نشأة علم أصول الفقه
مدة
قراءة المادة :
11 دقائق
.
نشأة علم أصول الفقهلقد مر علم أصول الفقه كغيره من العلوم بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: النشأة والتكوين:
لقد كان الصحابة رضي الله عنهم على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، يستفتونه في جميع أمور دينهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُفتيهم فيما أشكَل عليهم؛ إذ لم يكن مجالٌ للاجتهاد، وإن وُجد فيحتاج إلى تقرير النبي صلى الله عليه وسلم.
ومثال هذا:
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ)[1].
2- عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَال: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ المَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ))[2].
ولَمَّا مات النبي صلى الله عليه وسلم، كان الصحابة رضي الله عنهم يأخذون فتواهم من الكتاب والسنة، إلى أن اتَّسعت رقعةُ الدولة الإسلاميةِ، ووقعت نوازلُ جديدةٌ لم تكن موجودة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فلجؤوا إلى الاجتهاد.
المرحلة الثانية: النضوج والازدهار:
لَمَّا رحل جيلُ الصحابة رضي الله عنهم، جاء التابعون مِن بعدهم، فساروا على نهج الصحابة رضي الله عنهم، وكانوا يأخذون فتواهم من الكتاب والسنة، والإجماع، وفتاوى الصحابة رضي الله عنهم، فإن لم يجدوا لجؤوا إلى الاجتهاد، والقياس.
وكان لكل إمامٍ من أئمة التابعين قواعدُ، وأصولٌ للفتوى والاجتهاد، لكن هذه القواعد والأصول لم تُدَوَّن في كتاب مستقل.
المرحلة الثالثة: الاكتمال والتدوين:
لم يدوَّن علمُ أصول الفقه إلا في القرن الثاني الهجري، والسبب في ذلك يرجع إلى عدة أمور:
الأول: حدوث نوازلَ جديدةٍ لم تكن موجودة من قبلُ.
الثاني: كثرة المناظرات والمجادلات بين المدارس الفقهية المختلفة.
الثالث: كثرة الوضع في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
الرابع: ضَعف اللغة العربية لكثرة دخول العجم في الإسلام.
ويعدُّ الإمام الشافعي أول من كتَب في علم أصول الفقه، أملى فيه رسالته المشهورة التي تكلَّم فيها في الأوامر والنواهي، والبيان والخبر والنسخ، وحُكم العلة المنصوصة من القياس[3].
وسبب تأليف كتاب (الرسالة) أن عبدالرحمن بن مهدي كتب إلى الإمام الشافعي وهو شاب أن يضعَ له كتابًا فيه معاني القرآن، ويجمعَ قَبولَ الأخبارِ فيه، وحجة الإجماع، وبيان الناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فوضعَ له كتاب الرسالة[4].
وسبب تسمية كتاب (الرسالة) بهذا الاسم أن الإمام الشافعي أرسله إلى عبدالرحمن بن مهدي[5].
ثم كَتَب فقهاء الحنفيَّة فيه، وحقَّقوا تلك القواعد وأوسعوا القولَ فيها.
وكَتبَ المتكلِّمون أيضًا كذلك إلا أن كتابة الفقهاء فيها أمسُّ بالفقه، وأليقُ بالفروعِ لكثرة الأمثلة منها والشَّواهد، وبناء المسائل فيها على النُّكت الفقهية[6].
ثم تتابع العلماء في التأليف في أصول الفقه.
من أهم الكتب المؤلفة في أصول الفقه:
1- (أصول الكرخي)؛ لأبي الحسين بن عبيدالله (ت340هـ).
2- (تقويم الأدلة)؛ لأبي زيد الدبوسي (ت340هـ).
3- (أصول الجصاص)؛ لأبي بكر أحمد بن علي (ت378هـ).
4- (تمهيد الفصول)؛ للسَّرَخْسِي محمد بن أحمد (ت 428هـ).
5- (الإحكام في أصول الأحكام)؛ لابن حزم الظاهري (ت 456هـ).
6- (النُّبَذ)؛ لابن حزم الظاهري (ت 456هـ).
7- (العُدَّة في أصول الفقه)؛ لأبي يعلى الفراء الحنبلي (ت 458 هـ).
8- (البرهان)؛ لأبي المعالي الجويني الشافعي (ت478هـ).
9- (الأصول)؛ لعلي بن أحمد البزدوي (ت482هـ).
10- (المستصفى)؛ لأبي حامد الغزالي الشافعي (ت505هـ).
11- (التمهيد في أصول الفقه)؛ لأبي الخطاب الكلوذاني الحنبلي (ت 510هـ).
12- (الواضح في أصول الفقه)؛ لابن عقيل الحنبلي (ت 513 هـ).
13- (المحصول)؛ لفخر الدين الرازي الشافعي (ت606هـ).
14- (روضة الناظر)؛ لابن قدامة المقدسي الحنبلي (ت 620 هـ).
15- (الإحكام)؛ لسيف الدين الآمدي الشافعي (ت631هـ).
16- (منتهى السول)؛ لابن الحاجب المالكي (ت646هـ).
17- (تنقيح الأصول)؛ لصدر الشريعة الحنفي (ت654هـ).
18- (تخريج الفروع على الأصول)؛ للزنجاني (ت656هـ).
19- (التنقيحات)؛ للقرافي المالكي (ت684هـ).
20- (تنقيح الفصول)؛ للقرافي المالكي (ت684).
21- (منهاج الوصول)؛ للبيضاوي (ت 685 هـ).
22- (بديع النظام)؛ لمظفر الدين الساعاتي (ت694هـ).
23- (المُسَوَّدة في أصول الفقه)؛ لآل تيمية[بدأ بتصنيفها الجدُّ: مجد الدين عبدالسلام بن تيمية (ت: 652هـ)، وأضاف إليها الأبُ: عبدالحليم بن تيمية (ت: 682هـ)، ثم أكملها الابنُ الحفيد: أحمد بن تيمية (728هـ)].
24- (كشف الأسرار)؛ لعبدالعزيز البخاري (ت730هـ).
25- (جمع الجوامع)؛ للسبكي الشافعي (ت771هـ).
26- (التمهيد)؛ لجمال الدين الإسْنَوي الشافعي (ت772هـ).
27- (القواعد)؛ لأبي الحسن الحنبلي (ت830هـ).
28- (التحرير)؛ للكمال بن الهمام الحنفي (ت861هـ).
29- (شرح الكوكب المنير)؛ لابن النجار الحنبلي (ت 972هـ).
30- (مُسلَّم الثبوت)؛ لمحب الدين عبدالشكور (ت1119هـ).
31- (إرشاد الفحول)؛ للشوكاني (ت1250هـ).
32- (أصول الفقه)؛ للشيخ محمد الخضري (ت1345هـ).
33- (مذكرة في أصول الفقه)؛ للشنقيطي (ت 1393هـ).
34- (علم أصول الفقه)؛ للشيخ عبدالوهاب خلاف (ت1955م).
35- (أصول الفقه)؛ للشيخ محمد أبي زهرة (ت1974م).
36- (الواضح في أصول الفقه)؛ للدكتور محمد سليمان الأشقر (ت 1430هـ).
37- (الوجيز في أصول الفقه)، للدكتور عبدالكريم زيدان (ت 1435هـ).
38- (المهذب في علم أصول الفقه المقارن)؛ للدكتور عبدالكريم النملة (ت 1435هـ).
39- (الجامع لمسائل أصول الفقه)؛ للدكتور عبدالكريم النملة (ت 1435هـ).
الأسئلة والمناقشة:
أجب عن الأسئلة الآتية:
1- عرِّف أصول الفقه باعتبار مفرديه.
2- يطلق الأصل على أربعة أشياء، وضِّح ذلك مع ذكر أمثلة.
3- الفقه له معنيان، وضِّح ذلك مع ذكر الفرق بينهما.
4- اشرح مفردات تعريف الفقه في الاصطلاح.
5- اشرح مفردات تعريف أصول الفقه في الاصطلاح.
6- ما هو موضوع علم أصول الفقه؟
7- اذكر أربع فوائد من الفوائد المرجُوَّة من تعلُّم أصول الفقه.
8- إلى أي العلوم ينتسب علم أصول الفقه؟
9- ما فضل علم أصول الفقه؟
10- مَن واضع علم أصول الفقه؟
11- من أين يستمد علم أصول الفقه مادته؟ مع ذكر أمثلة على ما تقول.
12- ما حكم تعلُّم وتعليم علم أصول الفقه؟
13- ما أهم مسائل علم أصول الفقه؟
14- ما شرف تعلم علم أصول الفقه؟
15- اعقد مقارنة بين أصول الفقه؛ والفقه من حيث: التعريف- الموضوع- اسم العالم به.
16- مرَّ علم أصول الفقه كغيره من العلوم بثلاثة مراحل، وضِّح ذلك.
17- لماذا لم يدوَّن علم أصول الفقه إلا في القرن الثاني الهجري؟
18- ما سبب تأليف كتاب (الرسالة)؟
[1] صحيح: رواه مسلم (1336).
[2] صحيح: رواه أبو داود (83)، والترمذي (69)، وقال: حسن صحيح، والنسائي (59)، وابن ماجه (386)، وأحمد (7232)، وصحَّحه أحمد شاكر، والألباني.
[3] انظر: تاريخ ابن خلدون، صـ (576).
[4] انظر: تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي (2/ 404)، والاحتجاج بالشافعي، صـ (54).
[5] انظر: مقدمة الرسالة، للشافعي، صـ (12).
[6] انظر: تاريخ ابن خلدون، صـ (576).