
ما كان إلا حساماً أغمدته يد | ثمّ انتَضَتهُ اليَدُ الأخرَى على عَجَلِ |
فأقذف به ثُغر الأهوال منصلتاً | واستنصر الليث أن الخيس للوعل |
وَلا تُطيعَنّ فيهِ قَوْلَ حَاسِدِهِ | إنّ العَليلَ لَيَرْمي النّاسَ بالعِلَلِ |
أولى بتكرمة من كان يحمدها | والحمد يقطع بين الجود والبخل |
كَفَاكَ مَنظَرُهُ إيضَاحَ مَخبَرِهِ | في حمرة الخد ما يغني عن الخجل |
تحمل الشرف العالي وكم شرف | غَطّى عَلَيهِ رِداءُ العَيّ وَالخَطَلِ |
أويته من نزال المستطيل إلى | مرعى أنيق وظل غير منتقل |
إنّا لَنَرْجُوكَ، وَالأيّامُ رَاغِمَة ٌ | والروض يرجو نوال العارض الخضل |
تَبلَى بدَوْلَتِكَ الدّنْيَا، وَحاشَ لها | أن لا يكون علينا أبرك الدول |