شرح سنن أبي داود [576]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (أن أبا بكر قال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا أصبح.

حدثنا مسدد حدثنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن عمرو بن عاصم عن أبي هريرة : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: (يا رسول الله! مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، قال: قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا أصبح ] يعني: وكذلك إذا أمسى.

وقد أورد أبو داود جملة من الأحاديث التي تشتمل على الأدعية التي تتعلق بهذه الترجمة، وأولها حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض) يعني: خالقهما وموجدهما.

قوله: [ (عالم الغيب والشهادة) ] أي: العالم بكل شيء مما يشاهده الناس ومما هو غائب عنهم، فالله تعالى عالم به لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء سبحانه وتعالى.

قوله: [ (رب كل شيء ومليكه) ] أي: هو الخالق المربي ذو النعم، الموجد للخلق المالك لكل شيء، المتصرف في كل شيء، الذي بيده ملكوت كل شيء، وكل هذا ثناء على الله عز وجل وتمهيد للدعاء الذي يدعو به الإنسان.

قوله: [ (أشهد أن لا إله إلا أنت) ] وهذه الشهادة لله بالوحدانية والشهادة له بالألوهية، وأنه الإله الواحد الذي لا شريك له، كما أنه لا شريك له في الخلق فلا شريك له في العبادة، وكما أنه المتفرد بالخلق والإيجاد فهو الذي يجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له.

قوله: [ (أعوذ بك من شر نفسي) ] يعني: أن يتعوذ الإنسان بالله من شر نفسه الأمارة بالسوء إلا ما رحم الله، فهو يسأله العافية والسلامة من شر نفسه.

قوله: [ (ومن شر الشيطان) ] أي: من شر الشيطان الذي هو عدو الإنسان؛ لأنه آلى على نفسه والتزم بأن يغوي الناس وأن يجتهد في إغوائهم وإخراجهم من النور إلى الظلمات.

قوله: [ (وشركه) ] يعني: ما يدعو إليه من الشرك الذي هو أظلم الظلم وأبطل الباطل، والذي صاحبه يكون خالداً مخلداً في النار، وأقصى ما يريده الشيطان أن يخرج المرء من الإسلام إلى الشرك وإلى الكفر؛ حتى يكون معه في نار جهنم وحتى يكون من الخالدين الباقين فيها إلى ما لا نهاية؛ لأن الشرك هو أعظم ذنب وهو الذي لا يغفر، وهو الذي يخلد صاحبه في النار ولا سبيل له إلى دخول الجنة، بخلاف الذنوب الأخرى فإنها تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء عفا عن صاحبها، وإن شاء عذبه ثم أخرجه منها وأدخله الجنة.

وجاء في بعض الروايات: (ومن شر الشيطان وشركه وحبائله) .

قوله: (قال: قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك) ].

يعني: تقال في ثلاثة أحوال: في الصباح، وفي المساء، وعند النوم.

تراجم رجال إسناد حديث (أن أبا بكر قال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت ... )

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا هشيم ].

هو هشيم بن بشير الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يعلى بن عطاء ].

يعلى بن عطاء وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عمرو بن عاصم ].

وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن أبي هريرة ].

هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث (أن النبي كان يقول إذا أصبح: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أنه كان يقول إذا أصبح: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور، وإذا أمسى قال: اللهم بك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة وهو من أدعية الصباح والمساء: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح قال: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور).

أي: أن إصباحنا وإمساءنا بقدرتك وبمشيئتك وإرادتك، فأنت الذي شئت أن تحصل لنا الحياة ثم يحصل لنا الموت، سواء كان الموت الذي به مفارقة الحياة مطلقاً، أو النوم الذي تكون به مفارقة الروح مفارقة نسبية، فهو يقال له وفاة، ويقال له موت، وقد جاء في الحديث: (النوم أخو الموت وأهل الجنة لا ينامون).

قوله: [ (وإليك النشور) ] أي: بعث الناس من قبورهم وذهابهم للمحشر ومجازاتهم على أعمالهم، وهذه هي النهاية التي ينتهي إليها الناس؛ لأنه لا بد من الموت، ولا بد من البعث بعد الموت وهو النشور، ثم الحساب والمجازاة على أعمالنا إن خيراً فخير وإن شراً فشر.

وجاء في بعض الروايات: (وإليك المصير) لكن المشهور (وإليك النشور) .

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان يقول إذا أصبح: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا ...)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا وهيب ].

هو وهيب بن خالد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا سهيل ].

هو سهيل بن أبي صالح وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وروايته في البخاري مقرونة.

[ عن أبيه ].

هو أبو صالح ذكوان السمان ويقال: الزيات وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة رضي الله عنه وقد مر ذكره.

شرح حديث (من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا محمد بن أبي فديك أخبرني عبد الرحمن بن عبد المجيد عن هشام بن الغاز بن ربيعة عن مكحول الدمشقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك، أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك؛ أعتق الله ربعه من النار، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه، ومن قالها ثلاثاً أعتق الله ثلاثة أرباعه، فإن قالها أربعاً أعتقه الله من النار) ].

أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك أعتق الله ربعه من النار، ... وإن قالها أربعاً يعتق الله جميعه من النار).

وهذا ثناء على الله عز وجل وتعظيم له سبحانه وتعالى؛ لأن الله تعالى هو رب كل شيء ومليكه، ويشهد المرء هؤلاء الخلق أنه معترف بهذا الشيء وأنه مقر بهذا الشيء، وأنه معظم لله عز وجل، فهو ثناء من العبد على ربه سبحانه وتعالى.

والحديث ضعفه الألباني لأن في إسناده مجهولاً، وفيه مكحول وهو مدلس ويرسل، لكنه جاء من طريق أخرى يمكن أن يحسن بها، فإذا انضم إليه الطريق الآخر يكون الحديث مقبولاً.

تراجم رجال إسناد حديث (من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك ...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

[ حدثنا محمد بن أبي فديك ].

محمد بن أبي فديك وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني عبد الرحمن بن عبد المجيد ].

هو عبد الرحمن بن عبد المجيد السهمي مجهول من السابعة، أخرج له أبو داود .

[ عن هشام بن الغاز بن ربيعة ].

هشام بن الغاز بن ربيعة هو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.

[ عن مكحول ].

هو مكحول الشامي وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أنس بن مالك ].

أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (من قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ....)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا الوليد بن ثعلبة الطائي عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بنعمتك وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فمات من يومه أو من ليلته دخل الجنة) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه في هذا الدعاء الذي هو سيد الاستغفار، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك).

هذا كله تعظيم لله عز وجل وإقرار بربوبيته وأنه رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق الرازق المتصرف في الكون الذي بيده ملكوت كل شيء.

قوله: [ (وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت) ].

يعني: أنني ملتزم بأن أقوم بما عاهدتك عليه ووعدت أن أفعله من الاستقامة والالتزام بما أمرت به، وذلك حسب الاستطاعة.

والعهد والوعد يرجع إلى فعل الإنسان وإلى وما هو مطلوب من الإنسان؛ لأنه عاهد الله عليه وواعد الله تعالى أن يقوم به.

قوله: [ (أبوء لك بنعمتك وأبوء بذنبي) ] يعني: أنني متقلب في نعمتك وظافر بنعمتك التي أنعمت بها علي وأنا معترف بها ومقر بها شاكر لك عليها، وأبوء بذنبي الذي اقترفته، وأنا نادم عليه وتائب منه وراجع عنه.

قوله: [ (فاغفر لي) ].

هذا هو المقصود وما قبله كله تمهيد، وهكذا نجد أن الأدعية النبوية تسبق بثناء على الله عز وجل وتمجيده وتعظيمه، وهو من أسباب قبول الدعاء.

فهذا الاعتراف بفضل الله عز وجل وتعظيمه وتمجيده المقصود منه الوصول إلى هذه الغاية، وهي أن يغفر الله له.

قوله: [ (إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) ] يعني: فأنت الذي بيدك كل شيء وأنت الذي تغفر الذنوب، وأنت الذي يتوكل عليك ويعول عليك في كل شيء.

قوله: [ (فمات من يومه أو من ليلته دخل الجنة) ].

يعني: إذا قال هذه الكلمة في الصباح أو في المساء فإنه يدخل الجنة؛ بسبب هذا الدعاء العظيم الذي دعا الله عز وجل به.

تراجم رجال إسناد حديث (من قال حين يصبح أو حين يمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ].

هو أحمد بن عبد الله بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا زهير ].

هو زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الوليد بن ثعلبة الطائي ].

الوليد بن ثعلبة الطائي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن ابن بريدة ].

هو عبد الله بن بريدة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

هو بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (أن النبي كان يقول إذا أمسى: أمسينا وأمسى الملك لله ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية عن خالد ح وحدثنا محمد بن قدامة بن أعين حدثنا جرير عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول إذا أمسى: أمسينا وأمسى الملك لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، زاد في حديث جرير : وأما زبيد كان يقول: كان إبراهيم بن سويد يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل ومن سوء الكبر أو الكفر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر، وإذا أصبح قال ذلك أيضاً: أصبحنا وأصبح الملك لله) ].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله).

يعني: دخلنا في المساء وأمسى الملك كله لله عز وجل، وكل ما في الكون فهو لله عز وجل مالكه والمتصرف فيه، وهو دائماً وأبداً في قبضته وتحت تصرفه سبحانه وتعالى، ونحن من جملة الملك؛ لأن لله ملك السماوات وما فيهما وما بينهما.

قوله: [ (لا إله إلا الله وحده لا شريك له) ].

وهذا تعظيم لله عز وجل وإقرار له بالألوهية، وأنه إله كل شيء ومليكه.

ولا إله إلا الله نفي وإثبات، ووحده لا شريك له نفي وإثبات؛ إلا أن الإثبات في الثاني قدم والنفي أخر، فقوله: [ (وحده لا شريك له) ] مثل قوله: [ (لا إله إلا الله) ].

قوله: [ (رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها) ].

يعني: كل ما في هذه الليلة من خير أسألك إياه، وأعوذ بك من شر هذه الليلة وما بعدها.

قوله: [ (أعوذ بك من الكسل) ] يعني: أعوذ بك من الخمول والفتور والكسل في الطاعة الذي يحصل عنه عدم القيام بها كما ينبغي.

قوله: [ (وسوء الكبر) ] الذي هو الهرم، بحيث يرد الإنسان إلى أرذل العمر.

قوله: [ (أو الكفر) ] هذا شك من الراوي.

قوله: [ (رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر) ].

يعني: يستعيذ بالله عز وجل من عذاب القبر وعذاب البرزخ ومن عذاب النار، ومعلوم أن عذاب البرزخ هو من عذاب النار إلا أن ما يكون بعد البرزخ أشد، كما قال الله عز وجل عن آل فرعون: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46] يعني: أنهم في البرزخ معذبون بعذاب النار، وعندما يحصل البعث والنشور ينتقلون إلى عذاب النار الذي هو أشد من هذا الذي حصلوه في قبورهم من عذاب النار والعياذ بالله.

قوله: [ (وإذا أصبح قال مثل ذلك) ] يعني: هذا من أدعية الصباح والمساء.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان يقول إذا أمسى: أمسينا وأمسى الملك لله ...)

قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ].

هو وهب بن بقية الواسطي ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن خالد ].

هو خالد بن عبد الله الواسطي الطحان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح وحدثنا محمد بن قدامة بن أعين ].

ح وهو التحول من إسناد إلى إسناد ومحمد بن قدامة بن أعينثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا جرير ].

هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسن بن عبيد الله ].

الحسن بن عبيد الله وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن إبراهيم بن سويد ].

إبراهيم بن سويد وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن عبد الرحمن بن يزيد ].

هو عبد الرحمن بن يزيد النخعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله ].

هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ زاد في حديث جرير : وأما زبيد كان يقول: كان إبراهيم بن سويد ].

هو زبيد اليامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

طريق أخرى لحديث ابن مسعود وترجمة رجال إسنادها

[ قال أبو داود : رواه شعبة عن سلمة بن كهيل عن إبراهيم بن سويد قال: (من سوء الكبر)، ولم يذكر سوء الكفر ].

أورد الحديث من طريق أخرى، وشعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سلمة بن كهيل ].

سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن إبراهيم بن سويد ].

إبراهيم بن سويد وقد مر ذكره، ولم يذكر الكفر.

شرح حديث (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي عقيل عن سابق بن ناجية عن أبي سلام أنه كان في مسجد حمص فمر به رجل فقالوا: هذا خدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقام إليه فقال: حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يتداوله بينك وبينه الرجال، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، إلا كان حقاً على الله أن يرضيه) ].

أورد أبو داود حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، إلا كان حقاً على الله أن يرضيه).

وهذا مشتمل على ثلاثة أمور: الرضا بالله في ربوبيته وبدين الإسلام وبنبوة محمد عليه الصلاة والسلام، وهذه الأمور الثلاثة هي التي يسأل عنها في القبر؛ لأن الإنسان في القبر يسأل عن ربه ودينه ونبيه، وقد جاء هذا الدعاء في أدعية الصباح والمساء، وجاء أيضاً عند الأذان، بل جاء أيضاً مطلقاً كما في صحيح مسلم من حديث العباس : (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً).

وهذه الأمور الثلاثة هي التي بنى عليها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كتابه الأصول الثلاثة؛ لأن الأصول الثلاثة هي هذه الأمور الثلاثة، وهي معرفة العبد ربه ودينه ونبيه، والكتاب وجيز مفيد لا يستغني عامي ولا طالب علم عنه؛ لأنه وضح فيه هذه الأمور التي هي محل السؤال في القبر.

تراجم رجال إسناد حديث (من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً ...)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].

هو حفص بن عمر النمري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا شعبة ].

شعبة مر ذكره.

[ عن أبي عقيل ].

هو هاشم بن بلال ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن سابق بن ناجية ].

سابق بن ناجية مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي سلام ].

هو ممطور الحبشي وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم ].

والحديث في إسناده هذا المقبول، ولكنه جاء من طريق أخرى، فيكون حسناً.

شرح حديث (من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا يحيى بن حسان وإسماعيل قالا: حدثنا سليمان بن بلال عن

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا أصبح.

حدثنا مسدد حدثنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن عمرو بن عاصم عن أبي هريرة : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: (يا رسول الله! مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، قال: قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا أصبح ] يعني: وكذلك إذا أمسى.

وقد أورد أبو داود جملة من الأحاديث التي تشتمل على الأدعية التي تتعلق بهذه الترجمة، وأولها حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض) يعني: خالقهما وموجدهما.

قوله: [ (عالم الغيب والشهادة) ] أي: العالم بكل شيء مما يشاهده الناس ومما هو غائب عنهم، فالله تعالى عالم به لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء سبحانه وتعالى.

قوله: [ (رب كل شيء ومليكه) ] أي: هو الخالق المربي ذو النعم، الموجد للخلق المالك لكل شيء، المتصرف في كل شيء، الذي بيده ملكوت كل شيء، وكل هذا ثناء على الله عز وجل وتمهيد للدعاء الذي يدعو به الإنسان.

قوله: [ (أشهد أن لا إله إلا أنت) ] وهذه الشهادة لله بالوحدانية والشهادة له بالألوهية، وأنه الإله الواحد الذي لا شريك له، كما أنه لا شريك له في الخلق فلا شريك له في العبادة، وكما أنه المتفرد بالخلق والإيجاد فهو الذي يجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له.

قوله: [ (أعوذ بك من شر نفسي) ] يعني: أن يتعوذ الإنسان بالله من شر نفسه الأمارة بالسوء إلا ما رحم الله، فهو يسأله العافية والسلامة من شر نفسه.

قوله: [ (ومن شر الشيطان) ] أي: من شر الشيطان الذي هو عدو الإنسان؛ لأنه آلى على نفسه والتزم بأن يغوي الناس وأن يجتهد في إغوائهم وإخراجهم من النور إلى الظلمات.

قوله: [ (وشركه) ] يعني: ما يدعو إليه من الشرك الذي هو أظلم الظلم وأبطل الباطل، والذي صاحبه يكون خالداً مخلداً في النار، وأقصى ما يريده الشيطان أن يخرج المرء من الإسلام إلى الشرك وإلى الكفر؛ حتى يكون معه في نار جهنم وحتى يكون من الخالدين الباقين فيها إلى ما لا نهاية؛ لأن الشرك هو أعظم ذنب وهو الذي لا يغفر، وهو الذي يخلد صاحبه في النار ولا سبيل له إلى دخول الجنة، بخلاف الذنوب الأخرى فإنها تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء عفا عن صاحبها، وإن شاء عذبه ثم أخرجه منها وأدخله الجنة.

وجاء في بعض الروايات: (ومن شر الشيطان وشركه وحبائله) .

قوله: (قال: قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك) ].

يعني: تقال في ثلاثة أحوال: في الصباح، وفي المساء، وعند النوم.