اتقوا الله في أهليكم


الحلقة مفرغة

في صبيحة يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان للسنة الثانية من الهجرة تلاقى فريق التوحيد بقيادة محمد رسول الله مع فريق الشرك بقيادة أبي جهل، وقد قلل الله كلاً من الفريقين في عين الآخر ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، وقد بدأت المعركة كعادة العرب بالمبارزة فخرج ثلاثة من المشركين، وخرج لهم ثلاثة من جند الله فتصاولوا حتى نصر الله الفئة المؤمنة على أقرانهم، ثم ما لبثت المعركة أن اشتعلت، وشاركت الملائكة مع المؤمنين، ونصر الله نبيه والمؤمنين، وقتل جل سادات مكة وصناديد قريش، وسحبت جثثهم إلى قليب بدر.

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1] .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

هذه الآية -أيها الإخوة- تستنهض همم المسلمين، وتذكرهم بمسئوليتهم أمام الله نحو الأهل، نحو الزوجات والأزواج والأولاد، والآباء والأمهات والأقارب.

ونحن -أيها الإخوة- إذ نتكلم عن هذا الموضوع في هذا الوقت ندرك أننا نعيش واقعاً مراً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وذلك من كثرة المحرمات التي تفشت في مجتمعاتنا، ومن كثرة الانغماس في أوحال المعاصي والابتعاد عن شرع الله عز وجل، وتأملوا هذه الآية العظيمة: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ [التحريم:6] لأن البداية تكون من النفس دائماً، ولا يمكن أن يصلح حال الآخرين إلا إذا صلح حال المصلح، فإذا كان المصلح في نفسه سيئاً، فأنى يكون الإصلاح؟! وكيف يحدث التأثر؟!

قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] هذه نوع من النار، وقودها ليس حطباً ولا بنزيناً أو مادة مشتعلة، وإنما وقودها الناس والحجارة، الناس هم الوقود، وهم الذين تسعر بهم جهنم، هم مادة الاحتراق، قال أهل العلم: أدبوهم .. علموهم .. مروهم بالذكر .. أوصوهم بتقوى الله .. مروهم بالمعروف .. وانهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملاً فتأكلهم النار يوم القيامة.. مروهم بطاعة الله، وانهوهم عن معصية الله، وساعدوهم على المعروف، وإذا رأيت لله معصية -أي: يعصى الله في هذا الوسط، في البيت وفي الأهل- فإنك تقدعهم عنها، أي: تكفهم وتمنعهم، وقال الضحاك ومقاتل : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه. ويدخل في هذا أمر الصبيان بالصلاة.

فتكون وقاية النفس عن النار بترك المعاصي وفعل الطاعات، ووقاية الأهل بحملهم على ذلك بالنصح والتأديب، علموا أنفسكم الخير، وعلموا أهليكم الخير وأدبوهم.

مسئولية الآباء والأزواج

واستُدل بهذه الآية على أنه يجب على الرجل أن يتعلم ما يجب من الفرائض وأن يعلمها لهؤلاء، وإن من المعذبين يوم القيامة من جهل أهله -من كان أهله يعيشون في جهل- وهذه الكلمة تشمل الأولاد والزوجة، وتشمل العبيد والإماء أيضاً: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132].

فأول واجبات الرجل المسلم أن يحول بيته إلى بيت مسلم، وأن يوجه أهله إلى أداء الفريضة التي توصلهم بالله، وما أروع الحياة في ضلال بيت أهله كلهم يتجهون إلى الله!

إن تبعة المؤمن في نفسه وأهله تبعة ثقيلة رهيبة، فالنار هناك، وهو متعرض لها هو وأهله، وعليه أن يحول دون نفسه وأهله ودون النار، هذه النار التي تنتظر هناك.

إن المؤمن مكلف بهداية أهله -هداية الدلالة والإرشاد- وإصلاح بيته، كما هو مكلف هداية نفسه وإصلاح قلبه.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهذا الحديث يبين لنا مسئولية المسلم، المسئولية العامة التي لا تستثني أحداً: (كلكم راع وكلكم مسئول، فالإمام راع وهو مسئول، والرجل راع في أهله وهو مسئول، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول) هذا لفظ البخاري.

وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132].

وكان عمر رضي الله عنه له ساعة من الليل يصلي فيها، وكان إذا استيقظ أقام -أيقظ- أهله، فقام وقال: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132].

وليست هذه المسألة سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقط، بل إنها طريقة الأنبياء من قبل: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً [مريم:54-55] فهذا إسماعيل يأمر أهله بالصلاة والزكاة.

اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم النساء والحث عليه

ولذلك الواجب على الإنسان تجاه أهله من زوجة وأولاد وإخوة وآباء وأمهات واجب ثقيل جداً، وبالذات النساء اللاتي أوصى بهن الله خيراً، ووصى بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك تجد أهل العلم في مصنفاتهم قد اهتموا بإبراز هذا الأمر، واهتموا بإبراز اهتمام الإسلام بأمر المرأة في وقايتها من النار، قال البخاري رحمه الله: باب هل يجعل للنساء يوم على حدة؟ أي: في التعليم والتذكير والوعظ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: (غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن).

قال ابن حجر : ووقع في رواية سهل عن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، بنحو هذه القصة فقال فيها: (موعدكن بيت فلانة، فأتاهن فحدثهن).

إذاً خصص لهن موعداً زمانياً ومكانياً، وفي شرح حديث موعظة رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء يوم العيد، ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى في فوائد الحديث: استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام الإسلام، وتذكيرهن بما يجب عليهن، ويستحب حثهن على الصدقة، وتخصيصهن بذلك في مجلس منفرد، ومحل ذلك كله إذا أمنت الفتنة والمفسدة.

وتعليم الزوجة والبنت هو من جعل وقاية بينهن وبين النار، بل إن الجهل الذي يلحق الزوجة والبنت والأخت بسبب تقصير الرجل قد يصل إلى الرجل في قبره، فعدم القيام والإهمال في شئون النساء من قبل الرجل قد يصل عذابه إلى الرجل في قبره، عن عبد الله أن حفصة بكت على عمر ، لما طعن عمر ، فقال: (مهلاً يا بنية! ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه).

وللعلماء رحمهم الله مذاهب شتى في هذا الحديث، ومن أقواها أنه يعذب في قبره إذا أهمل تعليمهم أن النياحة حرام، وإذا كان يعلم أن عادتهن النياحة، وأنهن من المتوقع أن ينحن عليه إذا مات، فأهمل أمر تعليمهن حكم النياحة وأنها حرام، ولم ينههن قبل موته، وهو يتوقع أن يحدث ذلك، فإنه يعذب في قبره بما نيح عليه، لأنه أهمل في هذا الأمر، وهذا حمل جيد لهذا الحديث، وجمع بينه وبين قول الله عز وجل: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164].

فإذاً الاهتمام بشأن الأهل في التعليم، وعقد جلسات الوعظ والتذكير، وتمكين المرأة أياً كان مستواها من تعلم الأحكام الشرعية التي تحتاج إليها، وتوفير الإجابات على أسئلتها الفقهية أمر مهم، الإتيان بالإجابات على تساؤلات أهلك، والفتاوى للوقائع التي تحدث لهن في أمور الصلاة والطهارة والحيض والنفاس، فهناك أمور كثيرة تحتاج إليها المرأة، فمن وقايتهن من النار أن تبذل لهن الوسيلة في التعليم.

قال البخاري رحمه الله تعالى: باب تعليم الرجل أمته وأهله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لهم أجران -فذكر منهم- ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها، فتزوجها فله أجران) قال ابن حجر رحمه الله: مطابقة الحديث للترجمة في الأمة بالنص، وفي الأهل بالقياس. وهذا الحديث يحث على تعليم الأمة، والأمة هي الرقيقة، فإذا كان أمر بتعليم الأمة، أليس من باب أولى أن يؤمر بتعليم الحرة؟!

ولذلك يقول: إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسله آكد من الاعتناء بالإماء.

اعتناء النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم أهله

ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفتح لـعائشة باب النقاش والسؤال، ويوفر لها الإجابة على تساؤلاتها، خذ مثلاً هذا الحديث الذي رواه البخاري رحمه الله في صحيحه، عن ابن أبي مليكة: (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه -أي شيء لا تفهمه تراجع فيه وتسأل حتى تعرفه- وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال مرة من المرات: من نوقش الحساب عذب، قالت عائشة : فقلت: أوليس يقول الله: فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً [الانشقاق:8]؟ قال: إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب هلك).

فمن الناس من يحاسبون حساباً يسيراً، فلا يناقشون ويدقق معهم، أما الذين يناقشون ويدقق معهم فهم معذبون، لكن الذي لا يعذب هو الذي يحاسب بسرعة ويمشي إلى الجنة، فلا تعارض إذاً.

الشاهد: أن عائشة سألت عن شيء لم تفهمه، ولو لم تجد إيجابية من الرسول صلى الله عليه وسلم هل كانت ستسأل؟

لو لم تكن عائشة تجد انفتاحاً من الرسول صلى الله عليه وسلم عليه وسلم واهتماماً بأسئلتها وتوفيراً للإجابة هل كانت ستسأل كلما جهلت أمراً، وتتشجع على السؤال؟

ومن آكد الأشياء التي يؤمر بها الأهل الصلاة، فلا يجوز أن يقول الرجل: زوجتي منهكة متعبة دعها تنام، يراها نائمة فيقول لنفسه: دعها نائمة ولا أوقظها للصلاة حتى ترتاح. والمسئولية عن الأهل تدخل فيها المرأة أيضاً، فالمرأة داخلة في الحديث: ( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ).

فلا يجوز أن تقول المرأة: زوجي جاء من الدوام متعباً، فلن أوقظه، فليسترح حتى لو أدى ذلك إلى ضياع وقت الصلاة. وهذا خطير، بل إن راحة زوجك أن توقظيه للصلاة، وراحة زوجتك أن توقظها للصلاة، وليس أن تبقى ويبقى نائمة أو نائم، وتقول: دعها تستريح، أو تقول هي: دعه يستريح. كلا.

واستُدل بهذه الآية على أنه يجب على الرجل أن يتعلم ما يجب من الفرائض وأن يعلمها لهؤلاء، وإن من المعذبين يوم القيامة من جهل أهله -من كان أهله يعيشون في جهل- وهذه الكلمة تشمل الأولاد والزوجة، وتشمل العبيد والإماء أيضاً: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132].

فأول واجبات الرجل المسلم أن يحول بيته إلى بيت مسلم، وأن يوجه أهله إلى أداء الفريضة التي توصلهم بالله، وما أروع الحياة في ضلال بيت أهله كلهم يتجهون إلى الله!

إن تبعة المؤمن في نفسه وأهله تبعة ثقيلة رهيبة، فالنار هناك، وهو متعرض لها هو وأهله، وعليه أن يحول دون نفسه وأهله ودون النار، هذه النار التي تنتظر هناك.

إن المؤمن مكلف بهداية أهله -هداية الدلالة والإرشاد- وإصلاح بيته، كما هو مكلف هداية نفسه وإصلاح قلبه.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وهذا الحديث يبين لنا مسئولية المسلم، المسئولية العامة التي لا تستثني أحداً: (كلكم راع وكلكم مسئول، فالإمام راع وهو مسئول، والرجل راع في أهله وهو مسئول، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول) هذا لفظ البخاري.

وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132].

وكان عمر رضي الله عنه له ساعة من الليل يصلي فيها، وكان إذا استيقظ أقام -أيقظ- أهله، فقام وقال: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132].

وليست هذه المسألة سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقط، بل إنها طريقة الأنبياء من قبل: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً [مريم:54-55] فهذا إسماعيل يأمر أهله بالصلاة والزكاة.

ولذلك الواجب على الإنسان تجاه أهله من زوجة وأولاد وإخوة وآباء وأمهات واجب ثقيل جداً، وبالذات النساء اللاتي أوصى بهن الله خيراً، ووصى بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك تجد أهل العلم في مصنفاتهم قد اهتموا بإبراز هذا الأمر، واهتموا بإبراز اهتمام الإسلام بأمر المرأة في وقايتها من النار، قال البخاري رحمه الله: باب هل يجعل للنساء يوم على حدة؟ أي: في التعليم والتذكير والوعظ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: (غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن).

قال ابن حجر : ووقع في رواية سهل عن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، بنحو هذه القصة فقال فيها: (موعدكن بيت فلانة، فأتاهن فحدثهن).

إذاً خصص لهن موعداً زمانياً ومكانياً، وفي شرح حديث موعظة رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء يوم العيد، ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى في فوائد الحديث: استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام الإسلام، وتذكيرهن بما يجب عليهن، ويستحب حثهن على الصدقة، وتخصيصهن بذلك في مجلس منفرد، ومحل ذلك كله إذا أمنت الفتنة والمفسدة.

وتعليم الزوجة والبنت هو من جعل وقاية بينهن وبين النار، بل إن الجهل الذي يلحق الزوجة والبنت والأخت بسبب تقصير الرجل قد يصل إلى الرجل في قبره، فعدم القيام والإهمال في شئون النساء من قبل الرجل قد يصل عذابه إلى الرجل في قبره، عن عبد الله أن حفصة بكت على عمر ، لما طعن عمر ، فقال: (مهلاً يا بنية! ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه).

وللعلماء رحمهم الله مذاهب شتى في هذا الحديث، ومن أقواها أنه يعذب في قبره إذا أهمل تعليمهم أن النياحة حرام، وإذا كان يعلم أن عادتهن النياحة، وأنهن من المتوقع أن ينحن عليه إذا مات، فأهمل أمر تعليمهن حكم النياحة وأنها حرام، ولم ينههن قبل موته، وهو يتوقع أن يحدث ذلك، فإنه يعذب في قبره بما نيح عليه، لأنه أهمل في هذا الأمر، وهذا حمل جيد لهذا الحديث، وجمع بينه وبين قول الله عز وجل: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164].

فإذاً الاهتمام بشأن الأهل في التعليم، وعقد جلسات الوعظ والتذكير، وتمكين المرأة أياً كان مستواها من تعلم الأحكام الشرعية التي تحتاج إليها، وتوفير الإجابات على أسئلتها الفقهية أمر مهم، الإتيان بالإجابات على تساؤلات أهلك، والفتاوى للوقائع التي تحدث لهن في أمور الصلاة والطهارة والحيض والنفاس، فهناك أمور كثيرة تحتاج إليها المرأة، فمن وقايتهن من النار أن تبذل لهن الوسيلة في التعليم.

قال البخاري رحمه الله تعالى: باب تعليم الرجل أمته وأهله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لهم أجران -فذكر منهم- ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها، فتزوجها فله أجران) قال ابن حجر رحمه الله: مطابقة الحديث للترجمة في الأمة بالنص، وفي الأهل بالقياس. وهذا الحديث يحث على تعليم الأمة، والأمة هي الرقيقة، فإذا كان أمر بتعليم الأمة، أليس من باب أولى أن يؤمر بتعليم الحرة؟!

ولذلك يقول: إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسله آكد من الاعتناء بالإماء.

ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفتح لـعائشة باب النقاش والسؤال، ويوفر لها الإجابة على تساؤلاتها، خذ مثلاً هذا الحديث الذي رواه البخاري رحمه الله في صحيحه، عن ابن أبي مليكة: (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه -أي شيء لا تفهمه تراجع فيه وتسأل حتى تعرفه- وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال مرة من المرات: من نوقش الحساب عذب، قالت عائشة : فقلت: أوليس يقول الله: فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً [الانشقاق:8]؟ قال: إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب هلك).

فمن الناس من يحاسبون حساباً يسيراً، فلا يناقشون ويدقق معهم، أما الذين يناقشون ويدقق معهم فهم معذبون، لكن الذي لا يعذب هو الذي يحاسب بسرعة ويمشي إلى الجنة، فلا تعارض إذاً.

الشاهد: أن عائشة سألت عن شيء لم تفهمه، ولو لم تجد إيجابية من الرسول صلى الله عليه وسلم هل كانت ستسأل؟

لو لم تكن عائشة تجد انفتاحاً من الرسول صلى الله عليه وسلم عليه وسلم واهتماماً بأسئلتها وتوفيراً للإجابة هل كانت ستسأل كلما جهلت أمراً، وتتشجع على السؤال؟

ومن آكد الأشياء التي يؤمر بها الأهل الصلاة، فلا يجوز أن يقول الرجل: زوجتي منهكة متعبة دعها تنام، يراها نائمة فيقول لنفسه: دعها نائمة ولا أوقظها للصلاة حتى ترتاح. والمسئولية عن الأهل تدخل فيها المرأة أيضاً، فالمرأة داخلة في الحديث: ( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ).

فلا يجوز أن تقول المرأة: زوجي جاء من الدوام متعباً، فلن أوقظه، فليسترح حتى لو أدى ذلك إلى ضياع وقت الصلاة. وهذا خطير، بل إن راحة زوجك أن توقظيه للصلاة، وراحة زوجتك أن توقظها للصلاة، وليس أن تبقى ويبقى نائمة أو نائم، وتقول: دعها تستريح، أو تقول هي: دعه يستريح. كلا.

حث الزوجة على قضاء ما فاتها من الصيام، وهذا كثير. حثها على إخراج زكاة حليها ومالها، والنساء قد يكون في بعضهن غفلة عن أمور الزكاة، وأمرهن بالصدقة على الفقراء والمحتاجين كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء: (يا معشر النساء! تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار) كل ذلك داخل في المسئولية، مساعدتها على الحج والعمرة، خصوصاً الحج والعمرة الواجبة، بعض الرجال لا يهتمون بتوفير المحرم لنسائهم في البيوت من زوجة أو أخت أو بنت، وتجلس السنوات الطوال بدون حج الفريضة، لأنه ليس معها محرم، وهو يستطيع أن يكون محرماً لها، أو أن يرسل معها محرماً، لكن يقصر في ذلك.

متابعة الزوجة في أحكام الطهارة والصلاة والمحارم

قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] ومنها مسئولية تعليمها أحكام الطهارة والصلاة، كم يسر الإنسان -أيها الإخوة- عندما يسمع برجال يأتون إلى أهل العلم، ويقول أحدهم: زوجتي حصل لها في أمر الطهارة .. نزل عليها دم في الوقت الفلاني .. تقطع الدم معها في الوقت الفلاني .. فهو لا يستحي من هذا، أما المرأة تستحي، فهو يأتي ويقول ويسأل: ماذا تفعل هذه المرأة؟

عندها مشكلة في العادة كذا وكذا، ماذا تفعل؟

إذاً الرجل مهتم بأمر الزوجة، فهو يطبق قول الله عز وجل: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].

إذاً هو فعلاً يوقن بالمسئولية وهو يحس بها، ولذلك يسأل عن الأحكام لزوجته، وهو يسأل هل هذا محرم للمرأة أم لا؟ وهو يسأل هل خال الزوج وعمه محرم للزوجة أم لا؟ فهو يسأل ويتأكد من أجل ألا تقع في أمر محرم، ويسأل عن حكم الرضاع بينها وبين رجل آخر، حتى لا تقع في أمر محرم. فيجب على الرجال أن يهتموا بأمر نسائهم.

تعليمها المحافظة على وقتها، سواءً كانت زوجة أو أم أو أخت أو بنت أو خالة أو عمة، أياً ما كانت، تعليمها المحافظة على وقتها، عدم إضاعة وقتها بالأشياء التافهة، بعض النساء قد تضيع وقتها بالمكالمات الهاتفية الطويلة بدون فائدة تذكر، فإذاً هو يرشدها، ويعلمها، ويراقبها، ويلاحظها، ويقيها النار، ويعلمها أدب الرد على الهاتف، وكيفية محادثة الرجال الأجانب، ما هو الأدب في ذلك؟ وما هي المحاذير؟ وما هي الأشياء التي يجب عليها أن تنتبه إليها؟ وينتبه للمنكرات التي تحدث أثناء تسوقها، وما هو من الممكن أن يحدث لها من الحرام عندما تنزل إلى السوق، وكيف يجنبها هذا الحرام؟ فهو مسئول عن ذلك.

متابعة الزوجة في الخروج إلى الأسواق

قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6] مخالطة أهل المنكرات وأماكن المنكر، في الأسواق عند الخياطين وفي أماكن النزهة في الحدائق والخلوات، يجب عليه أن ينتبه لزوجته، وبعض الناس عندهم دياثة عجيبة، وتبلد في الإحساس، فإنه أبداً لا يلتفت إلى زوجته في هذه القضايا، ويدع ابنته تذهب كيفما شاءت، لا رقيب ولا حسيب، تذهب مع من تشاء، وتمضي الوقت مع من تشاء، يذهب بها إلى الحديقة والمنتزه، ويفلت لها الزمام تلعب كما تشاء، وهو مسئول عنها، ومثل الإثم الذي اكتسبته يكن على ظهره؛ لأنه كان باستطاعته أن يمنع ذلك ولم يتحرك.

والرسول صلى الله عليه وسلم كان يغضب لله عز وجل، وكان يغار أن تنتهك أدنى حرمة من حرمات الله، روى البخاري رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل -وفي رواية مسلم: فاشتد ذلك عليه، تقول عائشة : ورأيت الغضب في وجهه، وفي رواية أبي داود: فشق ذلك عليه، وتغير وجهه، وعوداً إلى سياق البخاري - فكأنه تغير وجهه -كأنه كره ذلك- فقال: يا عائشة ! من هذا؟ فقالت: إنه أخي -أي: أخوها من الرضاعة- فقال: انظرن من إخوانكن -تحققن وابحثن في الأمر- فإنما الرضاعة من المجاعة) أي: انظري يا عائشة! وابحثي ودققي، هل وقعت الرضاعة في وقت التأثير، أم أنها وقعت خارج ذلك الوقت فلا تؤثر، ولا تنتشر الحرمة بسببها؟

مراقبة المرأة عند خروجها، وكيفية حجابها مسئولية الرجل، هل هو سابغ؟ هل هو ساتر؟ هل هو سميك؟ هل هو خال من الطيب؟ هل هو لا يشابه لباس الرجال ولا لباس الكافرات؟ هل هو فضفاض غير ضيق؟ هذه مسئولية يجب على الرجل أن يراقب زوجته وابنته كيف تخرج.

متابعة الزوجة في الأعراس والأخلاق والصديقات

يا أيها المسلمون: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6] والمسألة ليست سهلة، والإفراط فيها في هذا الزمن غريب عجيب كثير حاصل شائع ومتفش.

المكياج والزينة.. ذهاب المرأة إلى الأعراس والولائم.. إلى أين تذهب؟ ما هو الوضع هناك يا ترى؟ هل الوضع في ذلك العرس والوليمة مرض لله؟ هل تسمح لها بالخروج أم لا؟ يحب عليك أن تتحقق.

يا جماعة: لماذا نفلت نساءنا؟ لماذا نفلت لهن الزمام يعبثن؟

والمرأة خلقت من ضلع أعوج، هناك من النساء من استقامت على شرع الله، تعرف بنفسها الحرام من الحلال، وتجنب نفسها الحرام ربما أكثر من بعض الرجال، ولكن هناك كثير من النساء في الجانب المقابل، لم يحصل عندهن ذلك النوع من التقوى، فمسئولية الرجل أن يحمي ذمته وألا يخفرها، فيراقب لسان الزوجة أو البنت في الغيبة والنميمة، وفي الغيرة والحسد، وفي الأشياء التي تبدر من المرأة، يهيئ لها الجو لتعاشر الصالحات، ويمنع غير الصالحات من دخول بيته، وبعض الناس يوصلون نساءهم إلى أماكن لا يدرون ما هي، ويرمي زوجته هكذا من السيارة أو يجعلها تذهب مع السائق دون أدنى استفسار إلى أين ستذهب؟ أليس هذا أمراً شنيعاً يودي إلى منكرات ومصائب عظيمة في المجتمع؟

ينبغي أن تراقبها فيمن تكشف عليهم من المحارم والناس، هل هو محرم لها تكشف عليه أم لا؟ من هذا الشخص الذي تصافحه أو يريد أن يصافحها؟

قضية الجليسات قضية مهمة جداً، وكثير من المشاكل التي دخلت في كثير من البيوت بسبب جليسات السوء، هل تتصور أن امرأة تأتي وتطلب من زوجها أن يأتيها من الخلف في المكان المحرم؟ لماذا؟

لأنها سمعت امرأة في مجلس تنصحها بهذا الأمر.

انظروا -أيها الإخوة- من تخالط نساؤكم، من هن الجليسات للنساء؟

متابعة الزوجة في الخروج للعمل

خروج المرأة خارج البيت كثيراً ما يؤدي إلى الفساد، وعمل المرأة من أبواب الشر العظيمة التي لو لم تجعل إلا في نطاق الضروريات، وفي نطاق النساء التقيات لحصل فساد عظيم، وبين يوم وآخر نسمع عن قصص مأساوية في البيوت بسبب خروج المرأة للعمل ونحوه، ذهبت إلى العمل وتوظفت في شركة، ثم تعرفت على رجل عن طريق العمل، سافر الزوج فكانت النتيجة أن تستقبل ذلك الرجل الأجنبي في بيتها أثناء غياب زوجها، من أين بدأت العلاقة؟ من العمل.

خروج المرأة للعمل أمر خطير جداً، ينبغي أن يضبط وأن يراعى، ومكائد تحاك حول الدين وحول المرأة المسلمة من أعداء الله من العلمانيين ونحوهم، الذين يريدون أن يخرجوا المرأة وأن يهدموا آخر معقل من معاقل المجتمع الإسلامي.

قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] ومنها مسئولية تعليمها أحكام الطهارة والصلاة، كم يسر الإنسان -أيها الإخوة- عندما يسمع برجال يأتون إلى أهل العلم، ويقول أحدهم: زوجتي حصل لها في أمر الطهارة .. نزل عليها دم في الوقت الفلاني .. تقطع الدم معها في الوقت الفلاني .. فهو لا يستحي من هذا، أما المرأة تستحي، فهو يأتي ويقول ويسأل: ماذا تفعل هذه المرأة؟

عندها مشكلة في العادة كذا وكذا، ماذا تفعل؟

إذاً الرجل مهتم بأمر الزوجة، فهو يطبق قول الله عز وجل: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].

إذاً هو فعلاً يوقن بالمسئولية وهو يحس بها، ولذلك يسأل عن الأحكام لزوجته، وهو يسأل هل هذا محرم للمرأة أم لا؟ وهو يسأل هل خال الزوج وعمه محرم للزوجة أم لا؟ فهو يسأل ويتأكد من أجل ألا تقع في أمر محرم، ويسأل عن حكم الرضاع بينها وبين رجل آخر، حتى لا تقع في أمر محرم. فيجب على الرجال أن يهتموا بأمر نسائهم.

تعليمها المحافظة على وقتها، سواءً كانت زوجة أو أم أو أخت أو بنت أو خالة أو عمة، أياً ما كانت، تعليمها المحافظة على وقتها، عدم إضاعة وقتها بالأشياء التافهة، بعض النساء قد تضيع وقتها بالمكالمات الهاتفية الطويلة بدون فائدة تذكر، فإذاً هو يرشدها، ويعلمها، ويراقبها، ويلاحظها، ويقيها النار، ويعلمها أدب الرد على الهاتف، وكيفية محادثة الرجال الأجانب، ما هو الأدب في ذلك؟ وما هي المحاذير؟ وما هي الأشياء التي يجب عليها أن تنتبه إليها؟ وينتبه للمنكرات التي تحدث أثناء تسوقها، وما هو من الممكن أن يحدث لها من الحرام عندما تنزل إلى السوق، وكيف يجنبها هذا الحرام؟ فهو مسئول عن ذلك.