اشتقت لقلبي - أبو مالك محمد عيسى
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلمثم أما بعد
مر رجل بدار بشر الحافي يومًا فسمع صوت غناء فطرق الباب فخرجت الجارية فقال: هل صاحب الدار حر أم عبد فقالت حر.
فقال نعم لو كان عبد لقام بمقام العبودية فدخلت وقالت ما قال الرجل فخرج إليه مسرعًا بشر الحافي فقال له أعد علي ما ذكرته للجارية فأعاد عليه فقال له بل عبد لله بل عبد لله
هل سألت نفسك أخي هل أنت حر أم عبد ولماذا لا تقوم بمقام العبودية لله عز وجل؟
السبب واحد ووحيد وهو القلب وغفلته وانشغاله بالدنيا وشهوات البطن والفرج فعن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ» (رواه البخاري :52).
ألم تشتق لقلبك الذي لم يخشع لله تعالى من رمضان الماضي وعينك التي لم تبكي من خشية الله تعالى منذ وقفة عرفة.ألم تشتق لجلسة الضحى التي لعلك لم تجلسها من رمضان قبل الماضي.
تدبر حال أصحاب القلوب الحية مثل الفضيل بن عياض سمع قول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16] قال: الآن يا رب الآن.
تدبر حال بشر الحافي بعد الانتهاء من صلاة الصبح عندما كان يقف بشرفة داره فيقول أهلاً بملائكة الرحمن اِفتحوا الصحف واكتبوا بسم الله والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله والله أكبر".
تدبر حال بشر الحافي المستحضر لوجود الملائكة من حوله بل يلقنهم الذكر ليكتبوا وكأنه يرى الصحف التي ُيكتب فيها.
ولم لا وهم تعلموا أحياء القلوب من الحبيب صلى الله عليه وسلم عندما كانت تحضر الصلاة كان يقول: أرحنا بها يا بلال.
أتدري أخي لماذا لا تجد قلبك؟
السبب أننا نتعامل مع الله تعالى بالورقة والقلم ستعطيني هفعل لا تعطيني لن أفعل
تدبر لحالك عندما تصل للمسجد والإمام ساجد تقف تلعب بيديك تنتظر صعود الإمام للركعة الثانية لتدخل في الصلاة لأنك لو دخلت في السجدتين لن تحسب لك ركعة
ونسيت بأنك تحتاج لسجدة واحدة صادقة من القلب يغفر الله عز وجل لك كما غفر لسحرة فرعون قال تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [الأعراف:120].
ولعلك لم تقم ليلأً منذ أخر ليلة قيام في رمضان الماضي وإذا ذكرك بها أحد أجبت سريعا سنة وليست فرضًا
رغم أن الحبيب صلى الله عليه وسلم عندما قال: « لعبد الله بن عمرو يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل » (البخاري:1101).
فلم يرد عليه عبد الله بن عمرو فقال له يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها سنة وليست فرضاً؟
بل النبي صل الله عليه وسلم لم يعاتبه في فرض بل تحدث عن سنة.
أخي هيا بنا نعود لقلوبنا الحية ونعود للحقيقة التي خلقنا من أجلها وهي قول الله عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].