هناك من يعرف الله على قدر ما من الحق، بيد أنه يعطي نفسه حق التصرف بغير هداه، وحق الانطلاق في الأرض وفق هواه!
إن محمد صلى الله عليه وسلم خير من حقق في نفسه، وفي الذين حوله حياة الإنسان الكامل: الإنسان الرباني المستخلف في ملكوت الله، لينقل إليه أطرافا من حقيقة هذه الخلافة الكبيرة
المراقب لله تستوي عنده الخلوة والجلوة، وطالب الآخرة لا تستخفه مآرب الحياة الدنيا
أن الله خلق آدم على صورته، واستخلفه في هذه الأرض ليكون نائبا عنه، ومكنه، بل كلفه أن ينشط في استغلال خيرها وامتلاك أمرها وأوصاه أن يحترم أصله الإلهي العريق، فلا يتدلى عنه إلى نزعات الطين ووساوس الشياطين
ما أزعم العصمة لمن بلغ درجة العبودية، فإن الخطأ طبيعة الناس ولكن عباد الله الصالحين إذا أخطأوا مسحوا أخطاءهم بعبرات الندم حتى لا يبقوا لها أثرا
غير أني انبهرت وتاهت مني نفسي، وأنا بين يدي النبي الخاتم محمد بن عبد الله، وهو يدعو ويدعو
لقد شعرت بأني أمام فن في الدعاء ذاهب في الطول والعرض لم يؤثر مثله عن المصطفين الأخيار، على امتداد الأدهار
في طباع الناس حب لأنفسهم ربما سيطر على مسالكهم كلها، وهؤلاء محجوبون عن الله أبدا، وليس يرقى إلى درجة العبودية إلا امرؤ أحب الله، وأحب فيه، واكترث بشؤون غيره، وهش لمصالح الخلق، وضاق بآلامهم
إن النفس التي يقول الله لها: (فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي ) نفس من طراز خاص، نفس استراحت إلى الله وتعاليمه، وآثرته على غيره من مغريات المال والجاه، ولم يكن ذلك خاطرا مساورا بل كان صيغة حياة، وتحديد وجهة
إن الحياة فرصة النجاح لمن أراد النجاح، ولذلك امتن الله بالشروق والغروب على عباده: (الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون)
وعظمة الحياة في العافية
قد كان محمد- عليه الصلاة والسلام- عامر القلب بربه، عميق الحس بعظمته، وكان ذلك أساس علاقته بالعباد ورب العباد