خطب ومحاضرات
شرح عمدة الأحكام [38]
الحلقة مفرغة
السؤال: بعض الناس إذا تصدق بصدقة قال: بركة نازلة وهدية واصلة بالروح إلى روح النبي محمد وإلى أرواح أمواتنا أجمعين. فما حكم هذا؟
الجواب: لا حاجة إلى هذه المقالة، ويكفي فيها النية، والأولى أنه يجعلها لنفسه، أو يتصدق بها عن أمواته أو عن أموات المسلمين.
وأما قوله: إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم فلا أرى ذلك، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم له مثل أعمال أمته وإن لم يهدوا له مثلها، ولم يكن السلف يهدون إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال شيئاً؛ لأنه الذي أرشد الأمة ودلهم، فهو له مثل أعمالهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من اتبعه) ، أما المسلمون فلا بأس أن تتصدق عنهم أو تدعو لهم، سواء كانوا أقارب أم أباعد لا بأس بذلك، أما هذه المقالة فلا، لكن لو قلت -مثلاً-: اللهم! اجعل ثوابها لي ولأمواتي أو للمسلمين فلا بأس بذلك.
السؤال: يرد على ألسنة بعض الناس دعاءٌ، وهو: اللهم! استرني بسترك الجميل الذي سترت به نفسك فلا عين تراك. فهل هذا صحيح ويدعى به؟
الجواب: ما ورد هذا الدعاء، أما قوله: الذي سترت به نفسك فلا عين تراك، فهذا خاص بالله، وهو أنه لا يرى في الدنيا، وأن دونه الأنوار، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)، فلا ينبغي أن يشرك مع الرب تعالى في هذا النور أحد أو في هذا الستر، فله أن يدعو بأن يستر الله عورته ويؤمن روعته، كما ورد ذلك في حديث: (اللهم! استر عوراتي وآمن روعاتي) ، وأما قوله: سترك الجميل الذي سترت به نفسك فلا عين تراك فلم يرد مثل هذا.
السؤال: حدث أن بعض النساء قمن بخلع الحجاب ودوسه في الأرض، ويطالبن بالحرية وقيادة السيارة، فهل ما قلنه وما عملنه يعتبر من الاستهزاء بالدين؟ وما موقف طالب العلم مما حصل؟
الجواب: لا شك أن هذا الحادث حادث موجع ومفزع لأهل الإيمان ولأهل الغيرة، وأنه مما يحزن النفوس ومما يسيء إلى أهل الخير.
والواجب إنكار مثل هذا على من فعله، وإنكاره على من أقره أو دعا إليه أو حبذ هذه الفكرة ونحو ذلك.
ولا شك أنه ردة، وذلك لأن المرأة التي تلقي الجلباب عن رأسها وتدوسه في الأرض وتقول: هذا آخر العهد بك. أو: هذا جزاؤك يا أيها الجلباب أو يا أيها الخمار هذا يعتبر استهزاءً بما جاء به الشرع، من قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] ، وقوله تعالى: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59] أي: أكسيتهن وأرديتهن وقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: إحدانا ليس لها جلباب. قال: (لتلبسها صاحبتها من جلبابها) وما أشبه ذلك.
فإذاً هذه التي قالت هذه المقالة قد ردت على الله عز وجل، فيعتبر ذلك ردة والعياذ بالله.
كذلك اللاتي صدر منهن تلك الأفعال يعتبر ذلك من باب الاستهزاء، وقد ذكرنا أن المستهزئ بالدين يخرج من الملة وأنه يدخل في الكفر والعياذ بالله؛ لأنه استهزأ بالشرع، والاستهزاء بالشرع استهزاء بمن شرعه وهو الرب تعالى، وبمن بلغه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعلى كل حال فالواجب على المسلم أن يكون منكراً لهذه الحوادث ونحوها، ومنكراً على الدعاة إليها، ويبين للمسلمين الذين يجهلون فظاعة هذا الأمر وشناعته، ويبين أن الواجب على المرأة أن تقر في بيتها؛ لقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33] ، وإقراره صلى الله عليه وسلم لابنته لما قالت: (خير للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يروها)، ومعلوم أنها إذا قادت السيارة برزت للرجال، وقد تكون وحدها تشق الأسواق وتقطع الطرق والبلد من جهة إلى جهة، وتتعرض لمن يعترض لها، وربما يشير إليها رجل في ثياب امرأة، وربما تشير إلى رجل إذا كانت قليلة الإيمان، فيركب معها كأنه محرم أو كأنه قريب لها، وربما يحدث خراب في السيارة، فمن يصلحها ومن يساعدها على ذلك؟ وربما حصل منها حادث فمن يحقق معها؟ وما أشبه ذلك من المحذورات.
فلا شك أن المرأة لا يجوز لها ولا يصح أن تتولى مثل هذه الأعمال العامة؛ لما في ذلك من المحاذير.
ولا يصح ما ذكروا أن الصحابيات كن يقدن الإبل أو يركبن البعير، أو المسلمات كن يركبن البعير ونحو ذلك، ولا يصح أن يقاس على ذلك؛ لأن المرأة قد نهيت من أن تسافر ولو بريداً وليس معها محرم، وإنما تسافر مع المحرم، والعادة أن النساء إذا سافرن لا تركب على ظهر البعير، بل تركب في هودج يستر جرمها كله، ويسمى بالمحمل الذي يكون على جنب البعير، وربما يجعل على ظهر البعير ويسمى (عمارية)، من باب ستر المرأة وأن لا يبرز حتى جرمها، هكذا كانت غيرة المسلمين، إذا سافروا بالنساء جعلوهن في داخل الهوادج وفي داخل المحامل، وستروهن غاية الستر، وإذا اضطرت إلى ركوب البعير إلى مكان قريب فالبعير ليس كالسيارة، البعير يمكنها أن تقوده، ويمكنها أن تريحه، ولا يحصل غالباً منها شيء من الحوادث، ولا يحصل تعطل، ولا حاجة إلى من يصلحه ولا إلى غير ذلك، فالفرق شاسع بين البعير والحمار، والسيارات التي تحتاج كثيراً إلى من يصلحها، فلا ينبغي أن يكون هذا دليلاً مبيحاً لهذه المسألة.
وعلى كل حال المرأة قد كفاها الله المئونة، فلها محارم ولها أقارب ولها جيران يبلغونها ويسيرون بها ويقضون حوائجها، وهي في بيتها مكتنة، وخير ما للمرأة منزلها.
السؤال: إذا كان على الإنسان صوم قضاء، وأدركه رمضان ولم يقض الذي عليه، مثلاً: كان عليه عشرة أيام، ولم يستطع أو لم يتذكر إلا في الثامن والعشرين من شعبان، فماذا يفعل؟
الجواب: عليه أن يصوم ما يقدر عليه، وما بقي يصومه بعد رمضان الثاني، وعليه كفارة عن التفريط، فهذا الذي عليه عشرة أيام انتبه في اليوم الثامن والعشرين من شعبان، فصام الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين من شعبان، وتبقى عليه سبعة أيام، فهذه السبعة إذا أفطر العيد يصومها بعده مباشرة، وعليه معها إطعام سبعة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام جزاء تفريطه.
السؤال: ما حكم البيع والشراء بجانب المساجد بعد الأذان، أي: بين الأذان والإقامة كما يفعل الآن؟
الجواب: نرى أنه بعد الأذان يشتغل المصلي بالطهارة وبالإتيان إلى المسجد، ويؤجل البيع والشراء إلى ما بعد الصلاة، سواء عند المساجد أو في الدكاكين أو في المتاجر أو نحو ذلك؛ لأن الله تعالى أمر بالسعي عند النداء للجمعة، فيلحق بها غيرها، كما في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9]، فيلحق بها سائر الصلوات.
فإذاً على كل من سمع النداء للصلاة أن يتأهب لها، فيتطهر للصلاة ويتقدم، ويأتي بالنوافل التي قبل الصلاة، ويشتغل بالقراءة، ويشتغل بالذكر وما أشبه ذلك حتى تقام الصلاة، قال تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10] يعني: إذا قضيت الصلاة وفرغ منها فله أن يذهب إلى متجره أو محله ويبيع بما يسر الله، وفي الرزق الحلال كفاية عن المشتبه، وكفاية عن الشيء الذي يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة، والله تعالى نهانا عن الاشتغال بالمال والولد ونحو ذلك عن الذكر، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [المنافقون:9] ، وأفضل الذكر هو الصلاة، والتقدم إلى المساجد من أفضل الأعمال، والملائكة يكتبون الأول فالأول.
والواجب على المسلم إذا سمع النداء أن لا يشتغل بشيء من أموره، لا بشهوته، ولا بتجارته، ولا بأمور دنياه، إلا إذا كان مضطراً لذلك، كحالة الصائم الذي يتناول حاجته من الطعام إذا كان صائماً؛ لأنه ورد أن الأكل بعد الأذان وقبل الصلاة من السنة بالنسبة للصائم، فتقديم الفطر على الصلاة هذا مستثنى، ويقاس عليه من كان شديد الحاجة إلى الطعام؛ للحديث الوارد، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة ووضع العَشاء فابدؤوا بالعَشاء) ، فعرفنا أن ذلك خاص بما إذا كان شديد الحاجة إلى الأكل وشديد الجوع، بحيث إنه إذا دخل في الصلاة لم يكن مطمئناً فيها ولا مقبلاً بقلبه عليها، فهنالك يقدم الأكل حتى يسد رمقه ليقبل على الصلاة بقلب فارغ.
ومعلوم أن الذين يشتغلون بالبيع وخاصة الذين يبيعون أشياء دنيئة، كسبهم أولاً دنيء ورديء بالنسبة إلى غيرهم، فهذه الفائدة التي يرجونها كدرهم أو خمسة دراهم أو نحو ذلك قليلة بالنسبة إلى ما يفوتهم.
ثانياً: أنه لا يفوتهم شيء، فالذي يشتري منهم قبل الصلاة إذا لم يجد قبل الصلاة وبعد الأذان فإنه سيرجع إليهم بعد الصلاة فيشتري منهم حاجته، فلا يفوتهم شيء، وإذا فاتهم احتسبوا ذلك عند الله تعالى.
السؤال: هل المستثنى في قوله عز وجل: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106] القول أو الفعل؟ وهل يجوز للإنسان أن يرتكب جرماً إذا أكره؟
الجواب: الإكراه تارة يكون على القول وتارة يكون على الفعل، فإذا ألجئ المكره ولم يستطع التخلص جاز له أن يفعل ما أكره عليه، كما إذا ألجئ أن ينطق بكلمة كفر، فلا إثم عليه إذا كان قلبه مطمئناً بالإيمان، وكذلك أن يسب الإسلام أو يسب أحداً من المسلمين إذا قيل له: إن لم تفعل قتلناك أو عذبناك ولم يجد سبيلاً للتخلص.
وقد يجوز ذلك أيضاً لمصلحة، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه الذين قتلوا ابن الأشرف أن يقول في النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس بمعتقد له، وكذلك الحجاج بن علاطة لما أخبر بأنه يريد أن يذهب إلى مكة فأباح له أن يتكلم في حق النبي صلى الله عليه وسلم بما لا يعتقده، فأفاد ذلك أنه يجوز.
أما الأفعال فقد تكلم العلماء على الأفعال كثيراً، وأكثر ما تكلموا عليه مسألة القتل، فقالوا مثلاً: إذا أكره على أن يقتل فهل له ذلك وهو يعرف أن المقتول مظلوم، فيكون بذلك قد قتل من لا يستحق القتل؟
نقول: إنه إذا عرف ذلك فلا يجوز له، إلا إذا عرف أنهم سوف يقتلونه بعد أن يقتلوه هو، فيقول: إن لم أقتله قتلوني وقتلوه، فكوني أذهب نفساً واحدة أهون من نفسين؛ لأن هذا ظالم وشديد الظلم وجبار قد أكرهني وقد ألجأني إلى أن أقتل مسلماً بغير حق، وإذا لم أفعل فلابد أن يقتلني ثم يقتل من لم أقتله، ففي هذه الحال أباحوا له أن يقتله، ويكون الإثم أو القصاص على الآمر، فهذا مثال، والأمثلة كثيرة.
واختلفوا أيضاً في مسألة الإكراه على الزنا، فلو أن امرأة أحضرت رجلاً وأكرهته على أن يطأها، وألجأته وقالت: إذا لم تفعل فلابد أن أقتلك، ولابد أن أقول وأقول. فهل يتصور الإكراه على الزنا؟ في ذلك خلاف، والأكثر على أنه لا يتصور؛ لأنه قد لا تحصل له شهوة ورغبة مع الإكراه، فلا يتصور ذلك، هذا هو القول الصحيح، وأما بقية الأفعال فإنه يتصور فيها الإكراه.
وعلى كل حال إذا كان هناك تهديد بقتل ولد أو بأخذ مال أو ما أشبه ذلك فإنه يصبح عذراً في فعل ما أكره عليه.
والأفضل أنه يصبر على الأذى ويصبر على العذاب إذا كان عنده تحمل.
السؤال: هل يجوز للمكره أن يفعل أشياء تخالف الشرع حتى يتخلص من الإكراه؟
الجواب: هذه أشياء قد تدخل فيما فعله بعض الصحابة، فقد ذكر ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ [النحل:106] قصة بعض الصحابة الذين أسروا، فاضطروا لأنهم في حالة الإكراه أن يفعلوا أشياء لا تجوز في الشرع، وذلك لتخليص أنفسهم من الأسر ومن الأذى، فإذا فعل ذلك وهو مكره وألجئ على أن يفعل مثل هذه الأفعال فإنه معذور، ولو سجد للصنم مثلاً، ولو مدح ولياً أو دعاه، إذا كان سبيله التخلص من هذا الشر وقلبه مطمئن بالإيمان فلعله معذور في ذلك، ولكن إن استطاع التخلص بغيره فإنه يفعله إن استطاع التخلص من شرهم، وإن استطاع الصبر والتحمل فله ذلك.
أما قصة الرجل الذي قرب ذباباً فخلوا سبيله فدخل النار فقد ذكر العلماء أنه لم يكن مكرهاً، وإنما بمجرد ما دعوه قرب ذلك احتقاراً له، وكأنه عظم صنمهم بهذا القربان، فلو كان قد هدد بالقتل كأن قيل له: لا نخلي سبيلك إلا إذا فعلت ذلك. وفعل ذلك من غير اعتقاد فإنه لم يكن آثماً إذا قربه من غير اعتقاد تعظيم ومن غير اعتقاد احترام لهذا الصنم، وأما صاحبه الآخر فذكروا أنه لم يقرب فقتل، فهم طلبوا منه أن يقرب فأبى وصبر فقتل.
السؤال: ما الراجح في تعليق العقود والفسوخ والولايات؟
الجواب: تعليقها هل المراد به تعليقها على شروط، أو تعليقها على غير شروط؟
فإذا كان المراد تعليقها على شرط، وكان ذلك الشرط لا ينافي مقتضى العقد فلا بأس بذلك، كأن يقول مثلاً: بعتك بشرط أن تنقدني الثمن في ثلاثة أيام. أو يقول الرجل مثلاً: زوجتك بشرط أن تصدق ابنتي كذا وكذا من المهر وتدفعه في اليوم الفلاني أو يقول: أطلق ابنتك بشرط أن تدفع لي ما دفعت لها. فهذا شرط صحيح، تعليق لهذه العقود بهذه الشروط، فإذا لم يتم الشرط لم يتم العقد أو الفسخ أو نحو ذلك، وهكذا يقال في المعاملات.
أما التعليق بغير شرط، كأن يقول: بعتك إذا شئتُ. أو: متى شئتُ أعطيتك أو وهبتك أو أنكحتك فهذا تعليق غير محدد بوقت، ومثل أن يقول: بعتك بيعاً معلقاً لا يدرى وقته، فإذا لم يكن التعليق محدداً ولا معلقاً بوقت أو فعل لم يصح التعليق، ولم ينعقد ذلك العقد.
السؤال: هل المداعبة كالتقبيل وغيره تفطر وتفسد الصوم مع نزول المذي؟
الجواب: اختلف في إنزال المذي، ولم يختلفوا في إنزال المني، أما المني إذا نزل -وهو الماء الأبيض المعروف- فالصحيح أنه يفطر ويفسد الصوم، والغالب أنه لا ينزل إلا بسبب، وهو بتكرار النظر، أو بالمداعبة، أو باللمس، أو بالضم، أو بالتقبيل، فإذا حصل منه الإنزال وهو صائم فإن عليه أن يعيد ذلك اليوم.
أما المذي -وهو الماء الأبيض الرقيق الذي يخرج عند الشهوة، ولاسيما من الشباب- فالغالب أنه يخرج بكثرة، وأن الشاب قد لا يملك نفسه، بل كثير منهم عندما يرى أدنى شهوة أو يرى أدنى نظرة ينزل منه هذا المذي، ففي هذه الحال الأقرب أنه لا يفطر للمشقة ولكثرته من كثير من الشباب، هذا إذا كان لمجرد عارض.
أما إذا كان بتسبب فإنه يفطر، إذا كان بتسبب كأن كرر النظر، أو ضم، أو قبل، أو لمس بشهوة حتى حصل منه هذا المذي أو المني فإنه يلزمه أن يقضي.
السؤال: مَنْ مِنَ المحققين قال: إن الناسي في الجماع يعفى عنه ويصح صومه، مع ذكر المذاهب؟
الجواب: قال ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وذلك لأنه نظر إلى أن الأحاديث والألفاظ عامة. وأكثر الأئمة لم يذكروه، وقالوا: إن الحديث اقتصر على من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، ولأنه لم يقل: أو وطئ. فقالوا: إنه لا يتصور النسيان في الجماع لطول مدته ولكونه من شخصين، فلأجل ذلك لم يعذروه.
ولكن إذا نظرنا في التعليلات التي علل بها شيخ الإسلام وعموم الأدلة ترجح لنا أنه إذا تحقق ما قاله من النسيان الكامل بين الزوجين مدة الوطء حتى حصل الانفصال فالصحيح أنه إنما يقضي وليس عليه كفارة.
استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح عمدة الأحكام [4] | 2581 استماع |
شرح عمدة الأحكام [29] | 2579 استماع |
شرح عمدة الأحكام [47] | 2517 استماع |
شرح عمدة الأحكام [36] | 2499 استماع |
شرح عمدة الأحكام 6 | 2439 استماع |
شرح عمدة الأحكام 9 | 2368 استماع |
شرح عمدة الأحكام 53 | 2354 استماع |
شرح عمدة الأحكام [31] | 2338 استماع |
شرح عمدة الأحكام 56 | 2329 استماع |
شرح عمدة الأحكام 7 | 2328 استماع |