شرح عمدة الأحكام [13]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله: [باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل أن يقرأ، فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه، ولم يصوبه، ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي قاعداً، وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان، وينهى أن يفترش الرجل ذراعية افتراش السبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم)].

دعاء الاستفتاح وما اشتمل عليه من معان

هذه الأحاديث في صفة الصلاة، فالحديث الأول يتعلق بالاستفتاح، وهو: الدعاء بين التكبير والقراءة، وهو من سنن الصلاة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يلزم به أمته، ولم يعلمهم دعاءً محدداً، بل دعا بجملة كثيرة من الأدعية، فدل على أن الأمر فيه سعة، فإن أتى به فهو سنة وفضيلة، وإن لم يأت به وابتدأ بالقراءة فإن صلاته مجزئة إن شاء الله.

أول ما يكبر يأتي بالاستفتاح، وأصح الاستفتاحات ما في هذا الحديث أن يقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

إذا قلت هذا فكأنك تعترف بالخطايا، وتطلب من ربك إزالتها وإزالة أثرها، فأنت تطلب أموراً:

الأول: الإبعاد، أن تبعد عنك حتى لا يضرك أثرها، فإذا كان بينك وبينها بعد المشرقين دل على أنها لا تضرك.

الثاني: الغسل منها بأنواع ما يغسل به: الماء والثلج والبرد.

ويقول بعض العلماء: اختيار الثلج والبرد مع أنه شديد البرودة؛ ليطفئ حرارة الذنوب، فكأن الذنوب لها حرارة على البدن وعلى القلب، فإذا استعمل الثلج خففت تلك الحرارة وأزال أثرها.

والثالث: التنقية، كأنه يقول: إن الذنوب تدنس صاحبها وتوسخه، فهي تكسب صاحبها قذراً ووسخاً ودنساً كثيراً، فهو بحاجة إلى ما يزيل ذلك الدنس، مع طلبه من ربه أن ينظفه منها ويطهره كتطهير الثوب الأبيض شديد البياض من الدنس، يعني: إذا طهر زال عنه أي دنس وأي وسخ وأي قذر، فهكذا طلب من ربه إزالة آثارها.

هذا الاستفتاح متفق عليه يعني: رواه البخاري ومسلم ، فهو حديث صحيح.

تعدد أدعية الاستفتاح يقتضي التنويع في استعمالها

هناك استفتاحات أخرى، منها: ما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بقوله: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)، واختار هذا الاستفتاح الإمام أحمد ، وقال: إنه ثناء وذكر وتنزيه وتقديس لله تعالى وتوحيد له.

والثناء يقوم مقام الدعاء، فقد روي في بعض الآثار القدسية أن الله يقول: (من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)، فهذا سبب اختيار الإمام أحمد للاستفتاح الذي فيه الثناء: سبحانك اللهم وبحمدك.. إلى آخره.

هناك استفتاح أيضاً في السنن، مبدوء بقوله: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض..) إلى آخره، مروي عن علي رضي الله عنه، وهو استفتاح طويل يستحبه أيضاً بعض العلماء.

وهناك استفتاح رابع لكن نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم استعماله في التهجد إذا قام من الليل وهو قوله: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل..) إلى آخره.

هذا الدعاء استفتاح وتوسل.

هناك أيضاً أدعية أخرى عن الاستفتاحات وقد كتب فيها شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة مطبوعة بعنوان: أنواع الاستفتاحات، ورجح أن الكل صحيح، وأن النبي صلى الله عليه وسلم تارة يستعمل هذا وتارة يستعمل هذا، وأنه لما لم يعلم الأمة واحداً منها ويقصرهم عليه؛ دل على أن الأمر فيه سعة.

وقد استحب شيخ الإسلام وكثير من العلماء أن يأتي بهذا تارة وأن يأتي بهذا تارة، يعني: أن تستعمل قوله: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي ..) حيناً، وتستعمل حيناً آخر قوله: (سبحانك اللهم وبحمدك ..) إلى آخره، وتارة تستعمل قوله: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ..) إلى آخره، وحيناً تستعمل قوله: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل ..) إلى آخره، يقولون: حتى لا يبقى شيء من السنة مهجوراً.

إذا عملت هذا حيناً وهذا حيناً عملت بالسنة كلها.

فتعلمها وحفظها سهل، وهي ميسرة، وفي سنن النسائي أوردها متوالية تحت عنوان: الدعاء بين التكبير والقراءة، ثم قال: نوع آخر من الدعاء بين التكبير والقراءة، ثم قال: نوع آخر، وهكذا حتى أورد عدة أنواع، وغيره من الأئمة سردوها تحت هذا العنوان.

فإذا حفظها الإنسان وأتى بها كلها أحيا بذلك السنة، ولكن مع ذلك إذا كان يريد أن يختار فيختار واحداً يكثر منه، يكون أكثر استعمالاً له، والبقية يأتي بها أحياناً، في كل أسبوع مرة أو في كل أسبوع مرتين أو نحو ذلك، حتى يعمل بما بلغه من الشريعة.

وقد عرفنا أنه من السنة وليس من الواجب ولا تبطل الصلاة بتركه.

الاستعاذة تلي الاستفتاح

ثم بعد الاستفتاح يأتي بالاستعاذة لقول الله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98] والاستعاذة المنقولة أن يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم بعض صحابته.

هذه الأحاديث في صفة الصلاة، فالحديث الأول يتعلق بالاستفتاح، وهو: الدعاء بين التكبير والقراءة، وهو من سنن الصلاة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يلزم به أمته، ولم يعلمهم دعاءً محدداً، بل دعا بجملة كثيرة من الأدعية، فدل على أن الأمر فيه سعة، فإن أتى به فهو سنة وفضيلة، وإن لم يأت به وابتدأ بالقراءة فإن صلاته مجزئة إن شاء الله.

أول ما يكبر يأتي بالاستفتاح، وأصح الاستفتاحات ما في هذا الحديث أن يقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

إذا قلت هذا فكأنك تعترف بالخطايا، وتطلب من ربك إزالتها وإزالة أثرها، فأنت تطلب أموراً:

الأول: الإبعاد، أن تبعد عنك حتى لا يضرك أثرها، فإذا كان بينك وبينها بعد المشرقين دل على أنها لا تضرك.

الثاني: الغسل منها بأنواع ما يغسل به: الماء والثلج والبرد.

ويقول بعض العلماء: اختيار الثلج والبرد مع أنه شديد البرودة؛ ليطفئ حرارة الذنوب، فكأن الذنوب لها حرارة على البدن وعلى القلب، فإذا استعمل الثلج خففت تلك الحرارة وأزال أثرها.

والثالث: التنقية، كأنه يقول: إن الذنوب تدنس صاحبها وتوسخه، فهي تكسب صاحبها قذراً ووسخاً ودنساً كثيراً، فهو بحاجة إلى ما يزيل ذلك الدنس، مع طلبه من ربه أن ينظفه منها ويطهره كتطهير الثوب الأبيض شديد البياض من الدنس، يعني: إذا طهر زال عنه أي دنس وأي وسخ وأي قذر، فهكذا طلب من ربه إزالة آثارها.

هذا الاستفتاح متفق عليه يعني: رواه البخاري ومسلم ، فهو حديث صحيح.

هناك استفتاحات أخرى، منها: ما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بقوله: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)، واختار هذا الاستفتاح الإمام أحمد ، وقال: إنه ثناء وذكر وتنزيه وتقديس لله تعالى وتوحيد له.

والثناء يقوم مقام الدعاء، فقد روي في بعض الآثار القدسية أن الله يقول: (من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)، فهذا سبب اختيار الإمام أحمد للاستفتاح الذي فيه الثناء: سبحانك اللهم وبحمدك.. إلى آخره.

هناك استفتاح أيضاً في السنن، مبدوء بقوله: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض..) إلى آخره، مروي عن علي رضي الله عنه، وهو استفتاح طويل يستحبه أيضاً بعض العلماء.

وهناك استفتاح رابع لكن نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم استعماله في التهجد إذا قام من الليل وهو قوله: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل..) إلى آخره.

هذا الدعاء استفتاح وتوسل.

هناك أيضاً أدعية أخرى عن الاستفتاحات وقد كتب فيها شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة مطبوعة بعنوان: أنواع الاستفتاحات، ورجح أن الكل صحيح، وأن النبي صلى الله عليه وسلم تارة يستعمل هذا وتارة يستعمل هذا، وأنه لما لم يعلم الأمة واحداً منها ويقصرهم عليه؛ دل على أن الأمر فيه سعة.

وقد استحب شيخ الإسلام وكثير من العلماء أن يأتي بهذا تارة وأن يأتي بهذا تارة، يعني: أن تستعمل قوله: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي ..) حيناً، وتستعمل حيناً آخر قوله: (سبحانك اللهم وبحمدك ..) إلى آخره، وتارة تستعمل قوله: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ..) إلى آخره، وحيناً تستعمل قوله: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل ..) إلى آخره، يقولون: حتى لا يبقى شيء من السنة مهجوراً.

إذا عملت هذا حيناً وهذا حيناً عملت بالسنة كلها.

فتعلمها وحفظها سهل، وهي ميسرة، وفي سنن النسائي أوردها متوالية تحت عنوان: الدعاء بين التكبير والقراءة، ثم قال: نوع آخر من الدعاء بين التكبير والقراءة، ثم قال: نوع آخر، وهكذا حتى أورد عدة أنواع، وغيره من الأئمة سردوها تحت هذا العنوان.

فإذا حفظها الإنسان وأتى بها كلها أحيا بذلك السنة، ولكن مع ذلك إذا كان يريد أن يختار فيختار واحداً يكثر منه، يكون أكثر استعمالاً له، والبقية يأتي بها أحياناً، في كل أسبوع مرة أو في كل أسبوع مرتين أو نحو ذلك، حتى يعمل بما بلغه من الشريعة.

وقد عرفنا أنه من السنة وليس من الواجب ولا تبطل الصلاة بتركه.

ثم بعد الاستفتاح يأتي بالاستعاذة لقول الله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98] والاستعاذة المنقولة أن يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم بعض صحابته.

البسملة واستحباب الإسرار بها

وبعد ذلك يأتي بالبسملة ويأتي بها سراً، هذا هو المشهور من السنة النبوية، ودليله: حديث عائشة الذي تقول فيه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير) يعني: بالتحريم لتكبيرة الإحرام، أي: لا يجعل بدلها سبحان الله، ولا لا إله إلا الله، ولا الحمد الله، ولا لا حول ولا قوة إلا بالله!

بل يبدأ الصلاة بقول: الله أكبر، كما أنه يستعمل التكبير في التنقل، الذي هو تكبير الانتقال، فهذا هو المشهور عنه، وهذه التكبيرة ركن، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، فجعل التكبير تحريمها، فأخذوا من ذلك أن هذا التكبير ركن، فتكبيرة الإحرام ركن لا تتم الصلاة إلا بها.

تقول عائشة: (والقراءة بالحمد لله) يعني: ويستفتح القراءة بقوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، هذا هو الذي يسمع المأمومين أول ما يسمعون منه: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] ثم يتم الفاتحة، وليس المراد أنه يستفتح القراءة بالفاتحة، بل المراد أنه يأتي بكلمة: الحمد لله رب العالمين مبدأ لقراءته، أي: يبدأ القراءة بهذه الكلمة.

ويأتينا أنه لا يستعمل البسملة، فإن هذا الحديث دليل على أنه لم يكن يأتي بالبسملة -يعني بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم- وقد خالف في ذلك الشافعية فاستحبوا البداءة بالبسملة.

وأجابوا عن حديث عائشة هذا أن المراد: (يستفتح القراءة بالفاتحة) ولكن هذا في الحقيقة كلام لا حقيقة له ولا معنى له، لقد كان يقرأ الفاتحة قبل السورة وكان ذلك معلوماً من صلاته بالضرورة، ولا حاجة إلى ذكره؛ لأنه أشهر من أن يذكر، فكيف يجعل محملاً لهذا الكلام؟!

بل الصواب أن محمله أنه يأتي بالقراءة مبدوءة بقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2].

فهذه الجملة الثانية، يعني: في حديث عائشة عشر جمل:

الجمل المستفادة من حديث عائشة في صفة الصلاة

الجملة الأولى: الاستفتاح بالتكبير.

والجملة الثانية: بداءة القراءة بالحمد لله يعني: بقول: الحمد لله، دون أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم.

الجملة الثالثة: صفة الركوع، تقول: (إنه إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه)، فالتصويب: الرفع، والتشخيص: الخفض، (لم يصوبه) يعني: لم يجعل رأسه مرتفعاً كرأس الطائر، ولم يصوب رأسه ولم يخفضه يعني: التدنية، يعني: أنه يجعل رأسه في أعلى ظهره، فلا يشخصه ولا يصوبه، فالإشخاص: أن يدنيه، والتصويب: أن يرفعه.

بل كان يجعله محاذياً لظهره، ويجعل ظهره مستوياً، فلا يجعله محدودباً، وقد ورد النهي عن تحديب الظهر، فالتحديب هو أن يقوس ظهره كأنه قوس، وقد كان يجعله مستوياً بحيث لو وضع عليه إناء لركد، هذا الصواب.

الجملة الرابعة: الطمأنينة في الرفع: (إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً) يستوي قائماً: ويقف ويعود كل عضو إلى مكانه، ومعلوم أيضاً أنه يطيل هذا القيام حتى يقول القائل: قد نسي.

الجملة الخامسة: إذا رفع من السجدة الأولى جلس ولم يسجد السجدة الثانية حتى يستوي جالساً ويطيل أيضاً، حتى يقول القائل: قد نسي، يطيلها بين الركنين، وقد ابتلي كثير من الناس بتخفيفهما، كثير من الناس تشاهده أنه أول ما يرفع وإذا به ساجد، وكذلك يفعل في القيام إذا ركع ثم رفع، فأول ما يرفع وإذا به ينزل.

ومن كان جالساً ثم سجد وإذا به يسجد للسجدة الثانية دون طمأنينة، فمثل هذا خالف السنة ولم يأت بالطمأنينة المطلوبة، ولم يأت بالفاصل المعروف بين السجدتين، ولم يأت بهذا الدعاء الذي ورد فيها من قولها: (رب اغفر لي وارحمني..) إلى آخره.

فهذه خمس جمل.

الجملة السادسة: تقول: (وكان يقول في كل ركعتين التحية) يعني: كل ركعتين يتشهد بينهما ويسلم، ويأتي بقوله: (التحيات لله..) إلى آخره، وهو التشهد المعروف.

صفة جلوسه صلى الله عليه وسلم بين السجدتين وفي التشهد

الجملة السابعة: قولها: (وكان يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها) يعني: في حالة جلوسه يطمئن فيفرش رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، فيجعلها خارجة من تحته منتصبة، وبطون أصابعها إلى الأرض، ورءوس الأصابع إلى القبلة، هذه صفة الجلوس بين السجدتين أو الجلوس في التشهد الأول ونحو ذلك.

وقد ورد في حديث أبي حميد : (أنه يتورك في التشهد الأخير) أي: التشهد الذي قبل السلام وهو الذي يسلم بعده، ولكن أبا حميد وصف الصلاة الرباعية، فذكر أنه في التشهد الأول يفترش، وفي التشهد الأخير يتورك، فيخرج رجليه من تحته ويجلس بمقعدته على الأرض، هذا إذا كان هناك متسع.

ومن العلماء من يقول: لا يتورك إلا إذا كان محتاجاً لكبر أو مرض، فهو الذي لا تحمله رجله، كما روي: (أن ابن عمر صلى ومعه ولده، فلما صلى تورك، فتورك ابنه ونهاه، قال: لماذا تتورك وتخرج رجليك من تحتك؟ فقال: إن رجلي لا تحملاني) يعني: أنه لكبر سنه يشق عليه أن يجلس جلسة المفترش.

وبعض العلماء يقول: يفترش في صلاته كلها، في التشهد الأول والتشهد الأخير، وسواء كانت الصلاة ركعتين أو أربعاً، فلا يتورك.

وبعضهم يقول: يتورك في كل تشهد بعده سلام، كتشهد صلاة الفجر، وصلاة الجمعة، وصلاة النفل الركعتين ونحو ذلك.

وبعضهم يقول: لا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان، يتورك في التشهد الأخير منهما، وهذا هو الذي اختاره الإمام أحمد .

هذا صفة جلوسه أنه يجلس مفترشاً يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى.

النهي عن عقبة الشيطان وعن افتراش السبع في الجلوس في الصلاة

الجملة الثامنة: قولها: (وكان ينهى عن عقبة الشيطان)، وعقبة الشيطان: أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه، هذه الجلسة تسمى: عقبة الشيطان، كان ينهى عنها؛ وذلك لأنها تدل على عدم الطمأنينة، وتدل على عدم الارتياح في الصلاة، وعلى العجلة أو نحو ذلك، فإذا جلس مستوفزاً رافعاً قدميه وجلس بإليتيه عليهما لم يطمئن في صلاته، فجلسته هذه تدل على الجفاء.

وهكذا لو نصب إحدى رجليه عن يمينه والأخرى عن يساره وجلس بينهما وهما منتصبتان، يصدق على ذلك أنه عقبة الشيطان.

الجملة التاسعة: ذكرت أنه ينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، يعني: إذا سجد لا يبسط ذراعية على الأرض كافتراش السبع، فالسبع أو الكلب يبسط يديه إذا أقعى فإنه يمد يديه أو يمد رجليه على الأرض فنهي عن التشبه به.

والمأمور أنك إذا سجدت تسجد على الكفين وترفع الذراعين ولا تبسطهما على الأرض حتى تكون بذلك ساجداً سجوداً حقيقياً، فيدل ذلك على صدق الرغبة وعلى محبة العبادة وعلى النشاط فيها والبعد عن الكسل، فهذه الصفة التي هي بسط الذراعين صفة المتكاسلين.

الجملة العاشرة والأخيرة: ذكرت أنه (يختم الصلاة بالتسليم)، وقد دل على ذلك الحديث الذي ذكرنا: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) فيختم بقوله: السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله.

وبالجملة فهذا الحديث اشتمل على صفات عديدة، والتوسع فيها وذكر الخلاف فيها والكيفية وما إلى ذلك يحتاج إلى وقت طويل، ولكنها -والحمد لله- واضحة، والمسلمون يعرفون كيف يبدءون صلاتهم وكيف يختمونها وكيف يفعلون، يشاهدون ذلك من أئمتهم سواء بالأفعال التي يرونهم يفعلونها، أو بسماع ما يسمعونه من الأدلة ومن شروحها ومن توجيهاتهم.

وبعد ذلك يأتي بالبسملة ويأتي بها سراً، هذا هو المشهور من السنة النبوية، ودليله: حديث عائشة الذي تقول فيه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير) يعني: بالتحريم لتكبيرة الإحرام، أي: لا يجعل بدلها سبحان الله، ولا لا إله إلا الله، ولا الحمد الله، ولا لا حول ولا قوة إلا بالله!

بل يبدأ الصلاة بقول: الله أكبر، كما أنه يستعمل التكبير في التنقل، الذي هو تكبير الانتقال، فهذا هو المشهور عنه، وهذه التكبيرة ركن، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، فجعل التكبير تحريمها، فأخذوا من ذلك أن هذا التكبير ركن، فتكبيرة الإحرام ركن لا تتم الصلاة إلا بها.

تقول عائشة: (والقراءة بالحمد لله) يعني: ويستفتح القراءة بقوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، هذا هو الذي يسمع المأمومين أول ما يسمعون منه: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] ثم يتم الفاتحة، وليس المراد أنه يستفتح القراءة بالفاتحة، بل المراد أنه يأتي بكلمة: الحمد لله رب العالمين مبدأ لقراءته، أي: يبدأ القراءة بهذه الكلمة.

ويأتينا أنه لا يستعمل البسملة، فإن هذا الحديث دليل على أنه لم يكن يأتي بالبسملة -يعني بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم- وقد خالف في ذلك الشافعية فاستحبوا البداءة بالبسملة.

وأجابوا عن حديث عائشة هذا أن المراد: (يستفتح القراءة بالفاتحة) ولكن هذا في الحقيقة كلام لا حقيقة له ولا معنى له، لقد كان يقرأ الفاتحة قبل السورة وكان ذلك معلوماً من صلاته بالضرورة، ولا حاجة إلى ذكره؛ لأنه أشهر من أن يذكر، فكيف يجعل محملاً لهذا الكلام؟!

بل الصواب أن محمله أنه يأتي بالقراءة مبدوءة بقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2].

فهذه الجملة الثانية، يعني: في حديث عائشة عشر جمل:

الجملة الأولى: الاستفتاح بالتكبير.

والجملة الثانية: بداءة القراءة بالحمد لله يعني: بقول: الحمد لله، دون أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم.

الجملة الثالثة: صفة الركوع، تقول: (إنه إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه)، فالتصويب: الرفع، والتشخيص: الخفض، (لم يصوبه) يعني: لم يجعل رأسه مرتفعاً كرأس الطائر، ولم يصوب رأسه ولم يخفضه يعني: التدنية، يعني: أنه يجعل رأسه في أعلى ظهره، فلا يشخصه ولا يصوبه، فالإشخاص: أن يدنيه، والتصويب: أن يرفعه.

بل كان يجعله محاذياً لظهره، ويجعل ظهره مستوياً، فلا يجعله محدودباً، وقد ورد النهي عن تحديب الظهر، فالتحديب هو أن يقوس ظهره كأنه قوس، وقد كان يجعله مستوياً بحيث لو وضع عليه إناء لركد، هذا الصواب.

الجملة الرابعة: الطمأنينة في الرفع: (إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً) يستوي قائماً: ويقف ويعود كل عضو إلى مكانه، ومعلوم أيضاً أنه يطيل هذا القيام حتى يقول القائل: قد نسي.

الجملة الخامسة: إذا رفع من السجدة الأولى جلس ولم يسجد السجدة الثانية حتى يستوي جالساً ويطيل أيضاً، حتى يقول القائل: قد نسي، يطيلها بين الركنين، وقد ابتلي كثير من الناس بتخفيفهما، كثير من الناس تشاهده أنه أول ما يرفع وإذا به ساجد، وكذلك يفعل في القيام إذا ركع ثم رفع، فأول ما يرفع وإذا به ينزل.

ومن كان جالساً ثم سجد وإذا به يسجد للسجدة الثانية دون طمأنينة، فمثل هذا خالف السنة ولم يأت بالطمأنينة المطلوبة، ولم يأت بالفاصل المعروف بين السجدتين، ولم يأت بهذا الدعاء الذي ورد فيها من قولها: (رب اغفر لي وارحمني..) إلى آخره.

فهذه خمس جمل.

الجملة السادسة: تقول: (وكان يقول في كل ركعتين التحية) يعني: كل ركعتين يتشهد بينهما ويسلم، ويأتي بقوله: (التحيات لله..) إلى آخره، وهو التشهد المعروف.

الجملة السابعة: قولها: (وكان يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها) يعني: في حالة جلوسه يطمئن فيفرش رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، فيجعلها خارجة من تحته منتصبة، وبطون أصابعها إلى الأرض، ورءوس الأصابع إلى القبلة، هذه صفة الجلوس بين السجدتين أو الجلوس في التشهد الأول ونحو ذلك.

وقد ورد في حديث أبي حميد : (أنه يتورك في التشهد الأخير) أي: التشهد الذي قبل السلام وهو الذي يسلم بعده، ولكن أبا حميد وصف الصلاة الرباعية، فذكر أنه في التشهد الأول يفترش، وفي التشهد الأخير يتورك، فيخرج رجليه من تحته ويجلس بمقعدته على الأرض، هذا إذا كان هناك متسع.

ومن العلماء من يقول: لا يتورك إلا إذا كان محتاجاً لكبر أو مرض، فهو الذي لا تحمله رجله، كما روي: (أن ابن عمر صلى ومعه ولده، فلما صلى تورك، فتورك ابنه ونهاه، قال: لماذا تتورك وتخرج رجليك من تحتك؟ فقال: إن رجلي لا تحملاني) يعني: أنه لكبر سنه يشق عليه أن يجلس جلسة المفترش.

وبعض العلماء يقول: يفترش في صلاته كلها، في التشهد الأول والتشهد الأخير، وسواء كانت الصلاة ركعتين أو أربعاً، فلا يتورك.

وبعضهم يقول: يتورك في كل تشهد بعده سلام، كتشهد صلاة الفجر، وصلاة الجمعة، وصلاة النفل الركعتين ونحو ذلك.

وبعضهم يقول: لا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان، يتورك في التشهد الأخير منهما، وهذا هو الذي اختاره الإمام أحمد .

هذا صفة جلوسه أنه يجلس مفترشاً يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى.

الجملة الثامنة: قولها: (وكان ينهى عن عقبة الشيطان)، وعقبة الشيطان: أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه، هذه الجلسة تسمى: عقبة الشيطان، كان ينهى عنها؛ وذلك لأنها تدل على عدم الطمأنينة، وتدل على عدم الارتياح في الصلاة، وعلى العجلة أو نحو ذلك، فإذا جلس مستوفزاً رافعاً قدميه وجلس بإليتيه عليهما لم يطمئن في صلاته، فجلسته هذه تدل على الجفاء.

وهكذا لو نصب إحدى رجليه عن يمينه والأخرى عن يساره وجلس بينهما وهما منتصبتان، يصدق على ذلك أنه عقبة الشيطان.

الجملة التاسعة: ذكرت أنه ينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، يعني: إذا سجد لا يبسط ذراعية على الأرض كافتراش السبع، فالسبع أو الكلب يبسط يديه إذا أقعى فإنه يمد يديه أو يمد رجليه على الأرض فنهي عن التشبه به.

والمأمور أنك إذا سجدت تسجد على الكفين وترفع الذراعين ولا تبسطهما على الأرض حتى تكون بذلك ساجداً سجوداً حقيقياً، فيدل ذلك على صدق الرغبة وعلى محبة العبادة وعلى النشاط فيها والبعد عن الكسل، فهذه الصفة التي هي بسط الذراعين صفة المتكاسلين.

الجملة العاشرة والأخيرة: ذكرت أنه (يختم الصلاة بالتسليم)، وقد دل على ذلك الحديث الذي ذكرنا: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) فيختم بقوله: السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله.

وبالجملة فهذا الحديث اشتمل على صفات عديدة، والتوسع فيها وذكر الخلاف فيها والكيفية وما إلى ذلك يحتاج إلى وقت طويل، ولكنها -والحمد لله- واضحة، والمسلمون يعرفون كيف يبدءون صلاتهم وكيف يختمونها وكيف يفعلون، يشاهدون ذلك من أئمتهم سواء بالأفعال التي يرونهم يفعلونها، أو بسماع ما يسمعونه من الأدلة ومن شروحها ومن توجيهاتهم.

قال المؤلف رحمه الله: [وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، وكان لا يفعل ذلك في السجود) .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- واليدين والركبتين وأطراف القدمين) متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل ذلك في صلاته كلها حتى يقضيها، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس)].

هذه الأحاديث في صفة الصلاة، الحديث الأول في رفع اليدين ومواضعه.

والحديث الثاني: في أعضاء السجود وأسمائها وعددها.

والحديث الثالث: في تكبيرات الانتقال وعددها.

مواضع رفع اليدين في الصلاة وكيفيته

فرفع اليدين ورد في ثلاثة مواضع في حديث ابن عمر ، وورد في موضع رابع، وأكثر ما ورد وروداً ثابثاً في هذه الثلاثة.

ذكر في هذا الحديث أنه إذا استفتح الصلاة رفع يديه، يعني: عندما يكبر تكبيرة الإحرام، فابتداء الرفع مع ابتداء التكبير، وانتهاؤه إلى المنكبين، وتكون كل يد محاذية لمنكبها.

وورد في بعض الروايات: أنه يرفع يديه إلى أذنيه، وجمع بينهما بأن أصابعه تحاذي الأذنين، وأن الكف يحاذي المنكب، فيكون بذلك رفعاً متوسطاً عند استفتاح الصلاة، يعني: عند تكبيرة الإحرام، وهذا الرفع هو آكدها، وهو متفق عليه بين الأئمة الأربعة، الأئمة كلهم يرون أن هذا الرفع من سنن الصلاة، ولم يقل أحد إنه من الواجبات.

عرفنا أن رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام آكد ما روي في الرفع وأنه متفق عليه.

والحكمة فيه كما قال بعض العلماء: رفع الحجاب، إشارة إلى أنه يرفع الستر والحجب ويدخل على ربه، فعند ذلك يخشع، كأنه إذا رفع هذه الحجب لم يبق بينه وبين ربه ما يستره، وبكل حال فهو من سنن الصلاة، وابتداء الرفع وتحريك اليدين يكون من ابتداء التكبير، وانتهاؤه بانتهاء التكبير.

وبعد ذلك يضع يديه على صدره وهو أقوى ما ورد في وضعهما، وهناك من يقول: تحت سرته، ومن يقول: فوق سرته، ولكن الأصح أنهما على صدره، هذا هو الأرجح.

أما عند الركوع وعند الرفع من الركوع فقد ثبت في هذا الحديث وعدة أحاديث كثيرة صريحة بأنه يرفع يديه إذا ابتدأ تكبير الركوع، قبل أن ينحني، ثم ينحني بظهره ويمد يديه ويكون تكبيره في حالة انحنائه، يعني: أنه قبل أن يتحرك يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه، ثم يكبر حال كونه منحنياً للركوع، فيضع يديه على ركبتيه مفرقتي الأصابع، فهذا أيضاً رفع مسنون.

كذلك إذا تحرك من الركوع رافعاً للقيام رفعهما، فإذا استتم قائماً وإذا هو قد انتهى من رفعهما محاذياً لمنكبيه، فعند ذلك أيضاً يردهما إلى صدره، وفي حالة وقوفه ومعلوم أنه يقول: سمع الله لمن حمده، في حالة حركته وارتفاعه من الركوع، ويقول في حالة قيامه: ربنا ولك الحمد، هذه المواضع الثلاثة.

أما حالة انحطاطه إلى السجود، أو رفعه من السجدة الأولى إلى الجلسة، أو خروره إلى السجدة الثانية، أو قيامه من السجدة الثانية إلى الركعة، فلا يفعل ذلك؛ لأن ابن عمر ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يفعل ذلك فقال: (كان لا يفعل ذلك في السجود) أي: لا في الانحطاط إليه ولا في الرفع منه، هذا هو المشروع.

وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه أيضاً إذا قام من الركعتين .. أي: إذا قام من التشهد الأول للركعة الثالثة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، كما يفعل إذا افتتح الصلاة، فيكون هذا أيضاً موضعاً رابعاً في الصلاة الرباعية أو الثلاثية بعد التشهد الأول وعند نهوضه يكبر ويرفع يديه.

وهكذا أيضاً يرفع يديه لتكبيرات العيد الزوائد، فإنه يكبر في الركعة الأولى سبعاً وفي الثانية خمساً على اختلاف في عدد التكبير، ويرفع يديه في كل تكبيرة.

وكذلك في تكبيرات صلاة الاستسقاء كصلاة العيد، يرفع يديه في التكبيرات الزوائد التي في كل ركعة، فهذه أيضاً مواضع رفع في حالة القيام.

وقد استنبط من ذلك أن رفع اليدين يكون في الحالات التي ليس فيها حركة كثيرة، فإن حركة القيام إلى الركوع، أو الركوع إلى القيام، أو حركة التكبير في حالة القيام عند التحريمة: حركة قليلة، وكذلك حركة القيام من الجلوس في الركعة الثانية حركة أيضاً قليلة وليست كحركة السجود، سواء للانحطاط له أو للجلوس أو للرفع منه.

فيكون رفع اليدين خاصاً بالانتقال الذي حركته قليلة، هذا هو المعتمد.

وقد ورد في رواية: أنه يرفع يديه أيضاً في تنقلات السجود، ولعل ذلك أحياناً .. لعله فعله مرة أو مرتين، ولكن المعتاد والأكثر أنه لا يفعله في السجود كما نص على ذلك ابن عمر .


استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عمدة الأحكام [4] 2582 استماع
شرح عمدة الأحكام [29] 2581 استماع
شرح عمدة الأحكام [47] 2518 استماع
شرح عمدة الأحكام [36] 2501 استماع
شرح عمدة الأحكام 6 2440 استماع
شرح عمدة الأحكام 9 2369 استماع
شرح عمدة الأحكام 53 2355 استماع
شرح عمدة الأحكام [31] 2340 استماع
شرح عمدة الأحكام 7 2330 استماع
شرح عمدة الأحكام 56 2330 استماع