رسالة النبي إلى الناس كافة
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
س22 مِن صاحب الإمضاء في فاقوس.
حضرة الفاضل الأديب مَن شاع صيته في حل المشكلات صاحب الدراية
التامة الشيخ رشيد أفندي رضا لا زال مصدرًا لفك المعضلات.
مما ينهى لفضيلتكم أنه حصل في ناحية فاقوس البحث بين طائفة ممن يعتنون
في البحث عن أمور الدين وتجولوا في مسألة التبليغ، وهل دعوة نبينا عليه السلام
بلغت إلى كافة الأقاليم التي من ضمنها قارة أمريكا أم لا، وهل هذا الاسم كان لتلك
القارة قديمًا أو حدث فيما بعد؟
فقال بعض الحاضرين: إن دعوة نبينا بلغت كافة الأمم مستندًا إلى قوله تعالى
له: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ} (سبأ: 28) فعموم هذه الآية يشمل أمريكا
وغيرها من كافة الأقاليم.
وحيث إنه عليه السلام مرسل لكافة الناس فيجب عليه تبليغ العموم ولا شك
أنه عالم بكافة المرسَل إليهم وإن بعدت جهاتهم.
وقال البعض الآخر إن أمريكا اكتشفت حديثًا، وإنه لم يوجد تأريخ من
التواريخ يدل على أن أحدًا من الصحابة ذهب إلى تلك الأقطار لتبليغ الدعوة، وأن
عدم اكتشاف القارة المذكورة في زمن المصطفى لا ينافي كون النبي صلى الله عليه
وسلم أرسل للناس كافة؛ لأن حكمها كحكم من كان في جبل ولم تبلغه الدعوة في زمن
المصطفى وبلغته بعد وفاته، فيكون ممن دخل في حكم الآية الشريفة.
ولثقتنا بأن فضيلتكم ممن يعتني بمثل هذه الأمور نطلب كشف هذا الأمر
وتوضيحه على وجه تام ولكم مزيد الشكر.
علي محمد الصواف، الكاتب بمحكمة فاقوس.
ج- ليس الأمر بالمشكل الذي يحتاج إلى الإيضاح فإن بعثة نبينا صلى الله
عليه وآله وسلم إلى الناس كافة أمر مجمع عليه معلوم من ديننا بالضرورة، ومن
المعلوم بالضرورة عقلاً مؤيدًا بالنقل أن تبليغ الدعوة للعرب كان بالتدريج وهم قومه
وأهل لغته وسكان بلاده، فهل يمكن أن يكون مكلفًا أن يبلغ البشر كلهم دعوته دفعة
واحدة، ثم إنه بلّغ من يقرب من بلاده كالروم والفرس والقبط وما أرسل بلاغًا إلى
أهل الهند والصين ولا أهل أوربا وغيرهم من الأمم التي كانت معروفة حتى يقع
الإشكال في أهل أمريكا التي لم تكن معروفة وقد أمره الله تعالى أن يقول: {وَأُوحِيَ
إِلَيَّ هَذَا القُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} (الأنعام: 19) فكل من بلغه القرآن فقد
بلغته الدعوة وتجب على المسلمين دعوة من لم يتسع عمر النبي صلى الله عليه
وسلم لدعوتهم وكذلك فَعَلَ السلف الصالحون، وقصَّر الخلف الطالحون.