أرشيف المقالات

مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل و النهار

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
{فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} :أفعاله سبحانه تدل على عظمته , ولله في كونه آيات , منها الليل والنهار و الشمس والقمر , تلك الممالك العلوية والسفلية بكل ما ومن فيها تدل على أنه وحده المستحق للعبادة دون شريك , فإن استكبر المجرمون فالله غني عنهم , وملكه يتسع لمن يمجده ,فالكون علويه وسفليه يسبح بحمد الله و يمجده وأول أهل التسبيح و أقواهم وأعلاهم هم الملائكة التي لا تفتر عن الذكر و التسبيح .والكل مجموع بين يديه ليجازي المحسن و المسيئ , فكما يحيي الأرض الجدباء و ينبت فيها الزروع و الثمار , يحيي الموتى و يبعثهم ليجازيهم بأعمالهم.قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .
[فصلت 37-39]قال السعدي في تفسيره: ذكر تعالى أن { {مِنْ آيَاتِهِ } } الدالة على كمال قدرته، ونفوذ مشيئته، وسعة سلطانه، ورحمته بعباده، وأنه الله وحده لا شريك له { {اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ } } هذا بمنفعة ضيائه، وتصرف العباد فيه، وهذا بمنفعه ظلمه، وسكون الخلق فيه.
{ {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} } اللذان لا تستقيم معايش العباد، ولا أبدانهم، ولا أبدان حيواناتهم، إلا بهما، وبهما من المصالح ما لا يحصى عدده.{ {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ } } فإنهما مدبران مسخران مخلوقان.
{ {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الذي خلقهن} } أي: اعبدوه وحده، لأنه الخالق العظيم، ودعوا عبادة ما سواه، من المخلوقات، وإن كبر، جرمه وكثرت مصالحه، فإن ذلك ليس منه، وإنما هو من خالقه، تبارك وتعالى.
{ { إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } } فخصوه بالعبادة وإخلاص الدين له.{ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا } عن عبادة الله تعالى، ولم ينقادوا لها، فإنهم لن يضروا الله شيئًا، والله غني عنهم، وله عباد مكرمون، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، ولهذا قال: { فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ } يعني: الملائكة المقربين { يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ } أي: لا يملون من عبادته، لقوتهم، وشدة الداعي القوي منهم إلى ذلك.{ {وَمِنْ آيَاتِهِ} } الدالة على كمال قدرته، وانفراده بالملك والتدبير والوحدانية، { {أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً } } أي: لا نبات فيها { {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ } } أي: المطر { {اهْتَزَّتْ } } أي: تحركت بالنبات { {وَرَبَتْ} } ثم: أنبتت من كل زوج بهيج، فيحيي به العباد والبلاد.{ { إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا} } بعد موتها وهمودها، { {لَمُحْيِي الْمَوْتَى} } من قبورهم إلى يوم بعثهم، ونشورهم { {إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } } فكما لم تعجز قدرته عن إحياء الأرض بعد موتها، لا تعجز عن إحياء الموتى.#أبو_الهيثم#مع_القرآن


شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣