تذكير السقيم بالثواب العظيم
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
تذكير السقيم بالثواب العظيمبسم الله، والحمد لله، وبعد:
فقد قال الله تعالى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].
قال ابن عباس: نَبتليكم بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلالة؛ [تفسير الطبري].
فالأمراض من جملة ما يَبتلي الله به عباده، ولها فوائد وحِكَم وثواب عظيم، وقد ذكر ابن القيِّم رحمه الله أكثر من 100 فائدة في كتابه شفاء العليل؛ منها على وجه الاختصار:
♦ استخراج عبودية الضرَّاء؛ وهي الصبر، وعبودية السراء؛ وهي الشكر.
♦ تكفير الذنوب والسيئات.
♦ كتابة الحسنات ورفعُ الدرجات.
♦ سبب في دخول الجنة.
♦ سبب في النجاة من النار.
♦ ردُّ العبد إلى ربه، وتذكيره بمعصيته، وإيقاظه مِن غفلته.
♦ تَذكيرك بنِعَم الله السابقة والحاضِرة.
♦ تذكيرك بحال إخوانِك المرضى.
♦ طهارة القلب مِن الأمراض.
فبطولتك كمؤمن أن تَفهم الحكمة، فإن فهمتَ الحكمة رضيتَ عن الله عز وجل في جميع أمورك؛ فالمرض يزول، والتعب ينتهي، والألم يذهب، ويبقى الأجر والصبر والرضا عن الله نورًا لك في الآخرة.
فليكُن لسانك ذاكرًا، وقلبك شاكرًا، وجسدُك صابرًا، وعينُك باكية؛ لتفوز بجنة عالية.
وما أجمل أن يَنظر الله إليك وأنت في مرضك، فيراك صابرًا محتسبًا، فتَرتفع إلى درجة ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ ﴾.
فيُثني عليك الله تعالى مِن فوق سبع سموات، كما أثنى على عبده أيوب قائلًا: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 44].
♦♦♦♦
وإليك حبيبي في الله "الثواب العظيم للمريض والسقيم"؛ تذكيرًا لك، وتَخفيفًا عنك، وبثًّا لروح الأمل فيك، وكلها من كلام الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم، فاقرأها بقلب خاشع، تجد فيها منافع:
• عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، عن النبي قال: ((ما يُصيب المسلمَ من نصب، ولا وصب، ولا همٍّ، ولا حزَنٍ، ولا أذًى، ولا غمٍّ، حتَّى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه))؛ [متفق عليه]، والنصب: التعب، والوصب: المرض.
• عن أبي مسعود قال: قال رسول الله: ((ما مِن مُسلم يُصيبه أذًى مِن مرض فما سواه، إلا حطَّ الله به من سيئاته كما تحطُّ الشجرة ورقها))؛ متفق عليه.
• عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله: ((ما مِن مُصيبة تُصيب المسلم إلا كفَّر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها))؛ متفق عليه.
• عن أبي هريرة قال: لما نزلتْ: ﴿ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ﴾ [النساء: 123]، بلغت مِن المسلمين مبلغًا شديدًا، فقال رسول الله: ((قارِبوا وسدِّدوا؛ ففي ما يُصاب به المسلم كفارة حتى النَّكبة يُنكبها، أو الشوكة يُشاكها))؛ مسلم.
• عن جابر بن عبدالله أن رسول الله دخل على أمِّ السائب فقال: ((ما لكِ يا أمَّ السائب تُزفزفين؟))، قالت: الحُمى، لا بارك الله فيها، فقال: ((لا تسبِّي الحُمى؛ فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يُذهِب الكير خبث الحديد))؛ مسلم، ومعنى تُزفزفين: ترتَعدين.
• عن أمِّ العلاء رضي الله عنها قالت: عادني رسول الله وأنا مريضة، فقال: ((أبشري يا أم العلاء؛ فإنَّ مرض المسلم يُذهب الله به الخطايا، كما تُذهب النار خبث الذهب والفضة))؛ أبو داود وحسنه المنذري.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((ما يَزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يَلقى الله وما عليه خطيئة))؛ الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
• عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يَبرح البلاء بالعبد حتى يَتركه يَمشي على الأرض وما عليه خطيئة))؛ الترمذي وابن ماجه، وصحَّحه الألباني.
• عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسولَ الله يقول: ((ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كُتبت له بها درجة، ومُحيَت عنه بها خطيئة))؛ مسلم.
• عن أبي سعيد أن رسول الله قال: ((صداع المؤمن، أو شوكة يُشاكها، أو شيء يؤذيه، يَرفعه الله بها يوم القيامة درجة، ويكفِّر عنه ذنوبه))؛ ابن أبي الدنيا، ورواته ثقات.
وفي الختام:
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يَشفيك، وأن يُنعم عليك بالصحة والعافية وجميع مرضى المسلمين.