مَسِيرِي إلى لَيلِ الشّبابِ ضَلالُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مَسِيرِي إلى لَيلِ الشّبابِ ضَلالُ | وَشَيْبي ضِيَاءٌ في الوَرَى وَجَمَالُ |
سَوَادٌ، وَلَكِنّ البَياضَ سِيَادَة ً | وليل ولكن النهار جلال |
وَمَا المَرْءُ قَبلَ الشّيبِ إلاّ مُهَنّدٌ | صَدِيُّ، وَشَيبُ العارِضَينِ صِقَالُ |
وَلَيسَ خِضَابُ المَرْءِ إلاّ تَعِلّة ً | لمَنْ شَابَ مِنْهُ عَارِضٌ وَقَذالُ |
وَللنّفسِ في عَجزِ الفَتى وَزِمَاعِهِ | زِمَامٌ إلى مَا يَشتَهي وَعِقَالُ |
بَلَوْتُ وَجَرّبْتُ الأخِلاّءَ مُدّة ً | فأكثر شيءٍ في الصديق ملال |
وما راقني ممن أود تملق | وَلا غَرّني مِمّنْ أحِبّ وِصَالُ |
وما صحبك الأدنون إلا أباعد | إذا قل مال أو نبت بك حال |
وَمَنْ لي بخلٍّ أرْتَضِيهِ، وَلَيْتَ لي | يميناً يعاطيها الوفاءَ شمال |
تَمِيلُ بيَ الدّنْيَا إلى كُلّ شَهْوَة ٍ | وَأينَ مِنَ النّجْمِ البَعِيدِ مَنَالُ |
وتسلبني أيدي النوائب ثروتي | وَلي مِنْ عَفَافي وَالتّقَنّعِ مَالُ |
إذا عزني ماء وفي القلب غلة | رجعت وصبري للغليل بلال |
أرَى كُلّ زَادٍ مَا خَلا سَدَّ جَوْعَة ٍ | تراباً وكل الماء عندي آل |
ومثلي لا يأسى على ما يقوته | إذا كان عقبى ما ينال زوال |
كأَنا خلقنا عرضة لمنية | فنحن إلى داع المنون عجال |
نَخِفُّ عَلى ظَهرِ الثَرّى ، وَبُطونُهُ | عَلَينا، إذا حَلّ المَمَاتُ، ثِقَالُ |
وَمَا نُوَبُ الأيّامِ إلاّ أسِنّة ٌ | وَمَا ضَرّني أنّي أتَيتُ وَزَالُوا |
وأنعم منا في الحيوة بهائم | وَأثْبَتُ مِنّا في التّرَابِ جِبَالُ |
أنا المرءُ لا عرضي قريب من العدى | وَلا فيّ للبَاغي عَليّ مَقَالُ |
وما العرض الأخير عضومن الفتى | يُصَابُ، وَأقْوَالُ العُداة ِ نِبَالُ |
وَقورٌ، فإنْ لمْ يَرْعَ حَقّيَ جَاهِلٌ | سأَلت عن العوراء كيف تقال |
إلى كَمْ أمشّي العِيسَ غَرْثَى كَليلَة ً | وأودع منها ربرب ورئال |
أرُوغُ كَأنّي في الصّبَاحِ طَرِيدَة ٌ | وَأسْرِي كَأنّي في الظّلامِ خَيَالُ |
تمطى بنا أذوادنال مهمة | خَفَائِفَ تُخفِيهَا رُبًى وَرِمَالُ |
لطمنا بأيديها الفيافي إليكم | وَقَدْ دامَ إغذاذٌ، وَطَالَ كَلالُ |
يَدَ الفَجْرِ في سَيفٍ جَلاهُ صِقَالُ | |
تُقَوِّمُ أعْنَاقَ المَطيّ نُجُومُهُ | فليس لسارٍ فوقهن ضلال |
وهوجاء قدام الركاب مغذة | لهَا مِنْ جُلُودِ الرّازِحَاتِ نِعَالُ |
رَحَلْنا بِها كَالبَدْرِ حُسْناً وَشَارَة ً | وَمِلْنَا إلى البَيْداءِ، وَهيَ هِلالُ |
إلَيكَ، أمِينَ اللَّهِ، وَسّمْتُ أرْضَهَا | بأخفاقها يدنو بهن نقال |
أيَادِي أمِيرِ المُؤمِنِينَ كَثِيرَة ٌ | ومال أمام المؤمنين مذال |
وأوقاته اللاتي تسوء قصيرة | وَأيّامُهُ اللاّتي تَسُرّ طِوَالُ |
مِنَ الضّارِبينَ الهَامَ وَالخَيلُ تَدّعي | وَإنّ غَابَ أنصَارٌ وَقَلّ رِجَالُ |
هُمُ القَوْمُ إنْ وَلّى المَعارِيكُ أقبَلوا | وأن سئلوا بذل النوال أنالوا |
وأن طرق القوم العبوس تهللوا | وَإنْ مَالَتِ السُّمرُ الذّوَابِلُ مَالُوا |
أُجيلُ لحاظي لا أرَى غَيرَ نَاقِصٍ | كَأنّ الوَرَى نَقْصٌ وَأنْتَ كمَالُ |
وَفَائِدَة ٌ لا تَنقَضِي وَنَوَالُ | |
وَأنْتَ الذي بَلّغْتَنَا كُلّ غَايَة ٍ | لهَا فَوْقَ أعنَاقِ النّجُومِ مَجَالُ |
فَمَا طَرَدَ النَّعمَاءَ وَعدُكَ سَاعَة ً | ولا غض من جدوى يديك مطال |
إذا قُلتَ كانَ الفِعلُ ثانيَ نُطقِهِ | وخير مقال ما تلاه فعال |
أزِلْ طَمَعَ الأعداءِ عَنّي بفَتْكَة ٍ | فلا سلم إلا أن يطول قتال |
فإن نفوس الناكثين مباحة | وأن دماءَ الغادرين حلال |
وَشَمّرْ، فَمَا للسّيفِ غَيرُكَ نَاصِرٌ | ولا للعوالي أن قعدت مصال |
وَمَنْ لي بيَوْمٍ شَاحِبٍ في عَجاجِهِ | أنا بأطراف القنا وأنال |
لها من غيابات الغبار جلال | |
أردني مراداً يقعد الناس دونه | وَيَغبِطُني عَمٌّ عَلَيْهِ وَخَالُ |
ولا تسمعن من حاسد ما يقوله | فأكثر أقوال العدة محال |
هَنَاءٌ لكَ الصّوْمُ الجَديدُ، وَلا تَزَلْ | عَلَيكَ مِنَ العَيشِ الرّقيقِ ظِلالُ |
وَجادَكَ مُنهَلُّ الغَمَامِ، وَصَافحتْ | حِمَاكَ جَنُوبٌ غَضّة ٌ وَشَمَالُ |
ولا زال من آمالنا ورجائنا | عَلَيكَ، وَإنْ سَاءَ العَدُوَّ، عِيَالُ |
وفي كل يوم عندنا منك عارض | وعند الأعادي فيلق ونزال |
أنَا القائِلُ المَحسودُ قَوْلي من الوَرَى | عَلَوْتُ، وَمَا يَعلُو عَليّ مَقَالُ |
ولا فرق بيني في الكلام وبينهم | بشيءٍ سوى أني أقول وقالوا |
فَلا زَالَ شِعرِي فيكَ وَحدَكَ كُلُّهُ | ولا اضطرني إلا إليك سؤال |