اللهم.. يا الله! - مصطفى يوسف اللداوي
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
اللهم يا الله قد طالت الغمة، واشتدت المِحنة، وعظم البلاء، ونزل بنا ما هو أعظم من الداء، مما لا قِبَلَ لنا به عليه، ولا حيلة عندنا على ردِّه، ولا قوة لدينا على صدِّه، فقد احترقت بيوتنا، ودُمِّرت بلادنا، وشُرِّدَ أهلنا، واستيأس العقلاء مِنَّا، وحار الحكماء فينا، وتحكَّم في رقابنا الجهلاء، وتسلَّط علينا السفهاء، وحكمتنا الدهماء، واستعرَّ فينا الموت كما الوباء، وضاقت علينا أرضنا بما رحبت، وغصَّ جوفها بأحبابنا وفلذات أكبادنا، وتعفَّن الهواء بروائح الموت، وجثث القتلى.غرباءٌ يقتلوننا، وأجانب يتنافسون في حربنا، لا يعرفون دروبنا، ولا ينطقون بلساننا، وقد لا يدينون بديننا، ولا يستقبلون قِبلتنا، فقد جاؤوا من بعيدٍ ومن جهات الدنيا الأربعة، واتفقوا مع القريب على قتلنا، وتعاونوا مع الجار على ذبحنا، قلوبهم حاقدة، وما بأيديهم حادٌ وماضٍ، يُوزِّع الموت، ويُمزِّق الأجساد، وينثر الأشلاء، فلا رحمةً تسكن قلوبهم، ولا مودةً تعرفها نفوسهم، فلا ما يربطهم بنا، ولا ما يخيفهم علينا، أو يحزنهم على حالنا وما آلت إليه أوضاعنا.
فاكشف اللهم عنَّا ما أصابنا، وعجَّل لنا بالفرج، وأتمِم علينا السكينة والأمن والسلامة والطمأنينة، فما لنا غيرك، ولا من يحمينا سواك، ولا من يحقن دماءنا غيرك أنت يا الله، فأنت الرجاء، ومنك وحدك سبحانك الأمل، فإليك اللهم نرفع الأكف بالدعاء، ونبتهل إليك بالبكاء، ونتوسل إليك بالرجاء.
اللهم إنا عبيدك، بنو عبيدك، بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حُكمك، عدلٌ فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في عِلم الغيب عندك، أن تُفرِّج كربنا، وتُزيل همِّنا، وتُعيدنا إلى بلادنا وديارنا، وتُوقِفَ سيل الدم، وتُطفئ نار الحرب، وتُرضي النفس وتُسكِن الأرواح.
اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوَّتنا، وقلَّة حِيلتنا، وهواننا على الناس، اللهم أنت ربُّ المستضعفين وأنت ربنا، لا إله إلا أنت، إلى من تكِلنا، إلى قريبٍ يتجهمنا، أم إلى عدوٍ ملكته أمرنا، إن لم يكن بك سخطٌ علينا فلا نبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لنا.
نعوذ اللهم بنور وجهك الكريم، الذي أضاءت له السموات والأرض، وأشرقت له الظلمات، وصلُح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن يَحِلَّ علينا غضبك، أو ينزِل علينا سخطك، لك العُتبى اللهم حتى ترضى، ولا حوة ولا قوة لنا إلا بك.