شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 307-309


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً وعملاً يا أرحم الراحمين.

عندنا في هذا اليوم ثلاثة أحاديث: حديث أبي قتادة رضي الله عنه، وحديث أبي سعيد رضي الله عنه، وحديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه.

الحديث الأول عندنا: حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين، ويسمعنا الآية أحياناً، ويطول في الركعة الأولى، ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب ) الحديث متفق عليه.

تخريج الحديث

فقد أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب القراءة في صلاة الظهر في مواضع أخرى أيضاً، وأخرجه مسلم في صحيحه أيضاً في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر.

معاني ألفاظ الحديث

قوله في الحديث: (بفاتحة الكتاب وسورتين) المعنى: سورة في كل ركعة، فهما ركعتان، في كل ركعة الفاتحة وسورة.

وقد جاء ذلك صريحاً في لفظ الحديث، من رواية البخاري في كتاب الأذان أيضاً، باب القراءة في صلاة العصر، فإن البخاري ساقه بإسناده بلفظ آخر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب، وسورة سورة ) أي: سورة في كل ركعة، فهذا يفسر ما أبهم في حديث الباب.

وقوله رضي الله عنه: (ويسمعنا الآية أحياناً)، وجاء في رواية في الصحيح أيضاً: ( ويسمع الآية أحياناً ) يعني: يسمع مَنْ وراءه، وخاصة من يكونون قريبين منه في الصفوف الأولى، ويكونون قريبين من الإمام، والمعنى أنه يجهر بها صوته حتى يسمعوه، ولذلك قال البراء في حديثه الذي رواه النسائي وسنده جيد أنه قال: ( كنا نسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية بعد الآية ) .

وفي الحديث الإشارة إلى تطويل الركعتين الأوليين من الظهر والعصر، أكثر من غيرهما، بل وتطويل الركعة الأولى، أكثر من الثانية، وقد تكلم الفقهاء في تعليل ذلك، فمنهم من علله بأن المصلي يكون في أول الصلاة نشطاً مقبلاً على صلاته، فلذلك ناسب التطويل، وكان من المناسب أيضاً أن تكون ما بعدها أخف منها؛ حتى يمتنع حصول الملل للمصلي، وانشغاله عن صلاته، فخفف ما بعدها لدفع الملل وأطالها؛ لأن المصلي يكون مقبلاً على صلاته نشطاً، وهذا يصلح في حق أمثالنا، أما أولئك الذين إذا أقبلوا على صلاتهم تلذذوا بها، وبمناجاة الله سبحانه وتعالى فيها، فليسوا كذلك، ولكن الشرع راعى حال العامة من الناس.. الجماهير.

وأما من كانوا على خلاف ذلك، فهذا أمر آخر، خاصة وهذه فريضة وليست نافلة، وإنما هي فريضة على كل مسلم، فيراعى فيها حال العامة من المسلمين، تخفيفاً بهم ورحمة، ولذلك أطال الركعة الأولى، وقصر الثانية عنها، وجعل الركعتين الأوليين أطول من الركعتين الأخريين، هذا تعليل من بعضهم لسبب التطويل في الأولى، ثم في الثانية.

وثمة تعليل آخر ذكره بعضهم، وجاء ما يدل عليه في الحديث المرفوع، وهو: أن المقصود بذلك حتى يدرك الناس الركعة الثانية، وقد جاء ذلك في مصنف عبد الرزاق من رواية معمر عن يحيى في الحديث نفسه قال الصحابي: [ فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة ]، وهذا ظن من الصحابي، لا شك أنه ليس بحجة؛ لأنه إذا كان العلماء اختلفوا في قول الصحابي: هل هو حجة، فظنه أيضاً ليس بحجة وليس يقيناً، بل هو ظن، ولو كان يقيناً لكان اجتهاداً منه رضي الله عنه واحتمالاً.

على أي حال! هذا ظن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أخبر عنهم أحدهم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة، وقد رواه أيضاً هذا اللفظ أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه من طريق آخر بنحو ما سبق.

فوائد الحديث

في حديث أبي قتادة

رضي الله عنه فوائد: منها: تطويل الركعة الأولى في الظهر والعصر، أطول من غيرها، كما نص عليه أبو قتادة

. ومن فوائد الحديث: بيان ما يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر، حيث يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة سورة، يعني: سورة مع الفاتحة. ومن فوائد الحديث أيضاً: تطويل الركعتين الأوليين من صلاة الظهر وصلاة العصر، كما هو ظاهر؛ لأن قراءة سورة فيهما يقتضي تطويلهما عن بقية الركعات، كما أن الأولى -كما سبق- تطويل. ومن فوائد الحديث: جواز تسمية الصلاة بوقتها ونسبتها إليه، كأن تقول: صلاة الظهر، صلاة العصر، صلاة المغرب.. إلى غير ذلك كما هو معروف. ومن فوائد الحديث أيضاً: استحباب قراءة سورة كاملة في الركعة الواحدة، وأن قراءة سورة كاملة في الركعة أفضل من قراءة ما يعادلها من سورة أخرى طويلة، فأن تقرأ مثلاً سورة (( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ))[الأعلى:1] في إحدى الركعتين من صلاة الظهر، أفضل من أن تقرأ مقدارها من سورة البقرة، أو من سورة آل عمران؛ ولذلك نص أبو قتادة

رضي الله عنه (أنه يقرأ بفاتحة الكتاب وسورتين)، واللفظ الآخر: (وسورة سورة)، وهذا جاء في أحاديث أخرى غير حديث أبي قتادة

، ولذلك نص أهل العلم على استحبابه وفضيلته، بل قال الشافعية كما نقله البغوي

والنووي

وغيرهما من أهل العلم، قالوا: إن قراءة سورة كاملة في الركعة، أفضل من قراءة مقدار أطول منها من سورة أخرى طويلة، ولذلك قال أبو قتادة

رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا ) وقوله: (كان يصلي بنا) يدل على الدوام، أو على أقل تقدير يدل على التكرار، وأن هذا لم يكن حالاً قليلاً من رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، بل كان هو الغالب من أحواله أنه يقرأ الفاتحة وسورة معها. وقد جاء عن الإمام أحمد

رحمه الله في رواية: أنه كره قراءة مقدار من سورة طويلة، وكان يصلى وراء إمام يقرأ من أواخر السور، فلما استمر على ذلك قال الإمام أحمد

لبعض من حوله: تقدم فصل بنا، فقال: فلان يصلي بكم منذ كم؟ قال: إنه يتقصد أواخر السور. والرواية الأخرى عن الإمام أحمد

كما ذكرها ابن قدامة

وغيره: أنه لا يرى بذلك حرجاً ولا بأساً، من أن يقرأ الإنسان من أواخر السور. وفي رواية ثالثة: أنه لا يرى حرجاً أيضاً في أواخرها ولا في أوساطها. إذاً: فعلى كل حال! ما يفعله الناس اليوم من قراءة أواخر السور، فكثير من الناس يقرءون آخر سورة البقرة، أو آخر سورة آل عمران، أو آخر سورة المؤمنون مثلاً، أو آخر سورة القصص.. أو غيرها، الأظهر أنه جائز بلا كراهة، لأسباب، منها: أنه قرآن، والله سبحانه وتعالى يقول: (( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ))[المزمل:20]، (( فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ))[المزمل:20]، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول للمسيء في صلاته: ( ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ) فإذا كان هذا هو المتيسر، لأن غالب الناس يحفظه فقرأه فلا حرج عليه في ذلك. ومما يدل أيضاً على جوازه بلا كراهة: ما رواه مسلم

: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في راتبة الفجر في الركعة الأولى بآية من سورة البقرة، وهي قوله تعالى: (( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ))[البقرة:136]، والركعة الثانية يقرأ فيها بآية من سورة آل عمران، وهي قوله عز وجل: (( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ )) [آل عمران:64] ) . فكونه انتزع هذه الآية في سورة البقرة مثل قوله تعالى: (( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ))[آل عمران:64] هذه في الركعة الثانية، وفي الركعة الأولى: (( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا ))[البقرة:136].. إلى آخر الآية. هذا دليل على أنه يجوز أن يقرأ الإنسان في الصلاة ما تيسر له، من أواسط السور وأواخرها، بشرط أن تكون ذات معنىً، غير مرتبطة بما قبلها أو بما بعدها، فلا يفصل الآية عن سياقها، فهذا ينبغي أن يراعيه. كما أن من الأدلة على جواز ذلك: ما رواه مالك

في موطئه وسيأتي بعد قليل عن أبي عبد الله الصنابحي

: (أنه صلى خلف أبي بكر

رضي الله عنه في المدينة، وذكر أنه في الركعة الثالثة من صلاة المغرب -وسيأتي ذكر الحديث- قرأ سورة الفاتحة، ثم قرأ هذه الآية: (( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ))[آل عمران:8])، وهذه لا شك آية من وسط سورة، فذلك يدل على الجواز، وقد استدل شيخنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

على جواز ذلك، بما أسلفته من قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للآية من سورة البقرة، والآية من سورة آل عمران في راتبة الفجر، وقال حفظه الله: إنه ما جاز في النفل جاز في الفرض، إلا بدليل مخصص، ولم يرد هاهنا مخصص. ومن الفوائد الموجودة في حديث أبي قتادة

أيضاً: ذكر بعض أهل العلم أن من فوائد الحديث: انتظار القادم للصلاة، إذا كان الإمام قائماً أو راكعاً وعلم بقدوم أحد، فإنه يشرع له انتظاره أو انتظارهم، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطال الركعة هاهنا، حتى ينتظر قدوم الناس، كما أشار إليه في الرواية الأخرى عند عبد الرزاق

وأبي داود

وابن خزيمة

، وربما عزز بعضهم هذا الاستنباط بحديث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم حتى لا يسمع وقع قادم، أو حتى لا يسمع قدم قادم ) وهذا الحديث ضعيف على كل حال، ونُؤمل من أحد الإخوة أن يتولى تخريجه لنا، وذكر علته في الأسبوع القادم، والحديث ضعيف. أما مسألة انتظار القادم للصلاة، إذا لم يكن فيها مشقة على المأمومين، فهي من باب الإحسان إلى الخلق، والإحسان إلى الخلق بشكل عام مشروع، سواء في أمور الدين، أو في أمور الدنيا، فكونه يطيل القيام، أو يطيل الركوع إطالة معتدلة لا مشقة فيها على من وراءه، حتى يدرك إنسان قد قرب دخوله معه في الصلاة، يدرك الركعة، الأظهر والله أعلم أن هذا أمر طيب، وأقل ما يقال فيه: إنه جائز؛ لما فيه من الإحسان إلى الإنسان، وإعانته على إدراك الصلاة، وإدخال السرور على قلبه، بإدراك الركوع مع الإمام، مع إن إطالته في عبادة وذكر لله عز وجل، لم يقصد فيها إلا مرضاة الله سبحانه وتعالى، لا رياءً ولا سمعة، ولا عرضاً من أعراض الدنيا، فالأظهر أن هذا حسن، وأقل ما يقال فيه إن شاء الله تعالى: إنه جائز. كما أن من فوائد الحديث: أن الإسرار في الصلوات فيما يسر به، والجهر فيما يجهر به أنه سنة؛ وذلك لأن أبا قتادة

قال: ( ويسمعنا الآية أحياناً ) فدل على أن الإسرار مثلاً في الظهر والعصر سنة، وليس بواجب، وكذلك الجهر ضده في المغرب والعشاء والفجر سنة، وليس بواجب، ولذلك أسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم الآية في بعض الأحيان، وقال البراء

في الرواية الأخرى، التي سقتها قبل قليل: ( نسمع منه الآية بعد الآية ) ولذلك قال ابن قدامة

في المغني : الجهر في مواضع الجهر، والإسرار في مواضع الإسرار مجمع على استحبابه، ولم يختلف المسلمون في مواضعه، أي: أن المسلمين متفقون مثلاً على الإسرار في الظهر والعصر، وعلى الجهر في المغرب والعشاء والفجر، في الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء وفي صلاة الفجر، متفقون على مواضعه، قال: ولم يختلفوا في مواضعه، وهم أجمعوا على استحبابها. إذا جهر في موضع الإسرار، أو أسر في موضع الجهر، هل يسجد للسهو؟ قال كثير من الفقهاء: لا يسجد للسهو. نص عليه النووي

.. وغيره، والأظهر والله أعلم أنه ينظر، فإن كان يجهر موافقة للحديث.. أو ما شابه ذلك متعمداً، فإنه لا سجود عليه؛ لأنه لا سهو حينئذ، أما لو جهر سهواً، وهذا يحصل في كثير من الأحيان، خاصة إذا كان الناس في زمن الشتاء والغيوم، والجو مظلم، فربما توهم أحدهم مثلاً وهو في صلاة العصر أنه في صلاة جهرية، فجهر بالفاتحة سهواً، فهذا الأفضل في حقه أن يسجد للسهو، لكنه لا يجب عليه السجود، ولعل هذه المسألة يأتي لها مزيد بسط، في باب سجود السهو بإذن الله تعالى.

فقد أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب القراءة في صلاة الظهر في مواضع أخرى أيضاً، وأخرجه مسلم في صحيحه أيضاً في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر.

قوله في الحديث: (بفاتحة الكتاب وسورتين) المعنى: سورة في كل ركعة، فهما ركعتان، في كل ركعة الفاتحة وسورة.

وقد جاء ذلك صريحاً في لفظ الحديث، من رواية البخاري في كتاب الأذان أيضاً، باب القراءة في صلاة العصر، فإن البخاري ساقه بإسناده بلفظ آخر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب، وسورة سورة ) أي: سورة في كل ركعة، فهذا يفسر ما أبهم في حديث الباب.

وقوله رضي الله عنه: (ويسمعنا الآية أحياناً)، وجاء في رواية في الصحيح أيضاً: ( ويسمع الآية أحياناً ) يعني: يسمع مَنْ وراءه، وخاصة من يكونون قريبين منه في الصفوف الأولى، ويكونون قريبين من الإمام، والمعنى أنه يجهر بها صوته حتى يسمعوه، ولذلك قال البراء في حديثه الذي رواه النسائي وسنده جيد أنه قال: ( كنا نسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية بعد الآية ) .

وفي الحديث الإشارة إلى تطويل الركعتين الأوليين من الظهر والعصر، أكثر من غيرهما، بل وتطويل الركعة الأولى، أكثر من الثانية، وقد تكلم الفقهاء في تعليل ذلك، فمنهم من علله بأن المصلي يكون في أول الصلاة نشطاً مقبلاً على صلاته، فلذلك ناسب التطويل، وكان من المناسب أيضاً أن تكون ما بعدها أخف منها؛ حتى يمتنع حصول الملل للمصلي، وانشغاله عن صلاته، فخفف ما بعدها لدفع الملل وأطالها؛ لأن المصلي يكون مقبلاً على صلاته نشطاً، وهذا يصلح في حق أمثالنا، أما أولئك الذين إذا أقبلوا على صلاتهم تلذذوا بها، وبمناجاة الله سبحانه وتعالى فيها، فليسوا كذلك، ولكن الشرع راعى حال العامة من الناس.. الجماهير.

وأما من كانوا على خلاف ذلك، فهذا أمر آخر، خاصة وهذه فريضة وليست نافلة، وإنما هي فريضة على كل مسلم، فيراعى فيها حال العامة من المسلمين، تخفيفاً بهم ورحمة، ولذلك أطال الركعة الأولى، وقصر الثانية عنها، وجعل الركعتين الأوليين أطول من الركعتين الأخريين، هذا تعليل من بعضهم لسبب التطويل في الأولى، ثم في الثانية.

وثمة تعليل آخر ذكره بعضهم، وجاء ما يدل عليه في الحديث المرفوع، وهو: أن المقصود بذلك حتى يدرك الناس الركعة الثانية، وقد جاء ذلك في مصنف عبد الرزاق من رواية معمر عن يحيى في الحديث نفسه قال الصحابي: [ فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة ]، وهذا ظن من الصحابي، لا شك أنه ليس بحجة؛ لأنه إذا كان العلماء اختلفوا في قول الصحابي: هل هو حجة، فظنه أيضاً ليس بحجة وليس يقيناً، بل هو ظن، ولو كان يقيناً لكان اجتهاداً منه رضي الله عنه واحتمالاً.

على أي حال! هذا ظن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أخبر عنهم أحدهم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة، وقد رواه أيضاً هذا اللفظ أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه من طريق آخر بنحو ما سبق.

في حديث أبي قتادة