شرح رسالة لطيفة في أصول الفقه للسعدي [8]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

تقدم لنا بعض الأحكام الوضعية، وذكرنا من ذلك الصحيح والباطل، وهل الباطل بمعنى الفاسد أو لا، أو أن بينهما فرقاً؟

جمهور العلماء رحمهم الله تعالى أن الفاسد بمعنى الباطل، وقد نص الحنابلة رحمهم الله على أنه يفرق بين الفاسد والباطل في موضعين:

الموضع الأول: في الحج، قالوا بأن الباطل ما ارتد فيه، والفاسد: من وطئ فيه قبل التحلل الأول، إذا وطئ قبل التحلل الأول فهو فاسد، وإذا ارتد فإحرامه باطل.

الموضع الثاني: في النكاح، فالباطل: ما أجمع العلماء على بطلانه، والفاسد: ما اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في فساده.

وما اختلف العلماء رحمهم الله فيه لتخلف شرط من الشروط، مثال ذلك: النكاح بلا ولي، النكاح بلا شهادة، النكاح بلا رضا إلى آخره، وإلا فإن الجمهور يرون أن الفاسد والباطل بمعنى واحد.

الشرط

أيضاً من الأحكام الوضعية: الشرط، والشرط بالتحريك (شَرَط) بمعنى العلامة، وبالتسكين بمعنى التزام الشيء.

وأما في الاصطلاح: فهو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.

وهناك تعاريف أخرى، لكن لعلنا نتعرض لها إن شاء الله فيما يتعلق بالمخصصات، وسيأتينا من بين المخصصات: الشرط، مثال ذلك: رفع الحدث شرط يلزم من عدم رفع الحدث عدم صحة الصلاة، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، يعني لذات الشرط، لا يلزم من وجود رفع الحدث أن تصح الصلاة، قد يرتفع الحدث لكن يتخلف شرط آخر، كاستقبال القبلة، أو يوجد مانع، كالأكل في الصلاة، ما يلزم من عدمه العدم، رفع الحدث يلزم من عدمه عدم صحة الصلاة، ولا يلزم من وجوده صحة الصلاة، قد يوجد رفع الحدث لكن يتخلف المشروط، يتخلف صحة الصلاة لتخلف شرط آخر، كاستقبال القبلة، أو لوجود مانع، كالأكل في الصلاة، هذا الشرط.

السبب

أيضاً من الأحكام الوضعية: السبب، وهو في اللغة يطلق على معانٍ، منها: الحبل، ومنه قول الله عز وجل: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ [الحج:15].

وأما في الاصطلاح: فهو ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته، يعني: لذات السبب.

مثال ذلك: النكاح سبب من أسباب الميراث، يلزم من وجود النكاح بين الزوجين وجود الميراث، ويلزم من عدم النكاح عدم الميراث، لكن لأي شيء هذا؟ لذات السبب، قد يوجد النكاح ويتخلف المسبب الميراث لوجود مانع، كاختلاف الدين، ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته، فيوجد النكاح لكن يتخلف الميراث لوجود مانع لا لذات السبب، الأصل أن المسبب يكون موجوداً، لكن لوجود المانع تخلف المسبب، ويلزم من عدمه العدم، فإذا عدم السبب عدم المسبب.

أيضاً من الأحكام الوضعية، كما قلنا: من عدمه العدم لذات السبب، قد ينعدم السبب وينعدم المسبب، وقد ينعدم السبب ويوجد المسبب، قد ينعدم النكاح وتوجد القرابة بسبب آخر، فيحصل بها التوارث، فقولنا: لذاته، يعني لذات السبب الموجود المعين.

المانع

أيضاً من الأحكام الوضعية: المانع، والمانع في اللغة: الحاجز بين الشيئين.

وفي الاصطلاح: ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته، يعني لذات المانع، فيلزم من وجوده العدم، فإذا وجد القتل انعدم الميراث، وإذا وجد الأكل في الصلاة انعدمت صحة الصلاة، وإذا وجد الحيض انعدمت صحة الصلاة.

ولا يلزم من عدمه الوجود، قد ينعدم المانع، لكن لا يلزم من ذلك أن توجد الصحة، لوجود مانع آخر، أو تخلف شرط، فقد ينتفي وجود الحيض، لكن لا يلزم من ذلك أن تكون الصلاة صحيحة لوجود الكلام، مانع آخر، أو لتخلف شرط، وجود الحدث.

الرخصة

أيضاً من الأحكام الوضعية: الرخصة، وهي في اللغة تطلق على معانٍ، منها: اللين والسهولة.

وأما في الاصطلاح: فهي ما ثبت على خلاف دليل شرعي، والرخصة يقسمها العلماء إلى ثلاثة أقسام: رخصة واجبة، ورخصة مباحة، ورخصة مسنونة، فالرخصة الواجبة كالأكل من الميتة عند المسغبة، ورخصة مسنونة، كالقصر في الصلاة، ورخصة مباحة، كالجمع.

العزيمة في اللغة تطلق على معانٍ، منها: الشيء المؤكد.

وأما في الاصطلاح فهي: ما ثبت على وفق دليل شرعي، مثل: وجوب الصلاة، هذه عزيمة، مثل: وجوب الزكاة، هذه عزيمة إلخ.

الأداء والقضاء والإعادة

أيضاً من الأحكام الوضعية: الأداء والقضاء والإعادة:

الأداء: هو فعل العبادة في وقتها.

الإعادة: هو فعل العبادة في وقتها مرةً أخرى.

القضاء: هو فعل العبادة خارج وقتها، وبعض العلماء يستثني من ذلك ما لم يكن معذوراً؛ لأنه إذا كان معذوراً فإن فعلها خارج الوقت يكون من الأداء وليس من القضاء، ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنس: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك )، فهذا هو وقتها، قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه:14]، أي: حين التذكر، فهذا هو وقتها بالنسبة للمعذور.

أيضاً من الأحكام الوضعية: الشرط، والشرط بالتحريك (شَرَط) بمعنى العلامة، وبالتسكين بمعنى التزام الشيء.

وأما في الاصطلاح: فهو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.

وهناك تعاريف أخرى، لكن لعلنا نتعرض لها إن شاء الله فيما يتعلق بالمخصصات، وسيأتينا من بين المخصصات: الشرط، مثال ذلك: رفع الحدث شرط يلزم من عدم رفع الحدث عدم صحة الصلاة، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، يعني لذات الشرط، لا يلزم من وجود رفع الحدث أن تصح الصلاة، قد يرتفع الحدث لكن يتخلف شرط آخر، كاستقبال القبلة، أو يوجد مانع، كالأكل في الصلاة، ما يلزم من عدمه العدم، رفع الحدث يلزم من عدمه عدم صحة الصلاة، ولا يلزم من وجوده صحة الصلاة، قد يوجد رفع الحدث لكن يتخلف المشروط، يتخلف صحة الصلاة لتخلف شرط آخر، كاستقبال القبلة، أو لوجود مانع، كالأكل في الصلاة، هذا الشرط.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح رسالة لطيفة في أصول الفقه للسعدي [2] 2445 استماع
شرح رسالة لطيفة في أصول الفقه للسعدي [1] 2316 استماع
شرح رسالة لطيفة في أصول الفقه للسعدي [3] 1728 استماع
شرح رسالة لطيفة في أصول الفقه للسعدي [4] 1705 استماع
شرح رسالة لطيفة في أصول الفقه للسعدي [7] 1420 استماع
شرح رسالة لطيفة في أصول الفقه للسعدي [5] 1228 استماع
شرح رسالة لطيفة في أصول الفقه للسعدي [6] 1111 استماع