أرشيف المقالات

الواجب في زكاة الفطر

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
الواجب في زكاة الفطر
 
الواجب على كل شخص صاع بر، أو مثل مكيله من تمر، أو زبيب، أو أقط؛ لحديث أبي سعيد - رضي الله عنه -: (كنا نُخرج زكاة الفطر؛ إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من طعام، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من أقط)؛ متفق عليه.
 
ويُجزئ دقيق البر والشعير إذا كان بوزن الحب، نص عليه، واحتج بزيادة تفرَّد بها ابن عيينة: إن أحدًا لم يذكره فيه، قال: بل هو فيه؛ رواه الدارقطني.
 
قال المجد: بل هو أَولى بالأجزاء؛ لأنه كفى مؤونته كتمر منزوع نواه، ويخرج مع عدم ذلك ما يقوم مقامه من حَب يقتات كذرة ودخن وباقلاء؛ لأنه أشبه بالمنصوص عليه، فكان أولى.
 
ويجوز أن يعطي الجماعة فطرهم لواحد، وأن يعطي الواحد فطرته لجماعة.
 
ولا يُجزئ إخراج القيمة؛ لأن ذلك غير المنصوص عليه.
 
ويحرُم على الشخص شراء زكاته وصدقته ممن صارت إليه؛ لحديث عمر - رضي الله عنه -: (لا تشتره ولا تعد في صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه)؛ متفق عليه.
 
وحسمًا لمادة استرجاع شيء منها حياءً، أو طمعًا في مثلها، أو خوفًا ألا يعطيه بعد، فإن عادت إليه بإرث أو وصية، أو هبة، أو أخذها من دينه من غير شرط ولا مواطأة، طابت بلا كراهة؛ لعدم المانع ولحديث بريرة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وجب أجرك وردها عليك الميراث»؛ متفق عليه، رواه الجماعة إلا البخاري، والنسائي.
 
ويُجزئ إخراج صاع مجموع من تمر وزبيب وبر وشعير وأقط، كما لو كان خالصًا من أحدها.
ولا يُجزئ مختلط بأكثر مما لا يُجزئ.
ولا يُجزئ إخراج معيب كمسوس، ومبلول، وقديم تغيَّر طعمه.
 
والأفضل تمر لفعل ابن عمر، قال نافع: وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يعطي التمر إلا عامًا واحدًا أعوز التمر فأعطى شعيرًا؛ رواه أحمد، والبخاري.
 
وقال له أبو مجلز: إن الله قد أوسع، والبر أفضل، فقال: إن أصحابي سلكوا طريقًا، فأنا أحب أن أسلكه؛ رواه أحمد، واحتج به.
 
وظاهره أن جماعة الصحابة كانوا يخرجون التمر، ولأنه قوت وأقرب تناولًا وأقل كلفة، ويليه في الأفضلية الزبيب؛ لأن فيه قوتًا وحلاوةً وقلة كلفة، ثم البر؛ لأن القياس تقديمه على الكل، لكن تُرِكَ اقتداءً بالصحابة في التمر، وما شاركه في المعنى وهو الزبيب، ثم الأنفع في الاقتيات ودفع حاجة الفقير، ثم شعيره ثم دقيق شعير، ثم سويقهما، ثم أقط، والأفضل ألا ينقص معطى من فطرة عن مدِّ برٍّ أو نصف صاع من غيره؛ ليغنيه عن السؤال في ذلك اليوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«أغنوهم عن السؤال في ذلك اليوم»، ويُسن التكبير المطلق، وهو الذي لم يقيَّد بأدبار الصلوات، والجهر به في ليلتي العيدين إلى فراغ الخطبة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 185]، وعن علي رضي الله عنه أنه كان يكبر حتى يسمع أهل الطريق وصفة التكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وفي كل عشر ذي الحجة.
 
قال البخاري: وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر، يكبِّران ويكبر الناس بتكبيرهما، والتكبير المقيد في الأضحى عقب كل فريضة صلاها في جماعة من صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق؛ لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم عرفة، ثم أقبل علينا فقال: «الله أكبر»، ومد التكبير إلى آخر أيام التشريق؛ رواه الدارقطني بمعناه إلا المحرم، فيكبر من صلاة ظهر يوم النحر إلى آخر أيام التشريق.
 
اللهم اجعلنا من المتقين الأبرار، وأسكنَّا معهم في دار القرار.
 
اللهم وفِّقنا بحسن الإقبال عليك والإصغاء إليك، ووفِّقنا للتعاون في طاعتك والمبادرة إلى خدمتك وحسن الآداب في معاملتك، والتسليم لأمرك والرضا بقضائك، والصبر على بلائك والشكر لنعمائك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
 
اللهم إنا نسألك نفسًا مطمئنة تؤمن بلقائك وتَرضى بقضائك.
 
اللهم إنا نسألك باسمك الطاهر الطيب المبارك الأحب إليك الذي إذا دعيتَ به أجبتَ، وإذا سئلتَ به أعطيتَ، وإذا استرحمتَ به رحِمتَ، وإذا استفرجت به فرَّجتَ - أن تغفر سيئاتنا وتُبدلها لنا بحسنات يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير