أرشيف المقالات

النيات التي ينويها طالب العلم

مدة قراءة المادة : 12 دقائق .
النيات التي ينويها طالب العلم

1- تنوي أن تتعلَّم العلم؛ لتعبد الله على بصيرة؛ قال - تعالى -: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108].
 
2- تنوي أن تتعلَّم العلم؛ لأن طلب العلم عبادة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ومَن سلك طريقًا يلتمسُ فيه عِلمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة))[1].
 
روى ابن عبدالبر - بسند صحيح - عن عبدالله بن الشخير، قال: "فضلُ العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الوَرَع"[2].
 
3- تنوي أن تتعلَّم العلم؛ لكي تصيبَك دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمستمعِ العلم وحامله ومبلِّغه؛ فقد روى الترمذي - وقال: حسن صحيح - عن عبدالله بن مسعود قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((نضَّر الله امرًا سَمِع منا شيئًا فبلَّغه كما سَمِع، فرُبَّ مبلَّغ أوعى من سامع))[3].
 
4- تنوي أن تتعلَّم العلم؛ لكي يرفعَك الله به درجات، قال - تعالى -: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11].
 
5- تنوي أن تتعلم العلم؛ لكي تصل إلى مقام الخشية من الله - سبحانه، قال - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28].
 
6- تنوي أن تتعلَّم العلم؛ لكي تأخذَ ثواب مجالس العلم، فقد روى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارَسُونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغَشِيتهم الرحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكَرهم الله فيمَن عنده، ومَن بطَّأ به عملُه لم يُسْرِع به نسبُه))[4].
 
7- تنوي أن تتعلم العلم؛ لِتضعَ الملائكةُ أجنحتَها لك رضًا بما تصنع، فقد روى الترمذي - وقال: حسن صحيح - عن زِرِّ بن حُبَيش قال: "أتيتُ صفوان بن عسال المرادي أسأله عن المسح على الخفَّين، فقال: ما جاء بك يا زِرُّ؟ فقلت: ابتغاء العلم، فقال: إنَّ الملائكة لَتضعُ أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يطلب، فقلت: إنه حكَّ في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول، وكنتَ امرأً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فجئت أسألك: هل سمعتَه يذكر في ذلك شيئًا؟ قال: نعم، كان يأمرنا إذا كنا سفرًا أو مسافرين ألا ننزع خفافَنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابةٍ، لكن من غائطٍ وبولٍ ونومٍ، فقلت: هل سمعته يذكر في الهوى شيئًا؟ قال: نعم، كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فبينا نحن عنده، إذ ناداه أعرابي بصوتٍ له جَهْوَري: يا محمد، فأجابه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحوًا من صوته: ((هاؤم))، فقلنا له: ويحك! اغضضْ من صوتك؛ فإنك عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد نُهيتَ عن هذا، فقال: والله لا أغضض، قال الأعرابي: المرء يحب القوم ولَمَّا يلحقْ بهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((المرء مع من أحبَّ يوم القيامة))، فما زال يحدِّثنا حتى ذكر بابًا من قِبَلِ المغرب مسيرة سبعين عامًا، عرضُهُ أو يسير الراكب في عرضِهِ أربعين أو سبعين عامًا.
 
قال سفيان: قِبَلَ الشام، خلقه الله يوم خلق السموات والأرض مفتوحًا - يعني للتوبة - لا يغلق حتى تطلع الشمس منه[5].
 
8- تنوي أن تتعلم العلم؛ لكي تكون من خيار الناس وأكرمهم عند الله؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - مَن أكرم الناس؟ قال: ((أكرمهم أتقاهم))، قالوا: يا نبي الله، ليس عن هذا نسألك، قال: ((فأكرمُ الناس يوسفُ نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله))، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: ((فعن معادن العرب تسألونَني؟))، قالوا: نعم، قال: ((فخيارُكم في الجاهلية خيارُكم في الإسلام إذا فَقُهوا))[6].
 
9- تنوي أن تتعلم العلم؛ لأنه أفضل من نوافل العبادات، قال قتادة: قال ابن عباس: تذاكرُ العلم ليلةً أحبُّ إليَّ من إحيائها.
 
قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد بن حنبل: أي علم أراد؟ قال: هو العلم الذي ينتفع به الناسُ في أمر دينهم، قلت: في الوضوء، والصلاة، والصوم، والحج، والطلاق، ونحو هذا؟ قال: نعم، قال إسحاق بن منصور: وقال إسحاق بن راهويه: هو كما قال أحمد.
 
وروى ابن عبدالبر - بسند صحيح - عن الزهري قال: ما عُبِد اللهُ بمثل الفقه[7].
 
وروى ابن عبدالبر - بسند صحيح - عن ابن وهب، قال: كنت عند مالك بن أنس، فجاءت صلاة الظهر أو العصر وأنا أقرأ عليه، وأنظر في العلم بين يديه، فجمعت كتبي وقمت لأركع، فقال لي مالك: ما هذا؟ قلت: أقوم للصلاة، قال: إن هذا لعَجب، فما الذي قمتَ إليه بأفضلَ من الذي كنتَ فيه إذا صحَّت النيةُ فيه[8].
 
روى ابن عبدالبر - بسند صحيح - عن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: طلب العلم أفضل من صلاة النافلة[9].
 
وروى ابن عبدالبر - بسند حسن - عن سفيان الثوري قال: ما من عملٍ أفضل من طلب العلم إذا صحَّت فيه النيةُ [10].
 
10- تنوي أن تتعلم العلم؛ لتبلِّغه لمَن يجهله؛ فقد روى البخاري عن عبدالله بن عمرو أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بلِّغوا عني ولو آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومَن كذب عليَّ متعمِّدًا فليتبوأ مقعدَه من النار))[11].
 
11- تنوي أن تتعلم العلم؛ لتدلَّ الناس على الخير، فتأخذ مثل أجرهم؛ ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن دعا إلى هدًى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومَن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تَبِعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا))[12].
 
12- تنوي أن تتعلَّم العلم؛ لتستغفرَ لك المخلوقاتُ، حتى الملائكة، روى الترمذي - وحسَّنه - عن أبي أمامة الباهِليِّ - رضي الله عنه - قال: ذُكِرَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلانِ أحدهما عابد والآخر عالم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فضل العالِم على العابد كفضلي على أدناكم))، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلُّون على معلِّم الناس الخيرَ))[13].
 
قال أبو عيسى الترمذي: سمعت أبا عمار الحسين بن حُريث الخزاعي يقول: سمعت الفضيل بن عياض يقول: عالِم عامل معلِّم يُدعَى كبيرًا في ملكوت السمواتِ.
 
13- تنوي أن تتعلَّم العلم؛ لكي تكون سببًا في هداية بعض الناس، ففي الصحيحين عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم خيبر: ((لأعطينَّ الرايةَ رجلاً يفتحُ الله على يديه))، فقاموا يرجون لذلك أيهم يُعطَى، فغدوا وكلُّهم يرجو أن يعطى، فقال: ((أين علي؟))، فقيل: يشتكي عينيه، فأمر، فدُعِي له، فبَصَق في عينيه، فبرَأ مكانه حتى كأنه لم يكن به شيء، فقال: نقاتلُهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: ((على رِسْلِك حتى تنزلَ بساحتهم، ثم ادعُهم إلى الإسلام، وأخبِرْهم بما يجب عليهم، فوالله لأنْ يُهدَى بك رجلٌ واحد خير لك من حُمْر النَّعَم))[14].



[1] رواه مسلم (2699).


[2] صحيح عن مطرف: رواه ابن عبدالبر في جامع العلم (102).


[3] حسن: رواه الترمذي (2657) وقال: حسن صحيح.


[4] رواه مسلم (2699).


[5] حسن: رواه الترمذي (3535) وقال: حسن صحيح.


[6] رواه البخاري (3374) ومسلم (2378).


[7] جامع العلم وفضله (110).


[8] جامع العلم وفضله (116)، والمقصود هنا القيام لصلاة السنة القبلية.


[9] جامع العلم وفضله (118).


[10] جامع العلم وفضله (119).


[11] رواه البخاري (3461).


[12] رواه مسلم (2674).


[13] حسن: رواه الترمذي (2685) وقال: حسن غريب صحيح.


[14] رواه البخاري (2942) ومسلم (2406).

شارك الخبر

المرئيات-١