لَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
﴿ لَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾
فتنة ﴿ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾
رغم أن هذا التعبير القرآني قد نزل في قول أهل الكتاب لتحذير بعضهم بعضًا.
﴿ وَ ﴾ قال بعضُهم لبعضٍ: ﴿ وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾ [آل عمران: 73]؛ أي: لا تثقوا ولا تطمئنوا ولا تُصَدِّقوا إلا مَنْ تبع دينكم، واكتموا أمركم.
إلا أن هذا السلوك تجدُه بنفس الكيفية في الجماعاتِ والفرق الإسلامية المتناحرة، والتي فرقتْ دينَها وقسَّمَتِ المسلمينَ شيعًا.
وصدق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال: " لتتبعُنَّ سَنَنَ من قبلكم شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، حتى لو سلكوا جُحرَ ضَبٍّ لسلكتموه ".
فقلنا: يا رسولَ الله اليهودَ والنَّصارَى؟ قال النبي ﷺ: « فمَنْ؟ »؛ رواه مسلم من حديث زيد بن أسلم به.
إن الجماعات والفرق الإسلامية المتناحرة، تتبع نفس هذا النهج مع بعضها البعض؛ فترى تكتل أفراد كل فرقةٍ مع قادتها يسيرون بنفس نهج اليهود، خطوة بخطوةٍ، وشبرًا بشبرٍ، ويناصرون بعضهم بعضًا في الباطل دون وعي ولا رَوِيَّةٍ ولا علم من كتاب الله، وأيُّ متابعٍ لما يجري على مواقعِ التواصل الإجتماعي ليجدُ هذا السلوك على هذه المواقع بشكل يؤلم المؤمن الغيور على دينه، والحريصَ على وحدة المسلمين.
وللأسفِ الشديد أن كلَّ فريق قد تجده منقسمًا فيما بينه إلى أقسامٍ متناحرة أيضا، ونحن هنا لا نحددُ فرقًا باسمها ولا مسمياتِ أقسامِها المتشرزمة، لعل الله يلم شمل المسلمين.
إن هذه التشرزمات داخل كل فرقةٍ، يعادي بعضها بعضًا، ويتبرأ كلٌ منها من فكر وفعل الأخر، وبأسها بينها شديد،
وسبحان الله العليم الخبير الذي أنبأنا بهذا في سلوك أهل الكتاب؛ حيث قال: ﴿ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ ﴾ [الحشر: 14].
صدقت يا رسول الله: " لتتبعنَّ سَنَنَ من قبلَكم شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، حتى لو سلَكوا جُحرَ ضَبٍّ لسَلَكتمُوه"، فقلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال النبي ﷺ: « فمن؟ »؛ رواه مسلم من حديث زيد بن أسلم.
والغريب أن هذه الأقسام المتناحرة داخل الفرق الإسلامية - ورغم ذلك التناحر - فإنها تتوحد فيما بينها في مهاجمة غيرها من المسلمين، وهذا ما نجده على ساحة الواقع الحالي، وهذا ما يقوم به أعداء الإسلام في محاربة المسلمين، وهذا ما أضعف شوكة المسلمين في مواجهة أعداء الإسلام.
لقد فهمتِ الماسونيةُ العالمية هذه الخصائص في داخل هذه الفرق الإسلامية، واستخدمتها بشكل دقيق في محاربة المسلمين، باستخدام أبناء الإسلام أنفسهم في محاربة بني جلدتهم من المسلمين، سواء على منصات التواصل الاجتماعي، أو في ساحات القتال.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: " سألتُ ربي ثلاثًا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدةً؛ سألتُ ربي أن لا يُهلك أُمَّتي بالسَّنَةِ فأعطانيها، وسألتُه أن لا يهلك أمتي بالغرَق فأعطانيها، وسألتُه أن لا يجعل بأسَهم بينهم فمَنعَنيها "؛ رواه مسلم.
هذا واقع حال المسلمين الآن..
فهل من مخرج؟!
عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه – قال: " كان الناسُ يسألون رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخيرِ، وكنتُ أسأله عن الشَّرِّ؛ مخافةَ أن يدركَني، فقلتُ: يا رسول الله، إنا كنَّا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: " نعم "، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: " نعم، وفيه دَخَن"، قلت: وما دخنُه؟ قال: " قومٌ يهدون بغير هَدْيي، تعرفُ منهم وتنكر"، قلتُ: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: " نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، مَن أجابهم إليها قذفوه فيها"، قلت: يا رسول الله، صفْهم لنا؟ فقال: " هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا "، قلتُ: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم"، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: " اعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضَّ بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"؛ متفق عليه.
نعم، الحل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضَّ بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك".
لا تشارك في هذه الفتنة، واعتزل تلك الفرق كلها، وعش على كتاب الله وخطى رسوله، حتى يقضي الله أمرًا، قال تعالى: ﴿ قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰٓ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ كَٱلَّذِى ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَٰطِينُ فِى ٱلْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُۥٓ أَصْحَٰبٌ يَدْعُونَهُۥٓ إِلَى ٱلْهُدَى ٱئْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [الأنعام: 71].
نجَّانا اللهُ من هذا الكرب وهذه الفتن!.