وغرتكم الأماني
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
وغرتكم الأمانيقال تعالى: ﴿ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [الحديد: 14].
وهذا مرضٌ عُضالٌ، وداءٌ مُسْتَشْرٍ في الأمة: الغرور بالأماني، وظاهرة الإرجاء في العالم الإسلامي.
والغرور بالأماني، كأن يزعم المرء أنه سيغفر له، وأنه ممن يقول (لا إله إلا الله) فيصرفه ذلك عن الإنابة والتوبة والاستقامة.
أو يتوهَّم أن عمره سوف يطول؛ فيرجئ التوبة ويسوِّف فيها.
أو تلهيه دنياه عن طاعة الله تعالى، ويصرفه ماله وجاهه عن جادة الصواب، ويحسب أن ذلك سوف يكون له بمنجاة من العذاب، وأن الله تعالى لن يسوِّيَه بالفقراء وأعداء الدين الذين لا يتورَّعون في الصدِّ عن سبيل الله، ومحاربة الصالحين، وموالاة أعداء الله ورسوله، وهم في نفس الوقت يَكيلون التهمة تلو التهمة، والبدعة تِلْوَ البدعة لعلماء الأمة، والدُّعاة والواعظين، وقد يرمون بعضهم بالخوارج، ويشجِّعون ظلمة الحكام على معاداتهم ومحاربتهم.
نصَّبوا أنفسهم حُكَّامًا وقضاة على العباد، وكثير منهم ما فعل ذلك إلا نفاقًا وحسدًا وطمعًا، وإرضاء لطائفة من أصحاب المصالح، وطلبة العلم لديهم.
تلك عقليات المُترَفين، وذلك تفكير المخدوعين..
وفكر أهل الإرجاء في القرن العشرين.
ويروَى عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ: " لَيْسَ الْإِيمَان بِالتَّمَنِّي وَلَا بِالتَّحَلِّي، وَلَكِنْ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْب وَصَدَّقَهُ الْعَمَل "[1].
[1] انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود، للعظيم آبادي (12/ 294)، وشرح رياض الصالحين لابن عثيمين، (1/ 509).