لقاء الباب المفتوح [153]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء الثالث والخمسون بعد المائة من اللقاءات المعبر عنها بـ(لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل يوم خميس، وهذا هو الخميس الأول من شهر محرم عام (1418هـ) نفتتح به هذا العام الجديد، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله عاماً مباركاً علينا وعلى المسلمين، وأن يجعله عام أمن وإيمان، وسلامة وإسلام، وتعاون على البر والتقوى، وتناهٍ عن الإثم والعدوان، إنه على كل شيء قدير.

من المعلوم أن العام المنصرم مر بأحداثه المؤلمة والسارة والنافعة والضارة وكلٌ سوف يراه الإنسان، كما قال الله تبارك الله وتعالى: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:6-8].

ومن المعلوم أن التاجر في نهاية عام تجارته ينظر في جداول عمله، وما ربح وما خسر في عامه المنصرم، حتى يستدرك ما فات، ويصلح ما فسد، وإذا كان هذا في تجارة الدنيا، فإن تجارة الآخرة يجب أن تكون أهم وأعظم في قلب الإنسان؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:10-11]، ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9].

التوبة ثمرة للمراجعة والمحاسبة

إذا نظر الإنسان في ديوان عمله في العام المنصرم فإما أن يعثر على واجب أهمله وتهاون به، فعليه أن يستدركه؛ لأن الاستدراك مع التوبة إلى الله تعالى والإنابة إليه يصلح ما فسد، ومن كان مجترأً على معاصي الله عز وجل -والإنسان غير معصوم- فإن باب التوبة مفتوح، قال الله تبارك وتعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، فقال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53] وهذا في حق التائبين، فإن الإنسان إذا تاب مهما كان ذنبه فإن الله تعالى يغفره له.

وقد ذكر الله أعظم الذنوب في حقه وحقوق عباده، وبين أن التوبة منها تجعل السيئات حسنات، فقال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الفرقان:68] وهذه من أعظم الذنوب الأول: لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ أي: لا يشركون به فالشرك أعظم الذنوب في حق الله عز وجل، وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وقتل النفس التي حرم الله أعظم العدوان على ابن آدم؛ ولهذا كان أول ما يقضى في الناس يوم القيامة بالدماء، والثالث: وَلا يَزْنُونَ والزنا من أعظم الجرم في حقوق الإنسان في تدنيس عرضه، هذه الأصول الثلاثة قال الله تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] وهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى أن الإنسان إذا أذنب وتاب إلى الله وآمن وعمل عملاً صالحاً صارت سيئاته السابقة حسنات فضلاً من الله ونعمة، والحمد لله رب العالمين.

فالمهم أن هذا نظرنا في عامنا المنصرم، فما هو نظرنا نحو عامنا الجديد.

الأعمال بالخواتيم

إن الإنسان العاقل يجب عليه أن يعتبر ما يستقبل فيما مضى، فالعام المنصرم مضى وكأنه ساعة من نهار، كأنه لحظة من اللحظات، وهكذا العام المستقبل سوف يكون كصاحبه، سيمضى سريعاً، فعلينا أن نعقد العزم والجد والاجتهاد على ما ينفعنا في ديننا ودنيانا في العمل الصالح واجتناب المحرم عسى أن نستدرك ما فات، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له، والأعمال بالخواتيم.

ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: (أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) حتى لا يبقى عليه وينتهي أجله، وليس المعنى: حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع من حيث العمل، يعني: أن عمله سوف يدنيه من الجنة، المعنى: حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع بالنسبة لأجله، ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، أما لو عمل بعمل أهل الجنة حقيقة حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع من حيث العمل، فإن الله تعالى لن يخيب سعيه (ومن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً).

ومحال في حكمة الله ورحمته أن يخذل شخصاً أمضى عمره في طاعة الله حتى لا يبقى إلا ذراع، لكن هذا مراد الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع، يعني: من حيث الأجل لكنه يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس -أعوذ بالله- وهو من أهل النار، نسأل الله العافية.

ويشهد لهذا الحديث الثابت عند البخاري وغيره: (أن رجلاً كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة وكان رجلاً شجاعاً مقداماً يغبطه الصحابة وينظرون إليه نظر إجلال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوماً من الأيام: هذا من أهل النار، فعظم ذلك على الصحابة -لماذا؟ لأنه رجل شجاع مقدام لا يدع شاذة للعدو ولا فاذة إلا قضى عليها، فإذا كان هذا من أهل النار وهو بهذه المثابة في الجهاد؛ فكيف بمن دونه- فقال أحدهم: والله! لألزمنه -يعني: لأكونن قريناً له حتى أنظر ماذا يكون الرجل؟... ماذا تكون حاله؟- يقول: فأصيب بسهم، فجزع -وكأنه والله أعلم جزع لأنه رجل مقدام شجاع، والشجاع لا يرضى أن يهزم- جزع فسل سيفه ثم وضعه على صدره واتكأ عليه حتى طلع من ظهره -والعياذ بالله- فقتل نفسه -وقاتل نفسه في النار- فرجع الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وبم؟ قال: إن الرجل الذي قلت: إنه من أهل النار فعل كيت وكيت، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار).

أصلح الله لنا ولكم السرائر والظواهر، فالعمل على السريرة .. على سريرة القلب، طهر القلب؛ تطهر الجوارح! والقلب هو الذي يبتلى يوم القيامة كما قال الله تعالى: أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ [العاديات:9-10]، وقال تعالى: إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ [الطارق:8-9] فعليك -يا أخي المسلم- بتطهير قلبك وتنقيته من الشك والشرك، والنفاق والحقد على المسلمين، والبغضاء والعداوة، حتى يطهر ظاهرك وباطنك.

استقبال العام بطلب العلم

علينا أن نستقبل هذا العام الجديد بالاجتهاد بالعمل الصالح المقرب إلى الله تبارك وتعالى، إخلاصاً لله، ومتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولا سيما طلب العلم فإن طلب العلم نوع من الجهاد في سبيل الله، بل هو جهاد في سبيل الله، بل هو أفضل من الجهاد في سبيل الله عند كثير من العلماء؛ لأن الناس محتاجون إلى العلم أكثر من احتياجهم إلى الجهاد إذ أن الجهاد في معالجة إصلاح الغير، وطلب العلم في إصلاح النفس وإصلاح الغير.

فالجهاد في سبيل الله محتاج إلى العلم، وليس العلم محتاجاً إلى الجهاد في سبيل الله، ولذلك فضل كثير من العلماء المحققين طلب العلم على الجهاد في سبيل الله، وإن كان القول الراجح عندي أن في ذلك تفصيلاً بالنسبة لأعيان الناس: فمن الناس من نقول الجهاد في حقه أفضل، ومن الناس من نقول: إن طلب العلم في حقه أفضل، فإذا وجدنا رجلاً مستعداً للعلم حفظاً وفهماً وجلداً ومتابعة، وهو دون ذلك في الجهاد في سبيل الله، قلنا له: العلم في حقك أفضل، وإذا كان آخر شجاعاً مقداماً نشيطاً قوياً وليس بذاك في الحفظ والفهم قلنا له: الجهاد في حقك أفضل، فالتفضيل في العبادات وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يراعيها: التفضيل في العبادات من حيث هي، والتفضيل في العبادات من حيث الأعيان الذين يقومون بها، هذا يجب أن يعرف الإنسان الفرق، ونحن نقول: التفضيل المطلق هو أن العلم أفضل بلا شك، يعني: طلب العلم أفضل من الجهاد في سبيل الله، لكن من حيث الأعيان فيه التفصيل الذي ذكرته لكم، نقول لهذا الشخص: الأفضل أن تبقى في طلب العلم، وللآخر أن تذهب في الجهاد في سبيل الله.

استقبال العام بإصلاح الخُلق مع الناس

علينا أيضاً أن نستقبل هذا العام الجديد بإصلاح الخلق مع الناس .. أن نلقى الناس بوجه بشوش .. أن نفشي السلام بيننا ابتداءً ورداً خلافاً لبعض الناس الآن تجدهم من طلاب العلم لكن لا يفشون السلام، يلاقي الإنسان صاحبه وزميله في الدراسة سواء في الكلية أو في المسجد لا يسلم عليه إلا أن يشاء الله، يلاقي إخوانه في السوق لا يسلم عليهم إلا أن يشاء الله، ولهذا اشتهر عند بعض الناس عند بعض العوام -والعوام هوام-: أن طلاب العلم جفاة لا يسلمون وإذا سلم عليهم يردون بآنافهم ولا يسمعهم المسلِّم، كل هذا من غرور الشيطان، فالذي ينبغي لنا بل يجب علينا أن نكون لإخواننا المسلمين أحبة متآلفين.

وإفشاء السلام من أسباب دخول الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ -ثم أجاب نفسه فقال:- أفشوا السلام بينكم) أظهروه أعلنوه، ثم المسلِّم ماذا يأتي له من الأجر؟ التسليمة الواحدة عشر حسنات، عشر حسنات باقيات لك في يوم تحتاج إليها لا تجد زيادة في حسناتك، وأنت أحوج ما تكون إليها، تجدها عند الله تبارك وتعالى، لو قيل للناس: كل إنسان يسلم نعطيه درهماً، ماذا يكون؟ يفشون السلام أم لا؟ يفشون السلام، بل يترددون على الجالس عدة مرات لأجل أن يحصلوا على زيادة دراهم، مع أن الدراهم إما فانية وإلا مفني عنها، الإنسان لن يعمر والدراهم لن تعمر لابد من مفارقة إما من أصحاب الأموال وإما من الأموال نفسها، ولهذا وبخ الله عز وجل من يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة فقال: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [الأعلى:16-17].

فعلينا أيها الإخوة أن نستقبل عامنا بحسن الخلق مع الناس، فإن حسن الخلق من أفضل الأعمال حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) ويتعين أن يكون حسن الخلق في الدعوة إلى الله؛ لأن الدعوة إلى الله ليس لمجرد الإصلاح بينك وبين غيرك، أو جلب الألفة بينك وبين غيرك، لكنها لإقامة دين الله، فلا ينبغي أن نجفو في الدعوة إلى الله، بل ندعو باللطف واللين وتحمل الأذى، بل وتحمل المخالفة من المدعوين، بمعنى: أننا لا ينبغي أن نطلب أو نأمل الحصول على المطلوب في أول وهلة، كم بقي النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الناس في مكة؟ ثلاثة عشر سنة يدعوهم إلى الله عز وجل بالتي هي أحسن .. بالموعظة الحسنة، بكل ما يستطيع من الوصول به إلى تحقيق مراده عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك ربه سبحانه وتعالى وهو أعلم وأحكم ينزل عليه الأحكام فترة فترة، لم يجد من أركان الإسلام في مكة إلا ركنان فقط هما: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والثاني: الصلاة، الباقي كله جاء في المدينة، الزكاة وإن قيل: إن أصلها فرض في مكة لكن الإنسان كان فيها مخيراً، في المدينة فرضت الأنصبة وبينت وبين المقدار وبين أهل الزكاة، لكن هذه التربية من الله عز وجل يجب أن نأخذها محل اعتبار وألا نريد من الناس أن يصلحوا بين عشية وضحاها، هذا شيء مستحيل تأباه حكمة الله عز وجل.

إذاً علينا أن نلاطف الناس في الدعوة إلى الله عز وجل، ونتحمل منهم الأذى، ونتحمل منهم البقاء على بعض المعاصي، رجاء إحسانها في المستقبل.

يوجد من الدعاة من عنده غيرة عظيمة، لكن لا يحسن أن يدعو الناس مع كبح هذه الغيرة، بمعنى: أنه إذا رأى شخصاً على منكر لم يملك نفسه من غيرته أن يعنف عليه بالإنكار، وهذا خطأ ليس بصحيح، عندما تجد إنساناً يشرب سيجارة مثلاً هل تصيح به تقول له: ويلك! هذا حرام هذا حرام، أنت مصر على معصية فأنت من الفاسقين، جانبت العدل، هل هذا لائق؟ لا، أمهله دعه ثم تكلم معه بيسر، أخي! ماذا تنفعك هذه؟ هل فيها منفعة؟ هل فيها مضرة؟ حتى يأخذ عن اقتناع، واعلم أن من وافقك عن قهر وسلطان فإنه لن ينتفع في الغالب، إذا صد عنك أو صددت عنه عاد لما هو عليه، لكن إذا وافقك عن اقتناع فهذا هو المقصود وهذا الذي يحصل به المراد.

فعليكم -أيها الأخوة- باللطف في الدعوة إلى الله، وأن تقابلوا الناس بصدر رحب.

إذا نظر الإنسان في ديوان عمله في العام المنصرم فإما أن يعثر على واجب أهمله وتهاون به، فعليه أن يستدركه؛ لأن الاستدراك مع التوبة إلى الله تعالى والإنابة إليه يصلح ما فسد، ومن كان مجترأً على معاصي الله عز وجل -والإنسان غير معصوم- فإن باب التوبة مفتوح، قال الله تبارك وتعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، فقال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53] وهذا في حق التائبين، فإن الإنسان إذا تاب مهما كان ذنبه فإن الله تعالى يغفره له.

وقد ذكر الله أعظم الذنوب في حقه وحقوق عباده، وبين أن التوبة منها تجعل السيئات حسنات، فقال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الفرقان:68] وهذه من أعظم الذنوب الأول: لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ أي: لا يشركون به فالشرك أعظم الذنوب في حق الله عز وجل، وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وقتل النفس التي حرم الله أعظم العدوان على ابن آدم؛ ولهذا كان أول ما يقضى في الناس يوم القيامة بالدماء، والثالث: وَلا يَزْنُونَ والزنا من أعظم الجرم في حقوق الإنسان في تدنيس عرضه، هذه الأصول الثلاثة قال الله تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] وهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى أن الإنسان إذا أذنب وتاب إلى الله وآمن وعمل عملاً صالحاً صارت سيئاته السابقة حسنات فضلاً من الله ونعمة، والحمد لله رب العالمين.

فالمهم أن هذا نظرنا في عامنا المنصرم، فما هو نظرنا نحو عامنا الجديد.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3391 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3347 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3310 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3288 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3271 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3255 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3114 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3087 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3034 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3029 استماع