أرشيف المقالات

مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - بشيراً ونذيراً فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
{ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} :كتاب الله أنزله من فوق سبع سماوات نوراً وهداية للعالمين , فصل فيه الأحكام و العظات و لم يفرط فيه من شيء , ليكون كتاب هداية و بشارة للمتقين , مع إنذار ووعيد المجرمين.الأكثرية أعرضت و أعطت لكلمات الله ظهرها وكأنما أصابهم الصمم , أعمتهم دنياهم و غرتهم أمانيهم و أغلقوا قلوبهم عن قبوله حتى تكون الران على تلك القلوب السوداء , فرضوا بالدنيا ولم يعملوا للآخرة عملها.
 قال تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ} .
[فصلت 1-4]قال السعدي في تفسيره:يخبر تعالى عباده أن هذا الكتاب الجليل والقرآن الجميل { {تَنْزِيلُ} } صادر { {مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } } الذي وسعت رحمته كل شيء، الذي من أعظم رحمته وأجلها، إنزال هذا الكتاب، الذي حصل به، من العلم والهدى، والنور، والشفاء، والرحمة، والخير الكثير، ما هو من أجل نعمه على العباد، وهو الطريق للسعادة في الدارين.ثم أثنى على الكتاب بتمام البيان فقال: { {فُصِّلَتْ آيَاتُهُ } } أي: فصل كل شيء من أنواعه على حدته، وهذا يستلزم البيان التام، والتفريق بين كل شيء، وتمييز الحقائق.
{ {قُرْآنًا عَرَبِيًّا } } أي: باللغة الفصحى أكمل اللغات، فصلت آياته وجعل عربيًا.
{ {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } } أي: لأجل أن يتبين لهم معناه، كما تبين لفظه، ويتضح لهم الهدى من الضلال، والْغَيِّ من الرشاد.وأما الجاهلون، الذين لا يزيدهم الهدى إلا ضلالاً، ولا البيان إلا عَمًى فهؤلاء لم يُسَقِ الكلام لأجلهم، { {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} } { {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} } أي: بشيرًا بالثواب العاجل والآجل، ونذيرًا بالعقاب العاجل والآجل، وذكر تفصيلهما، وذكر الأسباب والأوصاف التي تحصل بها البشارة والنذارة، وهذه الأوصاف للكتاب، مما يوجب أن يُتَلقَّى بالقبول، والإذعان، والإيمان، والعمل به، ولكن أعرض أكثر الخلق عنه إعراض المستكبرين، { {فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ } } له سماع قبول وإجابة، وإن كانوا قد سمعوه سماعًا، تقوم عليهم به الحجة الشرعية.{ {وَقَالُوا } } أي: هؤلاء المعرضون عنه، مبينين عدم انتفاعهم به، بسد الأبواب الموصلة إليه: { {قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ } } أي: أغطية مغشاة { {مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ } } أي: صمم فلا نسمع لك { {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} } فلا نراك.القصد من ذلك، أنهم أظهروا الإعراض عنه، من كل وجه، وأظهروا بغضه، والرضا بما هم عليه، ولهذا قالوا: { فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ } أي: كما رضيت بالعمل بدينك، فإننا راضون كل الرضا، بالعمل في ديننا، وهذا من أعظم الخذلان، حيث رضوا بالضلال عن الهدى، واستبدلوا الكفر بالإيمان، وباعوا الآخرة بالدنيا.#أبو_الهيثم#مع_القرآن


شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢