int(1528) array(0) { }

أرشيف المقالات

أصناف القائمات بدعوة الطالبات تبعا للتكليف الرسمي والتطوع

مدة قراءة المادة : 13 دقائق .
أصناف القائمات بدعوة الطالبات
تبعًا للتكليف الرسمي والتطوع

تسير المجالات الدعوية المقدمة للطالبات في المرحلة الثانوية ضمن منظومة متكاملة، تتضافر فيها الجهود لدعوة الطالبات وإصلاحهنّ، ونجاح البرامج والأنشطة الدعوية داخل المدرسة مرتبط بشكل كبير بتعاون الأطراف المعنية بدعوة الطالبات وكفاءتها، وحرصها على الدعوة والإصلاح.
 
وتتعدد أصناف القائمات بدعوة الطالبات في المرحلة الثانوية تبعا لعدة أمور، تتضح من خلال ما يأتي من المطالب.
 
أصناف القائمات بدعوة الطالبات تبعا للتكليف الرسمي والتطوع:
تنقسم القائمات بدعوة الطالبات في المرحلة الثانوية إلى قسمين:
القسم الأول: القائمات بدعوة الطالبات بشكل رسمي:
وهنّ المكلّفات رسميا بمهام وأنشطة يندرج ضمنها توجيه الطالبات ودعوتهنّ، إلى جانب قيامهنّ بتدريس الطالبات حسب تخصصاتهنّ، أي أن قيامهنّ بالدعوة يكون أداء للواجب الشرعي والوظيفي.
 
القسم الثاني: القائمات بدعوة الطالبات بشكل تطوعي:
وهنّ المعلمات المكلّفات بتدريس الطالبات حسب تخصصاتهنّ، ويقمن بالمشاركة في دعوة الطالبات تطوعا وأداء للواجب الشرعي لا الوظيفي.
 
والفرق بين القسمين يشبه إلى حد كبير الفرق بين المحتسب المولَّى والمحتسب المتطوع[1]، حيث يمكن توضيح الفروق بين القسمين على النحو الآتي:
1- إن القيام بالأنشطة الدعوية الموجهة للطالبات فرض عين على المعلمة الداعية بشكل رسمي، وفرضه على غيرها من المعلمات داخل في فروض الكفاية.
 
2- يُعد قيام المعلمة الداعية بشكل رسمي بالدعوة والتوجيه من واجباتها الوظيفية التي لا يجوز لها التقصير فيها أو التشاغل عنها، أما غيرها فهو من نوافل العمل الذي يجوز لها أن تتشاغل عنه بغيره.
 
3- إن المعلمة الداعية بشكل رسمي منصوبة لتبليغها بالمشكلات والمنكرات الموجودة في المدرسة، ويجب عليها النظر فيها والعمل على إنكارها وحلها، وليس على المتطوعة ذلك.
 
4- على المعلمة الداعية بشكل رسمي المبادرة بملاحظة السلوكيات المنحرفة، ومن ثم المبادرة بالتعليم والدعوة وليس على المتطوعة ذلك.
 
5- يسمح للمعلمة الداعية بشكل رسمي أن تطلب المساعدة من خارج المدرسة-عند الحاجة لذلك- من الإدارات التي كلّفتها بالعمل، بما يساعدها على تحقيق الأهداف المكلّفة بها.
 
6- إن للمعلمة الداعية بشكل رسمي إيقاع الثواب والعقاب على الطالبات، تحت إشراف إدارة المدرسة وضمن الصلاحيات المعطاة لها.
 
7- تتمتع المعلمة الداعية بشكل رسمي بمميزات وظيفية (كتفريغها من الحصص الدراسية، أو تخفيف النصاب عنها، وتكريمها من قبل إدارتها) وليس للمتطوعة ذلك.
 
8- إن المعلمة الداعية بشكل رسمي تتواصل مع الإدارة التي كلّفتها بالدعوة والتوجيه والإرشاد بشكل متواصل (تخطيطا وتنفيذا وتقويما) وليس للمعلمة المتطوعة ذلك.
 
المطلب الثاني: أصناف القائمات بدعوة الطالبات تبعا لوظيفتهنّ في المدرسة.
يندرج الفريق التربوي القائم بدعوة الطالبات- بشكل رسمي وبشكل تطوعي- في المدرسة الثانوية تحت قسمين:
أولا: الفريق الإداري: مديرة المدرسة ومساعداتها:
ويقمن بتهيئة أفضل السبل لتسيير دفّة الأنشطة الدعوية في المدرسة، حيث إنهنّ المسؤولات عن إدارة المدرسة والإشراف على ما يتم فيها من أنشطة وبرامج دعوية، كما توكل لهنّ مسؤولية الإشراف والتعاون مع الأقسام المكلّفة بالأعمال الدعوية والإرشادية للطالبات، ويمكن تلخيص المهام التي يقمن بها في مجال دعوة الطالبات بما يأتي:
1- تهيئة البيئة والوسائل والإمكانات التي تساعد القائمات بالدعوة على أداء أعمالهنّ بنجاح، وذلك بتوفير الأماكن المخصصة لهنّ لأداء أعمالهنّ، وعدم تكليفهنّ بمهام تعيق عملهنّ ومهامهنّ التي أوكلت لهنّ، والعمل على تذليل العقبات التي تعترض تحقيق أهدافهنّ.
2- متابعة الظواهر السلوكية لدى الطالبات، وذلك بالتعاون مع القائمات بالدعوة، ومن ثم وضع الخطط والبرامج التي توضح الظواهر المخالفة للدين وغير المرغوبة.
3- تشكيل اللجان المتخصصة لتدارس أوضاع الطالبات وتعديل سلوكهنّ من خلال البرامج والأنشطة الدعوية والتربوية المتنوعة.
4- القيام بإلقاء المحاضرات العامة- عند امتلاك القدرة- وإصدار التوجيهات التي تحث الطالبات على التمسك بالدين والسلوكيات المرغوبة.
5- العمل على توثيق العلاقة بين البيت والمدرسة لتحقيق التواصل بين البيئتين، لمساعدة القائمات بالدعوة على تحقيق أهدافهنّ[2].
 

ثانيا: الفريق التعليمي: معلمات المدرسة:
إن المعلمة حجر الزاوية في العملية التعليمية، فهي مؤثّر قوي في سلوك طالباتها وتحصيلهنّ الدراسي، بما يظهر من أقوالها وأفعالها ومظهرها ومعتقداتها التي تتلقاها عنها الطالبات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهذا يؤكد أهمية أن تكون المعلمة داعية ومصلحة ومربية ومرشدة قبل إن تكون معلمة، إذ إن التربية الصحيحة هي: تكوين اتجاهات واعية وسليمة نحو الحياة ومستقبل الأمة، وتنمية جميع الجوانب الجسمية والعقلية والوجدانية والاجتماعية والانفعالية لدى الطالبات، وتدريبهنّ على أن يكن عضوات منتجات في مجتمعاتهنّ وأمتهنّ[3]، وهذا لن يتحقق إلا إذا اجتمعت الدعوة إلى الله والتعليم، حيث يتحقق هذا الهدف ضمن إطار الإسلام بما يحويه من عقيدة وشريعة وأخلاق، فتتجه المعلمة نحو تعريف طالباتها (بخصائص التصور الإسلامي ومقوماته، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى معايير السلوك الإسلامي الصحيح في مواجهة المواقف والمشكلات المختلفة)[4].
 
وهذا يتطلب من المعلمة أن تكون على مستوى من الكفاءة تتيح لها القيام بجميع الوظائف المنوطة بها كمعلمة، لأنها تحمل رسالة التعليم التي تعتبر امتدادا لرسالة النبي - صلى الله عليه وسلم، لذا فإنه يجب عليها الاقتداء بهديه في دعوته وتعليمه، فتعمل على ربط طالباتها بأصول العقيدة الإسلامية ومقوماتها وتوجههنّ إلى السلوك الحميد، وتبين مكانة العمل الصالح ومفهومه في الإسلام، فالمعلمة الداعية الناجحة لا تقتصر على تلقين المادة الدراسية لطالباتها، بل تتخذ من هذه المادة التي تدرسها لهنّ وسيلة لدعوتهنّ، وتقوية إيمانهنّ بالله، والارتقاء بأخلاقهنّ، لأن أعظم نجاح لها في مهمتها، وأثمن ما تدخره من وظيفتها هو أن تصلح طالباتها، وهذه من أهم وصايا السلف لمن يقوم بمهمة التعليم، فمن أقوالهم: (واعلم أن الطالب الصالح أعْود على العالم بخير الدنيا والآخرة من أعزّ الناس عليه، وأقرب أهله إليه، ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه، يلقون شبك الاجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم، ومن بعدهم، ولو لم يكن للعالم إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى، فإنه لا يتصل شيء من علمه إلى أحد فينتفع به، إلا كان له نصيب من الأجر)[5].
 
إن قيام المعلمة بالدعوة إلى الله لا يقتصر على تخصص بعينه، أو على معلمة يوكل إليها مهمات وأعمال دعوية إصلاحية في المدرسة، ولكنها رسالة كل معلمة تعمل في مجال التربية والتعليم، فهي بطبيعة موقفها في العملية التعليمية التربوية لديها كثير من القدرات التي تحقق أهداف الدعوة، كما أن الطالبة بطبيعة وجودها في المدرسة والظروف المحيطة بها لديها القابلية للاستجابة واكتساب القيم الإسلامية.
 
أما المجالات التي تستطيع المعلمة أن تقوم عن طريقها بمسؤوليتها في الدعوة فهي:
1)) المادة الدراسية التي تقوم بتدريسها:
تتميز كل مادة من المواد الدراسية بخصائص معرفية وعلمية تميزها عن غيرها من المواد الأخرى، ولها أهداف معيّنة تنطوي على معايير وقيم أخلاقية تعمل المعلمة على تحقيقيها، حيث إن القيم والأحكام الإسلامية تتخلل كافة المقررات في المنهج الدراسي.
 
وتتوقف فعالية الدعوة وتأثيرها في سياق المواد الدراسية على عمق فهم المعلمة للأغراض المتوخاة من تعليم مادتها، فيمكنها حينئذ أن تعمل على التوجيه والنصح من خلال المضامين التربوية والقيمية والخلقية لما تقدمه المعلمة لطالباتها من معارف، وأن تنمي لديهنّ الضوابط الأخلاقية الإسلامية لاستعمال المعرفة، بالإضافة إلى إضفاء الصبغة الإسلامية لما تقدمه لهنّ من معلومات.
 
2)) سلوك القدوة التي تعكسها المعلمة في تصرفاتها:
تعتبر القدوة من العوامل الأساسية التي تضفي على المعلمة شخصية الداعية، وتقوي من تأثيرها النفسي على الطالبة التي تنشد أثناء تعلمها نماذج معيّنة من السلوك، وتتوقع أن تكون المعلمة ممثلا لها أو أنها ستكون جزءا من سماتها الشخصية، حيث إن الطالبة تبحث عن كثير من المعاني والقيم التي تساعدها على فهم مجتمعها الخارجي والتوافق معه، وتعقد عينها على معلمتها حين ترى في شخصيتها المثل العليا المرغوبة، و أعين الطالبات معقودة على عين المعلمة، فالحسن عندهنّ ما كان حسنا عندها، والقبيح عندهنّ ما كان قبيحا عندها، وهذا يعكس أهمية المعلمة القدوة في الدعوة إلى الله، حيث يتميز أسلوب القدوة –غالبا-بالاستجابة الفورية.
 
3)) السلوك الجيد الذي تحرص المعلمة على تشجيع طالباتها عليه:
يتضح هذا أثناء توجيهات المعلمة لهنّ، وتهيئة التفاعل التربوي من خلال المواقف التعليمية المتعددة والأحداث الجارية داخل الفصل وخارجه، وفي هذا الإطار من التفاعل تشجع المعلمة طالباتها على السلوك والخلق الحميد الذي يرسخ القيم الإسلامية، مثل استخدام عبارات التشجيع والاستحسان والتقبل للطالبة حتى تكتسب الأخلاق الإسلامية الرفيعة، التي تجعلها أكثر استعدادا للتفاعل مع المواقف التعليمية.
 
4)) المناقشة والحوار في قضايا ومواقف دينية:
حيث تتعمد المعلمة إثارة المناقشات حول بعض القضايا والمشكلات الواقعية الموجودة في بيئة الطالبات، من خلال إشراك الطالبات في تتبع وتحليل وتفسير هذه القضايا والمشكلات بعناصرها المختلفة مع التفكير في وضع الحلول المناسبة لها، ويكون موقف المعلمة في ذلك هو التوجيه والتنظيم لعملية المناقشة، والعمل على إضافة معلومات نافعة لتوجيه سيرها لمصلحة الطالبة إذا لزم الأمر، وتهيئة المناخ المناسب لتحقق هذه المناقشات أثرها.
 
إن تهيئة الموضوعات والمواقف التعليمية التي تقدمها المعلمة لطالباتها وتمثل جزءا من مشكلات مجتمعهم المدرسي، سوف تنشط أذهانهنّ وتحقق الاقتناع في نفوسهنّ بدلا من محاولة غرس مجموعة من القيم المحددة سلفا والغير قابلة للنقاش، لأن غاية دعوة الطالبات لا تكمن فقط في إيصال مستوى معين من المعرفة للطالبة، بل إن الأهم من هذا هو فعالية البناء المعرفي لديها، ووضوح مظاهره في سلوكها الذاتي، وامتلاكها الحس الديني والضمير الأخلاقي الصحيح[6].
 
5)) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، داخل الفصل الدراسي وخارجه:
تتضمن وظيفة المعلمة الدعوية القيام بـ (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل الفصل وخارجه، وضمن إطار المنهج الدراسي أو من خلال النشاطات المصاحبة) [7]، فهو من الواجبات التي يلزم المعلمة القيام بها، حيث لا تقتصر وظيفة المعلمة على النواحي التدريسية فقط؛ بل يتسع ويمتد ليشمل بناء جوانب الشخصية الإنسانية المتكاملة للطالبة، في ضوء منهج الدعوة الإسلامية، بحيث يتم الجمع بين الأصول العقدية الصحيحة، والسلوكيات الإيمانية الإنسانية الصالحة.
 
وفي ضوء ما سبق تستطيع أي معلمة في المدرسة القيام بالدعوة من خلال المجالات السابقة، لأن الدعوة فيها تتم بطرق غير مباشرة، ولكن المشكلة في هذه الجهود الدعوية- أو في الاكتفاء بها - أنها قد تتم بصورة عشوائية غير مخطط لها، حيث إن الدعوة من خلال هذه المجالات عمل متروك لإيمان واقتناع المعلمة نفسها بأهمية الدعوة إلى الله في المدرسة، ومدى وعيها لطبيعة مسؤوليتها في عملية إصلاح وتوجيه الطالبات، إضافة إلى أنها تتم غالبا بصورة غير قابلة للحكم عليها أو قياسها وتقويمها من قبل المهتمين بدعوة الطالبات.



[1] وقد وضح العلماء هذه الفروق، ينظر: الأحكام السلطانية والولايات الدينية: الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي ص299- 300، دار الكتب العلمية، بيروت ط: بدون.


[2] ينظر الدليل المهني للتوجيه والإرشاد ص 19، إدارة التوجيه والإرشاد، الوكالة العامة المساعدة لشؤون الطالبات بوزارة التربية والتعليم، وينظر: ودليل النشاط غير الصفي ص 57.


[3] ينظر: المعلم السعودي، إعداده، تدريبه، تقويمه: سعود حسين الزهراني ص 305-306، دار البلاد للطباعة والنشر، جدة ط: بدون 1415هـ/1995م.


[4] منهج المعلم المسلم في الدعوة إلى الله: د.
عبد الودود مكروم ص 2، بحث منشور في مجلة كلية التربية بدمياط جامعة المنصورة، الجزء الثاني، العدد السابع عشر، 1992م.


[5] تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم: الإمام بدر الدين ابن جماعة الكناني ص63، دار الكتب العلمية، لبنان، ط:بدون، ت: بدون.


[6] ينظر: قراءات في التربية، دراسات وبحوث، بحث : الدور الخلقي لمعلم المدرسة الثانوية في مصر: د.
عبد الودود مكروم ص 105-109، الشافعي للطباعة والنشر، المنصورة، مصر، ط:1


[7] إعداد المعلم من منظور التربية الإسلامية: د.
عبدالله عبدالحميد محمود ص 55.

شارك المقال

ساهم - قرآن ٣