هذا العالم المتغير:
مدة
قراءة المادة :
9 دقائق
.
هل يكشف الفيتامين عن سره؟
للأستاذ فوزي الشتوي
الفيتامين والأكسوجين:
يسجل الفيتامين في هذه الأيام صفحة جديدة في تاريخ الصحة البشرية وعلاج العقم الإنساني والروماتيزم ووجع الظهر وكل ما له صلة بتليف العضلات وتصلبها. وهو يطرق اليوم وادياً جديداً غير الوادي الذي عرفناه فكلنا يدرك أهمية الفيتامين للاحتفاظ بالصحة ولكننا لم نعرف السبب. ويدور الآن بأذهان العلماء سؤال: ما هي العلاقة بين كمية الفيتامينات في الجسم والتفاعل الأكسوجيني مع أعصابه وعضلاته؟ ولا يجول هذا السؤال في أذهانهم عن مجرد تخمين أو فرض خيالي، بل تدعمه حقائق واكتشافات علمية.
وله قصة طويلة بدأت عام 1922 حين اكتشف فيتامين وخلاصتها أن حيوانات التجارب تصاب بالشلل إذا حرمت منه.
فإذا استخرجت عضلاتها الملتهبة وجدتها مخرمة كقطعة جبن نخرها الدود. وقيست كميات الأكسوجين التي يستنشقها حيوان التهبت عضلاته فوجد أنها تتضاعف مرتين ونصفاً عن الكمية التي يستهلكها وهو في صحته، ومن ثم نبت الفرض العلمي بأن فيتامين يحفظ أنسجة الجسم من الاحتراق بالأكسوجين ويمنعه من التأثير عليها.
ويقصر عمل الأكسوجين على مهمته الأساسية التي نعبر عنها بالتنفس. تأثيره على العقم: ظنّ العلماء على أثر اكتشاف هذه المادة أنهم وفقوا إلى علاج يشفي حالات العقم في الإنسان ويزيل الأسباب التي تقضي على الأجنة وهم في بطون أمهاتهم أو بعد ولادتهم بفترة معينة.
واحتضن البحث عالم دانمركي اسمه فويت موللر. واختار العالم 74 امرأة يلدن الأطفال أصحاء، فلا يلبثون أن يقضوا نحبهم بعد سنة أو بضعة شهور.
واتبع في علاجهن إعطاءهن مقادير وافرة من زيت الحنطة الكريه الط وهو أغنى مصدر لفيتامين ونجحت تجربته ولكن إلى حد، فإن 59 امرأة فقط تيسر لهن القدرة على ولادة أطفال أصحاء لا تتأثر حياتهم بالعوامل الخارجية.
وظلت الباقيات محتفظات بسيرتهنّ الأولى يعانين الحمل والوضع ويرين أطفالهنّ في شعورهم الأولى ثم يوارينهم التراب. وجربه العالم مراراً فكانت النتيجة واحدة ولم يصل إلى حل حاسم لجميع أطراف الموضوع بل وجد العلم سبيله إلى اتجاه آخر يؤدي إلى فكرة جديدة، فلوحظ أن حيوانات التجارب إذا منع عنها فيتامين تصاب بالشلل، كما لوحظ أن نشاط القردة في تسلقها الأغصان يقل كلما قل نصيبها منه حتى إذا وصل النقص إلى حد معين رقدت مشلولة بدون حراك. وكان من الطبيعي أن تشرح فإذا بعضلاتها كالمصفاة بتناوبها الثقوب، وإذا العلم يلمس ناحية من المرض المعروف بتصلب العضلات فأية علاقة بين الفيتامين وبين العضلات؟ اتجاه جديد: والمعروف أن تصحيح العضلات والأعصاب إن انتابتها مثل هذه الأعراض من المسائل التي يعجز الطب عن إرجاعها إلى حالتها الأولى، فهي في عالم العلاج بمثابة ساق يفقدها الإنسان ولن يفيد لإعادتها أية جرعة أو أي دواء ولكن فيتامين أرسل في العلماء بصيصاً جديداً من الضوء. فهل آلام العضلات إنذار ينقص كميات فيتامين إننا نسمي التهاب العضلات بأسماء مختلفة فأن كانت في الظهر سميناها لومباجو وإن كانت في الساق سميناها روماتزما، ومنشؤها واحد.
وهي بأنواعها وأسمائها المختلفة منتشرة بين الناس. وتوافر الدكتور شارلس ستينبرج من أمريكا على البحث فاختار 60مريضاً وغذاهم بجرعات كبيرة من فيتامين فبرئ منهم 55 من أمراضهم في مدة تراوحت بين ثمانية أسابيع وثلاثة وثلاثين ولكن آلامهم توقفت عقب الأسبوع الأول. من ذكريات الطفولة: وصادف الأطباء عقبة تحول دون استخدام فيتامين على نطاق واسع فأن الحصول عليه بالطرق الصناعية التي اكتشفت عام 1938 كانت باهظة التكاليف فيساوى الرطل الواحد منه 360 جنيهاً إلى أن ظهر كيماوي اسمه هكمان كان يشتغل في تجارب تجفيف الأفلام في مصانع كوداك.
وكان يجرب إحدى طرق التجفيف في أنبيق مفرغ من الهواء للحصول على ضغط منخفض يساعد على سرعة الغليان بدون ارتفاع كبير في درجة الحرارة. وفي أحد الأيام كان هكمان يسير الهوينا في طريقه فوقف قبالة أحد الحوانيت يرقب معروضاته، وهناك شهد زجاجات زيت كبد الحوت، فأحس بالقيء يتولاه، إذ ذكر طفولته حينما كانت أمه تجرعه مادته الكريهة التي عافت نفسه طعمها ورائحتها فسأل نفسه: - لماذا لا يستخرج الفيتامين الحيوي من هذا الزيت المؤلم؟ لماذا لم يجمعه العلماء في أقراص صغيرة يبتلعها الإنسان فلا تتلوى أمعاؤه؟ وشغلت الفكرة باله، فما كاد يرى الأنبيق المفرغ من الهواء حتى طرأت على ذهنه تجربة: فلماذا لا يغلي ذلك الزيت في الأنبيق فيتيسر له الحصول على مبتغاه دون أن يقتل الفيتامينات؟ وهرع إلى الحانوت ثانية، فأشترى زجاجة من زيت كبد الحوت، وعاد بها إلى أنبيقه لينفذ فكرته. ونجحت التجربة وولدت صناعة جديدة، وافتتح مصنع كوداك فرعاً جديداً لتقطير الزيوت، فلما أعلنت الحرب وحرمت الولايات المتحدة من حيتان النرويج وزيتها غذت المصانع الشعب بالفيتامين المستخرج من أسماك المياه الأمريكية. من مخلفات المصانع: وتحول (هكمان) إلى فيتامين يجرب استحضاره، وكان هدفه الإنتاج الرخيص الهين.
وكان من اليسير أن يستخرجه من زيوت الحنطة، ولكنها كانت غالية الثمن مما يتعذر معه إنتاج الفيتامين بأثمان ميسورة للفقراء ورقيقي الحال. وفكر في زيوت النباتات وأهمها حبوب الصويا والفول السوداني وبذرة القطن.
والمعروف أنها تحتوي على واحد في الألف من فلما مرت في عمليات الحزم والضغط، وجد أن فيتامينها قل إلى النصف، فأين ذهب النصف الآخر؟ ووجه همه وهم أتباعه إلى مهملات المصانع التي تستغل هذه الزيوت، فوجد النصف الباقي قد تسرب إلى قاذوراته ومهملات من أوراق لف ونباتات حزم.
وإلى كل مكان انتقلت إليه الحبوب أو زيوتها. ومن هذه المخلفات التي تعودت أن تلقيها المصانع (كزبالة) استخرج مادته الثمينة بتقطيرها بالأنبيق المفرغ، فهبط ثمن رطل الفيتامين من 360 جنيهاً إلى عشرة جنيهات.
ووجد الناس وفرة من مادته كما تيسر للأطباء ومعامل التجارب ما يساعدهم على الاستمرار في أبحاثهم. ويحتاج جسم الإنسان من هذا الفيتامين في كل يوم إلى كمية تتراوح بين 10 - 30 ملليجرام أي ما لا يتجاوز ثمنه بضعة مليمات. وكثير من آلام الظهر والمفاصل تنتج من تأثير أمراض أخرى ليست وحدها كفيلة بإلقاء المريض في فراشه، ولكن إحداثها للألم يلزم المريض الفراش شهوراً وسنين، فكان من المباحث الرائعة أن عولج أولئك المرضى بحبوب فيتامين فزالت آلامهم وعادوا إلى أعمالهم. ويكثر فيتامين في ردة القمح والخضراوات، ولاسيما أوراقها والإكثار من التغذية بها مفيد جداً للحوامل وأطفالهن.
ويعد حيوياً لصحة الأعصاب والعضلات، ولعل هذا البحث يفسر عادة المرضعات عندنا من الإكثار من أكل الفجل والجرجير. قلم حبر لسنة كاملة: سجلت إحدى شركات صناعة أقلام الحبر، قلماً عادياً جديداً يستطيع الكتابة في الماء على عمق خمسين ألف قدم فلا يؤثر الماء على الحروف ولا يزيل المداد. ويتغذى سن هذا القلم بنوع جديد من المداد يجف بمجرد ملامسته لورقة أو قطعة قماش أو أي مادة صالحة للكتابة.
ويصلح خزانة لتغذية القلم مدة سنة كاملة يتغير بعدها بخزان جديد. ولهذا القلم أهميته في اكتشافات أعماق البحار، فكثيراً ما كان الغواصون يفقدون حياتهم نتيجة لحوادث تحدث لهم وهم في الأعماق فلا يدري أحد ماذا حدث أو الأسرار التي رأوها في الأعماق وبواسطته يدونون ملاحظاتهم فيستطيع زملاؤهم معرفتها. ومن الطبيعي أن فائدته قد تعم المدنيين، فكثير من مستخدمي أقلام الحبر يتضايقون من عمليات ملئه بين يوم وآخر، ولكن مثل هذا القلم سيوفر عليهم ملأه عاماً كاملاً لا يخشون فيه نفاد مداده. عصر الطيران يبدأ: بدأت المطارات الأمريكية تهتم بتنظيم حركة مرور الطائرات المدنية فتضع في طرقها علامات لسير الطائرات والسيارات.
فالمعروف أن الطائرات تحتاج إلى طرق خاصة لهبوطها ولوضعها في حظائرها. وتنتظر شركات أمريكا أن يقبل شعبها على الطيران إقباله على السيارات فيصبح لكل فردين من السكان طائرة كما هي الحال في السيارات.
وتصمم مصانع الطائرات أنواعاً من ذات الراكبين، منها يصعد عمودياً وما يحتاج إلى مسافة لسيره. وقد وضع مطار لاجارديا لافتات يديرها رجال البوليس كما يفعلون مع السيارات.
وهذه اللافتات مؤلفة من جزأين أحدهما يأمر بسير الطائرات والآخر يوقف الطائرات ويسمح للسيارات بالمسير. 14مليما للميل بالطائرة وتنتج شركات الطيران البريطانية طائرات صغيرة تصلح لنقل 12 راكباً أو حمولة طن من البضائع ولكن عملها سيقتصر على المسافات القصيرة. ومدى طيران هذا السفن الهوائية 450 ميلاً تسيرها بسرعة 125 ميلاً في الساعة ويتكلف مسيرها 14 مليما في الميل الواحد. ويقول غواة الرحلات الخلوية إن هذا النوع صالح جداً للرحلات الخلوية وأعمال الكشافة لأنها مصنوعة مثل سيارة نقل كبيرة يسهل تحويلها لشتى الأغراض. فوزي الشتوي