شرح سنن أبي داود [441]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (الطيرة شرك...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في الطيرة.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن عيسى بن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الطيرة شرك، الطيرة شرك (ثلاثاً)، وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في الطيرة، والطيرة هي حصول التشاؤم والتفاؤل، فالإنسان قد يقدم على شيء أو يحجم عنه بسبب هذا التطير.

وأورد أبو داود حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطيرة شرك، الطيرة شرك) ثم قال ابن مسعود : وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل، يعني: لا يسلم أحد أن يقع في ذهنه شيء من هذا، لكنه لا يكون بالتعويل على زجر الطير، أو الخط في الأرض أو ما إلى ذلك، فإن هذا محرم لا يسوغ، ولكنه قد ينقدح في ذهن الإنسان شيء مما يكون فيه مسرة أو مما يكون فيه مضرة، ولكن المسلم يعتمد على الله، ويضيف الأمور إلى الله عز وجل، ويتوكل عليه سبحانه وتعالى؛ فيزول ما ينقدح في ذهنه من الشيء الذي لا يريده ويبغضه، وذلك باعتماده على الله وتوكله عليه، وهذا الذي قد يعرض للإنسان ليس من قبيل التطير الذي ورد في الشرع بيان حرمته، من كون الإنسان يقدم أو يحجم بناءً على ما حصل له من زجر طير أو من رؤية شيء يسره أو يسوءه، فإن هذا لا يجوز للإنسان أن يبني عليه الإقدام أو الإحجام، وإنما يأخذ بالأسباب المشروعة، ويتوكل على الله سبحانه وتعالى، وما قدره الله وقضاه فلابد وأن يكون، فإن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

تراجم رجال إسناد حديث: (الطيرة شرك...)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا سفيان ].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سلمة بن كهيل ].

سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عيسى بن عاصم ].

عيسى بن عاصم وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة .

[ عن زر بن حبيش ]

زر بن حبيش ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن مسعود ].

عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني والحسن بن علي قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة، فقال أعرابي: ما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟! قال: فمن أعدى الأول؟).

قال معمر : قال الزهري : فحدثني رجل عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يوردن ممرض على مصح، قال: فراجعه الرجل فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا عدوى ولا صفر ولا هامة؟!) قال: لم أحدثكموه.

قال الزهري : قال أبو سلمة : قد حدث به، وما سمعت أبا هريرة رضي الله عنه نسي حديثاً قط غيره ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)، فالعدوى المنفية هي اعتقاد أن الأمراض تنتقل بالاختلاط، وأنها معدية بطبعها، وهذا منفي بلا شك؛ لكن مخالطة المريض للصحيح قد يكون سبباً لانتقال المرض، ولكن ليس بلازم أن يكون ذلك، فقد يوجد السبب ويتخلف المسبب بإذن الله عز وجل، فاعتقاد أن العدوى حاصلة بالطبع وأنها شيء لازم، باطل وليس بصحيح، وأما اعتقاد أن مخالطة المريض للصحيح قد يجعله الله سبباً في انتقال العدوى فهذا صحيح، وقد يوجد الاتصال ولا توجد العدوى، ويبقى المريض مرضه فيه، ويسلم الصحيح من مرض المريض، فالأمر يرجع إلى مشيئة الله وإرادته، فإن شاء أن يعدي المريض أعدى، وإن شاء ألا يعدي لم يعد، لكن الأخذ بالأسباب مطلوب، وقد جاء في قصة عمر لما ذهب إلى الشام وقت الطاعون، فاستشار الصحابة في دخول الشام فاختلفوا، فمنهم من يقول: اقدم، ومنهم من يقول: لا تقدم، وانتهى أمره أنه لا يقدم، وبعد ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف وأخبرهم بحديث: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه)، وجاء في الحديث: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) وفي الحديث الآخر: (لا يورد ممرض على مصح)، ولا تعارض بين الأحاديث؛ لأن المنفي غير المثبت، فالمنفي هو اعتقاد أن الأمراض مؤثرة بطبعها، والمثبت هو الأخذ بالأسباب والوقاية، وعدم التعرض لشيء قد يحصل بسببه شيء من المضرة، وقد يتخلف الضرر مع وجود الاتصال والاحتكاك بالمريض؛ ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام قال رجل: ما شأن الإبل تكون في الرمل كالظباء -يعني في صحتها، وقوتها، ونشاطها، وسرعة انتقالها وتحركها- ثم يكون معها البعير الأجرب فيحصل لها الجرب؟! فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاب بجواب عظيم فقال: (فمن أعدى الأول؟!) يعني: أول بعير حصل له الجرب من الذي أعداه؟! فهو ما كان أجرب، ولكن الجرب حصل بتقدير الله عز وجل، بدون أن يكون هناك اتصال بين مريض وصحيح، وهذا يبين أن الأمور كلها ترجع إلى الله عز وجل، فالذي جعل البعير الأول يجرب بدون مخالطة بعير مريض هو الذي يجعل البعير إذا خالط الصحيح يمرض وقد لا يمرض؛ لأن الأمر كله يرجع إلى مشيئة الله سبحانه وتعالى، والأمر كله يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، وكل شيء بيده سبحانه وتعالى.

قوله: [ (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة) ] هذا هو محل الشاهد، فالتطير هو الإقدام والإحجام بناءً على التشاؤم، والهامة فسرت بأنها نوع من الطير يسمى البومة، فقد كانوا يتشاءمون منه إذا وقع على البيت، ويعتبرون هذا نذير بلاء يحل بأهل البيت، وهذه الأمور كلها من أعمال الجاهلية، ولا يؤثر إلا ما جعله الله مؤثراً.

قوله: [ (ولا صفر) ] فسر بأنه داء يكون في البطن، وهي ديدان معدية ومؤذية في البطن، وفسر بأن المراد به الشهر، وأنهم كانوا يتشاءمون بشهر صفر، أو أنهم كانوا يستحلون الأشهر الحرم، فينسئون المحرم إلى صفر، فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، فيجعلون المحرم حلالاً فيتقاتلون فيه، ويجعلون صفر الذي ليس شهراً حراماً، والتفسير المناسب للمقام هو أنه مرض كانوا يتشاءمون منه.

قوله: [ (لا يوردن ممرض على مصح) ].

يعني: حتى لا يحصل بسبب ذلك شيء، فيترتب على ذلك تشوش الذهن، واعتقاد أن مجرد الاتصال يكون سبباً في المرض، مع أنه قد يحصل التخلف، فالأمر كله راجع إلى مشيئة الله وإرادته، وليس الأمر متعلقاً بالاختلاط، فقد يوجد السبب ولا يوجد المسبب كالزواج، فالإنسان إذا أراد الولد فإنه يتزوج، فهذا هو الطريق المؤدي إلى الولد، وإذا وجد الزواج فقد يوجد الولد وقد لا يوجد، فالإنسان يأخذ بالطريق المشروع، وإذا قدر الله شيئاً فإنه لا يقع إلا ما قدره الله، وإذا شاء الله ألا يحصل ذلك الشيء الذي حصل سببه فإن الأمر كله يرجع إلى الله سبحانه وتعالى.

قوله: [ قال معمر: قال الزهري : فحدثني رجل عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يوردن ممرض على مصح)، قال: فراجعه الرجل فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا عدوى ولا صفر ولا هامة) قال: لم أحدثكموه، قال الزهري : قال أبو سلمة : قد حدث به، وما سمعت أبا هريرة رضي الله عنه نسي حديثاً قط غيره ].

هذا ثناء على أبي هريرة بكمال حفظه رضي الله عنه؛ لأنه مع كثرة محفوظه وكثرة أحاديثه يقول عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -وهو من أكثر الراوين عنه- ما علمت أن أبا هريرة نسي حديثاً قط إلا هذا الحديث، أي: مع كثرة حديثه لم ينس إلا حديثاً واحداً، فهذا دال على كمال حفظه وعلمه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة...)

قوله: [ محمد بن المتوكل العسقلاني ].

محمد بن المتوكل العسقلاني صدوق له أوهام كثيرة، أخرج له أبو داود .

[ والحسن بن علي ].

الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي ، وهو قرين لـمحمد بن المتوكل ، ولو لم يوجد ابن المتوكل فيكفي الحسن بن علي .

[ حدثنا عبد الرزاق ].

عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا معمر ].

معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الزهري ].

محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي سلمة ].

أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة وقد مر ذكره رضي الله عنه.

شرح حديث: (لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وقد تقدم ذكر معنى العدوى والهامة، والنوء هو النجم، يعني: لا تعولوا على النجوم، ولا تعتقدوا أن لها تأثيراً، بل التدبير من الله وحده، فهو الذي يتصرف في الكون كيف يشاء، والمخلوقات لا تصرف لها في شيء دون الله عز وجل، ولكن قد يجعل الله الشيء يحصل في وقت من الأوقات كحصول المطر في الشتاء والربيع، ولكن لا يضاف ذلك إلى تلك الأوقات، بل المطر بمشيئة الله وإرادته وبفضله ورحمته، فلا يكون الإنسان غافلاً عن إضافة الأشياء إليه، وهو الذي كل شيء بيده، وكل نعمة وفضل منه سبحانه وتعالى.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر)

قوله: [ حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - ].

عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن العلاء ].

العلاء بن عبد الرحمن الحرقي وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي هريرة ].

مر ذكره.

شرح حديث (لا غول)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن البرقي أن سعيد بن الحكم حدثهم قال: أخبرنا يحيى بن أيوب حدثني ابن عجلان حدثني القعقاع بن حكيم وعبيد الله بن مقسم وزيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا غول) ].

أورد المصنف حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا غول)، والمقصود بالغول: الجن التي تظهر في الفلاة ويستوحش منها الناس، فهي لا تؤثر إلا بإذن الله عز وجل وبقدرته ومشيئته وإرادته.

تراجم رجال إسناد حديث (لا غول)

قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم البرقي ].

ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ أن سعيد بن الحكم حدثهم ].

سعيد بن الحكم المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا يحيى بن أيوب ].

يحيى بن أيوب صدوق وربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني ابن عجلان ].

محمد بن عجلان المدني ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثني القعقاع بن حكيم ].

القعقاع بن حكيم ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ وعبيد الله بن مقسم ].

عبيد الله بن مقسم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ وزيد بن أسلم ].

زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي صالح ].

ذكوان السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي هريرة ].

مر ذكره.

تفسير مالك لحديث: (..ولا صفر)

[ قال أبو داود : قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبركم أشهب قال: سئل مالك عن قوله: (لا صفر) قال: إن أهل الجاهلية كانوا يحلون صفر عاماً ويحرمونه عاماً، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا صفر) ].

ذكر المصنف هذا الأثر عن مالك أنه سئل عن معنى: (لا صفر)، فقال: إن أهل الجاهلية كانوا يحلون صفر عاماً ويحرمونه عاماً، يعني: أنهم في سنة من السنوات يجعلون الشهر الحرام هو المحرم مع ذي القعدة وذي الحجة، فيكون صفر حلالاً، وعاماً ينسئون، يعني: إذا أرادوا أن يقاتلوا في المحرم فيؤخرون المحرم ويجعلون صفر مكانه، فإذا جاء صفر امتنعوا عن القتال، وأباحوا لأنفسهم أن يقاتلوا في المحرم، وهذا هو النسيء الذي هو زيادة في الكفر.

قوله: [ قرئ على الحارث بن مسكين ].

الحارث بن مسكين ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .

[ أخبركم أشهب ].

أشهب بن عبد العزيز وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ سئل مالك ].

مر ذكره.

تفسير محمد بن راشد للهامة والصفر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن مصفى حدثنا بقية قال: قلت لـمحمد -يعني: ابن راشد-: قوله: (هام) قال: كانت الجاهلية تقول: ليس أحد يموت فيدفن إلا خرج من قبره هامة، قلت: فقوله: (صفر) قال: سمعت أن أهل الجاهلية يستشئمون بصفر؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صفر).

قال محمد: وقد سمعنا من يقول: هو وجع يأخذ في البطن، فكانوا يقولون: هو يعدي، فقال: (لا صفر) ].

أورد أبو داود هذا الأثر الذي فيه بيان معنى الهامة، وأنها شيء كانوا يعتقدونه في الجاهلية، فيعتقدون أن من مات يخرج من قبره طائر، وأنهم كانوا يتشاءمون من صفر، أو أنه داء يكون في البطن يعدي.

تراجم رجال إسناد حديث محمد بن راشد للهامة والصفر

قوله: [ حدثنا محمد بن المصفى ].

محمد بن المصفى صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا بقية ].

بقية بن الوليد صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن محمد بن راشد ].

محمد بن راشد صدوق يهم، أخرج له أصحاب السنن.

شرح حديث: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، والفأل الصالح: الكلمة الحسنة) ].

أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، والفأل الصالح: الكلمة الحسنة) أي أنه كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يسر بالكلام الجميل وبالاسم الحسن، وقد جاء في صلح الحديبية أنه كلما جاء أحد كفار قريش فإنهم يذكرونه بما هو معروف به من الشدة أو الغلظة، ولما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سهل أمرنا) أي: أنه أخذ ذلك من اسم سهيل ، وهو الذي تم إبرام الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه نيابة عن المشركين، فصلح الحديبية كان على يديه، فتحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما رآه: (سهل أمرنا).

تراجم رجال إسناد حديث (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح...)

قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ].

مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا هشام ].

هشام الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن قتادة ].

قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس ].

أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الإسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .

شرح حديث (أخذنا فألك من فيك)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب عن سهيل عن رجل عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سمع كلمة فأعجبته، فقال: أخذنا فألك من فيك) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته، فقال: أخذنا فألك من فيك) يعني: هذا الذي تكلم بهذه الكلمة، وهذا مثل الحديث الذي قبله أنه كان يعجبه الفأل الحسن، وهي الكلمة الطيبة.

تراجم رجال إسناد حديث (أخذنا فألك من فيك)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب ].

موسى بن إسماعيل مر ذكره، ووهيب بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتبة الستة.

[ عن سهيل ].

سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن رجل عن أبي هريرة ].

هذا الرجل مبهم، ولكن جاء أنه أبوه أبو صالح السمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

تفسير عطاء بن أبي رباح للهامة والصفر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن خلف حدثنا أبو عاصم حدثنا ابن جريج عن عطاء أنه قال: يقول الناس: الصفر وجع يأخذ في البطن، قلت: فما الهامة؟ قال: يقول الناس: الهامة التي تصرخ هامة الناس، وليست بهامة الإنسان، إنما هي دابة ].

أورد أبو داود هذا الأثر في تفسير الصفر والهامة.

قوله: [ وليست بهامة الإنسان ]: هامة الإنسان رأسه، فبين أن الهامة التي تصرخ هي دابة.

تراجم رجال إسناد تفسير عطاء بن أبي رباح للهامة والصفر

قوله: [ حدثنا يحيى بن خلف ].

يحيى بن خلف صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود وابن ماجة.

[ حدثنا أبو عاصم ].

هو الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا ابن جريج ].

عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عطاء ].

عطاء بن أبي رباح وهو ثقة، أخرج له أصح