شرح سنن أبي داود [549]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (... بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في كراهية المراء.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا بريد بن عبد الله عن جده أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحداً من أصحابه في بعض أمره قال: بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في كراهية المراء.

والمراء: هو الجدال، والجدال يؤدي إلى التشاحن، وإلى كلام لا ينبغي، وأما المجادلة بالتي هي أحسن للوصول إلى الحق، فإن هذا سائغ ولا بأس به.

وقد أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث أحداً في بعض أمره) أي: في أمر من الأمور من أجل الدعوة إلى الله عز وجل، أو من أجل القيام بعمل يقوم به بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يوصيه بهذه الوصية فيقول: (بشروا ولا تنفروا) أي: بشروا بهذا الدين، وبتعاليمه والخير، وبما فيه من الهدى، ولا تنفروا عن الدين.

وقوله: (ويسروا) من التيسير وعدم التعسير، وقوله: (ولا تعسروا)، التعسير هو ضد التيسير، فيكون الإنسان في أعماله ميسراً غير معسر.

وإيراد الحديث تحت الترجمة التي هي: كراهية المراء؛ لأن التبشير والدعوة إلى الله عز وجل تكون بالحكمة، والحرص على إيصال الخير، وبيان أن هذا هو الطريق الصحيح والمسلك الصحيح، وليس بالمراء والجدال الذي يؤدي إلى الخصام والتشاحن، ويؤدي إلى العداوة والبغضاء، فلعل إيراد الحديث تحت هذه الترجمة هو من هذه الناحية، وهو أن التبشير وعدم التنفير هو الذي ينبغي عند الدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة، وأما إذا كان هناك مراء وجدال ومخاصمة فإنه يترتب على ذلك الوحشة وتنافر القلوب.

تراجم رجال إسناد حديث (... بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.

[ حدثنا أبو أسامة ].

هو حماد بن أسامة ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفته: ألا يظن التصحيف فيما لو ذكر بكنيته مع اسمه في بعض الأحيان، ثم ذكر بنسبته، أي: باسم أبيه، فلا يظن أن هناك تصحيفاً إذا قيل: حماد بن أسامة ، أو قيل: حماد أبو أسامة ، فكل ذلك صحيح، ولا فرق بين هذا وهذا؛ لأنه هو حماد بن أسامة ، وهو حماد أبو أسامة ، فإذا ذكر بكنيته مع اسمه، أو ذكر بنسبته إلى أبيه مع اسمه، فهو شخص واحد، وفائدة معرفة ذلك ألا يظن التصحيف؛ لأن من لا يعرفه إلا بـابن أسامة إذا جاء حماد أبو أسامة يظن أن (أبو) مصحفة عن (ابن)، فهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وهو يأتي في كثير من الرواة الذين تطابق كناهم أسماء آبائهم.

[ حدثنا بريد بن عبد الله ].

هو بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جده أبي بردة ].

جده هو أبو بردة بن أبي موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي موسى ].

هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، واسمه عبد الله بن قيس ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث السائب (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يثنون عليّ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد عن قائد السائب عن السائب رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يثنون علي ويذكروني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أعلمكم -يعني: به- قلت: صدقت بأبي أنت وأمي كنت شريكي فنعم الشريك، كنت لا تداري ولا تماري) ].

أورد أبو داود حديث السائب بن أبي السائب المخزومي ، وكان شريكاً للنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وأنه جاء إليه وقد أسلم، فجعلوا يثنون على السائب ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنا أعلمكم به)؛ لأنه كان شريكه، فقال السائب : (صدقت بأبي أنت وأمي، كنت شريكي فنعم الشريك، كنت لا تماري ولا تداري)، وهذا وصف للرسول صلى الله عليه وسلم في معاملته إياه، فإنه كان شريكه قبل البعثة، فوصفه السائب بهذا الوصف: أنه نعم الشريك، وكان لا يماري، أي: لا يخاصم وينازع ويجادل، ولا يداري، أي: لا يخالف ولا يمانع، فهو سائغ، وأخلاقه حسنة، وليس من النوع الذي يخالف ويمانع مع شريكه، وإنما كان سهلاً وصاحب خلق كريم، وهذا يدل على حسن أخلاقه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها، فكان قبل أن يبعثه الله عز وجل على الأخلاق الكريمة وعلى الصفات الحميدة، وهذا من فضل الله عز وجل، إذ جعل نبيه صلى الله عليه وسلم على هذه الصفة التي كانوا يعرفونه بها قبل أن يبعثه الله عز وجل، وما حصل منهم بعد بعثته من العداء له-أي: من الكفار- إنما كان حسداً، وإنما كان اتباعاً لما كان عليه الآباء والأجداد، وإلا فإنه ما كان معروفاً عندهم إلا بالصدق والأمانة، وبالصفات الحميدة، والأخلاق الكريمة، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

وقوله: [ عن السائب قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجعلوا يثنون علي).

جاء في بعض الروايات أنه جاء عام الفتح، فجعلوا يثنون على السائب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أعلمكم به) أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شريكاً له قبل البعثة، فقال السائب : (نعم بأبي أنت وأمي)، وهذا ليس قسماً، وإنما هو فداء، أي: أنت مفدي بأبي وأمي، أو أفديك بأبي وأمي، وهذه كلمة تقال كثيراً يقولها الصحابة وغير الصحابة، فإنهم كانوا يقولون في حق النبي صلى الله عليه وسلم: فداه أبي وأمي، أو بأبي هو وأمي، أي: هو مفدي، وهذه كلمة تقال في تعظيمه صلى الله عليه وسلم، واحترامه وتوقيره، فهو مفدي بالآباء والأمهات؛ لأن فضله أعظم من فضل الآباء والأمهات على الناس، وذلك أن الله عز وجل ساق على يديه أعظم نعمة، وأجل نعمة، وهي نعمة الإسلام، ومعلوم أن نعمة الإسلام هي أجل النعم، وأعظمها، والأبوان لهما حقوق على الولد، وقد قاما بتنشئته وتربيته، وتعبا عليه حتى بلغ مبلغ الرجال، ولكن ما قام به الأبوان ليس شيئاً بالنسبة إلى ما حل بالمسلم بسبب النبي صلى الله عليه وسلم من الهداية التي ساقها الله للمسلمين على يديه؛ ولهذا جاء في الحديث: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

ثم إن السائب ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم التي عرفها عنه بسبب المخالطة والمشاركة؛ لأنه كان شريكه فقال له: (إنك نعم الشريك، كنت لا تماري ولا تداري).

تراجم رجال إسناد حديث السائب (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يثنون عليَّ...)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سفيان ].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن إبراهيم بن المهاجر ].

إبراهيم بن المهاجر صدوق لين الحفظ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن مجاهد ].

هو مجاهد بن جبر المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن قائد السائب ].

قائد السائب لا يعرف اسمه، ولا حاله.

[ عن السائب ].

هو السائب بن أبي السائب، وهو صحابي أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

والحديث في إسناده قائد السائب وهو الذي ذكر بلقبه، ولم يذكر باسمه، ولا يعرف حاله، والألباني صححه، ولعله باعتبار أنه جاء مجاهد أنه كان يرويه عن السائب نفسه، فالحديث جاء عن عن قائد السائب عن السائب، وجاء من طريق أخرى عن السائب نفسه، وإلا فإن الرجل الذي يروي عن السائب في هذه الطريق مبهم لا يعرف اسمه ولا حاله، وبعض أهل العلم تكلم فيه من جهة أن أكثر الأسانيد فيها قائد السائب عن السائب نفسه، والألباني صححه، ولعله من أجل أن مجاهداً رواه عن السائب نفسه.

وقال الحافظ في ترجمة السائب في التقريب: وفي إسناد الحديث اضطراب. أي: من ناحية أنه جاء بطرق معتددة، بعضها فيه ذكر مجاهد عن هذا، وبعضها السائب عن كذا، وهناك أيضاً ألفاظ أخرى، والحافظ في البلوغ ذكر من رواه، ولم يتكلم عليه بشيء، وإنما قال: رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة .

حكم قول بأبي وأمي لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم

وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقال له: بأبي وأمي؛ لأن القبر مكان، والمقبور هو الذي يقال له: بأبي وأمي، وليس القبر.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في كراهية المراء.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا بريد بن عبد الله عن جده أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحداً من أصحابه في بعض أمره قال: بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في كراهية المراء.

والمراء: هو الجدال، والجدال يؤدي إلى التشاحن، وإلى كلام لا ينبغي، وأما المجادلة بالتي هي أحسن للوصول إلى الحق، فإن هذا سائغ ولا بأس به.

وقد أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث أحداً في بعض أمره) أي: في أمر من الأمور من أجل الدعوة إلى الله عز وجل، أو من أجل القيام بعمل يقوم به بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يوصيه بهذه الوصية فيقول: (بشروا ولا تنفروا) أي: بشروا بهذا الدين، وبتعاليمه والخير، وبما فيه من الهدى، ولا تنفروا عن الدين.

وقوله: (ويسروا) من التيسير وعدم التعسير، وقوله: (ولا تعسروا)، التعسير هو ضد التيسير، فيكون الإنسان في أعماله ميسراً غير معسر.

وإيراد الحديث تحت الترجمة التي هي: كراهية المراء؛ لأن التبشير والدعوة إلى الله عز وجل تكون بالحكمة، والحرص على إيصال الخير، وبيان أن هذا هو الطريق الصحيح والمسلك الصحيح، وليس بالمراء والجدال الذي يؤدي إلى الخصام والتشاحن، ويؤدي إلى العداوة والبغضاء، فلعل إيراد الحديث تحت هذه الترجمة هو من هذه الناحية، وهو أن التبشير وعدم التنفير هو الذي ينبغي عند الدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة، وأما إذا كان هناك مراء وجدال ومخاصمة فإنه يترتب على ذلك الوحشة وتنافر القلوب.

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.

[ حدثنا أبو أسامة ].

هو حماد بن أسامة ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفته: ألا يظن التصحيف فيما لو ذكر بكنيته مع اسمه في بعض الأحيان، ثم ذكر بنسبته، أي: باسم أبيه، فلا يظن أن هناك تصحيفاً إذا قيل: حماد بن أسامة ، أو قيل: حماد أبو أسامة ، فكل ذلك صحيح، ولا فرق بين هذا وهذا؛ لأنه هو حماد بن أسامة ، وهو حماد أبو أسامة ، فإذا ذكر بكنيته مع اسمه، أو ذكر بنسبته إلى أبيه مع اسمه، فهو شخص واحد، وفائدة معرفة ذلك ألا يظن التصحيف؛ لأن من لا يعرفه إلا بـابن أسامة إذا جاء حماد أبو أسامة يظن أن (أبو) مصحفة عن (ابن)، فهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وهو يأتي في كثير من الرواة الذين تطابق كناهم أسماء آبائهم.

[ حدثنا بريد بن عبد الله ].

هو بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جده أبي بردة ].

جده هو أبو بردة بن أبي موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي موسى ].

هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، واسمه عبد الله بن قيس ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد عن قائد السائب عن السائب رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يثنون علي ويذكروني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أعلمكم -يعني: به- قلت: صدقت بأبي أنت وأمي كنت شريكي فنعم الشريك، كنت لا تداري ولا تماري) ].

أورد أبو داود حديث السائب بن أبي السائب المخزومي ، وكان شريكاً للنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وأنه جاء إليه وقد أسلم، فجعلوا يثنون على السائب ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنا أعلمكم به)؛ لأنه كان شريكه، فقال السائب : (صدقت بأبي أنت وأمي، كنت شريكي فنعم الشريك، كنت لا تماري ولا تداري)، وهذا وصف للرسول صلى الله عليه وسلم في معاملته إياه، فإنه كان شريكه قبل البعثة، فوصفه السائب بهذا الوصف: أنه نعم الشريك، وكان لا يماري، أي: لا يخاصم وينازع ويجادل، ولا يداري، أي: لا يخالف ولا يمانع، فهو سائغ، وأخلاقه حسنة، وليس من النوع الذي يخالف ويمانع مع شريكه، وإنما كان سهلاً وصاحب خلق كريم، وهذا يدل على حسن أخلاقه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها، فكان قبل أن يبعثه الله عز وجل على الأخلاق الكريمة وعلى الصفات الحميدة، وهذا من فضل الله عز وجل، إذ جعل نبيه صلى الله عليه وسلم على هذه الصفة التي كانوا يعرفونه بها قبل أن يبعثه الله عز وجل، وما حصل منهم بعد بعثته من العداء له-أي: من الكفار- إنما كان حسداً، وإنما كان اتباعاً لما كان عليه الآباء والأجداد، وإلا فإنه ما كان معروفاً عندهم إلا بالصدق والأمانة، وبالصفات الحميدة، والأخلاق الكريمة، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

وقوله: [ عن السائب قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجعلوا يثنون علي).

جاء في بعض الروايات أنه جاء عام الفتح، فجعلوا يثنون على السائب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أعلمكم به) أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شريكاً له قبل البعثة، فقال السائب : (نعم بأبي أنت وأمي)، وهذا ليس قسماً، وإنما هو فداء، أي: أنت مفدي بأبي وأمي، أو أفديك بأبي وأمي، وهذه كلمة تقال كثيراً يقولها الصحابة وغير الصحابة، فإنهم كانوا يقولون في حق النبي صلى الله عليه وسلم: فداه أبي وأمي، أو بأبي هو وأمي، أي: هو مفدي، وهذه كلمة تقال في تعظيمه صلى الله عليه وسلم، واحترامه وتوقيره، فهو مفدي بالآباء والأمهات؛ لأن فضله أعظم من فضل الآباء والأمهات على الناس، وذلك أن الله عز وجل ساق على يديه أعظم نعمة، وأجل نعمة، وهي نعمة الإسلام، ومعلوم أن نعمة الإسلام هي أجل النعم، وأعظمها، والأبوان لهما حقوق على الولد، وقد قاما بتنشئته وتربيته، وتعبا عليه حتى بلغ مبلغ الرجال، ولكن ما قام به الأبوان ليس شيئاً بالنسبة إلى ما حل بالمسلم بسبب النبي صلى الله عليه وسلم من الهداية التي ساقها الله للمسلمين على يديه؛ ولهذا جاء في الحديث: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

ثم إن السائب ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم التي عرفها عنه بسبب المخالطة والمشاركة؛ لأنه كان شريكه فقال له: (إنك نعم الشريك، كنت لا تماري ولا تداري).

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سفيان ].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن إبراهيم بن المهاجر ].

إبراهيم بن المهاجر صدوق لين الحفظ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن مجاهد ].

هو مجاهد بن جبر المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن قائد السائب ].

قائد السائب لا يعرف اسمه، ولا حاله.

[ عن السائب ].

هو السائب بن أبي السائب، وهو صحابي أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

والحديث في إسناده قائد السائب وهو الذي ذكر بلقبه، ولم يذكر باسمه، ولا يعرف حاله، والألباني صححه، ولعله باعتبار أنه جاء مجاهد أنه كان يرويه عن السائب نفسه، فالحديث جاء عن عن قائد السائب عن السائب، وجاء من طريق أخرى عن السائب نفسه، وإلا فإن الرجل الذي يروي عن السائب في هذه الطريق مبهم لا يعرف اسمه ولا حاله، وبعض أهل العلم تكلم فيه من جهة أن أكثر الأسانيد فيها قائد السائب عن السائب نفسه، والألباني صححه، ولعله من أجل أن مجاهداً رواه عن السائب نفسه.

وقال الحافظ في ترجمة السائب في التقريب: وفي إسناد الحديث اضطراب. أي: من ناحية أنه جاء بطرق معتددة، بعضها فيه ذكر مجاهد عن هذا، وبعضها السائب عن كذا، وهناك أيضاً ألفاظ أخرى، والحافظ في البلوغ ذكر من رواه، ولم يتكلم عليه بشيء، وإنما قال: رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة .




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2887 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2831 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2728 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2698 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2688 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2677 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2674 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2651 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2643 استماع