أرشيف المقالات

وسائل علاج آفات اللسان

مدة قراءة المادة : 26 دقائق .
وسائل علاج آفات اللسان
 
﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 1، 2]، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، نستطيع أن نُوجِزَ وسائلَ علاج آفات اللسان في الأمور التالية:
(1) مجاهدة النفس في إصلاح اللسان:
يجب على المسلم المُبتَلى بآفات اللسان أن يُجاهدَ نفسه لتركها، ويسعى للتخلص منها، قال تعالى: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾ (الحج: 78).
 
روى الترمذي عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: المُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ؛ ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث: 1621).
 
قَوْلُهُ: (مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ): أَي جَاهَدَ نَفسه الأمَّارة بالسوء على مَا فِيهِ رضَا الله تعالى مِن فعل الطَّاعَة وتجنب الْمعْصِيَة وجهاده النفس أصل كل جِهَاد، فإنه ما لم يجاهد نفسه لم يُمكنهُ جِهَاد الْعَدو الْخَارِج؛ (التيسير بشرح الجامع الصغير ـ عبد الرؤوف المناوي ـ جـ2 ـ صـ 454).
 
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَن الجِهَادِ: ابْدَأْ بنَفْسِكَ فجَاهِدْهَا، وابْدَأْ بنَفْسِكَ فاغْزُهَا؛ (شرح ابن رجب للأربعين النووية ـ صـ165).
 
(2) الحرص على مصاحبة الصالحين واجتناب الأشرار:
روى الشيخانِ عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ (يعطيك)، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً؛
( البخاري ـ حديث 5534 / مسلم ـ حديث 2628 ).
• قال الإمام النووي (رَحِمَهُ اللهُ) في هذا الحديث فَضِيلَةُ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الْخَيْرِ وَالْمُرُوءَةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَالنَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الشَّرِّ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَمَنْ يَغْتَابُ النَّاسَ أَوْ يَكْثُرُ فُجْرُهُ وَبَطَالَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْوَاعِ الْمَذْمُومَةِ؛
(صحيح مسلم بشرح النووي جـ 8 صـ 427).
• وقال الإمام ابن حجر العسقلاني (رَحِمَهُ اللهُ) فِي هذا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ مَنْ يُتَأَذَّى بِمُجَالَسَتِهِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالتَّرْغِيبُ فِي مُجَالَسَةِ مِنْ يُنْتَفَعُ بِمُجَالَسَتِهِ فِيهِمَا؛ ( فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ 4 ـ صـ 380 ).
 
روى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث 4046).
 
قال الإمام الخطابي (رَحِمَهُ اللهُ) ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ ) مَعْنَاهُ: لَا تُخَالِلْ إِلَّا مَنْ رَضِيتَ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ، فَإِنَّكَ إِذَا خَالَلْتَهُ قَادَكَ إِلَى دِينِهِ وَمَذْهَبِهِ، وَلَا تُغَرِّرْ بِدِينِكَ، وَلَا تُخَاطِرْ بِنَفْسِكَ، فَتُخَالِلْ مَنْ لَيْسَ مَرْضِيًّا فِي دِينِهِ وَمَذْهَبِهِ؛ (العزلة ـ للخطابي ـ صـ 119).
 
(3) شكر الله تعالى على نعمة اللسان:
• شُّكْرُ اللهِ تَعَالَى: هُوَ الِاعْتِرَافُ بجميع نِعَمِ الله تَعَالَى، وَالثَّنَاءُ عَلَى الله بها، والاستعانة بها على طاعته؛ ( تفسير السعدي ـ صـ 943 ).
 
يجب على المسلم أن يحمد الله تعالى على نعمة النطق التي حرمها غيره، ويعلم أن مِن شُكْرِها استعمالها في مرضاة المنعم عليه بها، الذي أسداها إليه ليعبده بها ويذكره ويشكره، لا ليخوض بها في أعراض الناس، ويستطيل بها على خَلْقِ الله تعالى.
 
قال اللهُ تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ (إبراهيم:7).
 
• قَالَ الإمَامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ﴾ أَيْ: أَعْلَمَكُمْ بِوَعْدِهِ لَكُمْ.
 
• قَوْلُهُ: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ ﴾ أَيْ: لَئِنْ شَكَرْتُمْ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ لِأَزِيدَنَّكُمْ مِنْهَا، قَوْلُهُ: ﴿ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ ﴾ أَيْ: كَفَرْتُمُ النِّعَمَ وَسَتَرْتُمُوهَا وَجَحَدْتُمُوهَا، قَوْلُهُ: ﴿ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ وَذَلِكَ بِسَلْبِهَا عَنْهُمْ، وَعِقَابِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى كُفْرِهَا؛ ( تفسير ابن كثير ـ جـ4 ـ صـ 479).
 
• قَالَ سبحانهُ: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ ( آل عمران:145).
 
• قَالَ الإمامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ) قَوْلُهُ: ﴿ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ﴾ أَيْ: سَنُعْطِيهِمْ مِنْ فَضْلِنَا وَرَحْمَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِحَسْبِ شُكْرِهِمْ وَعَمَلِهِمْ؛ ( تفسير ابن كثير ـ جـ2 ـ صـ 130 ).
 
(4) الإكثار من ذكر الله تعالى:
الإكثار مِن ذِكر الله تعالى مِن أفضل الوسائل التي تُبعد المسلم عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والباطل، فمَن عَوَّد لسانه ذِكر الله تعالى، صانه عن الباطل واللغو.
 
إنَّ كثرة ذِكْرِ الله تعالى تُحيي القلب، وبحياة القلب تكون حياة الجوارح.
 
أمرنا اللهُ تعالى في كتابه الكريم بكثرة الذكر، فقال سبحانهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ ( الأحزاب: 41: 43 ).
 
• قَالَ سبحانهُ: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ ( البقرة: 152 ).
 
• قَالَ الإمَامُ الطبري (رَحِمَهُ اللهُ): يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: فَاذْكُرُونِي أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّايَ فِيمَا آمُرُكُمْ بِهِ وَفِيمَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ، أَذْكُرْكُمْ بِرَحْمَتِي إِيَّاكُمْ وَمَغْفِرَتِي لَكُمْ.
( تفسير الطبري ـ جـ2 ـ صـ695 ).
 
• قال سبحانهُ: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ (الرعد: 28 ).
 
• قَالَ الإمَامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ أَيْ: تَطِيبُ وَتَرْكَنُ إِلَى جَانِبِ اللَّهِ، وَتَسْكُنُ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَتَرْضَى بِهِ مَوْلًى وَنَصِيرًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ أَيْ: هُوَ حَقِيقٌ بِذَلِكَ؛ ( تفسير ابن كثير ـ جـ 4 ـ صـ 455 ).
 
• روى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ ( الفضة )، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى؛ ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث: 2687 ).
 
(5) ينبغي للمسلم أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، وأن يكره لأخيه ما يكرهه لنفسه:
روى البخاري عَنْ أَنَسِ بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ؛ ( البخاري ـ حديث:13 ).
 
قَالَ الإمامُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ (رَحِمَهُ اللهُ): معنى الحديث: لَا يَكْمُلُ إِيمَانُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلَ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ؛ ( مرقاة المفاتيح ـ علي الهروي ـ جـ7 ـ صـ 3108).
 
الإنسان كما أنه لا يُحِب أن يَذكره أحدٌ بسوء أو يقع فيه، سواء بسبٍّ أو لعنٍ، أو غيبةٍ أو نميمة، أو سخريةٍ أو استهزاء، أو غير ذلك مِن أنواع الإيذاء، فعليه كذلك ألا يَذكر أحدًا مِنَ الناس بسوء.
 
(6) المحافظة على الصلوات المفروضة جماعة في المساجد.
قال الله تعالى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ (العنكبوت: 45).
 
• قال الإمام ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ) قَوْلُهُ: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ يَعْنِي: أَنَّ الصَّلَاةَ تَشْتَمِلُ عَلَى شَيْئَيْنِ: عَلَى تَرْكِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ، أَيْ: إِنَّ مُوَاظَبَتَهَا تَحْمِلُ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ ( تفسير ابن كثير ـ جـ6 ـ صـ 280 ).
 
(7) التوسل إلى الله بالدعاء للحفظ مِن آفات اللسان:
معنى الدعاء:
الدُّعَاءُ: هُوَ طَلَبُ مَا يَنْفَعُ الدَّاعِيَ، وَطَلَبُ كَشْفِ مَا يَضُرُّهُ وَدَفْعِهِ؛ (مجموع فتاوى ابن تيمية ـ جـ15 ـ صـ10).
 
حقيقة الدعاء:
الدُّعَاءُ: هُوَ فِي الحَقِيقَةِ إِظْهَارِ غَايَةِ التَّذَلُّلِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالِاسْتِكَانَة لَهُ، وَهُوَ سِمَةُ العُبُودِيَّةِ، وَاسْتِشْعَارُ الذِّلةِ البَشَرِيةِ، وَفيهِ مَعْنَى الثنَاءِ عَلى اللهِ عَزَ وَجَلَّ، وَإضَافَةِ الجُودِ وَالكَرَمِ إليه سُبْحَانَهُ؛ ( شأن الدعاء ـ أبو سليمان الخطابي ـ صـ 4 )؛ ( فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ11 ـ صـ98 ).
 
حثنا اللهُ تَعَالَى على الدُّعَاءِ في آيات كثيرة مِن كتابه العزيز:
(1) قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ ( البقرة: 186 ).
 
• قَالَ الإمامُ ابن جرير الطبري (رَحِمَهُ اللهُ): وَإِذَا سَأَلَكَ يَا مُحَمَّدُ عِبَادِي عَنِّي أَيْنَ أَنَا؟ فَإِنِّي قَرِيبٌ مِنْهُمْ، أَسْمَعُ دُعَاءَهُمْ، وَأُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِيَ مِنْهُمْ؛ ( تفسير الطبري ـ جـ3 ـ صـ222 ).
 
(2) قَالَ سبحانهُ: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ (النمل: 62 ).
 
• قَالَ الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): يُنَبِّهُ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ المدعُوّ عِنْدَ الشَّدَائِدِ، المرجُوّ عِنْدَ النَّوَازِلِ، كَمَا قَالَ: ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ ﴾ (الْإِسْرَاءِ: 67)، وَقَالَ تعالى: ﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ (النحل: 53).
 
• قَوْلُهُ: ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ) أَيْ: مَنْ هُوَ الَّذِي لَا يَلْجَأُ الْمُضْطَرُّ إِلَّا إِلَيْهِ، وَالَّذِي لَا يَكْشِفُ ضُرَّ الْمَضْرُورِينَ سِوَاهُ؛ ( تفسير ابن كثير ـ جـ6 ـ صـ 203 ).
 
(3) قال جَلَّ شَأْنهُ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ ( غافر: 60 ).
 
• قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): هَذَا مِنْ فَضْلِهِ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَكَرَمِهِ أَنَّهُ نَدَبَ عِبَادَهُ إِلَى دُعَائِهِ، وَتَكَفَّلَ لَهُمْ بِالْإِجَابَةِ؛ ( تفسير ابن كثير ـ جـ7 ـ صـ 153 ).
 
(4) قال سبحانهُ: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ ( الأعراف: 55: 56).
 
• قال الإمامُ ابنُ جرير الطبري (رَحِمَهُ اللهُ): ادْعُوا أَيُّهَا النَّاسُ رَبَّكُمْ وَحْدَهُ، فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ دُونَ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَصْنَامِ.
 
• قَوْلُهُ: ( تَضَرُّعًا ) أيْ: تَذَلُّلًا وَاسْتِكَانَةً لِطَاعَتِهِ.
 
• قَوْلُهُ: ( وَخُفْيَةً ) أيْ: بِخُشُوعِ قُلُوبِكُمْ وَصِحَّةِ الْيَقِينِ مِنْكُمْ بِوَحْدَانِيَّتِهِ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، لَا جِهَارًا مُرَاءَاةً، وَقُلُوبُكُمْ غَيْرُ مُوقِنَةٍ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، فِعْلَ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالْخِدَاعِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ؛ ( تفسير الطبري ـ جـ10 ـ صـ 247 ).
 
روى أبو داود عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا؛ (حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث 1320 ).
 
روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ؛ ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث 2766 ).
 
(8) قراءة سير السلف الصالح:
مِنَ الأمور التي تُعين المسلم على حفظ اللسان: قراءة سِير سلفنا الصالح مِن الصحابة والتابعين، ففيها النماذج الكريمة التي تُحيي في نفس المسلم الاشتغال بالأمور التي تنفعه في الدنيا والآخرة وتجعله يبتعد عن آفات اللسان.
كان سلفنا الصالح يقضون أوقاتهم فيما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
 
(1) قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْل البُخَارِيُّ: لَقِيْتُ أَكْثَرَ مِنْ أَلفِ رَجُلٍ أَهْلِ الحِجَازِ وَالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ، لَقِيتُهُم كَرَّاتٍ، أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالجَزِيْرَةِ مرَّتينِ، وَأَهْلِ البَصْرَةِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَبَالحِجَازِ سِتَّة أَعْوَامٍ، وَلاَ أُحْصِي كم دَخَلْتُ الكُوْفَةَ وَبَغْدَادَ مَعَ مُحَدِّثِي خُرَاسَانَ؛ (سير أعلام النبلاء ـ للذهبي ـ جـ12 ـ صـ407).
 
(2) رحلَ مسلمُ بن الحجاج في طلب العلم إلى خراسان الرَّي والعراق والحجاز، ومصر؛ (تهذيب الأسماء واللغات ـ للنووي ـ جـ2 ـ صـ91).
 
(3) رَحَلَ أبو داودَ في طلَبِ عِلْم الحديث إلى الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْجَزِيرَةِ العَربية، وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ (البداية والنهاية لابن كثير جـ11صـ58).
 
(4) رحل الترمذيُّ في طلب العلم، فذهب إلى خُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ ومكة والمدينة؛ (سير أعلام النبلاء جـ13صـ271).
 
(5) قَالَ أبو الفرج عبد الرحمن بن على بن الجوزي: كتبت بإصبعي هاتين ألفي مجلدة؛ (ذيل طبقات الحنابلة ـ صلاح الدين الصفدي ـ جـ18 ـ صـ112).
 
(6) ألَّفَ أَبُو القَاسِمِ ابْن عَسَاكِرَ كتابه (تاريخ دمشق) في ثمانين مجلدًا؛ (سير أعلام النبلاء ـ للذهبي ـ جـ20 ـ صـ555).
 
(7) تبلغُ مؤلفات ابْنِ تَيْمِيَةَ إلى ما يقرب مِن خمسِ مائةِ مجلد؛ (شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي ـ جـ 8 صـ147).
 
(9) الإكثار مِن ذكر الموت:
روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَازِمِ اللَّذَّاتِ) يَعْنِي الْمَوْتَ؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح سنن الترمذي ـ للألباني ـ حديث 1877).
 
(1) روى الحاكمُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَلَا فَزُورُوهَا، فَإِنَّهُ يُرِقُّ الْقَلْبَ، وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ، وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ، وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا»؛ ( حديث حسن ) ( أحكام الجنائز للألباني صـ228 ).
 
• هُجْرًا: الكلامُ الباطلُ المخالفُ لهدي النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَازِمِ اللَّذَّاتِ» يَعْنِي الْمَوْتَ؛ (حديث حسن صحيح} (صحيح سنن الترمذي للألباني حديث 1877).
 
(2) قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «مَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ قَلَّ حَسَدُهُ وَقَلَّ فَرَحُهُ»؛ (مصنف ابن أبي شيبة جـ7صـ110 ـ رقم: 34583).
 
(3) قَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظًا، وَكَفَى بِالْيَقِينِ غِنًى، وَكَفَى بِالْعِبَادَةِ شُغُلًا؛ (الزهد لأحمد ـ صـ145 رقم: 984).
 
(4) شَكَتْ امْرَأَةٌ إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قساوة فِي قَلبهَا فَقَالَت لَهَا: أكثري من ذكر الْمَوْت يَرِقُّ قَلْبُكِ، فَفعلت، فرق قَلبهَا فَجَاءَت تشكر عَائِشَة؛ ( العاقبة في ذكر الموت ـ لعبد الحق الأشبيلي صـ41).
 
(5) قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَار: مَن ذَكَرَ الْمَوْت هَانَتْ عَلَيْهِ المصائب؛ (العاقبة في ذكر الموت ـ لعبد الحق الأشبيلي صـ41).
 
(6) قال الحسنُ البصري: فَضَحَ الْمَوْتُ الدُّنْيَا، فَلَمْ يَدَعْ لِذِي لُبٍّ فِيهَا فَرَحًا، وما ألزم عبد قلبه ذكر الموت إلا صغرت الدنيا عليه، وهان عليه جميع ما فيها؛ (مختصر منهاج القاصدين صـ:383).
 
(7) قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: مَا أَكْثَرَ عَبْدٌ ذِكْرَ الْمَوْتِ إِلَّا كَفَاهُ الْيَسِيرَ؛ ( الخِلَعيات ـ لعلي بن الحسن الخِلَعي صـ8).
 
(8) قَالَ عَبْدُ الأعْلى التَّيْمِيِّ: قَطَعَ عَنِّي لَذَّةَ الدُّنْيَا: ذِكْرُ الْمَوْتِ وَالْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى؛ (تاريخ الإسلام للذهبي جـ3صـ675).
 
(9) قَالَ الدَّقَاقُ: مَنْ أَكْثَرَ ذِكْرَ الْمَوْتِ أُكْرِمَ بِثَلَاثٍ: تَعْجِيلِ التَّوْبَةِ وَقَنَاعَةِ الْقَلْبِ وَنَشَاطِ الْعِبَادَةِ، وَمَنْ نَسِيَهُ عُوقِبَ بِثَلَاثٍ: تَسْوِيفِ التَّوْبَةِ وَتَرْكِ الرِّضَا بِالْكَفَافِ وَالتَّكَاسُلِ فِي الْعِبَادَةِ؛ (التذكرة للقرطبي صـ:126).
 
• قال العلماء: تذكر الموت يُردِعُ عن المعاصي، ويلين القلب القاسي، ويذهب الفرح بالدنيا ويهون المصائب فيها؛ ( التذكرة ـ للقرطبي ـ صـ:132 ).
 
(10) تذكُّر أحوال يوم القيامة:
قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا * وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا * يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا * يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا * وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾ (طه: 112:102).
 
• قال جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ (الحج2:1).
 
• قال سبحانهُ: ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ﴾ (عبس:42:33).
 
• قال الله تعالى: ﴿ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ ﴾ (التكوير:14:1).
 
• قال تعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ﴾ (الانفطار5:1).
 
قال تعالى: ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ﴾ (الانشقاق15:1).
 
قال سبحانهُ: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ﴾ (الغاشية16:1).
 
هذه الآيات الكريمة وغيرها كثير تصوِّر مشاهد يوم القيامة.
فإذا استحضَر المسلم أحوال يوم القيامة أمام عينيه، وعَلِمَ يقينًا أنه سيقف بين يدي الله تعالى، يسأله عن أقواله وأفعاله صغيرها وكبيرها، وأن جَوارحِه ومنها اللسان ستشهد عليه يوم القيامة، تجعل المسلم يبتعد عن آفات اللسان وسائر المعاصي.
 
قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (النور: 24)؛ (آفات اللسان ـ متفرقات ـ ندا أبو أحمد ـ صـ40:صـ53 ).
 
رَوَى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْـمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ.
فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ؛ ( مسلم ـ جـ4 ـ كتاب البر ـ حديث 59 ).
 
ختامًا:
أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصَاً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ (الشعراء:89:88)، كما أسأله سُبْحَانَهُ أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكِرَامِ.
 
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢