خطب ومحاضرات
مصيبة كوسوفا
الحلقة مفرغة
الخيار أنواع هي: خيار المجلس، وهو أن البائع والمشتري ما دام في المجلس فلهما الخيار في إنفاذ العقد أو فسخة، وقال به الشافعي وأحمد خلافاً لأبي حنيفة ومالك، وخيار الشرط وهو أن يشترط الخيار لهما أو لأحدهما، وخيار العيب، وخيار التدليس، وخيار الغبن، وخيار البيع بتخبير الثمن، والخيار المبني على اختلاف المتبايعين.
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
عباد الله: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، ويألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الرأس لما في الجسد، ويسمع المؤمنون في هذه الأيام ما أصاب إخوانهم المسلمين في الأرض، فيتألم كل صاحب دين، ويكون في قلبه من الحزن على إخوانه المسلمين الذين وقع لهم ما يندى له الجبين من المصائب العظيمة التي تقض المضاجع، والتي يرتاع لها فؤاد المسلم مما أصاب إخوانه.
وفي هذه والأحداث الذي يجريها الله سبحانه وتعالى بقدره وقفات فوائد وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [الأحزاب:38].
ومن ذلك أيها الإخوة:
أولاً: أن نعلم حجم العداوة التي انطوت عليها قلوب الكفرة للمسلمين، التي ذكرها الله لنا في كتابه بقوله سبحانه وتعالى: إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً [النساء:101] وقال عز وجل: لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [آل عمران:118].
يحذر تبارك وتعالى عباده المؤمنين من اتخاذ المنافقين بطانةً، وذكر أنهم لا يألون المؤمنين خبالاً، أي: يسعون في مخالفتهم وما يضرهم بكل ممكن، وبما يستطيعون من المكر والخديعة، ويودون ما يعنت المؤمنين ويحرجهم ويشق عليهم، ثم قال عزَّ وجلَّ: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ [آل عمران:118] أي: قد لاح على وجوههم وفلتات ألسنتهم من العداوة، مع ما هم مشتملين عليه في صدورهم من البغضاء للإسلام وأهله، ما لا يخفى مثله على لبيبٍ، ولهذا قال تعالى: قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [آل عمران:118] وقال تعالى: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء:89] فهذا ما في قلوبهم على الإسلام وأهله، ولو كان بينهم اختلافات فإنهم يجتمعون على حربنا.
عباد الله: إن من الأمور التي تجعل الإنسان حائراً هذا الكيد العظيم الذي اجتمع به الكفار على المسلمين، ولذلك فإنَّ الله حذرنا تحذيرات كثيرة من هؤلاء، وقسمهم فرقاً، وإذا نظرت إلى تقسيمات القرآن تجد انطباقها انطباقاً عجيباً في هذا الزمان، فإن الله عزَّ وجلَّ قد ذكر أن من الكفار من أخرجونا من ديارنا، ومنهم من ظاهروا على إخراجنا، ونهانا عن برهم والإحسان إليهم، فقال الله عز وجل: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الممتحنة:8-9] فقارن أخي المسلم بين هذا التقسيم المذكور في الآية، وبين ما يحدث الآن على أرض الواقع: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ [الممتحنة:9] قال ابن كثير رحمه الله: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ولم يظاهروا، أي: يعاونوا على إخراجكم، ولا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة، وقوله تعالى: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ [الممتحنة:9] أي: إنما ينهاكم عن مولاة هؤلاء الذين ناصبوكم وأخرجوكم وعاونوا على إخراجكم.
أيها الإخوة: إن من الكفار اليوم من قاتلونا في الدين لأننا مسلمون، وأخرجونا من ديارنا، والإخراج من الديار ليس أمراً سهلاً يا عبد الله، أن يسلب بيتك، وأن تخرج منه، وأن تكون هائماً في الأرض ليس لك مأوى، ولا بيت ترجع إليه.. تصبح شريداً طريداً في الأرض.. ليست القضية سهلةً على الإطلاق، ولذلك ذكر الله في كتابه كيف أن الكفار يخرجوننا من ديارنا، وطائفة أخرى يظاهرون على إخراجنا، أي: يعاونون على ذلك بتسريعها والتخطيط لها، والإعانة عليها بشتى صور الإعانة، ولا يهولنك التمثيليات وانظر إلى النتائج.
إذا أردت أن تكون فطناً فانظر إلى النتائج ما هي؟ الإخراج من الديار، والمظاهرة على ذلك في السر والعلن، وقد يقع بين الكفار خلافات وقد يصطدمون، ولكن إذا نظرت إلى النتائج على المسلمين تجد أن المسلمين هم الطرف الخاسر الذي يخسر باستمرار، قال تعالى: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ [الممتحنة:9].
إن المسلمين في كوسوفا يخرجون من ديارهم ويُظاهرُ على إخراجهم، مليونان من البشر سيصبحون بلا مأوى، سيوزعون على البلدان، سيحصرون في شريط ضيق ليس لهم ديار، أُخرجوا من ديارهم، وظاهر الكفار الكفارَ على إخراجهم، فما هو موقف المسلم؟
لا شك أنها العداوة للكفار أبداً؛ لأنهم أخرجوا إخواننا من ديارهم، وظاهروا على إخراجهم، لقد كان الإخراج من الديار دافعاً للقتال عند المسلمين الذين كانوا عند نبي لهم من بني إسرائيل، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا [البقرة:246] فكان ذلك سبباً للجهاد في سبيل الله.
الجهاد هو الحل لمآسي المسلمين
إن الجهاد في سبيل الله إذا قدرت عليه الأمة وجب عليها؛ لأن في ذلك إعانةً للمظلوم ونصراً للمسلم، وهذا واجب ولا شك، وفيه أيضاً: استنقاذ معابد الله في الأرض، والبيوت التي يذكر فيها، كما قال عزَّ وجلَّ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ [الحج:39-40] ليس لهم ذنبٌ، لس لهم صفةٌ، ليس هناك سببٌ في إخراجهم من ديارهم إلا أنهم مسلمون يقولون: ربنا الله.
ويقول الله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ [الحج:40] لولا دفع الكفار بجهاد المسلمين لهم، قال تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40] فمن الذي ينتصر إذاً؟ إنهم الذين ينصرون الله، وليس هم الذين يرفعون راية قومية ، ولا عصبية جاهلية، ولا الذين يقولون: إن الحرب ليست حرباً دينية، إنما هي حرب وطنية قومية .فهؤلاء لا ينصرهم الله عزَّ وجلَّ؛ لأنه قال: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40] أي: يعلي كلمته، ويرفع لواء لا إله إلى الله، لا لواء العنصرية والقومية .
وما هي صفات هؤلاء الذين يُنصرون؟
قال الله تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:41] وإلى أن يأتي الجيل الذي هذه صفته، فلا يزال أهل الإسلام في هزيمة، وفي مصيبة تلو مصيبة، ونكبة على إثر نكبة، حتى يأتي الجيل الذي ينصر الله سبحانه وتعالى.
ولا تظن -يا عبد الله- أن المستضعفين من المسلمين ذهبوا هباءً منثوراً، فإن الله عز وجل يثيب الصابرين منهم والمحتسبين الذين أخرجوا من أجله، قال عزَّ وجلَّ: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ [آل عمران:195] فالله عزَّ وجلَّ لا يضيع عنده الأجر، ولعل ما أصاب إخواننا في كوسوفا كفارة لهم وشهادة، وابتلاء يزيد في حسناتهم ويرفع درجاتهم عند الله، والله لا يخلف الميعاد.
اعتداء الصرب الحاقدين على المسلمين
أيها الإخوة.. لا شك أن مثل هذه المآسي لا تُحَلُّ إلا بالجهاد في سبيل الله، ولذلك قال تعالى: وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً [النساء:75] فهم يبحثون عن ولي ونصيرٍ يعينهم ويساعدهم، وهذا تحريض من الله تعالى للمؤمنين على الجهاد في سبيله، وعلى السعي في إنقاذ المستضعفين بـمكة من الرجال والنساء والصبيان المتبرمين من المقام بها، ولذلك قال الله عز وجل: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ [النساء:75] إنهم يبحثون عن نصيرٍ ومعين.
إن الجهاد في سبيل الله إذا قدرت عليه الأمة وجب عليها؛ لأن في ذلك إعانةً للمظلوم ونصراً للمسلم، وهذا واجب ولا شك، وفيه أيضاً: استنقاذ معابد الله في الأرض، والبيوت التي يذكر فيها، كما قال عزَّ وجلَّ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ [الحج:39-40] ليس لهم ذنبٌ، لس لهم صفةٌ، ليس هناك سببٌ في إخراجهم من ديارهم إلا أنهم مسلمون يقولون: ربنا الله.
ويقول الله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ [الحج:40] لولا دفع الكفار بجهاد المسلمين لهم، قال تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40] فمن الذي ينتصر إذاً؟ إنهم الذين ينصرون الله، وليس هم الذين يرفعون راية قومية ، ولا عصبية جاهلية، ولا الذين يقولون: إن الحرب ليست حرباً دينية، إنما هي حرب وطنية قومية .فهؤلاء لا ينصرهم الله عزَّ وجلَّ؛ لأنه قال: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40] أي: يعلي كلمته، ويرفع لواء لا إله إلى الله، لا لواء العنصرية والقومية .
وما هي صفات هؤلاء الذين يُنصرون؟
قال الله تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:41] وإلى أن يأتي الجيل الذي هذه صفته، فلا يزال أهل الإسلام في هزيمة، وفي مصيبة تلو مصيبة، ونكبة على إثر نكبة، حتى يأتي الجيل الذي ينصر الله سبحانه وتعالى.
ولا تظن -يا عبد الله- أن المستضعفين من المسلمين ذهبوا هباءً منثوراً، فإن الله عز وجل يثيب الصابرين منهم والمحتسبين الذين أخرجوا من أجله، قال عزَّ وجلَّ: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ [آل عمران:195] فالله عزَّ وجلَّ لا يضيع عنده الأجر، ولعل ما أصاب إخواننا في كوسوفا كفارة لهم وشهادة، وابتلاء يزيد في حسناتهم ويرفع درجاتهم عند الله، والله لا يخلف الميعاد.
أيها المسلمون.. لقد صار من المصائب على المسلمين في تلك الديار أمرٌ عظيم، ألم يأتكم نبأ ما حصل في عيد الأضحى لإخواننا في تلك الديار؟ لقد قام الصرب بالإحاطة بأئمة المساجد والمصليات في صلاة العيد، وقاموا أولاً بقتل أئمة صلاة العيد أمام المسلمين وأقربائهم، ثم ألحقوا ذويهم بهم، ثم ألحقوا جموع المصلين، حتى بلغ عدد القتلى في يوم العيد من المصلين. ليس من أهل البيوت بل من المصلين فقط عشرة آلاف في أنحاء الإقليم!! ضحوا بهم في يوم الأضحى، وأعدموهم بالسلاح الأبيض بطريقة وحشية وبحقدٍ دفين وحصدوهم بالرصاص، وفي جامع واحد قتلوا ألفاً وثمانمائة مصلٍ؛ لأنهم يقولون لا إله إلا الله، لم يعملوا شيئاً إلا لأجل لا إله إلا الله، فعليها يعادوننا ومن أجلها يقتلوننا، وقد جمعوا الرجال فحصدوهم، وأخذوهم، وفرقوا النساء والأطفال عنهم، وهكذا فعلوا كما هو المعهود عنهم في أمور الاغتصاب والفضائع والشنائع!!
ماذا يقول البؤبؤ المفقوء بالأزميل؟ والثدي حين تنوشه السكين؟ والطفل مرفوعاً على رأس الحراب؟! شيء عجاب!! |
ماذا دهى الإفرنج عباد الصليب |
نهضوا يميطون اللثام عن القلوب |
سوداء كالقطران كالسرطان كالتلمود كالسم الرعيب |
نهضوا من الأوران والدانوب |
ومن الشمال إلى الجنوب |
يستأسدون على بني الإسلام مسلوبي النيوب. |
قنبلة تفجر ملجأ الأيتام وعاصفة من النار الحقوده |
تأكل الشجر العفيف |
ودمٌ هناك على الرصيف. |
تلك الطوابير التي خرجت من البيت المهدم |
أين تمضي؟ |
فأمامها أز الرصاص |
وخلفها أز الرصاص |
والطفلة تصرخ أين دميتها |
بل كيف تخرجها من الأنقاض |
أمي.. |
مالذي فعل الجناة؟ |
والأم ذاهلة فماذا تستطيع بأن تقول |
يا أنت يا زمن المغول |
عندما تترك أجساد النساء |
في عرى البؤس وفي حزن الشقاء |
عندما يمتص عربيد دماء الأبرياء |
والأيامى والثكالى هائمات في العراء |
أي خيرٍ أيها العالم يبقى |
عندما ينقل شعبٌ من بلاءٍ لبلاء |
عندما يرسل مأفونٌ جنوداً في الظلام |
ويباح الوطن المصفود قهراً لِلئام |
عندما ينبعث الأحياء من بين الركام |
عندما تمسي الصبايا كالسبايا في الخيام |
أي خيرٍ أيها العالم يبقى..؟ |
ولماذا الصمت في وقت الكلام؟ |
عندما يهدم محرابٌ وسور |
عندما تنبش أمواتٌ وتجتاح القبور |
ويلف الصمت دنيانا فلا يصحو شعور |
أي خيرٍ أيها العالم يبقى |
عندما تخلو من الإنسان أو يغفو الضمير? |
أيها الإخوة ... إنما حصل ويحصل من هؤلاء الصرب النصارى، ومن مالأهم وعاونهم. إنه أمرٌ عجيب.
قصيدة تحكي اغتيال أسرة مسلمة
ومن أسرةٍ لم السبات جفونها بعيد شتاتٍ في الميادين مقحم |
وقد غاب عنهم والدٌ لم تزل له هنالك في الميدان جولات ملحم |
وأقبل صربيٌ لئيم كأنه تدفق أرجاس ووحلٍ ومأثم |
ومن حوله لو كنت تشهد عصبةٌ تجمع من باغ طغى ومزلم |
كأنك لو أبصرت هون غرورهم ترى قزماً في ثوب أيَهَم أجسم |
ففزع من في البيت من هول حقده وهبوا وقد أفضى الجبان إليهم |
ترى طفلة لم تبلغ السبع روعت تمر بعينيها تدور عليهم |
عليها رداء أحمر لم يزل له بقايا حديثٍ للطفولة منعم |
ومن خلفها أمٌ حنت لتضمها وشيخٌ تشكى يا لضعفي ومهرمي |
وطفل رضيع كاد يزحف نحوهم ويصرخ يا دنيا اشهدي وتكلمي |
ولما رأت ذات الردا رجاءها وأشواقها لم توقظ الخير فيهم |
تراجعت الآمال وارتد خطوها تشبث بالأم الحنون وتحتمي |
فصوبت الدنيا الرصاص إليهم تدفق في رأسٍ وصدرٍ ومعصم |
وأبلى النظام العالمي بخنجرٍ ليطعن في ظهرٍ وجيدٍ وأعظم |
يدور عدو الله بالنار بينهم ليفرغ من حقدٍ شديد عليهم |
تساقطت الأم الحنون وأفلتت يداها وأهوت في بحارٍ من الدم |
وطفلتها أهوت تصب دماءها عليها وطفلٌ قد تناثر فيهم |
وشيخ تهاوى يا لأشلاء أمة تهاوت به يا للحطام المكوم!! |
ومجد تهاوى بين أطلاله ترى بقية تاريخٍ ودمعة يُتَّم |
أيها البوسنا لستم يتماً إنما نحن جميعاً يتم |
لقد نصر الصرب بنو دينٍ لهم ولكم إخوانُ عن نصرٍ عموا |
فاطلبوا العون من الله الذي إن طلبتم عونه لن تعدموا |
واجعلوا دربكم درب فدا بجهادٍ واصنعوه أنتم |
أي عهدٍ لهم مؤتمن عوهد الذئب فأين الغنم |
ألم يقل الله تعالى: لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً [التوبة:10]؟ ليس لهم عهدٌ ولا ميثاق، ينقصون وينقضون، هذه هي الحال أيها الإخوة.
لقد نصر الصرب بنو دينٍ لهم، وللمسلمين إخوان عن نصرهم قد عموا.
ومن أسرةٍ لم السبات جفونها بعيد شتاتٍ في الميادين مقحم |
وقد غاب عنهم والدٌ لم تزل له هنالك في الميدان جولات ملحم |
وأقبل صربيٌ لئيم كأنه تدفق أرجاس ووحلٍ ومأثم |
ومن حوله لو كنت تشهد عصبةٌ تجمع من باغ طغى ومزلم |
كأنك لو أبصرت هون غرورهم ترى قزماً في ثوب أيَهَم أجسم |
ففزع من في البيت من هول حقده وهبوا وقد أفضى الجبان إليهم |
ترى طفلة لم تبلغ السبع روعت تمر بعينيها تدور عليهم |
عليها رداء أحمر لم يزل له بقايا حديثٍ للطفولة منعم |
ومن خلفها أمٌ حنت لتضمها وشيخٌ تشكى يا لضعفي ومهرمي |
وطفل رضيع كاد يزحف نحوهم ويصرخ يا دنيا اشهدي وتكلمي |
ولما رأت ذات الردا رجاءها وأشواقها لم توقظ الخير فيهم |
تراجعت الآمال وارتد خطوها تشبث بالأم الحنون وتحتمي |
فصوبت الدنيا الرصاص إليهم تدفق في رأسٍ وصدرٍ ومعصم |
وأبلى النظام العالمي بخنجرٍ ليطعن في ظهرٍ وجيدٍ وأعظم |
يدور عدو الله بالنار بينهم ليفرغ من حقدٍ شديد عليهم |
تساقطت الأم الحنون وأفلتت يداها وأهوت في بحارٍ من الدم |
وطفلتها أهوت تصب دماءها عليها وطفلٌ قد تناثر فيهم |
وشيخ تهاوى يا لأشلاء أمة تهاوت به يا للحطام المكوم!! |
ومجد تهاوى بين أطلاله ترى بقية تاريخٍ ودمعة يُتَّم |
أيها البوسنا لستم يتماً إنما نحن جميعاً يتم |
لقد نصر الصرب بنو دينٍ لهم ولكم إخوانُ عن نصرٍ عموا |
فاطلبوا العون من الله الذي إن طلبتم عونه لن تعدموا |
واجعلوا دربكم درب فدا بجهادٍ واصنعوه أنتم |
أي عهدٍ لهم مؤتمن عوهد الذئب فأين الغنم |
ألم يقل الله تعالى: لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلا ذِمَّةً [التوبة:10]؟ ليس لهم عهدٌ ولا ميثاق، ينقصون وينقضون، هذه هي الحال أيها الإخوة.
لقد نصر الصرب بنو دينٍ لهم، وللمسلمين إخوان عن نصرهم قد عموا.
استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
مصيبة عام 2000 [2] | 2742 استماع |
مصيبة الدين: الضلال بعد الهدى | 1824 استماع |
مصيبتنا سمعنا وعصينا | 1711 استماع |
مصيبة عام 2000 [1] | 1685 استماع |