أرشيف المقالات

العاقبة للأمة المحمدية

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
العاقبة للأمة المحمدية
 
مما يدل على أن العاقبة ستكون لأمة محمد – صلى الله عليه وسلم - قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفةٌ من أُمَّتِي ظاهرين حتى يأتيَهم أمر الله وهم ظاهرون"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن يُرِد الله به خيرًا يُفقهه في الدين، وإنما أنا قاسمٌ، ويعطي الله، ولن يزال أمر هذه الأُمَّة مستقيمًا حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله".
 
فهذه الأُمَّة قد تمرض لكنها لا تموت، ولقد شهدت الأُمَّة الإسلامية كثيرًا من الهجمات الفكرية والعسكرية والتبشيرية من أعداء الإسلام على مرِّ العصور، وفي كل مرة تقوم الأُمَّة أفضل مما كانت.
 
والأُمَّة لا تتعافى وتخرج من كل بلاء إلا بالرجوع إلى الدين، فالدين هو طوق النجاة في كل أزمة، لذا تجد أن الله تعالى يرسل لهذه الأُمَّة على رأس كل مائة عام مَن يجدد لها أمر دينها؛ فقد أخرج أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة مَن يجدد لها دينها"؛ (صحيح الجامع: 1874).
 
وهذا من فضل الله تعالى على هذه الأُمَّة، فلو ذهب الدين، لذهبت معه الحياة، وماتت هذه الأُمَّة العاقبة والخلافة والتمكين ستكون لأُمَّـةِ النبي الأمين صلى الله عليه وسلم: قال تعالى لإبراهيم عليه السلام: ﴿ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124].
 
فالعهد والتمكين لا يكون إلا للمُوحِّدِين أتباع سيد المرسلين، فهم أولى الناس بإبراهيم الخليل؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 68].
وقال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33].
 
قال الشافعي رحمه الله كما في "أحكام القرآن: 2 /50": "لَيُظْهِرن الله دينه على الأديان حتى لا يدانَ اللهُ إلا به، وذلك متى شاء الله تعالى".
 
وأخرج الإمام أحمد والطبراني في "الكبير" عن تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليبْلُغَنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يبقى بيت مَدَر[1] ولا وبر[2] إلا أدخلَهُ الله هذا الدين بعزِّ عزيزٍ، أو بذُلِّ ذليل، عزًّا يعزُّ الله به الإسلام، وذلًا يذل به الكفر"؛ (صحَّحه الألباني في تحقيق المشكاة).
 
ويفيد قوله صلى الله عليه وسلم: "ما بلغ الليل والنهار" أن الإسلام سينتشر، ويُمكَّن له في الأرض؛ لأن الليل والنهار يبلغان جميعها، وهو لم يتحقق حتى الآن، وسيتحقَّق في المستقبل إن شاء الله.
 
والنبي صلى الله عليه وسلم بشر أمته بالنصر والتمكين؛ فقد أخرج الإمام أحمد وابن حبان من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بشر هذه الأمة بالسناء، والدين، والرفعة، والنصر، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب؛ صحيح الترغيب والترهيب) (22: صحيح الجامع: 2852").
 
وهذا الحديث يبعث الأمل في نفوس هذه الأمة الحزينة على أن الباطل وإن أينعت زهوره وثماره المُرَّة، وإن طالت جذوره الهشة، فلا بد من اجتثاثها بأيد طاهرة متوضئة ألفت أن تمدَّ إلى السماء لا إلى الشرق، ولا إلى الغرب، ﴿ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ﴾ [الرعد: 17].

[1] المدر: القرى والأمصار.

[2] الوبر: صوف الإبل والأرنب...
ونحوها، يعني أهل البادية، لأنهم يتخذون بيوتهم من الوبر.

شارك الخبر

المرئيات-١