أول مسلسل تلفزيوني عن صلاح الدين الأيوبي
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
دمشق ـ بعد أن أنتج المخرج السوري العالمي الهوليودي المعروف مصطفى العقاد فيلمه «الرسالة» الذي يتناول السيرة النبوية الشريفة والذي ما يزال يحظى بالاهتمام والاحترام ويسهم في الدعوة الإسلامية في الغرب بالرغم من مرور ما يزيد على الربع قرن على تصويره ، ثم إخراجه لفيلم «عمر المختار» الذي يحتفظ بجاذبيته وإثارته إلى اليوم، فيما يتعلق بجهاد المسلمين ضد الاستعمار الغربي الذي يحضر في الأذهان كل يوم ، ظل العقاد يحلم منذ ثمانينيات القرن المنصرم بإخراج فيلم عن صلاح الدين الأيوبي محرر القدس ، مبتغياً منه تناول منطق الغرب الصليبي في أول حرب عالمية في التاريخ الإنساني ضد العرب المسلمين والكشف عن الفظائع التي ارتكبت فيها بحق المسلمين ، ليوضح المنظور الإسلامي والعربي للعلاقة مع الغرب من خلال التاريخ ، ولكن العقاد فشل – حتى الآن - في تأمين تمويلٍ للفيلم، بالرغم من نداءاته المتكررة .
وإذا كان محزناً ألا يجد العقاد آذاناً صاغيةً، فإن فكرة تصوير فيلم عن صلاح الدين الأيوبي قد وجدت ربما طريقها إلى المخرج السوري حاتم علي ، ولكن في صورة مسلسل تلفزيوني هو الأول من نوعه . وحسب المخرج حاتم علي ، الذي بدأ بتصويره ، فإن الداعي لهذا المسلسل هو بالدرجة الأولى حاجة تاريخية تتمثل في القضية الفلسطينية ، فنحن نتعرف من خلال البطل صلاح الدين الأيوبي على شعبٍ لا يدخر جهداً أو تضحيةً في سبيل طرد المحتلين وتحرير البلاد من كل مستعمر، وفي مقدمتها القدس الشريف. المسلسل الذي يخرجه حاتم علي يحمل عنوان « صلاح الدين الأيوبي » كتبه الأديب الأردني الدكتور وليد سيف ، فيما قدَّم الاستشارة الدرامية الخاصة بتوثيق الأحداث التاريخية المؤرخ السوري الدكتور محمد محفّل. هذا المسلسل يؤكد على الحرب الصليبية كأول حرب عالمية عرفها التاريخ، هي بشكل أو بآخر قصة صراع الشرق والغرب ، ألبست لبوساً دينياً صليبياً فقد كان أمراء الحملة الصليبية حين اندفعوا بحروبهم الاستعمارية يستهدفون غايات دنيوية باسم الدين ، وبدلاً من أن يتحد الأمراء المسلمون في تلك الفترة ضد هذه الهجمات ، واجهوها متفرقين ، فسحقوا واحداً تلو الآخر، إلى أن ظهر البطل صلاح الدين الأيوبي وهزمهم . ومن المقرر أن يستمر تصويره حتى بداية رمضان المقبل ، حيث تقررت ساعات المسلسل بـ 30 ساعة تلفزيونية (حلقة)، وستقوم شركة « سوريا الدولية للإنتاج الفني » بإنتاجها وتقديمها للجمهور العربي ، وقد ذكرت الشركة بأنها تعي أهمية تقديم مثل هذا الموضوع في مثل هذه المرحلة الحرجة من التاريخ العربي ، كما أنها تتفهم في الوقت نفسه الشروط الفنية والإنتاجية التي يستلزمها موضوع بهذا الحجم كي يخرج إلى النور في رمضان المقبل بالصورة اللائقة والمقنعة ، ولهذا رصدت له ميزانية ضخمة غير مسبوقة في تاريخ الإنتاج السوري التلفزيوني في تعاون مع خبرات عربية وأجنبية. ويبدو أن موضوع الحروب الصليبية لقي اهتماماً غير عادي، فقد أعلن المخرج السوري الشركسي نجدت أنذور أنه يستعد لتصوير مسلسل تلفزيوني آخر عن صلاح الدين تحت اسم «البحث عن صلاح الدين» وقد بدا واضحاً من خلال الملصقات الإعلانية التي ملأ بها شوارع دمشق أن الباعث على إنتاج هذا المسلسل القضية الفلسطينية ، والمسلسل الذي ينوي أنزور إخراجه سيكون جاهزاً للعرض في رمضان 1423م عن نصّ للكاتب محمود عبد الكريم، وباستشارة وثائقية للمؤرخ السوري الدكتور سهيل زكار ، وفي كل الأحوال فإذا كانت قضية الحروب الصليبية التي ثارت مع قدوم البابا وزيارته الكئيبة للمسجد الأموي ، فإنها مَهدَّت لاستقبال ساخن وانتظار متشوق للمسلسلين ، الذي نأمل أن يحترم فيهما حقائق التاريخ ومشاعر المسلمين ويُبتعد فيهما عن المنطق القومي العنصري وألا يكون فيهما تزوير للتاريخ أو تشويه له على طريقة المخرج المصري «يوسف شاهين» في فيلمه «الناصر صلاح الدين» وغيره .