أرشيف المقالات

وقفات مع القرآن والأموات

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
وقفات مع القرآن والأموات
الإمتاع بفتاوى التلاوة والاستماع (36 - 37 - 38)
(فتاوى وأحكام شرعية حول تلاوة وسماع الآيات القرآنية)
 
إهداء ثواب قراءة القرآن للأموات:
اختلف العلماء في هذه المسألة: بين مُبِيح، ومستحِب، ومحرِّم.
 
وممن قالوا باستحباب ذلك الإمام النووي[1]، ونقل عن الشافعي - رحمه الله - أنه قال: ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن، وإن ختموا القرآن كله كان حسنًا.
 
وقال الإمام ابن قدامة في المغني: ولا بأس بالقراءة عند القبر[2]، ونقل عن الإمام أحمد أنه بدعة، ثم رجع عنه، وكره مالك وأبو حنيفة القراءة عند القبر؛ حيث لم ترد بها السنة[3].
 
وهذا خلاف سائغ، وفي السنة الصحيحة ما يغني، وقد ثبت فيها ما ينفع الأموات بعد موتهم؛ كالاستغفار، والدعاء لهم، والصدقة الجارية التي أَجْرَوها قبل موتهم، أو أُجرِيت لهم بعد موتهم بمالهم، والعلم النافع الذي قدَّموه في دنياهم قبل موتهم، والولد الصالح؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))[4]، والله أعلم.
 

تخصيص الفاتحة بتلاوتها لأرواح الأموات، أو في المناسبات: كالخطبة، أو ركوب الدواب، أو ما شابه ذلك:
لم يرد نص من الكتاب أو السنة بفعل هذا، وليس هذا طعنًا في فضل الفاتحة؛ فهي أعظم سور القرآن، وأم القرآن، والسبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن يجب اتباع صاحب الشريعة - صلى الله عليه وسلم.
 
وما ثبت عنه ولا أصحابه أنهم فعلوا ذلك ولو مرة واحدة، فلا شك أن قراءة الفاتحة لذلك الشأن بدعة، ومن البدع الغريبة أيضًا ما يسمى "بعدِّية يس"، فكل هذه المُحدَثات مردودة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن عَمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ))[5]، والله أعلم.
 
تخصيص سورة "يس" بقراءتها على الأموات:
اختلف العلماء في قراءة سورة "يس" عند المحتضر؛ وهذا لاختلافهم في صحة الخبر الداعي إلى قراءة سورة "يس" على الأموات:
فذهب المحب الطبري إلى قراءتها على الأموات.
 
وذهب: ابن حبان، والحاكم، وابن كثير إلى قراءتها على المحتضر، وهو الصواب إن صح الحديث، وإن كان الأولى القراءة عند المحتضر من عموم القرآن بغير تخصيص سورة معينة؛ حتى تتنزل على الحاضرين السكينة، وتغشاهم الرحمة، وتحفهم الملائكة، ويذكرهم الله[6]، والله أعلم.

[1] انظر: رياض الصالحين (الباب 161)، (1/1217).

[2] المغني (2/423).

[3] فتاوى الأزهر (2/423).

[4] صحيح رواه مسلم (1631) (3/1255).


[5] صحيح رواه مسلم (1718) (3/1343)، والبخاري (2550) (2/959).
و((رَدٌّ))؛ أي: لا يُقبَل، ويكون مردودًا على صاحبه.

[6] انظر فتاوى الأزهر (8/302)، (8/315).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١