ما جاء في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
مدارسة كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله:3- باب ما جاء في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم
تقدم في الباب الأول: بيان صفة شعر النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الباب ذكر المصنف جملة من الأحاديث المتعلقة بمقدار طول شعره صلى الله عليه وسلم، وطريقة تَرْجِيلِهِ، وغير ذلك من الأخبار.
1- في صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه: ((كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نصف أذنيه)).
• دلَّ الحديث على أن شَعْرَ النبي صلى الله عليه وسلم كان يبلغ طوله إلى نصف أذنيه، لكن هذه لم تكن الحال الوحيدة لشعره صلى الله عليه وسلم، فقد وردت أحاديث أخرى تفيد بأن شعره صلى الله عليه وسلم كان يبلغ أحيانًا مَنْكِبَيهِ.
2- عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، وكان له شعر فوق الجُمَّة، ودون الوَفْرَة))؛ [رواه ابن ماجه، وأبو داود].
3- في الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجلًا مربوعًا، بعيدَ ما بين المنكبين، وكانت جُمَّتُه تضرب إلى شحمة أذنيه)).
• الجُمَّة: الشعر النازل إلى المنكبين.
• والوفرة: الشعر إذا وصل شحمة الأذن.
• اللِّمَّة: ما جاوز شحمة الأذنين.
• وهذه الروايات وإن كان ظاهرها التعارض، لكن قد جمع العلماء بينها بأجوبة؛ منها: أن شعره صلى الله عليه وسلم كان يختلف طولًا وقصرًا من وقت لآخر، فكان يطول أحيانًا ويقصر أحيانًا، فكل صحابيٍّ وَصَفَ ما رأى.
• قال الإمام النووي رحمه الله: "إن ذلك يرجع لاختلاف الأوقات، فإذا غفل صلى الله عليه وسلم عن تقصيره، بلغ المنكب، وإذا قصَّره كان إلى أنصاف الأذنين، فكان يقصُر ويطول بحسب ذلك".
4- عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت: ((قدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قَدْمَةً وله أربع غدائر، وفي رواية: ضفائر))؛ [رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي].
• أم هانئ: اسمها فاخثة أو عاتكة أو هند، أسلمت يوم الفتح، وخطبها صلى الله عليه وسلم فاعتذرت، فعذَرها، وهي التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: ((قد أجَرْنا مَن أجَرْتِ يا أم هانئ))، وهي شقيقة علي بن أبي طالب، وماتت في خلافة معاوية.
قدمةً: وهي القدمة التي كان فيها فتح مكة، وقدوماته صلى الله عليه وسلم لمكة بعد الهجرة أربع: قدوم عمرة القضاء، وقدوم الفتح، وقدوم الجِعْرانة، وقدوم حَجَّة الوداع.
• غدائر: جمع غدير، ضفائر: جمع ضفير، وكل من الضفير والغدير بمعنى الذُّؤابة، وهي الخُصلة من الشعر إذا كانت مُرسَلَة، فإذا كانت مَلْوِيَّة فعَقِيصَة.
5- في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يُسدِل شعره، وكان المشركون يفرِّقون رؤوسهم، وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم، وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يُؤمَرْ فيه بشيء، ثم فرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه)).
• (يسدل شعره): سدل الشعر معناه: إرساله على الجبين ومن ورائه، وتركه على هيئته مسترسلًا.
• (يفرقون رؤوسهم): فرَّق الرأس معناه: فرق الشعر وقسمته من وسط الرأس، وكشفه عن الجبين بأن يجعله فرقتين، كل فرقة ذؤابة.
• ففي مكة خالف المشركين، وأما في المدينة فخالف أهل الكتاب.
حكم حلق شعر الرأس:
1- واجب: في الحج والعمرة، والمولود في يوم سابعه، والكافر إذا أسلم.
2- مكروه: حلق الرأس على سبيل التعبُّد والتدين، في غير المواضع الأربعة السابقة، أو الحلق لغير حاجة.
3- محرَّم: عند المصيبة، أو التشبُّه بالكفار، والقَزَع.
4- مباح: للحجامة، أو التداوي، أو للتضرر من القَمْل ونحوه.
5- ما سوى ذلك؛ فقد اختلف العلماء في حكمه:
• الإمام مالك: أنه مكروه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الخوارج بقوله: ((سِيماهم التحليق)).
• القول الثاني: الجواز والإباحة.
• والخلاف إنما هو بين الإباحة والكراهية، أما من جهة الأفضلية، فإن الأولَى والأفضل عدم حلق شعر الرأس لغير سبب شرعي أو ضروري.
حكم إطالة شعر الرأس.
سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، عن إطالة شعر الرأس وتوفيره هل هو من السنة أو لا؟
فأجاب: "لا، ليس من السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه؛ حيث إن الناس في ذلك الوقت يتخذونه، ولهذا لما رأى صبيًّا قد حلق بعض رأسه، قال: ((احلقه كله أو اتركه كله))، ولو كان الشعر مما ينبغي اتخاذه لقال: أبْقِهِ، وعلى هذا فنقول: اتخاذ الشعر ليس من السُّنة، لكن إن كان الناس يعتادون ذلك فافعل، وإلا فافعل ما يعتاده الناس؛ فالصواب: أنه تَبَعٌ لعادة الناس، إن كنت في مكان يعتاد الناس فيه اتخاذ الشعر فاتخذه وإلا فلا".
النهي عن القزع:
• في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نهى عن القزع))، قال نافع في تفسير القزع: يحلق بعض رأس الصبي، ويترك بعضًا.
• وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيًّا حلق بعض رأسه، وترك بعضًا، فنهى عن ذلك، وقال: ((احلقوه كله، أو اتركوه كله))؛ [صححه الألباني في صحيح النسائي].
والقزع أنواع؛ كما ذكر الشيخ العثيمين رحمه الله:
1- أن يحلق من رأسه مواضع، ويترك مواضع؛ مثل: تحديد شعر الرأس بالموس بعد التقصير بالماكينة عند الحلاق.
2- أن يحلق جوانبه، ويترك وسطه.
3- أن يحلق وسطه، ويترك جوانبه.
4- أن يحلق مُقدَّمه، ويترك مُؤخَّره.
5- أن يحلق مؤخَّره، ويترك مقدَّمه.
6- حلق بعض أحد الجوانب وترك البقية.