أنَا للرّكَائِبِ إنْ عَرَضْتُ، بمنزِلِ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أنَا للرّكَائِبِ إنْ عَرَضْتُ، بمنزِلِ | وَإذا القَنُوعُ أطاعَني لمْ أرْحَلِ |
لمْ أطْلُبِ المُثْرِي البَخيلَ لحَاجَة ٍ | أبداً واقنع بالجواد المرمل |
وارى المعرض باللئيم كأنه | أعشَى اللّحَاظِ يَحُزُّ غَيرَ المَفصِلِ |
وَلَرُبّ مَوْلًى لا يَغُضّ جِمَاحَهُ | طول العتاب ولا عناء العذل |
يَطغَى عَلَيكَ، وَأنتَ تَلأمُ شَعبَهُ | كالسيف يأخذ من بنان الصيقل |
أبكي عَلى عُمرٍ يُجَاذِبُهُ الرّدَى | جذب الرشاء عن القليب الأطول |
أخْلِقْ بحَبْلٍ مُرْسَلٍ في غَمرَة ٍ | أنْ سَوْفَ يَرْفَعُهُ بَنَانُ المُرْسِلِ |
ما كنت أطرب للقاء ولا أرى | قلقاً بين الظاعن المتحمل |
ألْوِي عِنَاني عَنْ مُنازَلَة ِ الهَوَى | وأصد عن ذكر الغزال المغزل |
وأزور أطراف الثغور ودونها | طعن يبرح بالوشيج الذبل |
أأنالُ مِنْ عَذبِ الوِصَالِ وَدُونَهُ | مُرُّ الإبَاءِ وَنَخْوَة ُ المُتَدَلِّلِ |
مَا كُنتُ أجرَعُ نُطْفَة ً مَعسُولَة ً | طَوْعَ المُنَى ، وَإنَاؤها مِن حَنظَلِ |
أعقيلة الحيين دونك فارفعي | ما شئت من عَذبَ القناع المسبل |
هَيهَاتَ تَبلُغُكِ اللّحَاظُ، وَبَينَنَا | هضب كخرطوم الغمام المقبل |
أوطان غيرك للضيافة طلقة | وسواك في اللأولاءِ رحب المنزل |
وإذا أمير المؤمنين أضاف لي | أملي نزلت على الجواد المفضل |
بالطّائِعِ المَيمُونِ أُنْجِحَ مَطلَبي | وَعَلَوْتُ حَتّى مَا يُطَاوَلُ مَعقَلي |
قَرْمٌ، إذا عَرَتِ الخُطُوبُ مُرَاحَهُ | أدْمَى غَوَارِبَهَا بنَابٍ أعضَلِ |
مُتَوَغّلٌ خَلْفَ العَدُوّ، وَعِلمُهُ | أن الجبان إذا سرى لم يوغل |
وَإذا تَنَافَلَتِ الرّجَالُ غَنيمَة ً | قسم التراث لها بحد المنصل |
ثَبْتٌ لِهَجْهَجَة ِ الخُطُوبِ، كأنّما | جاءَت تقعقع بالشنان ليذبل |
رَأيُ الرّشِيدِ، وَهَيْبَة ُ المَنصُورِ في | حسن الأمين ونعمة المتوكل |
أباؤك الغر الذين إذا انتموا | ذَهَبُوا بِكُلّ تَطاوُلٍ وَتَطَوُّلِ |
دَرَجُوا كمَا دَرَجَ القُرُونُ وَعِلمُهم | أنْ سَوْفَ يُخبِرُ آخِرٌ عَنْ أوّلِ |
نَسَبٌ إلَيْكَ تَجَاذَبَتْ أشْيَاخُهُ | طوَلاً من العباس غير موصّل |
هَذِي الخِلافَة ُ في يَدَيْكَ زِمَامُها | وسواك يخبط قعر ليل اليل |
أحرَزْتَها دُونَ الأنَامِ، وَإنّمَا | خلع العجاجة سابق لم يذهل |
بحَوَادِرٍ يُعنِقْنَ مِنْ تَحتِ القَنا | عَنَقاً يُعَرِّدُ بالذّئَابِ العُسَّلِ |
غر محجلة إذا احتضر الوغى | نقبنم عن يوم أغر محجل |
دُفِعَتْ فَأيُّ الحُزْمِ عَنها لم يَضِقْ | عَرَقاً، وَأيُّ اللُّجْمِ لمْ يَتَصَلْصَلِ |
سلخ الظلام أهابه وتهللت | جنبات ذاك العارض المتهلل |
طلعت بوجهك غرة نبوية | كالشمس تملأ ناظر المتأمل |
وَإذا نَبَتْ بِكَ في مُسالمَة ِ العِدَى | أرض وهبت ترابها للقسطل |
وَفَوَارِسٍ مَا استَعصَمُوا بثَنِيّة ٍ | إلا طلعت عليهمُ في جحفل |
شَرَدَتْ بِنَا ذُلُلُ الرّكَابِ، كأنّما | يذرعن بردة كل قاع ممحل |
والآل ينهض بالشخوص أمامنا | ويمد أعناق القنان المثل |
مِنْ كُلّ رَابِيَة ٍ تَرَفّعَ جِيدُهَا | فكأنه هادي حصان مقبل |
ومعرس هَزج الوحوش كأنما | طَرَقَ المَسَامعَ عَن غَماغمِ مِرْجَلِ |
عرَكَتْ جَوَانبَنا الفَلاة ُ، وَأسرَعَتْ | في العَظْمِ وَاقتاتَتْ شُحومَ البُزَّلِ |
وَإلَيكَ طَوّحَ بالمَطيّ مُغَرِّرٌ | عصفت به أيدي المطي المضلل |
فأَتتك تلتهم الهواجر طلحاً | وَالظّلُّ بَينَ خِفَافِها وَالجَرْوَلِ |
وخفائفاً فجعت بكل حقيبة | مَلأى وَكُلِّ مَزَادِ مَاءٍ أثْجَلِ |
وعلى الرحال عصائب ملتاثة | تلوب بشعرَ ثمَّ غير مرجل |
علقت حبلك ثم اقسمت المنى | أن لا لوين بغير حبلك أنملي |
أمَلٌ جَثا بفِنَاءِ دارِكَ قاطِناً | وكأَنه بفناء وادٍ مبقل |
مَوْلايَ مَن لي أن أرَاكَ، وَكَيفَ لي | غَطّاهُ عُرْفُ العَارِضِ المُتَهَدّلِ |
أرجوك للأمر الخطير وإنما | يُرْجَى المُعَظَّمُ للعَظيمِ المُعضِلِ |
وَأرُومُ مِنْ غُلَوَاءِ عِزّكَ غَايَة ً | قَعسَاءَ، تَستَلِبُ النّوَاظِرَ من عَلٍ |
كَمْ رَامَها منكَ الجَبانُ فرَاوَغَتْ | شَقّاءَ يَلعَبُ شِدْقُهَا بالمِسْحَلِ |
تدمي قلوب الحاسدين وتنثني | فترد عادية الخطوب النزل |
ضَاقَ الزّمَانُ، فضَاقَ فيه تَقَلُّبي | كالماء يجمع نفسه في الجدول |
هذا الحُسَينُ إلى عَلائِكَ يَنْتَمي | شَرَفاً، وَيَنسِبُ مَجدَهُ في المَحفِلِ |
أسلفته وعدا عليك تمامه | وسيدرك المطلوب أن لم يعجل |
فَاسمَحْ بفِعْلِكَ بَعدَ قَوْلِكَ إنّهُ | لا يُحمَدُ الوَسميُّ إلاّ بالوَلي |
فَلَعَلّنَا نَمْتَاحُ إنْ لمْ نَغتَرِفْ | أنْ لا نَنَامَ عَنِ الرّجَاءِ المُهْمَلِ |
كَمْ وَقْفَة ٍ نَاجَيْتَهُ في ظِلّهَا | والقول يغدر بالخطيب المقول |
ثَبَّتَّ فيهَا وِطَاءَه، وَوَرَاءَهُ | جَزَعٌ يُقَلقِلُ من قُلوبِ الجَندَلِ |
أيه وكم من نعمة جللته | تضفو كهدَّاب الرداء المخمل |
فسما وحلق كالعقاب إلى العلى | وعدوه يهوي هوي الأجدال |
وبوده لوز كان قرناً سالفاً | أوْ نُطْفَة ً ذَهَبَتْ بداءٍ مُغيِلِ |
وَمُشَمِّرِ العِرْنينِ خَرّ جَبينُهُ | لك غير مقبول ولا مستقبل |
لما رآك تقاصرت خطواته | جزعاً وجعجع بالرواق الأول |
لله أنت لقد أثرت صنيعة | بيدي معم في الصنائع مخول |
شَرّفْتَنَا دُونَ الأنَامِ، وَإنّمَا | برّ القريب علاقة المتفضل |
وجذبتنا جذب الجرير إلى العلى | وَإذا ارْتَقَى مُتَمَطِّرٌ لمْ يَنْزِلِ |
فلأنْتَ أوْلى بالإمَامَة ٍ وَالهُدَى | واذب عن ولد النبي المرسل |
أغْبَارُ دَرٍّ مِنْ عَطَائِكَ تُفتَدَى | من در غيرك بالضروع الحفل |
لَوْلا غَمَامُ نَداكَ أصْبَحَ رَاكِبٌ | يَشكُو الأُوَامَ، وَقَدْ أنَاخَ بمنهَلِ |
وأحق بالأطراء باعث منة | وَصَلَتْ مِنَ الأرْحَامِ ما لم يُوصَلِ |
أنظر إليّ ببعض طرفك نظرة | يسمو لها نظري ويعرب مقولي |
فَالآنَ لا أرْضَى ، وَأنْتَ مُمَوِّلي | برضى القنوع وعفة المتجمل |
نعمى أمير المؤمنين حرية | أن لا ننام على الرجاء المهمل |
بِفَمٍ، إذا رَفَعَ الكَلامُ سِجَافَهُ | أوحى بنائله وأن لم يسئل |
ويد إذا استمطرت عابر مزنها | دفقت عليك من الزلال السلسل |
تمحو أساطير الخطوب كما محا | مرّ الشمال من الغمام المثقل |
لا يحتمي بالرمح باع مؤيد | وشاء طاعن بالسماك الأعزل |
هذا الخَليفَة ُ لا يَغُضّ عَنِ الهُدَى | أن نام ليل القائم المتبتل |
لما أهبت بنصره لملمة | دَفَعَ الزّمانَ وَقد أناخَ بكَلْكَلي |
وأليت فيه مدائحي فكأنما | أفرغت نبلي كلها في مقتل |
من كل قافية إذا أطلقتها | عطفت عنان الراكب المستعجل |
وظفرت من نفحاته وجواره | بأجل نعماءٍ وأحرز موئل |