أوَمَا رَأيْتَ وَقَائِعَ الدّهْرِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أوَمَا رَأيْتَ وَقَائِعَ الدّهْرِ | أفلا تسيء الظن بالعمر |
بينا الفتى كالطود تكنفه | هضباته والعضب ذي الاثر |
يأبى الدنية في عشيرته | ويجاذب الايدي على الفخر |
وَإذا أشَارَ إلى قَبَائِلِهِ | حَشَدَتْ إلَيْهِ بِأوْجُهٍ غُرّ |
يَتَرَادَفُونَ عَلى الرّماحِ كأنّهم | سَيْلٌ يَعُبّ وَعارِضٌ يَسْرِي |
ان نهنهوا زادوا مقاربة | فَكَأنّمَا يَدْعُونَ بِالزّجْرِ |
عَدَدُ النّجُومِ، إذا دُعي بهمُ | يتزاحمون تزاحم الشعر |
عقدوا على الجلى مآذرهم | سبط الانامل طيب الزر |
زل الزمان بوطئ اخمصه | ومواطئ الازمان للعثر |
نَزَعَ الإبَاءَ، وَكَانَ شَملَتَهُ | واقر اقرار على صغر |
صَدْعُ الرّدّى أعْيَا تَلاحُمَهُ | مَنْ أَلحَمَ الصّدَفَينِ بالقِطْرِ؟ |
حر الجيادعلى الوجى ومضى | أَمَماً يَدُقّ السّهْلَ بالوَعْرِ |
حتّى التَقَى بالشّمسِ مَغمَدُهُ | في قعر منقطع من البحر |
ثم انثنت كف المنون به | كالضغث بين الناب والظفر |
لم تستجر عنه الرماح ولا | رد القضاء بما له الدثر |
لحِمَامِهِ كَانَ الذي يَبْرِي | لاقته وهو مضيع الظهر |
وَبَنَى الحُصونَ تَمَتُّعاً فكأنّمَا | أمسَى بِمَضْيَعَة ٍ، وَلا يَدْرِي |
وبرى المعابل للعدى فكأنما | |
هَذا عُبَيْدُ اللَّهِ حِينَ رَمَى | عرض العلى وابى على الدهر |
ورمت به العيوق همته | فَوَطي رِقَابَ الأنْجُمِ الزُّهْرِ |
غَلَبَتْ مَآثِرُهُ النّجُومَ عَلى | عَرَصَاتِهَا، وَبَدَأنَ بِالبَدْرِ |
وَتَنَاذَرَ الأعْداءُ صَوْلَتَهُ | فَأبَاتَ أشجَعَهُمْ عَلى ذُعْرِ |
قادت حزامته المنون فلم | تمنع مضارب بيضة البتر |
نكصت اسنته وأحجم جنده | جزعاً لمطلع ذلك الامر |
قَدْ كَانَ مَشهُوراً إذا ذُكِرَتْ | خطط الوغى ومواقف الصبر |
متهللاً في كل نائبة | تضع القلوب مواضع البشر |
يَرْقَى إلى أمَدِ المَكَارِمِ وَالعُلى | لَمْ تَخْتَزِلْهُ مَوَانِعُ الكِبْرِ |
لو لم يعارضه الحمام اذا | لمَضَى عَلى غُلَوَائِهِ يَجْرِي |
اودى وما اوزدت مناقبه | ومن الرجال معمر الذكر |
طوت الليالي بعد مصرعه | نار القرى ومعرس السفر |
خُلّي وَتِرْب أبي لَقَدْ سَلَبَتْ | مني النوائب انفس الذخر |
قد كانَ مِن عُدَدي إذا طَرَقَتْ | بَزْلاءُ ضَاقَ بِهَا حِمَى الصّدرِ |
وهو الزمان على تقلبه | يَنْوِي العُقُوقَ بِنِيّة َ البِرّ |
كم زفرة خرساء اكظمها | مُتَمَسّكاً بِعَلائِقِ الأجْرِ |
ضمرت بجرتها عليك وفي | احشائها كلواعج الجمر |
لَوْ أنّ مَا أنحَى عَلَيْكَ يَدٌ | راعتك بالانباض عن عقر |
لوقفت بينكما لاعكس سهمهما | عن نحرك البادي الى نحري |
وَلَوَ أنّهَا سَمْرَاءُ مُشْرَعَة ٌ | أعطَيتُ حَدّ سِنَانِها صَدْرِي |
وَسَمَحتُ دونَكَ بالحَياة ِ عَلى | ضنى بها وكرائم الوفر |
او بالغا بالنفس معذرة | وَالسّعْيُ بَينَ النُّجْحِ وَالعُذْرِ |
لكن رمتك اشد رامية | سهماً واهداها الى العقر |
بَلَغتكَ من خَلفِ الدّرُوعِ وَمن | خَلَلِ القَنَا، وَالعَسكَرِ المَجرِ |
حَمَلَ الغَمامُ جَديدَ رَيّقِهِ | فسقى مغيب ذلك القبر |
لَوْلا مُشَارَكَة ُ المَدَامِعِ في | سُقْيَاهُ قَلّ لَهُ نَدَى القَطْرِ |
لَوْ أنْبَتَتْ تُرَبُ الرّجَالِ عَلى | قدر العلى ونباهة القدر |
نَبَتَتْ عَلَيْهِ مِنْ شَجَاعَتِهِ | تِلْكَ الجَنَادِلُ بِالقَنَا السُّمْرِ |
ان التوقي فرط معجزة | فَدَعِ القَضَاءِ يَقُدّ أوْ يَفرِي |
لَوْ مَالَ بالقَرْنَينِ خَوْفُهُمَا | للموت ما اضغنا على الوتر |
اوعد داما في الخطال اذا | لَتَوَادَعَا أبَداً عَلى غِمْرِ |
نحمي المطاعم للبقاء وذي | الاآجال ملء فروجها تجري |
لَوْ كَانَ حِفْظُ النّفسِ يَنفَعُنا | كان الطبيب احق بالعمر |
الموت داء لا دواء له | سِيّانِ مَا يُوبي وَمَا يَمْرِي |