تذكرة في الحر وفصل الصيف


الحلقة مفرغة

ذإن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

عباد الله: إن الله سبحانه وتعالى يذكر عباده في الدنيا ببعض ما يكون في الآخرة، كما يذكرهم في الصيف حرارة جهنم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن شدة الحر من فيح جهنم، وهذا حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم يثبت ويبرهن أن ما نحس به من حرارة في هذا الصيف إنما مصدره ومبعثه جهنم، ولا شك أن هذا شيء حقيقي ليس بمجاز؛ فإنه حديث الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي قال: (إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم) ومعنى أبردوا عن الصلاة، أي: أخروا صلاة الظهر عن أول وقتها حتى تنكسر شدة الحر الذي يكون من أسباب التشويش على المصلي وقلة الخشوع.

وكذلك فإنه عليه الصلاة والسلام قد أخبر في الحديث الصحيح أن لجهنم نفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف، كما استأذنت ربها، وأخبر أن ذلك أشد ما نجد من الحر وأشد ما نجد من الزمهرير؛ ولذلك فإن من عذاب جهنم شدة البرد كما أن من عذابها شدة الحر، وهذا من العجائب، لكن الغالب عليها الحر ولا شك، فإنها كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري رحمه الله: (قالت النار: ربِ أكل بعضي بعضاً، فائذن لي أن أتنفس، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم، وما وجدتم من حر أو من حرور فمن نفس جهنم) رواه البخاري .

وشدة الحر من فيح جهنم، وفيحها: سعة انتشارها وتنفسها، وهذا يدل على شدة استعارها، وأنه يأكل بعضها بعضاً، وأن لها وهجاً عظيماً، وأن وهج جهنم يسطع على الأرض ويصل إليها، وكيف يكون علاقة ذلك بالشمس؟ هذا علمه عند الله تعالى، ولكننا نصدق بما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم، فإن شدة الحر من فيح جهنم، والشمس ستكون في النار عذاباً لعابديها يوم القيامة كما جاء ذلك في الأثر.

أيها المسلمون: إن هذا التذكير من الله سبحانه وتعالى مما نجده من شدة الحر حري بالمؤمن أن يتفكر فيه، وأن يقوم بالأسباب التي تنجيه من عذاب النار.

أيها المسلمون: إن عذاب النار ليس خاصاً بالآخرة وإنما جزء منه ولا شك في البرزخ -أيضاً- كما أنه في الدنيا، في الدنيا يصلنا من حرارتها، وفي البرزخ يكون هناك من الحرارة في القبر على المعذبين، كما جاء في حديث البراء بن عازب الذي رواه أحمد وأبو داود وهو حديث صحيح، قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فلما قعدوا حول القبر وعظهم النبي عليه الصلاة والسلام في حال المؤمن وفي حال الكافر والفاجر، فقال في الثاني وذكر موته، قال: وتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان: من ربك؟ فيقول: هاه.. هاه.. لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه.. هاه.. لا أدري، فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه.. هاه .. لا أدري، فينادي منادٍ من السماء: أن كذب فأفرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار. قال: فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لصار تراباً، قال: فيضربه ضربةً يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين، ثم تعاد فيه الروح ويضرب هكذا فيصير تراباً، ثم يعاد فيضرب إلى قيام الساعة).

لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن حرارة النار تصل إلى الفاجر والكافر في قبره عبر هذه النافذة المفتوحة كما قال: (وافتحوا له باباً إلى النار)، هكذا كان عليه الصلاة والسلام يعظ أصحابه ويذكرهم، وقد قال الله سبحانه وتعالى مذكراً أنه لا يستوي الظل ولا الحرور، قال: وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ [فاطر:21] فبين أن الأشياء المتباينة كالأعمى والبصير والظلمات والنور والظل والحرور ... هذه أشياء لا تستوي، وكذلك لا يستوي الكفر والإيمان، وكذلك لا تستوي السنة والبدعة، وكذلك لا يستوي صاحب الدين والخارج عن الدين: مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً [هود:24] وهكذا الظل والحرور.

فأما الجنة فإن فيها ظلاً ظليلاً لا ينحسر، بخلاف ظل الدنيا فإنه ينحسر بحسب حركة الشمس، ولكن ما هو ظل جهنم؟ إنه ظل من يحموم كما أخبر الله سبحانه وتعالى، فأولئك لهم ظل ظليل وهؤلاء لهم ظل من يحموم، وكذلك فإن شرابهم حار غاية الحرارة، كما قال تعالى: وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15] فهم يجدون في النار حراً من وهجها ولهيبها، وكذلك الظل الذي فيها إنه من يحموم، إنه لا يفيد شيئاً، إنه لا يخفف عمن استظل به؛ لأنه من يحموم.

هكذا يذكرنا ربنا لنتعظ ونأخذ بالأسباب التي تساعد على الوقاية من حر النار:

الأول: الاستعاذة من حرها

ولذلك فإنه صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا إلى أمور نتقي بها حرارة النار، فقال صلى الله عليه وسلم مذكراً بالاستعاذة من حرها، وهو من أسباب الوقاية منها كما جاء في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة القبر، ومن فتنة الدجال، ومن فتنة المحيا والممات، ومن حر جهنم) رواه النسائي رحمه الله.. هذا في الاستعاذة من حرها، فماذا أيضاً؟

الثاني: الصوم في سبيل الله

والصيام كذلك، كما جاء عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفاً) رواه النسائي.. وكان أبو سعيد لأجل هذا الحديث ينتقي اليوم الشديد الحرارة فيصومه مع طوله وشدة حره، فمن صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفاً، وربما صام صلى الله عليه وسلم لأجل ذلك -أيضاً- صام في يوم شديد الحر، كان يجعل الإنسان يده على رأسه من شدة الحر، صامه هو وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه.

الثالث: الجهاد في سبيل الله

وكذلك فإن من الأمور العظيمة التي تعين على الوقاية من حر النار: الجهاد في سبيل الله، ولو كان ذلك في فصل الصيف شديد الحرارة فإنه يجاهد ويخرج للجهاد، ولذلك فإن المنافقين لما قالوا: لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ [التوبة:81] رد الله عليهم بقوله: وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً [التوبة:81] ولذلك فإن الجهاد في سبيل الله ماض صيفاً وشتاءً كما كان المسلمون يفعلون.. (وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الكسوف في يوم شديد الحر، فأطال القيام حتى جعل أصحابه يخرون من شدة الحر، فأطال الصلاة والركوع والسجود، ثم أخبرهم أنه رأى أثناء صلاته النار وفيها امرأة تعذب في هرّة ربطتها، لم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، قال: ورأيت أبا ثمامة عمر بن مالك يجر قتبه في النار، وقد كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم، فقال: وإنهما آيتان من آيات الله..) الحديث.. أخبرهم بما رأى في النار، بل إنه جعل ينفخ حرها عن أصحابه خشية أن تأكلهم، وأخبرهم بما رأى فيها، فخر الصحابة وراءه من شدة الحر في الصلاة التي صلاها صلى الله عليه وسلم.

إننا -أيها الإخوة- إذا ذكرنا حال المسلمين كيف كانوا يصبرون على لأواء المدينة وحرها وشدتها، ومن يصبر على حرها فإنه يؤجر من الله أجراً عظيماً، إنهم كانوا يصلون وراءه صلى الله عليه وسلم، ويعانون معاناةً شديدة، كان الرجل يأتي معه بكف من حصباء من حصى يبردها في يده، يأتي بها المسجد ليضعها موضع سجوده! ونحن تحت الأسقف وفي هذه المكيفات لا بد أن نذكر نعمة الله سبحانه وتعالى علينا، والله عز وجل قد امتن على عباده بأن جعل لهم من الأسباب ما يقيهم الحرارة فقال سبحانه: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ [النحل:81] هذه الآية في سورة النعم، وهي سورة النحل التي عدد الله فيها على عباده أنعاماً كثيرة، فإن الثياب ولا شك منها ما يقي الحر كالذي يلبس على الجلد، وكذلك يلبس على الرأس لتغطيته، ولو لم يغطِ رأسه في الحر الشديد أو لم يغطِ جسمه لاحترق جلده، وهذا مشاهد معروف، أو أصيب بضربة شمس، فإذا جعل الملابس تقي الحر فكذلك تقي البرد من باب أولى، وإنما خاطب العرب بذلك لأنهم كانوا أصحاب حر في الغالب، فجعل الله الظلال وجعل الله اللباس، وجعل لنا في هذا العصر المكيفات.. وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ [النحل:8] وهذه نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى ينبغي أن تذكر فلا يكفر عز وجل، بل يحمد سبحانه على ما جعل لعباده من الوسائل الواقية.

عباد الله: إننا وفي الجمع وغيرها من مواسم الازدحام في الحر نذكر كيف كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصلون معه، فيضع أحدهم طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود، وأخذ العلماء من ذلك جواز أن يسجد الإنسان على طرف ثوبه، وأنه لا بأس ولو كان هذا اللباس عليه أن يضع طرفاً منه على الأرض، وأنه لا يشترط أن يكون منفصلاً، ويؤخذ كذلك من تأخير الصلاة والإبراد بها في الظهر المحافظة على أسباب الخشوع.

الرابع: الصدقات

وكذلك فإننا لا ننسى في هذا الحر الذي نذكر به حر جهنم الصدقات التي تقي حر النار، قال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة).

ومن كرامات بعض الصالحين ما يذكرنا به هذا الحر، فقد روى ابن ماجة وأحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه كان يلبس ثياب الصيف في الشتاء، وثياب الشتاء في الصيف، فسأله أحد من التابعين عن ذلك، فقال: [إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلي وأنا أرمد العين يوم خيبر فقلت: يا رسول الله! إنني أرمد العين، فتفل في عيني فقال: (اللهم أذهب عنه الحر والبرد) فما وجدت حراً ولا برداً منذ يومئذ، وقال: (لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار) فأعطاها علياً رضي الله تعالى عنه، قال: ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهي وتفل في عيني يوم خيبر وأعطاني الراية]. رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وأعلى منزلته.

اللهم إنا نسألك أن تقينا حر جهنم، اللهم اجعلنا ممن أعتقت رقابهم من النار إنك أنت الرحيم الغفار.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

ولذلك فإنه صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا إلى أمور نتقي بها حرارة النار، فقال صلى الله عليه وسلم مذكراً بالاستعاذة من حرها، وهو من أسباب الوقاية منها كما جاء في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة القبر، ومن فتنة الدجال، ومن فتنة المحيا والممات، ومن حر جهنم) رواه النسائي رحمه الله.. هذا في الاستعاذة من حرها، فماذا أيضاً؟

والصيام كذلك، كما جاء عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفاً) رواه النسائي.. وكان أبو سعيد لأجل هذا الحديث ينتقي اليوم الشديد الحرارة فيصومه مع طوله وشدة حره، فمن صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفاً، وربما صام صلى الله عليه وسلم لأجل ذلك -أيضاً- صام في يوم شديد الحر، كان يجعل الإنسان يده على رأسه من شدة الحر، صامه هو وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه.

وكذلك فإن من الأمور العظيمة التي تعين على الوقاية من حر النار: الجهاد في سبيل الله، ولو كان ذلك في فصل الصيف شديد الحرارة فإنه يجاهد ويخرج للجهاد، ولذلك فإن المنافقين لما قالوا: لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ [التوبة:81] رد الله عليهم بقوله: وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً [التوبة:81] ولذلك فإن الجهاد في سبيل الله ماض صيفاً وشتاءً كما كان المسلمون يفعلون.. (وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الكسوف في يوم شديد الحر، فأطال القيام حتى جعل أصحابه يخرون من شدة الحر، فأطال الصلاة والركوع والسجود، ثم أخبرهم أنه رأى أثناء صلاته النار وفيها امرأة تعذب في هرّة ربطتها، لم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، قال: ورأيت أبا ثمامة عمر بن مالك يجر قتبه في النار، وقد كانوا يقولون: إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم، فقال: وإنهما آيتان من آيات الله..) الحديث.. أخبرهم بما رأى في النار، بل إنه جعل ينفخ حرها عن أصحابه خشية أن تأكلهم، وأخبرهم بما رأى فيها، فخر الصحابة وراءه من شدة الحر في الصلاة التي صلاها صلى الله عليه وسلم.

إننا -أيها الإخوة- إذا ذكرنا حال المسلمين كيف كانوا يصبرون على لأواء المدينة وحرها وشدتها، ومن يصبر على حرها فإنه يؤجر من الله أجراً عظيماً، إنهم كانوا يصلون وراءه صلى الله عليه وسلم، ويعانون معاناةً شديدة، كان الرجل يأتي معه بكف من حصباء من حصى يبردها في يده، يأتي بها المسجد ليضعها موضع سجوده! ونحن تحت الأسقف وفي هذه المكيفات لا بد أن نذكر نعمة الله سبحانه وتعالى علينا، والله عز وجل قد امتن على عباده بأن جعل لهم من الأسباب ما يقيهم الحرارة فقال سبحانه: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ [النحل:81] هذه الآية في سورة النعم، وهي سورة النحل التي عدد الله فيها على عباده أنعاماً كثيرة، فإن الثياب ولا شك منها ما يقي الحر كالذي يلبس على الجلد، وكذلك يلبس على الرأس لتغطيته، ولو لم يغطِ رأسه في الحر الشديد أو لم يغطِ جسمه لاحترق جلده، وهذا مشاهد معروف، أو أصيب بضربة شمس، فإذا جعل الملابس تقي الحر فكذلك تقي البرد من باب أولى، وإنما خاطب العرب بذلك لأنهم كانوا أصحاب حر في الغالب، فجعل الله الظلال وجعل الله اللباس، وجعل لنا في هذا العصر المكيفات.. وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ [النحل:8] وهذه نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى ينبغي أن تذكر فلا يكفر عز وجل، بل يحمد سبحانه على ما جعل لعباده من الوسائل الواقية.

عباد الله: إننا وفي الجمع وغيرها من مواسم الازدحام في الحر نذكر كيف كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصلون معه، فيضع أحدهم طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود، وأخذ العلماء من ذلك جواز أن يسجد الإنسان على طرف ثوبه، وأنه لا بأس ولو كان هذا اللباس عليه أن يضع طرفاً منه على الأرض، وأنه لا يشترط أن يكون منفصلاً، ويؤخذ كذلك من تأخير الصلاة والإبراد بها في الظهر المحافظة على أسباب الخشوع.