أرشيف المقالات

الاحتساب في النفقة على الأهل

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
الاحتساب في النفقة على الأهل


• عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها، كانت له صدقة))؛ متفق عليه[1].
 
يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: النفقة على النفس والزوجة والولد، من احتسبها عند الله تعالى فنوى بها الاستجابة لأمر الله تعالى في قوله: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ﴾ [الطلاق: 7]، فهو مأجورٌ على ذلك، وكانت له صدقة من الصدقات، ومن لم ينوِ هذا لم يؤجر عليها، وكانت عادةً من العادات، وفي حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجِرْتَ عليها، حتى ما تضع به في فِي امرأتِك))؛ متفق عليه[2].
 
الفائدة الثانية: النفقة على الزوجة والولد واجبة شرعًا، وترك النفقة عليهم تفريط فيما أمر الله به، وتضييع للأمانة، وقد يؤدي بهم ذلك إلى ضياع كبير؛ مِن التعرض للجرائم والمفاسد لتحصيل لقمة العيش بسبب تفريط الولي في النفقة؛ ولذلك أعظَمَ النبي صلى الله عليه وسلم إثمَ مَن فرَّط في ذلك؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كفى بالمرء إثمًا أن يضيِّعَ مَن يقُوتُ))؛ رواه أحمد[3]، وسماه تضييعًا؛ لِما فيه من تضييع الأمانة.
 
الفائدة الثالثة: النفقة على الزوجة والولد من أحسن النفقات، وهي مقدمة على أنواع الصدقات؛ فعن ثوبانَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله))؛ رواه مسلم[4]، قال أبو قلابة معلقًا على هذا الحديث: وبدأ بالعيال، وأي رجل أعظم أجرًا من رجل ينفق على عيال صغار؛ يُعِفُّهم أو ينفعهم الله به، ويُغْنيهم؛ اهـ[5]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دينارٌ أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك))؛ رواه مسلم[6]،ومن أحسن النفقة: النفقة على الوالدين والأقارب؛ كما قال تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 215].

[1] رواه البخاري في كتاب النفقات، باب فضل النفقة على الأهل 5/ 2047 (5036)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين، ولو كانوا مشركين 2/ 695 (1003).

[2] رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة 1/ 30 (56)، ومسلم في كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث 3/ 1250 - 1251 (1628).

[3] رواه أحمد 2/ 160، 194، والنسائي في الكبرى 5/ 374 (9177)، وأبو داود 2/ 132 (1692)، والحاكم 1/ 575، وقال: صحيح الإسناد، وصححه ابن حبان 10/ 51 (4240)، وقال ابن الديبع: رواه النسائي وأبو داود بسند صحيح (كشف الخفاء 2/ 147)؛ اهـ، وأصله في صحيح مسلم في كتاب الزكاة، باب فضل النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيَّعهم أو حبس نفقتهم عنهم 2/ 692 (996) بلفظ: ((كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملِكُ قوته)).


[4] رواه مسلم في كتاب الزكاة، باب فضل النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيعهم أو حبس نفقتهم عنهم 2/ 691 (994).

[5] ذكره مسلم عقب الحديث السابق.


[6] رواه مسلم في الموضع السابق 2/ 692 (995).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣