خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [471]
الحلقة مفرغة
شرح حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الذؤابة.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عثمان بن عثمان -قال أحمد : كان رجلاً صالحاً- قال: أخبرنا عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع) والقزع: أن يحلق رأس الصبي فيترك بعض شعره ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في الذؤابة، يعني: ذؤابة الرأس، فالرأس حين يترك جزء منه ويؤخذ جزء منه يكون هذا الذي بقي ذؤابة.
أورد أبو داود حديث ابن عمر : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع) والقزع هو: أن يحلق بعض شعر الصبي ويترك بعضه، والواجب أن يحلق كله أو يترك كله كما سيأتي في الحديث: (احلقه كله أو دعه كله).
فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، وهذا من الأشياء التي سبق أن أشرت إليها قريباً وهي النهي عن كونه يؤخذ شيء ويترك شيء، أو يفعل شيء ويترك شيء كما سبق في قضية الانتعال وأن الإنسان لا يلبس في إحدى رجليه نعلاً ويترك الأخرى حافية، وكذلك لا يأخذ بعض شعر الرأس ويترك بعضه، وكذلك لا يكون بعضه في الشمس وبعضه في الظل.
تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع)
قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عثمان بن عثمان ].
عثمان بن عثمان صدوق ربما وهم أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ قال أحمد : كان رجلاً صالحاً ].
هذا ثناء من أحمد عليه، والمقصود بالصلاح صلاح الدين، أي: أنه صالح في دينه، وقد يطلق الصلاح على صلاح الرواية، لكن الذي يبدو أنه أراد صلاح الدين.
[ قال: أخبرنا عمر بن نافع ].
عمر بن نافع ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن أبيه عن ابن عمر ].
أبوه هو نافع مولى ابن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وابن عمر قد مر ذكره.
طريق أخرى لحديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع) وتراجم رجال إسنادها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع. وهو أن يحلق رأس الصبي فتترك له ذؤابة) ].
أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى وهو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك له ذؤابة) يعني: أن يحلق بعضه ويترك بعضه وهذا المتروك يكون ذؤابة.
والقزع هو حلق بعض الرأس وترك بعضه، سمي قزعاً تشبيهاً بقزع السحاب إذا كان قطعاً متفرقة في السماء، فيكون أخذ بعض الرأس وترك بعضه مثل قطع السحاب؛ لأنه أخذ بعضه وترك بعضه.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].
موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
حماد هو ابن سلمة ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا أيوب ].
أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حكم تخفيف بعض أجزاء الشعر دون بعض
والقزع الذي يبدو أنه ليس خاص بالحلق، بل يكون أيضاً بتخفيف بعض الأجزاء من الشعر دون بعض؛ لأن كون الإنسان يقصر بعض شعر رأسه ويترك بعضه بحيث يكون طويلاً هذا مثل القزع.
حكم حلق بعض الرأس لأجل الحجامة
وحلق بعض الرأس من أجل الحجامة لا بأس به؛ لأنه إنما أزيل ذلك المكان من أجل الحجامة، وكذلك لو أزيل من أجل مرض كقرح مثلاً وأريد إزالة ما حوله من أجل معالجته وعدم اتصال الشعر به، فلا بأس بذلك، وإنما المقصود من النهي عن القزع أن يكون من غير أمر يقتضيه ومن غير حاجة تدعو إليه، وإلا فلا بأس ككونه يحلق جزءاً للحجامة أو من أجل دفع الضرر عن ذلك المكان الذي حصل فيه الجرح.
حكم القزع للنساء والصبيان
في بعض الأماكن يفعل القزع للبنت الصغيرة دون الابن للتفريق بين البنت والابن وهذا لا يجوز؛ لأن هذا الفعل لا يجوز للرجال ولا النساء.
شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياً قد حلق بعض شعره...) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياً قد حلق بعض شعره وترك بعضه، فنهاهم عن ذلك وقال: احلقوه كله أو اتركوه كله) ].
أورد أبو داود حديث ابن عمر : (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياً قد حلق بعض شعره وترك بعضه فقال عليه السلام: احلقوه كله أو دعوه كله) فدل هذا على أن إبقاء الجميع سائغ، وأن حلق الجميع سائغ، وأن الذي لا يسوغ هو حلق بعضه وترك بعضه، وهذا مثل الحديث الذي مر في قصة عبد الله بن جعفر وإخوته حيث أمر صلى الله عليه وسلم بحلق رءوسهم.
قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ].
هؤلاء قد مر ذكرهم جميعاً.
شرح حديث أنس (كانت لي ذؤابة فقالت لي أمي لا أجزها...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الرخصة.
حدثنا محمد بن العلاء حدثنا زيد بن الحباب عن ميمون بن عبد الله عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال (كانت لي ذؤابة فقالت لي أمي: لا أجزها؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمدها ويأخذ بها) ].
أورد أبو داود باب الرخصة في ذلك، والمصنف أورد ما جاء في الذؤابة وأنه لا يجوز ترك ذؤابة وذلك بأن يحلق بعض الرأس ويترك بعضه، وإنما يحلق كله أو يبقى كله، ثم أورد هذه الترجمة وهي (باب الرخصة في ذلك)، أي: ما يدل على أنه جائز، لكن الذي ورد في هذا الباب هو حديث وأثر ولا يثبت منهما شيء، وعلى هذا فلا يدل شيء على جواز اتخاذ الذؤابة وحلق بعض الرأس وترك بعضه، وأدلة النهي باقية على أصلها وليس لها معارض.
وأورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كانت لي ذؤابة فقالت أمي: لا أجزها؛ كان النبي صلى الله عليه وسلم يمدها ويأخذ بها) يعني: أنه كان يمسح عليها ويمدها بيده، والحديث غير صحيح؛ لأن في إسناده رجلاً ضعيفاً.
والذؤابة لا تكون إلا بحلق بعض الرأس، ويمكن أن تكون بالحلق أو بالتقصير، وذلك بكونه يقصر بعضه بحيث يكون كالحلق ويبقى بعضه طويلاً جداً.
وإذا كان الشعر طويلاً فجمع من الخلف وربط بدون عقص وبدون ضفيرة فذلك لا يسمى ذؤابة؛ لأن الشعر مادام موجوداً كله فليس ذؤابة؛ لأن الذؤابة لا تكون إلا بأن يؤخذ بعضه ويترك بعضه.
تراجم رجال إسناد حديث أنس (كانت لي ذؤابة فقالت لي أمي لا أجزها...)
قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء حدثنا زيد بن الحباب ].
محمد بن العلاء مر ذكره.
وزيد بن الحباب صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ميمون بن عبد الله ].
ميمون بن عبد الله مجهول أخرج له أبو داود .
[ عن ثابت البناني عن أنس بن مالك ].
ثابت البناني وأنس بن مالك قد مر ذكرهما.
والحديث فيه رجل مجهول.
شرح أثر أنس بن مالك (احلقوا هذين أو قصوهما فإن هذا زي اليهود)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا الحجاج بن حسان قال: دخلنا على أنس بن مالك رضي الله عنه ففحدثتني أختي المغيرة قالت: وأنت يومئذٍ غلام ولك قرنان أو قصتان، فمسح رأسك وبرك عليك وقال: احلقوا هذين أو قصوهما، فإن هذا زي اليهود ].
أورد أبو داود هذا الأثر عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وذلك أنه جيء بـالحجاج بن حسان إلى أنس بن مالك عندما كان صغيراً ولا يعقل وإنما حدثته أخته المغيرة بالذي حصل، وأنه كان له قرنان أو قصتان، وقالت تخاطب أخاها: فمسح رأسك وبرك عليك، يعني: دعا له بالبركة. وقال: احلقوا هذين أو قصوهما، أي: القصتين أو القرنين.
والحديث في ظاهره لا يدل على الترجمة؛ لأن فيه إزالة لهذين الشيئين أو قصهما حيث قال: (احلقوا هذين أو قصوهما فإن هذا زي اليهود) قال صاحب عون المعبود: إن مطابقة الترجمة هي من جهة أن زي اليهود يكون بهذا التعدد الذي هو قصتان أو قرنان، أما إذا كان شيئاً واحداً فإن هذا هو الذي لا بأس به، يعني: ويكون مثلما جاء في حديث أنس ذؤابة؛ لأنه شيء واحد وليس شيئاً متعدداً.
فقال صاحب عون المعبود: إن وجه مطابقة الترجمة هي من هذه الناحية، وإلا فإن هذا الأثر في الظاهر لا يدل على الترجمة، ولكن الحديث أيضاً فيه هذه المرأة التي هي أخت الحجاج بن حسان وهي المغيرة وهذا اسم من الغرائب في أسماء النساء؛ لأنه من أسماء الرجال.
ومعلوم أن هناك من النساء من جاءت تسميتها بأسماء الرجال مثل المغيرة هذه، وجاء تسمية بعض الرجال بأسماء النساء مثل: جويرية بن أسماء فاسمه واسم أبيه مطابق لأسماء النساء.
تراجم رجال أثر أنس بن مالك (احلقوا هذين أو قصوهما فإن هذا زي اليهود)
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].
الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا يزيد بن هارون ].
يزيد بن هارون الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الحجاج بن حسان ].
الحجاج بن حسان لا بأس به -وهي بمعنى صدوق- أخرج له أبو داود .
[ قال: دخلنا على أنس بن مالك فحدثتني أختي المغيرة ].
المغيرة مقبولة أخرج لها أبو داود .
[ عن أنس ].
وأنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد مر ذكره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الذؤابة.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عثمان بن عثمان -قال أحمد : كان رجلاً صالحاً- قال: أخبرنا عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع) والقزع: أن يحلق رأس الصبي فيترك بعض شعره ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في الذؤابة، يعني: ذؤابة الرأس، فالرأس حين يترك جزء منه ويؤخذ جزء منه يكون هذا الذي بقي ذؤابة.
أورد أبو داود حديث ابن عمر : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع) والقزع هو: أن يحلق بعض شعر الصبي ويترك بعضه، والواجب أن يحلق كله أو يترك كله كما سيأتي في الحديث: (احلقه كله أو دعه كله).
فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، وهذا من الأشياء التي سبق أن أشرت إليها قريباً وهي النهي عن كونه يؤخذ شيء ويترك شيء، أو يفعل شيء ويترك شيء كما سبق في قضية الانتعال وأن الإنسان لا يلبس في إحدى رجليه نعلاً ويترك الأخرى حافية، وكذلك لا يأخذ بعض شعر الرأس ويترك بعضه، وكذلك لا يكون بعضه في الشمس وبعضه في الظل.
قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عثمان بن عثمان ].
عثمان بن عثمان صدوق ربما وهم أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ قال أحمد : كان رجلاً صالحاً ].
هذا ثناء من أحمد عليه، والمقصود بالصلاح صلاح الدين، أي: أنه صالح في دينه، وقد يطلق الصلاح على صلاح الرواية، لكن الذي يبدو أنه أراد صلاح الدين.
[ قال: أخبرنا عمر بن نافع ].
عمر بن نافع ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن أبيه عن ابن عمر ].
أبوه هو نافع مولى ابن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وابن عمر قد مر ذكره.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2650 استماع |