شرح سنن أبي داود [513]


الحلقة مفرغة

شرح حديث يعلى بن أمية (قاتل أجير لي رجلاً فعض يده فانتزعها فندرت ثنيته فأتى النبي فأهدرها ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج أخبرني عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: (قاتل أجير لي رجلاً فعض يده، فانتزعها فندرت ثنيته، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأهدرها، وقال: أتريد أن يضع يده في فيك تقضمها كالفحل؟) قال: وأخبرني ابن أبي مليكة عن جده: أن أبا بكر رضي الله عنه أهدرها، وقال: بعدت سنه ].

قوله: [ باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه ].

أي: أنه خاصمه وتنازع معه.

قوله: [ (قاتل أجير لي رجلاً فعض يده) ].

يعني: أن رجلاً عض يد آخر فنزعها المعضوض فسقطت ثنية العاض بسبب تلك العضة، فلما رفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدر ثنيته، ولم يجعل لها دية؛ لأن هذا النزع حصل بسبب الوجع الذي حصل من فعله، ومعلوم أن ذاك ظالم بالعض، ومعلوم أن الإنسان لا يستطيع أن يترك يده يعضها ويقطعها كيف يشاء بأسنانه، فإذا نزعها فهو محق في نزعه، فإذا ترتب على نزعه سقوط أسنانه، فإن ذلك هو الذي جنى على نفسه بالعض؛ ولهذا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أتريد أن يضع يده في فيك تقضمها كالفحل؟) يعني: تقضمها بأسنانك كما يقضم الفحل، هذا ليس بمعقول وليس بمسلم، بل إن الإنسان العاض هو الذي جنى على نفسه بكونه عض غيره، فإذا سقطت أسنانه أو بعض أسنانه؛ بسبب نزع المعضوض يده من فيه، فإنه لا يلزم ذلك المعضوض شيء في مقابل ذلك الانتزاع للسن أو الأسنان.

تراجم رجال إسناد حديث يعلى بن أمية (قاتل أجير لي رجلاً فعض يده فانتزعها فندرت ثنيته فأتى النبي فأهدرها ...)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني عطاء ].

هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن صفوان بن يعلى ].

صفوان بن يعلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

أبوه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: وأخبرني ابن أبي مليكة عن جده: أن أبا بكر رضي الله عنه أهدرها، وقال: بعدت سنه ].

يعني: قال ابن جريج : وأخبرني ابن أبي مليكة عن جده، وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جده ].

هو زهير بن عبد الله بن جدعان صحابي، أخرج له البخاري وأبو داود.

[ أن أبا بكر ].

أبو بكر الصديق رضي الله عنه، مشهور بكنيته واسمه: عبد الله ، وأبوه: عثمان ، وهو مشهور بكنيته أبي قحافة ، وأبو بكر هو خير أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وأفضلهم على الإطلاق، وهو خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأول الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث يعلى بن أمية (قاتل أجير لي رجلاً فعض يده فانتزعها فندرت ثنيته، فأتى النبي فأهدرها ...) من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زياد بن أيوب أخبرنا هشيم حدثنا حجاج وعبد الملك عن عطاء عن يعلى بن أمية بهذا، زاد: (ثم قال: يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم للعاض: إن شئت أن تمكنه من يدك فيعضها ثم تنزعها من فيه. وأبطل دية أسنانه) ].

أورد أبو داود طريقاً أخرى، وفيها: إن شئت أن تجعله يعض يدك ثم تنزعها، وهو لا يفعل ذلك؛ لأنه لا يصبر على الوجع؛ ولكن قال له الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك ليبين له أن هذا غير حاصل منك، فكيف تفعله مع غيرك؟ وعليك أن تقيس الناس على نفسك، فلو عض أحد يدك فإنك لا تصبر على تركها في فمه يقضمها ويقطعها، فكذلك عليك أن تفهم أن غيرك لا يصبر على أن تفعل به ذلك الفعل.

تراجم رجال إسناد حديث يعلى بن أمية (قاتل أجير لي رجلاً فعض يده فانتزعها فندرت ثنيته، فأتى النبي فأهدرها ...) من طريق أخرى

قوله: [ حدثنا زياد بن أيوب ] .

زياد بن أيوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ أخبرنا هشيم ].

هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حجاج ].

هو حجاج بن أرطأة، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ وعبد الملك ].

هو عبد الملك بن أبي سليمان، وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عطاء عن يعلى بن أمية ].

عطاء بن أبي رباح ويعلى بن أمية قد مر ذكرهما.

وهو هنا ذكر أن عطاء يروي عن يعلى وهناك ذكر أنه يروي عن صفوان .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج أخبرني عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال: (قاتل أجير لي رجلاً فعض يده، فانتزعها فندرت ثنيته، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأهدرها، وقال: أتريد أن يضع يده في فيك تقضمها كالفحل؟) قال: وأخبرني ابن أبي مليكة عن جده: أن أبا بكر رضي الله عنه أهدرها، وقال: بعدت سنه ].

قوله: [ باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه ].

أي: أنه خاصمه وتنازع معه.

قوله: [ (قاتل أجير لي رجلاً فعض يده) ].

يعني: أن رجلاً عض يد آخر فنزعها المعضوض فسقطت ثنية العاض بسبب تلك العضة، فلما رفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدر ثنيته، ولم يجعل لها دية؛ لأن هذا النزع حصل بسبب الوجع الذي حصل من فعله، ومعلوم أن ذاك ظالم بالعض، ومعلوم أن الإنسان لا يستطيع أن يترك يده يعضها ويقطعها كيف يشاء بأسنانه، فإذا نزعها فهو محق في نزعه، فإذا ترتب على نزعه سقوط أسنانه، فإن ذلك هو الذي جنى على نفسه بالعض؛ ولهذا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أتريد أن يضع يده في فيك تقضمها كالفحل؟) يعني: تقضمها بأسنانك كما يقضم الفحل، هذا ليس بمعقول وليس بمسلم، بل إن الإنسان العاض هو الذي جنى على نفسه بكونه عض غيره، فإذا سقطت أسنانه أو بعض أسنانه؛ بسبب نزع المعضوض يده من فيه، فإنه لا يلزم ذلك المعضوض شيء في مقابل ذلك الانتزاع للسن أو الأسنان.

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني عطاء ].

هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن صفوان بن يعلى ].

صفوان بن يعلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبيه ].

أبوه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: وأخبرني ابن أبي مليكة عن جده: أن أبا بكر رضي الله عنه أهدرها، وقال: بعدت سنه ].

يعني: قال ابن جريج : وأخبرني ابن أبي مليكة عن جده، وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جده ].

هو زهير بن عبد الله بن جدعان صحابي، أخرج له البخاري وأبو داود.

[ أن أبا بكر ].

أبو بكر الصديق رضي الله عنه، مشهور بكنيته واسمه: عبد الله ، وأبوه: عثمان ، وهو مشهور بكنيته أبي قحافة ، وأبو بكر هو خير أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وأفضلهم على الإطلاق، وهو خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأول الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زياد بن أيوب أخبرنا هشيم حدثنا حجاج وعبد الملك عن عطاء عن يعلى بن أمية بهذا، زاد: (ثم قال: يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم للعاض: إن شئت أن تمكنه من يدك فيعضها ثم تنزعها من فيه. وأبطل دية أسنانه) ].

أورد أبو داود طريقاً أخرى، وفيها: إن شئت أن تجعله يعض يدك ثم تنزعها، وهو لا يفعل ذلك؛ لأنه لا يصبر على الوجع؛ ولكن قال له الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك ليبين له أن هذا غير حاصل منك، فكيف تفعله مع غيرك؟ وعليك أن تقيس الناس على نفسك، فلو عض أحد يدك فإنك لا تصبر على تركها في فمه يقضمها ويقطعها، فكذلك عليك أن تفهم أن غيرك لا يصبر على أن تفعل به ذلك الفعل.

قوله: [ حدثنا زياد بن أيوب ] .

زياد بن أيوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ أخبرنا هشيم ].

هو هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حجاج ].

هو حجاج بن أرطأة، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ وعبد الملك ].

هو عبد الملك بن أبي سليمان، وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عطاء عن يعلى بن أمية ].

عطاء بن أبي رباح ويعلى بن أمية قد مر ذكرهما.

وهو هنا ذكر أن عطاء يروي عن يعلى وهناك ذكر أنه يروي عن صفوان .

شرح حديث (من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن تطبب بغير علم فأعنت.

حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ومحمد بن الصباح بن سفيان أن الوليد بن مسلم أخبرهم عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن) .

قال نصر : قال: حدثني ابن جريج.

قال أبو داود : هذا لم يروه إلا الوليد لا ندري هو صحيح أم لا ].

قوله: [ باب من تطبب بغير علم فأعنت ].

أعنت يعني: حصل له ضرر بسبب علاجه؛ لأنه غير طبيب وإنما هو متطبب، والمقصود من كونه ضامناً؛ لأنه أقدم على شيء لا يجيده وليس هو من أهله، ومقتضى هذا أن من تطبب أو من طب غيره وهو طبيب فإنه لا يضمن إذا كان لم يحصل منه خطأ، وذلك أنه لو كان طبيباً ماهراً فختن أو قطع الشيء الذي يقطع وحصل ضرر بسبب ذلك فإنه لا يضمن؛ لأنه قطع الشيء الذي يقطع، فإذا حصلت فيه سراية فسرايته هدر، ولكن لو أنه أخطأ وقطع رأس الذكر فإنه يضمن؛ لأنه فعل شيئاً لا يجوز فعله، وأقدم على شيء لا يجوز الإقدام عليه، ويكون على عاقلة الطبيب، وأما المتطبب فهو ضامن إن أخطأ وإن أصاب، يعني: إن أخطأ كما أخطأ الطبيب بأن قطع شيئاً لا يجوز قطعه، أو لم يخطئ ولكنه قطع الشيء الذي يقطع وحصلت سراية، فإنه يكون ضامناً؛ لأنه أقدم على شيء وهو ليس من أهله.

إذاً: فهناك طبيب ومتطبب، الطبيب إن حصل منه خطأ بأن فعل شيئاً ليس له أن يفعله خطأً فإنه يضمن، وعلى العاقلة الضمان، وإن كان لم يخطئ ولكن حصلت سراية مع إصابته فإنه لا شيء عليه، وأما المتطبب فهو ضامن سواء أخطأ أو لم يخطئ.

أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو : (من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن).

يعني: يضمن ما تلف بسبب تطببه.

قوله: [ (تطبب) ] يعني: أنه تكلف التطبب أو فعل شيئاً لا يجيده.

قوله: [ (ولم يعلم منه طب) ] مفهومه: أن من عرف بالطب فإنه لا يضمن، ولكن هذا في حال إصابته، وأما في حال خطئه بأن أقدم على شيء وقطعه خطأً، فإنه يكون ضامناً.

والطبيب والمتطبب يضمنان وليس عليهما قصاص؛ لأن المتطبب جاهل فهو ضامن، والطبيب أخطأ فهو ضامن.

تراجم رجال إسناد حديث (من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن)

قوله: [ حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ].

نصر بن عاصم الأنطاكي لين الحديث، أخرج له أبو داود .

[ ومحمد بن الصباح بن سفيان ].

محمد بن الصباح بن سفيان صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

[ أن الوليد بن مسلم ].

هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرو بن شعيب ].

هو عمرو بن شعيب بن محمد، وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

هو شعيب بن محمد وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وفي جزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن جده ].

هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ قال نصر قال: حدثني ابن جريج ].

يعني: أن الوليد صرح بالتحديث بينه وبين ابن جريج ، وأما محمد بن الصباح الشيخ الثاني فإنه لم يأت بالتصريح بالتحديث.

[ قال أبو داود : هذا لم يروه إلا الوليد لا ندري هو صحيح أم لا ].

يعني: أنه متردد في صحته أو عدم صحته، لكن المرسل الذي بعده يشهد له، وفيه تدليس ابن جريج فقط، وأما تدليس الوليد بن مسلم فقد صرح بالتحديث.

شرح حديث (أيما طبيب تطبب على قوم لا يعرف له تطبب قبل ذلك فأعنت فهو ضامن)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء حدثنا حفص حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز حدثني بعض الوفد الذين قدموا على أبي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما طبيب تطبب على قوم لا يعرف له تطبب قبل ذلك فأعنت، فهو ضامن) قال عبد العزيز : أما إنه ليس بالنعت، إنما هو قطع العروق والبط والكي ].

أورد أبو داود الحديث من طريق مرسلة عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ولفظه قال: (أيما طبيب تطبب على قوم لا يعرف له تطبب قبل ذلك، فأعنت فهو ضامن).

يعني: أي معالج متطبب وليس بطبيب ماهر حصل بسبب تطببه ضرر فهو ضامن.

وهذا مثل الذي قبله.

قوله: [ أما إنه ليس بالنعت ]

يعني: هذا التطبب ليس بالنعت بحيث يصف العلاج، ويقول: هذا ينفع في كذا وكذا، وهذا دواؤه كذا وكذا، وإنما هو الشيء المباشر كالبط والكي وقطع العروق.

يعني: أن الذي ينعت الدواء فقط ولا يباشر التطبب بالفعل ليس هو المقصود، وإنما المقصود من قطع عرقاً أو كوى أو بط للجسد فحصل له بسببه ضرر فهذا هو الذي يضمن، أما الناعت فيمكن أن يترك قوله ولا يؤخذ به.

تراجم رجال إسناد حديث (أيما تطبب على قوم لا يعرف له تطبب قبل ذلك فأعنت فهو ضامن)

قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ].

هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حفص ].

هو حفص بن غياث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ].

عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال حدثني بعض الوفد الذين قدموا على أبي ].

لا يعرف أحد منهم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن تطبب بغير علم فأعنت.

حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ومحمد بن الصباح بن سفيان أن الوليد بن مسلم أخبرهم عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن) .

قال نصر : قال: حدثني ابن جريج.

قال أبو داود : هذا لم يروه إلا الوليد لا ندري هو صحيح أم لا ].

قوله: [ باب من تطبب بغير علم فأعنت ].

أعنت يعني: حصل له ضرر بسبب علاجه؛ لأنه غير طبيب وإنما هو متطبب، والمقصود من كونه ضامناً؛ لأنه أقدم على شيء لا يجيده وليس هو من أهله، ومقتضى هذا أن من تطبب أو من طب غيره وهو طبيب فإنه لا يضمن إذا كان لم يحصل منه خطأ، وذلك أنه لو كان طبيباً ماهراً فختن أو قطع الشيء الذي يقطع وحصل ضرر بسبب ذلك فإنه لا يضمن؛ لأنه قطع الشيء الذي يقطع، فإذا حصلت فيه سراية فسرايته هدر، ولكن لو أنه أخطأ وقطع رأس الذكر فإنه يضمن؛ لأنه فعل شيئاً لا يجوز فعله، وأقدم على شيء لا يجوز الإقدام عليه، ويكون على عاقلة الطبيب، وأما المتطبب فهو ضامن إن أخطأ وإن أصاب، يعني: إن أخطأ كما أخطأ الطبيب بأن قطع شيئاً لا يجوز قطعه، أو لم يخطئ ولكنه قطع الشيء الذي يقطع وحصلت سراية، فإنه يكون ضامناً؛ لأنه أقدم على شيء وهو ليس من أهله.

إذاً: فهناك طبيب ومتطبب، الطبيب إن حصل منه خطأ بأن فعل شيئاً ليس له أن يفعله خطأً فإنه يضمن، وعلى العاقلة الضمان، وإن كان لم يخطئ ولكن حصلت سراية مع إصابته فإنه لا شيء عليه، وأما المتطبب فهو ضامن سواء أخطأ أو لم يخطئ.

أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو : (من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن).

يعني: يضمن ما تلف بسبب تطببه.

قوله: [ (تطبب) ] يعني: أنه تكلف التطبب أو فعل شيئاً لا يجيده.

قوله: [ (ولم يعلم منه طب) ] مفهومه: أن من عرف بالطب فإنه لا يضمن، ولكن هذا في حال إصابته، وأما في حال خطئه بأن أقدم على شيء وقطعه خطأً، فإنه يكون ضامناً.

والطبيب والمتطبب يضمنان وليس عليهما قصاص؛ لأن المتطبب جاهل فهو ضامن، والطبيب أخطأ فهو ضامن.

قوله: [ حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ].

نصر بن عاصم الأنطاكي لين الحديث، أخرج له أبو داود .

[ ومحمد بن الصباح بن سفيان ].

محمد بن الصباح بن سفيان صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة .

[ أن الوليد بن مسلم ].

هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرو بن شعيب ].

هو عمرو بن شعيب بن محمد، وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

هو شعيب بن محمد وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وفي جزء القراءة وأصحاب السنن.

[ عن جده ].

هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ قال نصر قال: حدثني ابن جريج ].

يعني: أن الوليد صرح بالتحديث بينه وبين ابن جريج ، وأما محمد بن الصباح الشيخ الثاني فإنه لم يأت بالتصريح بالتحديث.

[ قال أبو داود : هذا لم يروه إلا الوليد لا ندري هو صحيح أم لا ].

يعني: أنه متردد في صحته أو عدم صحته، لكن المرسل الذي بعده يشهد له، وفيه تدليس ابن جريج فقط، وأما تدليس الوليد بن مسلم فقد صرح بالتحديث.


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2649 استماع