الى الساعين بالمعروف
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
نحو تطوير الذات
إلى الساعين بالمعروف
خالد محمد حامد
ركن جديد يعكس من زاويته ثمرة خبرات وأفكار تفتق بها العقول وتمنحها
التجارب فتأتي بمثابة مرشد أمين في عطية (تطوير الذات) الملحة في شتى أقطاب
العطية التنموية المتكاملة: الفكرية، والمعرفية، والشخصية، والأخلاقية،
والاجتماعية، والاقتصادية، في حدود هاتين الصفحتين من خلال نقاط مركزة
تصلح لأن تكون محاور لدراسة مطولة، ونرحب بمشاركات القراء التي تثري هذه
الزاوية.
- البيان -
قد عرفت - ولا شك - أن السعي بالإصلاح بين الناس عمل جليل؛ لما فيه
من كيد للشيطان، وترغيم له، وإضعاف أثر عمله في التحريش بين المؤمنين
وإيقاظ فل الفتنة بينهم.. كما عرفت أن إصلاح ذات البين من صلب عمل الدعاة والمصلحين: [لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً] [النساء: 114] . تذكر: * ابتغاء مرضاة الله والإخلاص له -تعالى-؛ فذلك عامل أساس في النجاح: [إن يُرِيدَا إصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا] [النساء: 35] . * الاستعانة بالله - جل وعلا - والتوجه إليه بالاستخارة والدعاء. * تقوى الله، والحذر من مداخل الشيطان؛ فقد يؤدي القيام بدور الإصلاح إلى نوع من العجب، وقد يُعرِّضك سماعُ بعضِ الأسرار لخطر إفشاء سرّ المسلم، وقد يجرك الخوض في التفاصيل إلى استمراء الغيبة وهتك أعراض الناس، وقد يكون إفضاء طرف إليك بما عنده - وهو في حالة ضعف - باباً من أبواب الفتنة.. فتتوسع المشكلة وتتعقَّد. * التمتع بالتفاؤل وطول النفس، والحذر من تسرب اليأس وسرعة الهروب. * التثبت من مكانتك ورصيدك ومدى قبولك لدى الأطراف. أثناء السعي: هذه جملة أمور يحسن مراعاتها لمن يسعى بالمعروف: - استطلاع حقيقة المشكلة والوقوف على جوانبها بالاستماع لكل طرف؛ فقد يكون ذلك أحد الحلول، خاصة مع بُعد الناس عن التثبت من أصحاب الشأن، وكثرة الإشاعات التي يبني الناس عليها أحكاماً تجعل صاحب المشكلة - أحياناً - يتطلع لذلك المنصف الذي يُحسن الاستماع إليه. - الانتباه إلى الأسباب الخفية للمشكلة التي قد لا يستطيع طرف ما أن يبوح بها أو يعبر عنها، وقد لا يعيها ولا يعرفها. - ولتحذر الانشغال بجزئيات الأحداث العارضة التي لا تعدو كونها إفرازات للمشكلة، ولا تظن أن معالجة الظواهر تغني عن استئصال الأسباب الحقيقية. - الحرص على إحقاق الحق للمحق، وحفظ ماء الوجه للمخطئ واعطائه فرصة للتراجع بغير خوف أو امتهان لكرامته. - التركيز على إيضاح الجوانب الحسنة في كل طرف للطرف الآخر، والتي تطمسها عين السخط التي قد ينظر بها الخصم. - تسليط الضوء على الواقع المخفي، وأنه لا يخلو بيت أو إخوان من مشكلات عارضة، وأنه لا يخلو شخص من عيب. - استخدام المخارج الشرعية كالتورية والمعاريض والكذب المباح للإصلاح - ما لم يُخش انكشافه - والاستفادة من الحيل الاجتماعية المباحة. - الانتباه إلى اختلاف طبيعة الشخصيات؛ فقد يتوفر في شخص من التربية الخلقية والوقوف عند الشرع ما لا يتوفر في آخر، وقد يُؤَثَّر على شخص عاطفياً، بينما لا يقبل آخر إلا الإقناع العقلي. - استخدام أساليب الإقناع المختلفة وإمكانات التفاوض؛ فقد يقتضي الأمر تغيير بعض الآراء، أو تحويل بعض الاتجاهات والقناعات، أو تعديل بعض الآراء في الأشخاص. - حسن استغلال عامل الوقت، سواء في التأني لإطفاء بعض العواطف السلبية الثائرة، أو لتصيُّد فرصة مناسبة لتهدئة النفوس وتدخُّل أهل الخير، أو لإذاقة الطرف العنيد بعض مرارة المشكلة، أو بتعجيل اقتناص الفرص السانحة. بعد السعي: - من المفترض أنك حددت أهدافاً متفاوتة المستوى، وأنت تطمح إلى أعلاها وأكملها، ولكن عليك -مع هذا- أن تقبل هدفاً مرحلياً حين تعجز عما فوقه؛ فلا ترفض الحلول الجزئية المؤقتة التي تسير في الاتجاه الصحيح، واعتبْرها خطوة لحل أشمل.
وهذه من سياسة تجزئة حل المشكلة. - إذا هيأ الله حلاً لك فيه مساهمة، فقد يكون عليك متابعة هذا الحل لإتمامه، ثم إنمائه وترسيخه. - أما إذا استفرغت كل وسعك واستنفدت كل حيلك ولم تحدث النتيجة المرجوة، فلا تُضِعْ وقتك؛ فقد يكون الاستمرار نوعاً من اللغو، ولا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.