فتاوى نور على الدرب [315]


الحلقة مفرغة

السؤال: رجل اقترض مالاً من رجل، ولكن المقرض اشترط أن يعطى قطعة أرضٍ زراعية من المقترض رهناً بالمبلغ، يقوم بزراعتها وأخذ غلتها كاملة أو نصفها، والنصف الآخر لصاحب الأرض، حتى يرجع المدين المال كاملاً كما أخذه، فيرجع له الدائن الأرض التي كانت تحت يده، ما حكم الشرع في نظركم في مثل هذا القرض المشروط؟

الجواب: القرض من عقود الإرفاق، التي يقصد بها الرفق بالمقترض والإحسان إليه، وهو من الأمور المطلوبة المحبوبة إلى الله عز وجل، لأنه إحسان إلى عباد الله، وقد قال الله تعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195] ، فهو بالنسبة للمقرض مشروع مستحب، وبالنسبة للمقترض جائز مباح، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استسلف من رجلٍ بكراً ورد خيراً منه.

وإذا كان هذا القرض من عقود الإرفاق والإحسان فإنه لا يجوز أن يحول إلى عقد معاوضة وربح - أعني: الربح المادي الدنيوي - لأنه بذلك يخرج عن موضوعه إلى موضوع البيع والمعاوضات، ولهذا تجد الفرق بين أن يقول رجل لآخر: بعتك هذا الدينار بدينار آخر إلى سنة، أو بعتك هذا الدينار بدينار آخر ثم يتفرقا قبل القبض، فإنه في الصورتين يكون البيع حراماً وربا، لكن لو أقرضه ديناراً قرضاً وأوفاه بعد شهر أو سنة كان ذلك جائزاً، مع أن المقرض لم يأخذ العوض إلا بعد سنة أو أقل أو أكثر نظراً لتغليب جانب الإرفاق.

وبناءً على ذلك فإن المقرض إذا اشترط على المقترض نفعاً مادياً فقد خرج بالقرض عن موضوعه الأصلي وهو الإرفاق فيكون حراماً، والقاعدة المعروفة عند أهل العلم: أن كل قرضٍ جر منفعةً فهو ربا. وعلى هذا فلا يجوز للمقرض أن يشترط على المقترض أن يمنحه أرضه ليزرعها حتى ولو أعطى المقترض سهماً من الزرع، لأن ذلك جر منفعة من المقرض يخرج القرض عن موضوعه الأصلي وهو الإرفاق والإحسان.

السؤال: قول بعض المصلين في التحيات: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، فما رأيكم بقولنا: سيدنا؟

الجواب: لا يرتاب عاقل أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو سيد ولد آدم، فإن كل عاقلٍ مؤمن يؤمن بذلك، وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو سيد البشر، والسيد: هو ذو الشرف والطاعة والإمرة، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم من طاعة الله سبحانه وتعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80] ، ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم سيدنا وخيرنا وأفضلنا عند الله تعالى، وأنه المطاع فيما يأمر به صلوات الله وسلامه عليه.

ومن مقتضى اعتقادي أنه السيد المطاع عليه الصلاة والسلام ألا نتجاوز ما شرع لنا من قولٍ أو فعلٍ أو عقيدة، ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد أن نقول: ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم أن صفةً وردت بالصيغة التي ذكرها السائل وهو: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فإن الأفضل ألا نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بها، وإنما نصلي عليه بالصيغة التي علمنا إياها.

وإنني أود بهذه المناسبة أن أنبه إلى أن كل إنسانٍ يؤمن بأن محمداً صلى الله عليه وسلم هو سيدنا، فإن مقتضى هذا الإيمان ألا يتجاوز الإنسان ما شرعه وألا ينقص عنه، فلا يبتدع في دين الله ما ليس منه، ولا ينقص عن دين الله ما هو منه، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هو من حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا، وعلى هذا فإن أولئك المبتدعين لأذكارٍ أو صلواتٍ على النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمداً صلى الله عليه وسلم سيد، لأن مقتضى هذه العقيدة ألا يتجاوز ما شرع وألا ينقص منه، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع.

السؤال: امرأة كانت في الرابعة عشرة من العمر، وقد أتتها الدورة الشهرية ولم تصم شهر رمضان في تلك السنة، تقول: علماً أن هذا العمل ناتج عن جهلي وجهل أهلي، حيث أننا كنا منعزلين عن أهل العلم ولا علم لنا بذلك، وقد صمت في الخامسة عشرة، وكذلك فقد سمعت من بعض المفتين: أن المرأة إذا وافتها الدورة الشهرية، فإنه يلزم عليها الصيام ولو كانت في أقل من سن البلوغ؟

الجواب: هذه السائلة التي ذكرت عن نفسها أنه أتاها الحيض وهي في الرابعة عشرة من عمرها ولم تعلم أن البلوغ يحصل بذلك، ليس عليها إثم حين تركت الصيام في تلك السنة، لأنها جاهلة والجاهل لا إثم عليه، لكن حين علمت أن الصيام واجب عليها فإنه يجب عليها أن تبادر بقضاء ذلك الشهر الذي أتاها بعد أن حاضت، فإن المرأة إذا بلغت وجب عليها الصوم.

وبلوغ المرأة يحصل بواحد من أربعة: إما أن يتم لها خمس عشرة سنة، وإما أن تنبت عانتها، وإما أن تنزل، وإما أن تحيض، فإذا حصل واحد من هذه الأربعة فقد بلغت وكلفت ووجبت عليها العبادات كما تجب على الكبير، فأقول لها: إنه يجب عليها الآن إذا لم تكن قد صامت الشهر الذي صادفها وهي حائض، يجب عليها الآن أن تصومه ولتبادر به حتى يزول عنها الإثم.

السؤال: يقول بأنه كان يشتغل سائقاً، ولكنني أفطرت بعض الأيام من شهر رمضان وذلك بحكم شغلي الشاق والحر الشديد، حيث إنني في بعض الأيام كنت أسافر بالسيارة حوالي ثلاثمائة كيلو متر، هل يجوز لي أن أقضي هذه الأيام، وإذا كان كذلك ما حكم الشرع في نظركم في عملي هذا؟

الجواب: الذي أرى في هذه المسألة أن إفطارك من أجل العمل محرم ولا يجوز، وإذا كان لا يمكنك الجمع بين العمل والصوم فخذ إجازة في شهر رمضان حتى يتسنى لك أن تصوم رمضان، لأن صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام لا يجوز الإخلال به، لكنك ما دمت قد أفطرت معتقداً أن الفطر يجوز لك في هذه الحال، فإن عليك الآن قضاءه، لقول الله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] ، وعليك ألا تعود لمثل هذا العمل، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً للتوبة النصوح، وأن يرزقنا البصيرة في دينه حتى نعبده على بصيرة وندعو إليه على بصيرة.

السؤال: ما حكم الشرع فيمن يمنعون السائقين الذين يشتغلون عندهم في البيوت عن الصلاة في المساجد ويأمرونهم بالصلاة في البيوت، ولا يسمح له بالخروج إلا إذا كانوا يريدون أن يخرجوا هم - أي: أهل البيت -، وما تفسير قوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] .

الجواب: الذي ينبغي لهؤلاء القوم الذين عندهم عمال يعملون عندهم أن يمكنوهم من صلاة الجماعة، لما في ذلك من الأجر والخير الكثير، لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، وقد قال الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] ، ولا يحل لهم أن يمنعوهم من صلاة الجماعة، لأن صلاة الجماعة واجب شرعي، والواجب الشرعي مستثنىً من زمن العمل عند المسلمين، لأن طاعة الله ورسوله مقدمة على طاعة البشر، ولكن إذا منع هذا العامل من الصلاة جماعةً، ولم يكن له ممدوحة عن هذا العمل، فإنه يعذر في هذه الحال، لأنه ممنوع منها بغير اختياره، وليس له ممدوحة عن هذا العمل لأنه مصدر رزقه، ولو تركه لتضرر بذلك.

السؤال: يسأل عن قوله سبحانه وتعالى: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا [الإسراء:110]؟

الجواب: هذه الآية نزلت في النبي عليه الصلاة والسلام وهو في مكة حين كان يقرأ القرآن ويرفع صوته بذلك، فلحقه بهذا أذى من قريش، فأنزل الله عليه هذه الآية: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا [الإسراء:110] ، فأرشده الله عز وجل إلى ما فيه الخير والسلامة من أذى هؤلاء المشركين، قال: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ الجهر الذي يحصل به أذية عليك، ولا وَلا تُخَافِتْ بِهَا المخافتة التي تفوت بها المصلحة، بل اجعل هذا وسطاً بين ما تحصل به الأذية وبين ما تحصل به المصلحة، فلا تجهر الجهر الذي يؤذي، ولا تخافت المخافتة التي تفوت بها المصلحة.

السؤال: قرأت حديثاً عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأريد شرحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء

الجواب: في هذا الحديث يأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن نستوصي بالنساء خيراً، وذلك بالرفق بهن ومراعاة أحوالهن، ويبين صلى الله عليه وسلم أنهن خلقن من ضلع، وذلك بخلق حواء ، فإنها خلقت من ضلع آدم، و حواء هي أم النساء وأم الرجال أيضاً، فهي أم بني آدم، فالمرأة خلقت من هذا الضلع، ويبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن أعوج شيء في الضلع أعلاه، وأنك إذا ذهبت تقيمه - يعني: تعدله حتى يستقيم - كسرته، وإن استمتعت به استمتعت به على عوج، والمرأة كذلك إن استمتعت بها استمتعت بها على عوج وعلى نقص وتقصير، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها، وعلى هذا فالذي ينبغي للإنسان أن يراعي حال المرأة وأن يعاملها بما تقتضيه طبيعتها، فإن الرجل أعقل من المرأة وأرشد تصرفاً، فإن عاملها بالشدة لم يعش معها، وإن عاملها باللين والحكمة عاش معها وإن كان ذلك لا يتم به الاستمتاع لهذا الرجل.

السؤال: في بلدنا دارج وضع الحجاب، إما لغرض الحفظ من العين، أو للحماية من إطلاق الرصاص، أي: لا يصيب الشخص أي أذى من إطلاق النار عليه بحمد الله ولبسه للحجاب، أو بوضع في غرض تهدئة الطفل الذي يبكي كثيراً، ولكن رأيي والله أعلم هو أنه خرافة أو بدعة، واستند على قوله تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [الأنعام:17] .

ولكن في بعض الأحيان بعض الناس يقولون: إن الحجاب الذي يحتوي على بعض آيات من القرآن أو أدعية من أدعية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، عبارة عن رقية مكتوبة؛ لأن الرقية هي تؤدي إلى شفائها، فما رأي الشرع في هذه المسألة؟

الجواب: يريد السائل بالحجاب: التميمة التي تعلق على الإنسان في عنقه، أو يجعلوها في جيبه، أو يجعلوها تحت وسادته إذا نام، وهذه التمائم تكون على وجهين:

الوجه الأول: أن يكتب فيها ما لا يعلم ولا يدرى معناه، فهذه لا تحل ولا تجوز؛ لأنه لا يدرى ما الذي تشتمل عليه: أهو شرك، أم أسماء للشياطين أو لمردة الجن، أو ما أشبه ذلك من الأشياء المحرمة، فهذه لا تجوز قطعاً.

وأما الوجه الثاني: فهو التمائم التي يكتب فيها شيء من القرآن على وجهٍ واضحٍ بين يقرأ، أو شيء من الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه فيها خلاف بين العلماء، فمنهم من أجازها ومنهم من منعها، والصواب مع من منعها وأنها لا تجوز، لأن الاستشفاء بالقرآن إنما يجوز على الوجه الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بقراءته على المريض مباشرةً.

وبعض السلف يجوز أن يكتب القرآن في إناء بزعفران أو نحوه، ويصب عليه الماء ويحرك حتى يصبغ الماء بهذا اللون المكتوب به القرآن ثم يشرب.

وعلى هذا فنقول: إن تعليق التمائم واصطحابها في الجيب ووضعها تحت الوسادة لا يجوز مطلقاً، سواءً كانت من القرآن أو من غيره، ولكن يقرأ على المريض بالآيات التي يرقى بها على المرضى.

وأما قول السائل: إن رأيي أن هذا لا يفيد لأن الله تعالى يقول: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [الأنعام:17] ، فإن الآية لا تدل على منع هذا الحجاب أو هذه التميمة إذا صح أنها سبب شرعي، لأن قوله تعالى: فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [الأنعام:17] يشمل ما كشفه الله سبحانه وتعالى بسببٍ غير معلومٍ لنا، وما كشفه بسببٍ معلوم، لكن لا بد أن يكون هذا السبب معلومًا عن طريق الشرع، أو عن طريق الحس والتجربة.

السؤال: أريد معرفة الحيوانات البرية والبحرية التي يحرم أكلها، فقد سمعت أنه يجوز أكل السلحفاة مثلاً والحمام والضفادع، فهل هذا صحيح؟

الجواب: أولاً: يجب أن نعلم أن الأصل في الأطعمة والأشربة الحل، إلا ما قام الدليل على تحريمه، وإذا شككنا في شيءٍ ما: هل هو حلال أم حرام؟ فإنه حلال حتى نتبين أنه محرم، ودليل ذلك قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة:29] ، فإن قوله: (خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا) يشمل كل شيء في الأرض من حيوان ونبات ولباس وغير ذلك، وقال تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ [الجاثية:13] ، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما سكت الله عنه فهو عفو ) ، وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ) .

وعلى هذا: فالأصل في جميع الحيوانات الحل حتى يقوم دليل التحريم، فمن الأشياء المحرمة: الحمر الإنسية، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا طلحة يوم خيبر أن ينادي: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس ).

ومن ذلك: كل ما له ناب من السباع يفترس به كالذئب والأسد والفيل ونحوه.

ومن ذلك أيضاً: كل ما له مخلب من الطير يصيد به كالعقاب والبازي والصقر والشاهين والحدأة وما أشبه ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ).

ومن ذلك أيضاً: ما أمر الشرع بقتله أو نهى عن قتله، أما ما أمر الشارع بقتله فلا يؤكل؛ لأن ما أمر الشارع بقتله مؤذٍ بطبيعته، فإذا تغذى به الإنسان فقد يكتسب من طبيعة لحمه ما فيه من الأذى، فيكون ميالاً إلى أذية الناس، وأما ما نهى الشارع عن قتله فلأجل احترامه، حيث نهى الشارع عن قتله، فمما نهى عن قتله: الغراب والحدأة، ومما نهى عن قتله: النملة والنحلة والهدهد والصرد.

ومن ذلك أيضاً: ما تولد من مأكول وغيره كالبغل لأنه اجتمع فيه مبيح وحاظر، فغلب جانب الحظر، إذ لا يمكن ترك المحظور هنا إلا باجتناب المأمور فوجب العدول عنه.

ومن ذلك أيضاً ما يأكل الجيف: كالنسر والرخم وما أشبه ذلك.

هذه سبعة أنواع مما ورد الشرع بتحريمه، على أن في بعضها خلافًا بين أهل العلم، فترد الأشياء إلى أصولها، ويقال: الأصل في الطيور والحيوانات الأخرى هو الحل، حتى يقوم الدليل على التحريم.

السؤال: هل يبطل الجرح الصوم، فإذا صمت وجرحت وخرج الدم هل يبطل صومي، كذلك الاحتلام هل يبطل الصوم؟

الجواب: لا يبطل الصوم بخروج الدم من الجرح ونحوه ولو كثر، لأنه بغير اختيار الصائم، وكذلك لا يبطل الصوم بنزول المني بالاحتلام لأنه بغير اختيار الصائم، والصوم لا يفسد إلا إذا تناول الصائم المفطرات عالماً ذاكراً قاصداً، فأما إن كان جاهلاً فصومه لا يفسد، وكذلك لو كان ناسياً، وكذلك لو كان غير قاصدٍ للفعل، مثال الجهل: أن يأكل ويشرب يظن أن الفجر لم يطلع ثم يتبين أنه قد طلع فصومه صحيح.

ومثال النسيان: أن يأكل ويشرب في أثناء النهار ناسياً أنه صائم فصومه صحيح أيضاً، ومثال غير القاصد: أن يحتلم فينزل منه المني، أو يكره على الإفطار بأكلٍ أو شرب فلا يفطر بذلك.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع